تعزيزات تركية إلى شمال سوريا... وروسيا تفصل بين المعارضة والنظام

أنقرة تطور التنسيق مع موسكو في الباب

تعزيزات تركية إلى شمال سوريا... وروسيا تفصل بين المعارضة والنظام
TT

تعزيزات تركية إلى شمال سوريا... وروسيا تفصل بين المعارضة والنظام

تعزيزات تركية إلى شمال سوريا... وروسيا تفصل بين المعارضة والنظام

دفع الجيش التركي مزيدًا من التعزيزات لقواته في شمال سوريا، وأقر أمس بأنه قدم إلى مسؤولين عسكريين روس إحداثيات خاطئة أدت إلى مقتل 3 جنود أتراك وإصابة 11 آخرين، يوم أول من أمس (الخميس)، جراء قصف بالخطأ نفذته طائرة حربية روسية في استهدافها موقعا للتنظيم الإرهابي في الباب. وفي سياق متصل، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس (الجمعة) عزم بلاده على تكثيف التنسيق مع موسكو واتخاذ ما يلزم من الجانبين لتفادي تكرار الحوادث في المعارك الدائرة حول مدينة الباب، معقل تنظيم داعش الإرهابي في شرق محافظة حلب.
رئيس الوزراء التركي قال: إن الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين تحادثا هاتفيا، الخميس، وأن الكرملين أعرب عن أسفه لما حدث، لافتا إلى أهمية تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين للحيلولة دون وقوع حوادث مشابهة. ومن جانبه، قال نعمان كورتولموش، نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة التركية، أمس: إن بلاده تواصل تحقيقاتها ودراساتها لكشف ملابسات الحادثة، مشيرًا إلى أن المعطيات الأولى تشير إلى «سوء تنسيق بين الجانبين». وبالفعل، أقر الجيش التركي أمس بأنه قدم إلى مسؤولين عسكريين روس إحداثيات مبنى في سوريا قتل فيه ثلاثة جنود أتراك بطريق الخطأ في الضربة الجوية الروسية. وفي وقت سابق، قال الكرملين إن الضربات الجوية شنت على أساس إحداثيات قدمها الجيش التركي، لكن لم يكن من المفترض وجود جنود أتراك في الموقع.
بيان الجيش التركي، من جهته، ذكر أن الجنود كانوا موجودين في الموقع نفسه منذ عشرة أيام، وأن إحداثياتهم جرى إرسالها إلى مركز القيادة في قاعدة حميميم الجوية الروسية، بمحافظة اللاذقية في شمال غربي سوريا، وتسليمها شخصيا إلى الملحق العسكري الروسي في أنقرة.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن الغارة الجوية الروسية التي أودت بحياة الجنود الأتراك شنت بناء على إحداثيات قدمتها تركيا موضحًا أنه «لم يكن يتوجب أن يكون هناك جنود أتراك». وشدد بيسكوف على أنه ليس هناك خلاف حول سبب الحادث، مضيفا أن الرئيس الروسي أعرب عن تعازيه. كذلك قال الكرملين، الخميس، إن الغارة الجوية كانت تستهدف عناصر تابعة لـ«داعش» وجماعات متطرفة أخرى، حددتها الأمم المتحدة، قرب الباب.
في هذه الأثناء، على الأرض، تدخلت روسيا لوقف اشتباك بين قوات النظام السوري وقوات «الجيش السوري الحر» المدعومة من تركيا بشمال سوريا، بحسب مصادر من الطرفين، وذلك بعد وقوع أول مواجهة بينهما في معركتهما مع «داعش» في الباب يوم الخميس. وكان الرئيس التركي إردوغان لمح أخيرًا إلى أن قوات «درع الفرات» قد تجد نفسها في مواجهة مع قوات النظام السوري في الباب كما حدث من قبل في الراعي وعفرين ودابق. والمعروف أن روسيا وتركيا تدعمان أطرافا متصارعة في الحرب السورية، لكنهما بدأتا في الآونة الأخيرة التعاون في الملف السوري، وتوسطتا في هدنة بين قوات النظام وقوات المعارضة، وهما تعملان معا لتحريك مباحثات السلام بدءا من آستانة بكازاخستان إلى جنيف.
ولقد أبلغ مسؤولون من فصائل المعارضة السورية وكالة «رويترز» أن الاشتباك دار في قرية جنوب غربي مدينة الباب. وأكد مسؤول في تحالف عسكري يقاتل دعمًا للحكومة السورية وقوع اشتباك. وقال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته «تدخل الروس وضبطوا الوضع».
واتهم مسؤولان في المعارضة قوات النظام بالتسبب في إشعال الاشتباك. وذكر أحدهما أن «قوات النظام تحركت نحو مراكزهم بالدبابات، وعندما أطلق المسلحون النار لتحذيرهم من الاقتراب ردت الدبابات عليهم واندلع الاشتباك». وقال المسؤول «لاحقا تدخلت روسيا لتهدئة الوضع. هذا الحادث كله بدا وكأنه اختبار». ووفق مصادر المعارضة، فإن مقاتلي المعارضة استولوا على عربة مدرعة من قوات النظام.
في غضون ذلك، أفادت مصادر إعلامية بأن الجيش التركي أرسل تعزيزات من الجنود والدبابات وناقلات الجند إلى مناطق المعارك حول الباب، وأعلن الجيش التركي في بيان أمس تحييد 23 من عناصر «داعش» في قصف للقوات التركية على 165 هدفًا للتنظيم في إطار عملية «درع الفرات» التي دخلت يومها الـ171 بعد انطلاقها في 24 أغسطس (آب) الماضي. ومن بين الأهداف التي تم قصفها برًا وجوًا، مبانٍ يختبئ فيها عناصر «داعش»، ومقرات قيادية ومواقع دفاعية تابعة للتنظيم الإرهابي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.