المتشددون المصريون في سوريا في مرمى الطائرات الأميركية

اغتيل 14 منهم على الأقل منذ 2014 بينهم صلة الوصل مع «القاعدة» والظواهري

سكان محليون من مدينة إدلب شمال غربي سوريا ومتطوعون في الدفاع المدني يبحثون عن ناجين وسط الركام بعد غارة ليلة السادس من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
سكان محليون من مدينة إدلب شمال غربي سوريا ومتطوعون في الدفاع المدني يبحثون عن ناجين وسط الركام بعد غارة ليلة السادس من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

المتشددون المصريون في سوريا في مرمى الطائرات الأميركية

سكان محليون من مدينة إدلب شمال غربي سوريا ومتطوعون في الدفاع المدني يبحثون عن ناجين وسط الركام بعد غارة ليلة السادس من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
سكان محليون من مدينة إدلب شمال غربي سوريا ومتطوعون في الدفاع المدني يبحثون عن ناجين وسط الركام بعد غارة ليلة السادس من الشهر الحالي (أ.ف.ب)

أضاء إعلان وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) عن استهداف القيادي في تنظيم القاعدة «أبو هاني المصري»، على نوعية القيادات المتشددة المصرية التي التحقت بجبهات القتال في سوريا، والتي يتولى معظمها مواقع قيادية في تنظيم القاعدة و«حلقة الجهاد المعولم» الموجودة في سوريا، والتي تلاحقها واشنطن، من ضمن قوائم المتطرفين السوريين والأجانب في شمال سوريا.
وأعلن البنتاغون الأربعاء أن القيادي المخضرم في تنظيم القاعدة أبو هاني المصري قتل السبت في ضربة أميركية في إدلب في شمال غربي سوريا.
وقال المتحدث باسم الوزارة جيف ديفيس في بيان إن غارتين تم تنفيذهما بالقرب من إدلب في 3 و4 فبراير (شباط) الحالي، أسفرا عن مقتل 11 من عناصر تنظيم القاعدة بشكل إجمالي. وأوضح ديفيس في بيانه أن المصري تجمعه علاقات بقادة تنظيم القاعدة، من بينهم أيمن الظواهري وزعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن.
وأشرف المصري على إنشاء وتشغيل معسكرات تدريب عدة لـ«القاعدة» في أفغانستان خلال الثمانينات والتسعينات، كما أنه واحد من مؤسسي «جماعة الجهاد الإسلامي المصرية»، وهي أول جماعة متطرفة استخدمت الانتحاريين في شن هجمات إرهابية، بحسب ديفيس.
وقال ديفيس إن الغارة في 3 فبراير قتلت 10 إرهابيين في مبنى تستخدمه القاعدة للاجتماعات. وأضاف: «تلك الضربات تعطل قدرة القاعدة على التخطيط لتنفيذ هجمات خارجية تستهدف الولايات المتحدة ومصالحنا في جميع أنحاء العالم».
وتمثل القيادات المصرية في التنظيمات المتشددة في سوريا، هدفًا مستمرًا بالنسبة لطائرات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب التي قتلت ما يزيد على 14 قياديًا كانوا ينضمون لـ«القاعدة» و«داعش»، وهي تشكل العمود الفقري للتنظيمات المتشددة في سوريا وصلة الوصل بينها وبين تنظيم القاعدة في أفغانستان.
ومع أن أبو هاني المصري الذي قتل الأسبوع الماضي في ضربة جوية استهدفته في سرمدا، لم يكن منضمًا إلى تنظيم «فتح الشام» (النصرة سابقًا)، إلا أنه كان من أبرز القياديين المتشددين والمنظرين لفكر «القاعدة» في سوريا، وشغل منصبًا في تنظيم «حركة أحرار الشام الإسلامية». ويمثل واحدًا من عشرات المصريين الذين لجأوا إلى سوريا، بعد عام 2012، وشغلوا مناصب قيادية، لا يزال كثير منهم في مواقع بارزة جدًا، أهمهم أبو الحارث المصري أحد الشرعيين الأربعة الأبرز في «هيئة تحرير الشام»، وأبو يقظان المصري، وأبو شعيب المصري وأبو الفتح الفرغلي، وسط ترجيحات بوجود محمد المصري، نجل القيادي البارز في تنظيم القاعدة «أبو خباب المصري» (كيميائي القاعدة). في حين كان «أبو الخير المصري» مساعد الظواهري أحد الذين ظهر في تسجيل قبول التنظيم الأم فك ارتباط «النصرة» به.
