التفاؤل يسود سوق العقارات التونسية مع دخول 2017

تمليك الليبيين و«المسكن الأول» من أبرز عوامل إحياء الأمل

يسود التفاؤل سوق العقارات التونسية مع مطلع العام الجديد خاصة في ظل تفعيل برنامج «المسكن الأول» الحكومي (غيتي)
يسود التفاؤل سوق العقارات التونسية مع مطلع العام الجديد خاصة في ظل تفعيل برنامج «المسكن الأول» الحكومي (غيتي)
TT

التفاؤل يسود سوق العقارات التونسية مع دخول 2017

يسود التفاؤل سوق العقارات التونسية مع مطلع العام الجديد خاصة في ظل تفعيل برنامج «المسكن الأول» الحكومي (غيتي)
يسود التفاؤل سوق العقارات التونسية مع مطلع العام الجديد خاصة في ظل تفعيل برنامج «المسكن الأول» الحكومي (غيتي)

تنتظر تونس انتعاشة قصوى على مستوى سوق العقارات بمختلف أصنافها خلال السنة الجديدة، خاصة بعد السماح لليبيين بامتلاك عقارات في تونس من دون المرور التقليدي بترخيص الوالي (المحافظ)، وبعد الإعلان عن إجراءات حكومية هامة لتمكين التونسيين من الحصول على «المسكن الأول» وحماية طاقتهم الشرائية.
وبعد تعثر وتذبذب سوق العقارات وحديث الباعثين (المطورين) العقاريين في تونس عن أزمة حادة يعرفها القطاع بسبب قلة الإقبال على الشراء ووجود آلاف المساكن الشاغرة التي لم تجد طريقها إلى التسويق، يسود حاليا استبشار في صفوف المتدخلين في قطاع العقارات مع بداية عام 2017، على الرغم من وجود مؤشرات أولية تؤكد على ارتفاع أسعار مختلف العقارات نتيجة تراجع قيمة الدينار التونسي وارتفاع أسعار المواد الأولية المستعملة في قطاع العقارات.
ووفق أحدث التقارير المتعلقة بسوق العقارات التونسية، فقد ارتفع سعر المتر المربع من العقارات الجاهزة للاستغلال من 2500 دينار تونسي (نحو ألف دولار) إلى ثلاثة آلاف دينار تونسي (أي ما يعادل 1200 دولار). وهذا الارتفاع سجل على وجه الخصوص في المناطق السكنية الراقية في قرطاج وسيدي بوسعيد والمرسى وقمرت (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية).
تفاؤل حقيقي... لكنه حذر
ويبدو حسب المتابعين للشأن العقاري في تونس أن ارتفاع أسعار المباني الجاهزة مرتبط بالانتعاشة المنتظرة على مستوى الطلب على المساكن؛ سواء من قبل التونسيين أو الليبيين. ويقدر الخبراء حجم الزيادات المسجلة على مستوى أسعار مختلف العقارات خلال السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة، نتيجة لارتفاع أسعار مواد البناء والأراضي المعدة للبناء، وكذلك ارتفاع فوائض القروض المتعلقة بالسكن.
وتشير المعطيات التي وفرتها وزارة التجهيز والإسكان التونسية إلى أن العدد الإجمالي للمساكن في تونس لا يقل عن خمسة ملايين و200 ألف وحدة سكنية. ومن بين هذه الشقق الجاهزة للسكن، نجد قرابة 427 ألف وحدة سكنية غير مستغلة، في حين أن ثلث العائلات التونسية لا تمتلك محلات سكنية.
وعلى الرغم من طابع التفاؤل الذي تبدأ به سوق العقارات التونسية السنة الجديدة، فقد حذرت دراسة حديثة أعدتها مؤسسة مختصة في المجال العقاري، من تواصل أزمة المبيعات للعقارات الجاهزة التي تمثل نحو 75 في المائة من العقارات، خاصة الفخمة منها، وقالت: إن هذا الوضع يشكل خطرا على المصارف الممولة لتلك المشاريع الاستثمارية.
وأوضحت نفس الدراسة أن شقة من بين كل ثلاث شقق لا تجد من يقتنيها، مشيرة إلى ارتفاع حجم قروض المصارف الموجهة للشركات العقارية المدرجة في البورصة. وتقدر ذلك الارتفاع بنسبة 130 في المائة مقارنة بقيمة أسهم تلك الشركات المتداولة في السوق المالية.
من جانبه، قال فهمي بن شعبان، رئيس الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين في تونس، إن فتح التملك والتنقل لليبيين في تونس سيمكن من تسوية وضعية العقارات والرسوم المجمّدة الخاصة بالليبيين. وأشار إلى أن قرار الحكومة التونسية هذا سيعود بالفائدة على خزينة الدولة، من خلال توفير قسط هام من العملة الصعبة.
وعلى مستوى سعر العقارات في تونس، قال المصدر ذاته إن أسعار العقارات تشهد ارتفاعا سنويا بنحو 8 في المائة، وذلك منذ أكثر من 25 سنة، وهذا يعود إلى الطلب المتزايد على العقارات والاستثمار في المجال العقاري.
ويتراوح سعر المتر المربع الجاهز للاستغلال ما بين 1200 دينار تونسي (نحو 500 دولار) في أدنى الحالات، وما لا يقل عن 3 آلاف دينار تونسي (نحو 1200 دولار) في أقصى الحالات.
