لبنان: قانون الانتخاب صدّع علاقة «الحلفاء» وجنبلاط يحذر من الانقلاب على «الطائف»

نائب رئيس الحكومة لـ : لم نصل لطريق مسدود ولا نقبل تهميش أحد

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال استقباله وفد اللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه وليد جنبلاط... وهم من اليمين: الوزير مروان حمادة والنائب وائل أبو فاعور والقيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال استقباله وفد اللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه وليد جنبلاط... وهم من اليمين: الوزير مروان حمادة والنائب وائل أبو فاعور والقيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: قانون الانتخاب صدّع علاقة «الحلفاء» وجنبلاط يحذر من الانقلاب على «الطائف»

رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال استقباله وفد اللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه وليد جنبلاط... وهم من اليمين: الوزير مروان حمادة والنائب وائل أبو فاعور والقيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال استقباله وفد اللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه وليد جنبلاط... وهم من اليمين: الوزير مروان حمادة والنائب وائل أبو فاعور والقيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر (دالاتي ونهرا)

الأجواء التفاؤلية التي سادت في لبنان خلال اليومين الماضيين عن قرب ولادة قانون جديد للانتخابات، يخلط ما بين الأكثري والنسبي، بددتها مواقف قوى أساسية رافضة لمعظم التقسيمات الموضوعة قيد النقاش. ولم تلق الصيغة التي توصلت إليها «اللجنة الرباعية» التي تضمّ ممثلين عن تيار «المستقبل» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، قبولاً بالحدّ الأدنى، بل إنها قوبلت برفض مطلق من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، رئيس «أمل»، وتيار «المردة»، وتحفظات من «المستقبل»، وبردٍ قاسٍ من الحزب التقدمي الاشتراكي، برئاسة الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، على لسان النائب وائل أبو فاعور الذي حذر من الانقلاب على «اتفاق الطائف»، وصيغة العيش المشترك بحجج الحفاظ على الميثاقية.
اللجنة الرباعية التي اجتمعت للمرة الثانية في القصر الجمهوري ببعبدا (ضواحي بيروت)، مساء أمس، لم تحقق أي خرق في جدار الطروحات المتضاربة. وعبرت أحزاب وقوى عن خشيتها من إقصائها عن معادلة الانتخابات، وتفصيل قانون على قياس الفريق الحاكم، وفق ما عبّر عنه رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، وكذلك رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، بالإضافة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي و«المردة» والمسيحيون المستقلون.
مع هذا، قلل نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني من حدّة أجواء التشاؤم، موضحًا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «النقاشات في القانون المختلط لم تصل بعد إلى طريق مسدود»، لافتًا إلى أن «ثمة طروحات مختلفة، لكنها لا تزال قيد البحث. وكل الأفكار تسير ضمن الأطر التي تحقق التمثيل العادل لكل المكونات اللبنانية».
وأكد حاصباني أن «لا قانون على قياس أي فريق، والعمل يتركّز على أن لا تكون أي جهة خارج الإطار الديمقراطي للانتخابات. ونحن من جهتنا، لن نقبل بأي قانون يهمّش أي فريق»، ثم أردف: «النقاش يدور حول التفاصيل الدقيقة للصيغ المطروحة والتقسيمات، للوصول إلى تمثيل عادل لا يقصي أحدًا»، واستطرد: «المهم أن نصل إلى الاستحقاق الانتخابي بقانون جديد يمثل تطلعات الشعب اللبناني، ويؤسس لمرحلة تعزيز الديمقراطية التي يتميّز بها لبنان».
هذا، ورغم الحديث عن طي صفحة البحث في المختلط، والعودة إلى القانون النسبي، مع توسيع الدوائر، جددت كتلة «المستقبل» النيابية تمسكها بـ«صيغة قانون الانتخاب المختلط بين النظامين الأكثري والنسبي، وعلى وجه الخصوص بالمشروع الذي توافقت عليه مع اللقاء الديمقراطي والقوات اللبنانية»، واعتبرت أنّ «تطبيق النظام النسبي الكامل في المرحلة الراهنة، في ظل وجود وانتشار وطغيان السلاح غير الشرعي، مسألة ستساهم في الإخلال بكل الموازين والقواعد والأسس التي قام عليها لبنان».
من جهته، أكد زير الأشغال العامة يوسف فنيانوس لـ«الشرق الأوسط» أن «الصيغة المطروحة مرفوضة بالمطلق من قبل تيار المردة (الذي يمثله)، وغير قابلة للنقاش»، ورأى أن «هذا المشروع به خلل بنيوي لأنه لا يعتمد معيارًا واحدًا للانتخابات في كل الدوائر»، معتبرًا أن «الطرح الذي جرى تداوله مفصّل على قياس بعض القوى التي تريد الاستئثار بأغلبية المقاعد المسيحية، وبالتالي تجعلها تتحكم بأي استحقاق دستوري في المستقبل».
وكان وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي قد زار رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، في إطار اللقاءات التي يجريها لشرح موقفه الرافض للنسبية أو المختلط. وبعد اللقاء، تحدث النائب وائل أبو فاعور باسم الوفد، فقال: «لقد ذاب ثلج الإصلاح والنسبية، وبان مرج الغرضيات، ورغبة تغيير التوازنات الداخلية، والانقلاب على ما تم الاتفاق عليه بين اللبنانيين، كما ظهر مرج هذا القانون المسخ (المختلط) الذي تم الإعلان عنه قبل يومين».
ورأى أبو فاعور أنه «ينطوي على صيغ واضحة لتوزيع المغانم بين القوى السياسية، وإرضاء هذا الطرف أو ذاك»، وتساءل: «أين رغبة الإصلاح في قانون الانتخابات؟ وما معايير الإصلاح؟».
وذكّر أبو فاعور أن هناك «عقدًا دستوريًا وطنيًا بين اللبنانيين هو اتفاق الطائف، وهو ملزم لجميع اللبنانيين، وهذا الاتفاق كلف اللبنانيين كثيرًا من التضحيات والخسائر والتقديمات والدماء والجراح التي تقاسمناها»، وأضاف: «إذا كان هناك من يريد أن ينقلب على اتفاق الطائف، فليعلن هذا الأمر بصراحة، ونحن لا نستبعد، بل نشتم رائحة ردّة على اتفاق الطائف، وانقلاب عليه في كثير من السلوكيات التي بدأنا نراها ونلمسها»، وتابع أن «الميثاقية وحسن التمثيل التي يتحدثون عنها يبدو أنها تخص طرفًا دون الآخر. وبكل الحالات نسمع تعابير جديدة كلها تقود إلى مسار واحد هو الرغبة في أن ندير ظهرنا لاتفاق الطائف، إذا لم ننقلب عليه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».