وتغيب الأرقام الدقيقة للمصريين في الحلقات المتشددة في سوريا، رغم أن هناك تقديرات تشير إلى أن عدد المتشددين بين قيادات الصف الأول والثاني والمقاتلين، تصل إلى 700 متشدد مصري في الأراضي السورية، معظمهم لجأ إلى البلاد في منتصف 2013. ويؤكد الباحث والخبير في الجماعات «الجهادية» الدكتور حسن أبو هنية، أن هؤلاء المصريين هم «من بقايا حلقة (الجهاد) العالمي في تنظيم القاعدة، ومن المقربين من زعيم التنظيم أيمن الظواهري»، لافتًا إلى أنهم لجأوا إلى تنظيم جبهة النصرة «بصفتها ممثلة لتنظيم القاعدة في سوريا، وهم في معظمهم من القيادات الداخلية في التنظيم، أبرزهم الرفاعي طه وأبو الخير المصري وأبو الفرج المصري وغيرهم كثير».
وقال أبو هنية لـ«الشرق الأوسط» إن حركة هؤلاء باتجاه سوريا «بدأت بعد الأزمة السورية، وانتقلوا من إيران وأفغانستان، كذلك من مصر بعد 30 يونيو 2013» إثر سيطرة القوات الموالية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الحكم، «حيث التحقت مجموعة من القيادات المتشددة الموجودة في مصر بالساحة السورية، وشغلت مناصب قيادية كمسؤولين عسكريين وشرعيين في الحركات المتشددة في جيش الفتح وجبهة النصرة». ولفت إلى أن دور هؤلاء «تمثل في كونهم مبعوثين للظواهري في سوريا، وكان عملهم الأبرز يتمثل في توثيق الصلات معه».
واللافت أن المتشددين المصريين من القياديين والعناصر، وبعد أحداث 30 يونيو 2013، فقدوا الملاذ الآمن في مصر، فانقسموا إلى ثلاث فئات توزعت على جناحي الحركات «الجهادية» وهي تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، وانتشروا في سوريا ومجلس شورى درنة التابع لتنظيم القاعدة في ليبيا، وولاية سيناء في تنظيم داعش.
وفي سبتمبر (أيلول) 2014، تعاملت الولايات المتحدة مع المجموعات المصرية المتشددة في سوريا، إلى جانب آخرين من دول أخرى، «باعتبارهم مجموعة خراسان المعولمة في سوريا»، بحسب ما قال أبو هنية، لافتًا إلى أنه خلال فترات متقاربة، وخصوصًا في الفترة الأخيرة، «كان الاستهداف للجناح المصري بشكل أساسي، بالنظر إلى أن معظمهم من القياديين».
آخر هؤلاء المصريين، كان أبو هاني المصري، أحد قادة «حركة احرار الشام» العسكريين، وعمل «شرعيًا» أيضًا في الحركة، علمًا أنه من قادة تنظيم القاعدة الأوائل الذين قاتلوا في أفغانستان، وممن رافقوا زعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن وعبد الله عزام.
وشارك المصري أيضًا في الحرب الشيشانية ضد روسيا وفي حرب البوسنة، كما وجد في الصومال. والتحق بحركة أحرار الشام في بداية الأحداث في سوريا عام 2011، بعد أن أطلق سراحه من السجون المصرية بعد اندلاع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011. عندها، يقول ناشطون سوريون إنه وصل إلى إدلب حيث أنشأ معسكر تدريب في منطقة أطمة في ريف إدلب.
وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عدد القيادات المصرية التي استهدفت منذ تلك الفترة في مناطق سيطرة الفصائل المتشددة و«داعش» في شمال سوريا، هي 14 قياديًا، معظمهم من المنتمين لتنظيم القاعدة وفروعه السورية. ومن أبرز المصريين الذين قتلوا في سوريا، القيادي البارز في «تنظيم القاعدة» أبو هاجر المصري الذي قتل في أول ضربة للتحالف استهدفت شمال سوريا في عام 2014، والقيادي في «جبهة» النصرة أبو الفرج المصري الذي ظهر إلى جانب زعيم «النصرة» أبو محمد الجولاني في شريط فيديو فك ارتباط التنظيم عن «القاعدة»، وإعلان تشكيل «جبهة فتح الشام» في سوريا، إضافة إلى رفاعي طه، وأبو الأفغان المصري، الذي قتل مع عدد من أفراد أسرته في غارة جوية استهدفت مقرًا للتنظيم في بلدة سرمدا في ريف إدلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».