وعلى الرغم من تأكيد السلطات التونسية على أن نسبة تقارب 80 في المائة من التونسيين يمتلكون مساكن، وذلك من خلال إجرائها قسمة عادية لعدد المساكن المتوفر على عدد العائلات التونسية، فإن أحدث دراسة حول السكن في تونس أثبتت أن نحو 30 في المائة من التونسيين لا يستطيعون الحصول على مسكن.
مشكلة محدودي الدخل
وأكدت الدراسة ذاتها في نتائجها الأولية أن الآليات المعتمدة حاليا لا يمكنها الاستجابة لانتظارات عموم التونسيين، وخاصة ذوي المداخيل المحدودة والدخول غير المنتظمة، وهم الفئة التي لا تقدر على الحصول على قروض سكنية من البنوك التي توجه برامجها إلى موظفي القطاع العام في المقام الأول، والعمال المرسمين (المثبتين) في القطاع الخاص.
ولا تمثل المساكن ذات الطابع الاجتماعي إلا ما نسبته 1.6 في المائة من مجموع المساكن التي يتم بناؤها كل سنة، وهي نسبة ضعيفة تجعل حلم الحصول على مسكن شبه مستحيل بالنسبة لعدد كبير من العائلات التونسية.
وقد أفرز هذا الوضع الاجتماعي بروز أحياء عشوائية. فمن ضمن ما لا يقل عن 80 ألف مسكن تشيد في السنة، لا نجد إلا 50 ألفا تحصل على تراخيص إدارية لتنفيذ البناء، في حين يشيد سنويا نحو 30 ألف مسكن بشكل عشوائي لا يراعي أمثلة التهيئة العمرانية، ولا يتمتع بالمرافق الحياتية الأساسية، من قنوات صرف صحي وشوارع مهيأة وفضاءات خضراء، وغيرها من المرافق الأساسية.
وبحثا عما يسميه الخبراء في المجال المالي والاقتصادي بـ«الاستثمار الآمن»، كان الإقبال على الاستثمار في العقارات قياسيا في تونس نتيجة الاضطراب السياسي والأمني، وابتعاد المستثمرين عن المغامرة في الاستثمار في قطاعات اقتصادية أخرى.
وأدى ارتفاع الطلب على العقارات إلى ارتفاع كلفة الأراضي المعدة للبناء، وندرتها في الأحياء والتجمعات السكنية الكبرى. ونتيجة لارتفاع كلفة العقارات، بحث الباعثون العقاريون عن مردودية أعلى في المشاريع السكنية، وتوجهوا إلى المساكن الفاخرة... وهو نهج يؤكد جل الخبراء على مواصلة اعتماده خلال السنوات المقبلة، خاصة بعد دخول الليبيين في معادلة المنافسة على تلك المساكن وإمكانية الاستفادة من قدرتهم على اقتناء المسكن الفاخرة.
وأثرت هذه المنافسة غير المتعادلة على التوجه نحو المساكن الاجتماعية أو تلك التي يطغى عليها الجانب الاقتصادي، وهو ما دفع بالحكومة إلى التدخل لضمان الحد الأدنى من المساكن الاجتماعية الموجهة إلى العائلات المحدودة المداخيل.
وكانت إدارة الملكية العقارية (مؤسسة حكومية) قد أصدرت مذكرة جديدة إلى الباعثين العقاريين التونسيين، تنص على شرط منع بيع الأراضي البيضاء لحاملي الجنسية الليبية وتحجر بيع العقارات لهم، والتي تقل قيمتها عن 200 ألف دينار تونسي (نحو 80 ألف دولار)، وذلك في محاولة منها لإبقاء تلك العقارات لمصلحة العائلات التونسية، وبالتالي ترويج المساكن المرتفعة الأثمان لليبيين.
برنامج «المسكن الأول»
ونظرا لعدم انتظام الكفة بين المشتري الليبي والتونسي، أطلقت وزارة التجهيز والإسكان التونسية برنامجا حكوميا جديدا تحت اسم «المسكن الأوّل». ويهدف هذا المشروع إلى مساعدة العائلات متوسطة الدّخل لتمويل اقتناء مساكن جديدة منجزة من قبل الباعثين العقاريين المرخّص لهم، وهو يستهدف بالخصوص الأسر التونسية التي يتراوح دخلها الشهري العائلي بين 4.5 و10 مرات «الأجر الأدنى المهني المضمون»، والذي يتراوح بين 1700 و3 آلاف دينار تونسي.
وذكرت الوزارة أنّ ثلاثة آلاف مسكن جاهزة تنضوي ضمن برنامج «المسكن الأوّل»، وأنّ قسما منها بصدد البناء والتجهيز، وأن الإعلان عن البدء في تسليمها للمستفيدين بها سيتم فور مصادقة البرلمان التونسي على مشروع القانون.
وأكدت حرص الحكومة ومتابعتها المباشرة من أجل تيسير الإجراءات وتذليل العقبات وتقليص الشروط للانتفاع بهذه المساكن من قبل هذه الشريحة، التي لم تدرج من قبل ضمن برامج السكن المعروفة.
ويكون هذا التمويل عبر قرض بقيمة 40 ألف دينار تونسي (نحو 16 ألف دولار) يسند للأسرة المستفيدة، وذلك بشروط ميسرة. ومن ذلك منح العائلة المقترضة فترة إمهال للسداد لمدة خمس سنوات، في حين تمتد فترة السداد على سبع سنوات، فضلا عن ضبط الفائدة في حدود نسبة لا تزيد عن 2 في المائة.
ومن المنتظر أن تعود هذه الإجراءات بالنفع على سوق العقارات التونسية، وأن تدفع نحو «انتعاشة متعادلة» للشقق الفاخرة ونظيرتها ذات الطابع الاجتماعي.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».