أوباما يؤكد التزام بلاده بالدفاع عن اليابان في نزاعها البحري مع الصين

الرئيس الأميركي يدعو بكين للضغط على بيونغ يانغ من أجل وقف برنامجها النووي

أوباما والروبوت «أسيمو» يحييان بعضهما بعضا بانحناءة، خلال نشاط شبابي في «المتحف الوطني للعلوم الناشئة والابتكار» في طوكيو أمس (أ.ب)
أوباما والروبوت «أسيمو» يحييان بعضهما بعضا بانحناءة، خلال نشاط شبابي في «المتحف الوطني للعلوم الناشئة والابتكار» في طوكيو أمس (أ.ب)
TT

أوباما يؤكد التزام بلاده بالدفاع عن اليابان في نزاعها البحري مع الصين

أوباما والروبوت «أسيمو» يحييان بعضهما بعضا بانحناءة، خلال نشاط شبابي في «المتحف الوطني للعلوم الناشئة والابتكار» في طوكيو أمس (أ.ب)
أوباما والروبوت «أسيمو» يحييان بعضهما بعضا بانحناءة، خلال نشاط شبابي في «المتحف الوطني للعلوم الناشئة والابتكار» في طوكيو أمس (أ.ب)

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، التزام بلاده بالدفاع عن اليابان في نزاعها الحدودي البحري مع الصين، ودعا من ناحية أخرى بكين للضغط على بيونغ يانغ من أجل حملها على وقف برنامجها النووي. وقال أوباما خلال مؤتمر صحافي عقده في طوكيو إثر قمة مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي إن جزر سنكاكو «مشمولة بالمعاهدة الدفاعية الأميركية - اليابانية، والمادة الخامسة (في المعاهدة الدفاعية) تشمل كل الأراضي التابعة لإدارة اليابان بما فيها جزر سنكاكو».
وتقع جزر سنكاكو على مسافة مائتي كيلومتر شمال شرقي تايوان و400 كيلومتر غرب أوكيناوا جنوب اليابان وتديرها طوكيو، بينما تطالب بها بكين تحت تسمية جزر دياويو. ومنذ أن أممت طوكيو ثلاثا من هذه الجزر في سبتمبر (أيلول) 2012 ترسل بكين بانتظام سفنا إلى محيطها، مما يثير المخاوف من اندلاع نزاع مسلح.
ودعا أوباما من دون أن يذكر الصين مرة في تصريحاته إلى «تسوية سلمية للنزاعات في المنطقة بما فيها النزاعات البحرية من خلال الحوار». وتابع: «لا نرى أنه يمكن تغيير وضعها من طرف واحد، ومن صلب التحالف أن المعاهدة تغطي جميع الأراضي التابعة لإدارة اليابان»، مضيفا أن «هذا ليس موقفا جديدا، إنه موقف ثابت».
كذلك تقوم خلافات حدودية بين الصين ودول أخرى في المنطقة ولا سيما الفلبين وفيتنام، في وقت يثير فيه تصاعد قوة الصين مخاوف في المنطقة. ومن أهداف جولة أوباما الرئيسة التي ستقوده بعد اليابان إلى كوريا الجنوبية وماليزيا والفلبين، طمأنة الحلفاء في المنطقة إلى تصميم واشنطن على الوقوف إلى جانبهم ووضع آسيا في مقدم أولويات الدبلوماسية الأميركية كما أعلن مرارا. وتخشى بعض الدول أن تصب الولايات المتحدة اهتمامها على أزمات أخرى في العالم مثل النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني والأزمة مع روسيا حول أوكرانيا.
وأجرى أوباما الذي وصل مساء أول من أمس إلى طوكيو، جلسة عمل مطولة مع آبي بحث معه خلالها المفاوضات الشاقة الجارية بين واشنطن وطوكيو من أجل التوصل مع عشر دول أخرى إلى إبرام اتفاق «الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي» الذي يريد أوباما أن يجعل منه إحدى ركائز دبلوماسيته ومحورها منطقة آسيا والمحيط الهادي. ولم يتمكن المسؤولان من الإعلان عن اتفاق في سياق المفاوضات الجارية لإنشاء أوسع منطقة للتبادل الحر في العالم، ودعا أوباما إلى «قرارات شجاعة»، بينما اكتفى آبي بالقول إن وفدي البلدين يواصلان العمل.
ولأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية حيث تشكل أصوات المزارعين خزانا انتخابيا مهما للحزب المحافظ الحاكم في اليابان، ترفض طوكيو تقديم أي تنازل حول المنتجات الخمسة الأساسية لليابان وهي السكر والأرز والقمح ومنتجات الحبوب ومشتقات الحليب ولحوم البقر والخنزير. ومن الجانب الأميركي يواجه أوباما ضغوطا متزايدة لحضه على انتزاع هذا الاتفاق من اليابانيين حيث وجّه ستون من أعضاء الكونغرس رسالة بهذا الصدد إلى كبير المفاوضين الأميركيين مايكل فرومان ووزير الزراعة توماس فيلساك.
وعلى صعيد السلام في المنطقة التي تواجه مخاطر الطموحات النووية الكورية الشمالية، رأى أوباما أنه من «الأساسي» أن تضغط الصين على بيونغ يانغ لحملها على وقف برنامجها النووي، مقرا علنا بدور بكين الذي لا غنى عنه في هذا الملف.
واختتم أوباما المحطة اليابانية من جولته مساء أمس بمأدبة عشاء أقامها الإمبراطور أكيهيتو والإمبراطورة ميشيكو على شرفه قبل أن يغادر صباح أمس إلى سيول. وتعد زيارته لليابان في غاية الدقة حيث تعين عليه أن يوازن في مواقفه ما بين اليابان والصين، أي طمأنة الأولى من دون أن يثير استياء الثانية. وفي سيول التي تجد نفسها في الخط الأمامي في وجه المخاطر النووية الصادرة من كوريا الشمالية، سوف يسعى أوباما أيضا إلى التقريب بين سيول وجارها الياباني. فالعلاقات بين الدولتين الحليفتين للولايات المتحدة تشهد فتورا منذ أكثر من عام على خلفية أحقاد تاريخية ونزاع بحري، مما يزيد من تعقيد الطموحات الأميركية في آسيا.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».