عمالقة صناعة السيارات في معضلة بشأن المستقبل

فولكسفاغن تتخوف من تقلص العمالة... وفورد تتجه بقوة إلى الأتمتة

يختلف عمالقة السيارات في العالم حول مدى إيجابية أو سلبية التطور لمستقبل الصناعة (رويترز)
يختلف عمالقة السيارات في العالم حول مدى إيجابية أو سلبية التطور لمستقبل الصناعة (رويترز)
TT

عمالقة صناعة السيارات في معضلة بشأن المستقبل

يختلف عمالقة السيارات في العالم حول مدى إيجابية أو سلبية التطور لمستقبل الصناعة (رويترز)
يختلف عمالقة السيارات في العالم حول مدى إيجابية أو سلبية التطور لمستقبل الصناعة (رويترز)

في الوقت الذي تشهد فيه مختلف الصناعات حول العالم زيادة كبرى في وتيرة التقنية، تزامنا مع ترسخ مفاهيم «الثورة الصناعية الرابعة»، تبدو مواقف الشركات الكبرى لصناعة السيارات في العالم شديدة التباين، بين التخوف من نتائج الأتمتة والتوجه نحو مزيد من استخدام التقنيات الحديثة، وبين الدخول بقوة إلى «دنيا الغد» واقتحام مبكر للمجهول، من أجل إيجاد موضع قدم للمنافسة المستقبلية.
من جانبه، توقع كارلهاينتس بلسينغ، مدير شؤون الأفراد في شركة فولكسفاغن الألمانية للسيارات، أن يؤدي ارتفاع حصة السيارات الكهربائية إلى تراجع حركة التوظيف في قطاع تصنيع السيارات.
وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، قال بلسينغ: «أعتقد أنه في عصر انتشار المحركات الكهربائية والرقمنة، سيتم توظيف عدد أقل من الأشخاص في قطاع صناعة السيارات». وتابع أنه ستظهر في نفس الوقت مهام جديدة، وقال: إن من المرجح أن ينخفض عدد الموظفين في مجمل القطاع، وفي فولكسفاغن أيضا.
وأوضح بلسينغ: «ضع محركا كهربائيا إلى جوار محرك وقود شديد التعقيد، وعندئذ سترى أن تصنيع المحرك الكهربائي يتطلب جهدا أقل بصورة ملحوظة».
وفي ذات السياق، كان ديتر تسيتشه، رئيس «دايملر»، أدلى مؤخرا بتصريحات مشابهة، حيث كان قد حذر أمام محللين ماليين من إلغاء وظائف في تصنيع المحركات، ما أثار خوفا بين ممثلي العاملين في شتوتغارت الألمانية.
لكن على الجانب الآخر، أعلنت شركة فورد للسيارات يوم الجمعة أنها ستستثمر مليار دولار في شركة الذكاء الاصطناعي الجديدة «أرغو إيه آي» خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث تسعى إلى المضي قدما في سوق المركبات ذاتية القيادة.
ووفقا لبيان من فورد، سيتم استخدام هذه الأموال لتطوير «نظام سائق افتراضي» للمركبة ذاتية القيادة، التي من المقرر أن تنتجها الشركة بحلول عام 2021.
وقال مارك فيلدز، رئيس فورد: «سيتميز العقد القادم بأتمتة السيارات، والمركبات ذاتية القيادة سيكون لها تأثير كبير على المجتمع كما كان لخط تجميع سيارات فورد قبل 100 عام». وأضاف: «نعتقد أن الاستثمار في أرغو إيه آي سيحقق قيمة مهمة لمساهمينا، من خلال تعزيز احتلال فورد لمركز القيادة في إنتاج سيارات ذاتية القيادة في الأسواق على المدى القريب». يذكر أن «أرغو إيه آي» هي شركة جديدة أسسها بيتر راندر، الذي كان يعمل سابقا في تطبيق «أوبر» للسيارات وبريان سالزكي، الذي كان يعمل في غوغل كمدير لتطوير الأجهزة لمشروع السيارة ذاتية القيادة الخاصة بالشركة.
وسيساهم هذا الاستثمار في إضافة نحو 200 وظيفة في الشركة الجديدة تنتشر عبر مواقع في بيتسبرغ وميتشيغان وكاليفورنيا، وفقا للبيان.
وبدورها، أعلنت شركة مرسيدس الألمانية الشهر الماضي أنها من المنتظر أن تقدم مستقبلا سيارات ذاتية القيادة لشركة «أوبر» لخدمات نقل الركاب. لكنها لم تحدد أي مدى زمني لإدخال هذه الخطوة حيز التنفيذ.
ويأتي ذلك الموقف رغم أن مرسيدس هي إحدى العلامات المملوكة لمجموعة «دايملر»، التي ترى مخاطر من الأتمتة الكاملة للصناعة... لكن مرسيدس تجاري في مسعاها عمالقة آخرين بالصناعة. وتقوم مجموعة «دايملر» حاليا بالفعل بتصنيع سيارات مزودة بأنظمة مساعدة واسعة النطاق للسائق تمكنه من القيادة الذاتية بشكل جزئي، لكن لا توجد لدى المجموعة خطط واضحة لإنتاج سيارات ذاتية القيادة بالكامل قبل عام 2020.
وتجرب أوبر منذ أواخر الصيف الماضي، رحلات بسيارات ذاتية القيادة وعلى متنها ركاب في مدينة بيتسبرغ الأميركية، غير أن هذه السيارات وهي من إنتاج فولفو وفورد، لا تسير حتى الآن من دون وجود سائق. وتزود أوبر هذه السيارات بأنظمة من تطويرها، فيما تعمل دايملر منذ فترة طويلة على تطوير تقنية للقيادة الذاتية.
وتأتي تلك النظرة المتباينة من عمالقة صناعة السيارات في وقت شهدت فيه مبيعات السيارات في أوروبا ارتفاعا كبيرا خلال العام الماضي، مدفوعة بطلب «قوي».
وأظهرت بيانات نشرت بنهاية يناير (كانون الثاني) ارتفاع مبيعات السيارات في الاتحاد الأوروبي العام الماضي، مسجلة رقما قياسيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مع تجاهل المستهلكين للمخاوف السياسية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة خلال 2016.
وأعلنت «الرابطة الأوروبية لمصنعي السيارات»، ومقرها بروكسل، أن تسجيلات السيارات الجديدة قفزت بنسبة 6.8 في المائة، إلى 14.6 مليون وحدة في 2016، مقارنة بعام 2015، محققة بذلك نموا للعام الثالث على التوالي. ووفقا للرابطة فإن «التوجه الإيجابي يشير، رغم الاضطرابات السياسية والمخاوف الاقتصادية بعد الأحداث الرئيسية في عام 2016. مثل تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي والاستفتاء الإيطالي، إلى أن ثقة المستهلكين لا تزال قوية».
وأظهرت البيانات تأثير فضيحة تلاعب شركة «فولكسفاغن» في بيانات العوادم على أكبر مصنّع للسيارات في أوروبا منذ سبتمبر (أيلول) من عام 2015، حيث لا تزال الشركة تخسر من حصتها في السوق، وتراجعت مبيعاتها بنسبة 0.5 في المائة في 2016، بينما ارتفعت مبيعات المنافسين الفرنسيين رينو وبيجو وسيتروين.
ورغم ذلك، فإن فولكسفاغن حققت تفوقا كبيرا، احتلت به المرتبة الأولى عالميا في مبيعات السيارات.
إذ أعلنت المجموعة اليابانية «تويوتا» التي تهيمن على قطاع السيارات في العالم منذ سنوات، في نهاية شهر يناير، عن ارتفاع طفيف في مبيعاتها التي بلغت 10.18 مليون سيارة في 2016، مما يجعلها في المرتبة الثانية في هذا المجال بعد الألمانية فولكسفاغن.
وفي الفترة نفسها، باعت المجموعة الألمانية العملاقة، الشركة الأم لستة أنواع بينها أودي وبورشه وسيات وسكودا وبنتلي، 10.3 مليون وحدة، بارتفاع قدره 3.8 في المائة. وسجلت فولكسفاغن هذا الرقم القياسي على الرغم من فضيحة محركات الديزل التي واجهتها.



زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
TT

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)
لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

ارتفع عدد الأميركيين، الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي، بينما استمر مزيد من الأشخاص في جمع شيكات البطالة بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة ببداية العام، في ظل تباطؤ الطلب على العمالة.

وقالت وزارة العمل، يوم الخميس، إن طلبات إعانات البطالة الأولية ارتفعت بمقدار 17 ألف طلب لتصل إلى 242 ألف طلب معدلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في السابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وكان الخبراء الاقتصاديون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا 220 ألف طلب في الأسبوع الماضي.

ومن المرجح أن تعكس الزيادة في طلبات الإعانة، الأسبوع الماضي، التقلبات التي تَلَت عطلة عيد الشكر، ولا يُحتمل أن تشير إلى تحول مفاجئ في ظروف سوق العمل. ومن المتوقع أن تظل الطلبات متقلبة، خلال الأسابيع المقبلة، مما قد يصعّب الحصول على قراءة دقيقة لسوق العمل. وعلى الرغم من هذه التقلبات، فإن سوق العمل تمر بتباطؤ تدريجي.

ورغم تسارع نمو الوظائف في نوفمبر، بعد التأثير الكبير للإضرابات والأعاصير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فقد ارتفع معدل البطالة إلى 4.2 في المائة، بعد أن ظل عند 4.1 في المائة لمدة شهرين متتاليين. ويشير استقرار سوق العمل إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يقرر خفض أسعار الفائدة، الأسبوع المقبل، للمرة الثالثة منذ بدء دورة التيسير في سبتمبر (أيلول) الماضي، رغم التقدم المحدود في خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.

وأصبح سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي في نطاق من 4.50 إلى 4.75 في المائة، بعد أن رفعه بمقدار 5.25 نقطة مئوية بين مارس (آذار) 2022، ويوليو (تموز) 2023، للحد من التضخم. وتُعدّ سوق العمل المستقرة أمراً بالغ الأهمية للحفاظ على مسار التوسع الاقتصادي، حيث تساعد معدلات تسريح العمال المنخفضة تاريخياً في استقرار السوق وتحفيز الإنفاق الاستهلاكي.

كما أظهر تقرير المطالبات أن عدد الأشخاص، الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدة، وهو مؤشر على التوظيف، ارتفع بمقدار 15 ألف شخص ليصل إلى 1.886 مليون شخص معدلة موسمياً، خلال الأسبوع المنتهي في 30 نوفمبر الماضي. إن الارتفاع فيما يسمى المطالبات المستمرة هو مؤشر على أن بعض الأشخاص الذين جرى تسريحهم من العمل يعانون فترات أطول من البطالة.

وقد ارتفع متوسط مدة فترات البطالة إلى أعلى مستوى له، في نحو ثلاث سنوات، خلال نوفمبر.