«درع الفرات» تسيطر على الباب من 3 جهات... والنظام يقطع الإمدادات جنوبًا

رئيس الأركان التركي يتفقد الوحدات على حدود سوريا

مقاتلو الجيش السوري الحر يحملون أسلحتهم استعدادًا للحظة مواجهة «داعش» قرب مدينة الباب شمال سوريا السبت الماضي (رويترز)
مقاتلو الجيش السوري الحر يحملون أسلحتهم استعدادًا للحظة مواجهة «داعش» قرب مدينة الباب شمال سوريا السبت الماضي (رويترز)
TT

«درع الفرات» تسيطر على الباب من 3 جهات... والنظام يقطع الإمدادات جنوبًا

مقاتلو الجيش السوري الحر يحملون أسلحتهم استعدادًا للحظة مواجهة «داعش» قرب مدينة الباب شمال سوريا السبت الماضي (رويترز)
مقاتلو الجيش السوري الحر يحملون أسلحتهم استعدادًا للحظة مواجهة «داعش» قرب مدينة الباب شمال سوريا السبت الماضي (رويترز)

لليوم الثاني على التوالي، قام رئيس هيئة أركان الجيش التركي خلوصي أكار بتفقد الوحدات العسكرية في محافظتي كيليس وغازي عنتاب على الحدود مع سوريا، في الوقت الذي تدور فيه معارك عنيفة بين القوات التركية وعناصر الجيش السوري الحر مع تنظيم داعش في مدينة الباب في إطار عملية «درع الفرات» المدعومة من تركيا، مع تقدم سريع لقوات النظام السوري على المحور الجنوبي للمدينة.
وعقب انتهاء الجولة التفقدية، توجه أكار والوفد الذي يتألف من قائد القوات البرية صالح زكي تشولاك وقائد القوات الجوية عابدين أونال، إلى مدينة ماردين جنوب البلاد والتقوا والي المدينة مصطفى يما. وأرجعت مصادر تكرار زيارة رئيس الأركان التركي للوحدات العسكرية، إلى احتمالات أن تشهد عملية «درع الفرات» تصعيدا من أجل السيطرة على مدينة الباب وطرد «داعش» منها وتأمينها قبل وصول قوات النظام والميليشيات الموالية له والتي باتت على مسافة 5 كيلومترات منها، يدعمها من وقت إلى آخر الطيران الروسي بتنسيق مع تركيا.
وتتواصل المعارك بين فصائل الجيش الحر المنضوية ضمن عملية «درع الفرات» والمدعومة من القوات التركية وتنظيم داعش داخل بلدة بزاعة الاستراتيجية في ريف حلب الشرقي عقب هجوم واسع للسيطرة على البلدة.
وبحسب مصادر محلية، تدور اشتباكات داخل بزاعة في محاولة من فصائل الجيش الحر لاستعادة السيطرة عليها بعد انسحابها منها عقب هجوم معاكس لـ«داعش»، وفي محاولة لتضيق الخناق على التنظيم في بلدة قباسين.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية وقوات الجيش السوري الحر اشتبكت بكثافة مع مقاتلي التنظيم المتشدد حول بلدة بزاعة شرقي الباب في الأيام القليلة الماضية. وسيطرت القوات المدعومة من تركيا لفترة وجيزة على البلدة قبل أن يخرجها مهاجمون انتحاريون من «داعش» منها يوم السبت الماضي.
في السياق نفسه، أعلن الجيش التركي في بيان أمس، تحييد 21 إرهابيا من «داعش» في استهداف لـ256 هدفا للتنظيم بالمدافع والدبابات والقذائف الصاروخية، فضلا عن قيام سلاح الجو بقصف 65 هدفا في مدينة الباب وبلدة بزاعة ليل الأحد حيث تم تدمير 59 مبيتا، و4 مقرات، وحاجزين.
وأشار البيان إلى إصابة 8 عناصر من «داعش» من إجمالي من تم تحييدهم (يقصد الجيش التركي بالتحييد القتل والإصابة والاستسلام أو القبض على العناصر). في الوقت نفسه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام والقوات المتحالفة معه تقدمت باتجاه مدينة الباب، أمس، وقطعت آخر خط إمداد رئيسي يصل إلى معاقل التنظيم الواقعة في الشرق باتجاه العراق.
ونقلت «رويترز» عن المرصد ومقره بريطانيا، قوله، إن قوات النظام ومقاتلي «حزب الله» اللبناني حققوا مكاسب جنوب شرقي الباب ليل الأحد، بإسناد من كتائب المدفعية والدبابات الروسية مع قصف جوي وصاروخي.
وبات تنظيم داعش محاصرا بالكامل في مدينة الباب، في شمال سوريا، بعد تقدم قوات النظام السوري جنوب المدينة التي يحاصرها الجيش التركي وفصائل الجيش الحر من الجهات الثلاث الأخرى، وفق ما أكده المرصد أمس.
وتوجد القوات التركية والفصائل السورية المشاركة في عملية «درع الفرات» حاليا على أطراف الباب من الجهات الشمالية والشرقية والغربية.
في الوقت نفسه قالت مصادر عسكرية تركية إن القوات التركية والجيش السوري الحر تضع سلامة أرواح المدنيين على رأس أولوياتها في عملية تحرير الباب من يد «داعش»، وهو ما يحد من سرعة السيطرة عليها منعا لسقوط خسائر كبيرة في صفوف المدنيين.
وانطلقت عملية «درع الفرات» في 24 أغسطس (آب) الماضي وتتركز معاركها منذ ديسمبر (كانون الأول) على مدينة الباب مع دعم متقطع لطيران التحالف الدولي.
ووفقا للمصادر، يعد استخدام التنظيم المدنيين كدروع بشرية هو التحدي الأكبر الذي يواجه القوات التركية والجيش السوري الحر، في عملية تحرير الباب التي انطلقت منتصف ديسمبر (كانون الأول).
وأضافت المصادر أنه قبل إقدام القوات التركية والجيش السوري الحر على قصف مواقع التنظيم، يجري التأكد من عدم وجود مدنيين، فضلا عن رصد أهداف التنظيم عبر وسائط متنوعة.
وبحسب المعلومات الواردة من القوات التركية، فإن التنظيم يستخدم أحد المساجد ومشفى ميدانيا في مركز الباب كمقرين له، لكن القوات التركية لم تقصفهما بل تكتفي برصدهما.
وجاء اختيار القوات التركية والمعارضة محاصرة الباب من الغرب والشرق والشمال لكسر، مقاومة التنظيم، بدلا عن الدخول السريع إليها لتفادي وقوع قتلى بين صفوف المدنيين.
وأعلنت هيئة الأركان التركية أن عملية «درع الفرات» أسفرت حتى السبت الماضي، عن تحرير 228 منطقة سكنية بين مدينتي جرابلس وأعزاز، شمال سوريا، والسيطرة على مساحة 1.880 كم، على عمق 35.1 كم داخل الأراضي السورية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».