تحضيرات لـ«نداء تونس» لعقد مؤتمره الانتخابي منتصف العام

الرميلي: ظروف التقارب مع النهضة ذهبت

تحضيرات لـ«نداء تونس» لعقد مؤتمره الانتخابي منتصف العام
TT

تحضيرات لـ«نداء تونس» لعقد مؤتمره الانتخابي منتصف العام

تحضيرات لـ«نداء تونس» لعقد مؤتمره الانتخابي منتصف العام

قال بوجمعة الرميلي، القيادي المؤسس في حركة نداء تونس (الحزب الحاكم بعد انتخابات 2014)، إن ظروف التقاء حركة نداء تونس التي كان من بين مؤسسيها وحركة النهضة كانت من بين إفرازات الانتخابات البرلمانية التي عرفتها البلاد سنة 2014، وإنه كان من الضروري التحالف السياسي لقيادة الفترة السياسية التي تلت الانتخابات دون صدامات سياسية. أما اليوم، فإن الظروف قد اختلفت، ووقت التقاء النداء والنهضة قد تجاوزته الأحداث، على حد تعبيره.
وبشأن أسباب الالتقاء قبل نحو سنتين، ودواعي الاختلاف حاليًا، قال الرميلي إن قطبي المشهد السياسي في تونس (النداء والنهضة) قد تقاربا في فترة زمنية معينة، ولكن لا أحد منهما تراجع عن مسلماته السياسية وخياراته الفكرية، ولكن الفترة تلك تغيرت، ومن الضروري إعادة التفكير في مختلف مكونات المشهد السياسي.
وأكد أن الجبهة السياسية التي تأسست قبل أيام، من قبل مجموعة من القيادات السياسية التي تحتل مواقع قيادية في أحزابها، قد تتحول في حال نجاح المشاورات مع مختلف مكوناتها السياسية إلى جبهة انتخابية، خصوصًا خلال الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها قبل نهاية السنة الحالية.
وأشار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الجبهة السياسية كانت ضرورية للغاية بالنظر إلى الأوضاع السياسية والاجتماعية التي باتت عليها الساحة السياسية في الوقت الراهن، وقال إن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد تحملت كثيرًا من الانتقادات خلال الفترة الماضية، فقد كانت في مرمى الانتقاد من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل (كبرى نقابات العمال في تونس)، فيما يتعلق بقانون المالية الخاص بالسنة الحالية، وتعرضت إلى عملية لي ذراع بالنسبة للزيادات في الأجور، ورفضت رفضًا قاطعًا تأجيل الزيادات لمدة سنتين.
وبعد الخلاف العميق الذي شهدته العلاقة بين الحكومة واتحاد الشغل، جاء الدور الآن على الأحزاب السياسية، فقد تقصى حزب الاتحاد الوطني الحر، بزعامة سليم الرياحي، من «وثيقة قرطاج» التي تشكلت على إثرها حكومة الوحدة الوطنية، وعلقت حركة مشروع تونس، بزعامة محسن مرزوق، مشاركتها في اجتماعات الأحزاب الموقعة على تلك الوثيقة، وهو ما يعني بالضرورة الحاجة إلى حوار سياسي وفكري حول كثير من الملفات، من بينها ملف الأمن وظاهرة الإرهاب ومستقبل مؤسسات الدولة، في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس.
وبشأن الانتقادات الكثيرة التي عرفتها جبهة الإنقاذ الجديدة، سواء من قبل الائتلاف الحاكم أو كذلك من قبل أحزاب تقف في المعارضة، قال الرميلي إن مختلف القيادات السياسية التي اتفقت على تشكيل هذه الجبهة الديمقراطية لا تفهم في حقيقة الأمر أسباب الامتعاض التي أبدتها عدة أطراف سياسية بمجرد الإعلان عن تشكيل الجبهة بصفة رسمية من قبل أحزاب الاتحاد الوطني الحر ومشروع تونس والاتحاد الاشتراكي ومجموعة الإنقاذ والإصلاح المنشقة عن حركة نداء تونس، بزعامة حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس التونسي الحالي).
واعتبر الرميلي أن المنافسة مع بقية مكونات المشهد السياسي لا تعني بالضرورة العداء، فالجبهة السياسية الجديدة ستنشط في فضاء سياسي واسع، ومن حق القيادات السياسية أن تفكر في مستقبل مختلف بالنسبة لتونس. وحول الطموحات السياسية المبكرة التي أبداها زعماء جبهة الإنقاذ الجديدة، وطرح نفسها بديلاً للائتلاف الحاكم الحالي، قال الرميلي إن هذه الجبهة الديمقراطية مضطرة خلال هذه الفترة إلى الخوض في عدة ملفات اجتماعية وسياسية واقتصادية مهمة، على غرار البطالة والإرهاب والمديونية وعلاقات مع دول الجوار وغيرها من الملفات. وفي انتظار بلورة مواقف من عدة ملفات، والبحث عن حلول مجدية لعدة مشكلات، وترجمتها في وثائق فعلية، قال الرميلي إن جبهة الإنقاذ ستعبر عن مواقفها من العمل الحكومي، ومن عمل البرلمان، ومن مبادرات رئيس الجمهورية، وذلك حسب التطورات السياسية الحاصلة بصفة متواترة.
وبشأن مواصلة القيادات السياسية المنشقة عن حركة نداء تونس تأكيدها الانتماء إلى هذا الحزب، قال الرميلي إن الأطراف السياسية التي بادرت إلى الانضمام إلى جبهة الإنقاذ ذات التوجه الديمقراطي، ما زالت منتمية لحزب النداء، وتشتغل منذ مدة من أجل إصلاح أوضاع نداء تونس من الداخل، وأكد على ما تمخض عنه اجتماع يوم الأحد الماضي بشأن الأزمة التي شقت حزب النداء، فأشار إلى عزم مختلف الأطراف السياسية على عقد المؤتمر الانتخابي لحزب النداء خلال منتصف هذه السنة، في حال تأكد موعد إجراء الانتخابات البلدية نهاية هذه السنة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.