العلاقات السعودية ـ التركية والعمق الاستراتيجي المشترك

العلاقات السعودية ـ التركية والعمق الاستراتيجي المشترك
TT

العلاقات السعودية ـ التركية والعمق الاستراتيجي المشترك

العلاقات السعودية ـ التركية والعمق الاستراتيجي المشترك

اختتم الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية زيارته إلى تركيا التي انتهت بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات المهمة تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية. وقد كان واضحا من خلال حجم اهتمام صانعي القرار في أنقرة وكذلك تغطية وسائل الإعلام، ما تبديه تركيا من أهمية لتطوير علاقاتها مع السعودية. وفي الواقع، فإن المتتبع لمسار العلاقات التركية - السعودية سيلاحظ أنه في السنوات الأخيرة شهدت تطورا ملحوظا جرى التعبير عنها في تبادل الزيارات على أعلى مستوى.
الجغرافيا السياسية للبلدين وكذلك تقارب سياساتهما الخارجية في عدد من القضايا الدولية جعلاهما تشكلان عمقا استراتيجيا بعضهما لبعض، فالسعودية تتصل بروابط استراتيجية تشمل الجزيرة العربية، والعالم العربي، والشرق الأوسط، والمحيط الهندي، كما تعتبر أيضا محور الطرق البحرية والجوية بين أوروبا والشرق الأوسط وغرب آسيا وجنوب شرقي آسيا. تركيا بدورها تقع في منطقة حيوية للاستراتيجيات الدولية والإقليمية، إذ تعد نقطة التقاء بين منطقة البلقان والشرق الأوسط والقوقاز وآسيا الوسطى.
وخلال مرحلة الثمانينات فرضت الحرب العراقية - الإيرانية والحرب في أفغانستان على كل من الرياض وأنقرة لأن تعطيا أبعادا استراتيجية لعلاقاتهما، وهو ما فهم آنذاك في الزيارة التي قام بها وزير الدفاع التركي إلى السعودية عام 1984 والتوقيع على اتفاقية للتعاون العسكري بين البلدين، شملت تطوير الصناعة العسكرية برأسمال سعودي وخبرة تركية. أنقرة كانت في حاجة إلى إضعاف إيران (خصمها التاريخي)، خصوصا أمام مخاوفها من امتداد آثار «الثورة الخمينية» إلى الداخل التركي، وذلك على الرغم من أنها ظهرت في موقف «الحياد» تجاه الحرب الإيرانية - العراقية.
وجدت أنقرة والرياض نفسيهما مرة أخرى أمام وضع جيوستراتيجي جديد بسبب الغزو العراقي للكويت، وشكلت هذه الحرب محطة أخرى للتقارب الاستراتيجي بين البلدين، بل إن هذه الحرب يمكن اعتبارها إحدى المحطات الرئيسة التي جعلت أنقرة تنفتح بشكل أكبر على المنطقة العربية بسبب ما كانت تحمله من دلالات لأمنها القومي عبر «أكراد العراق».
ومع بداية القرن الواحد والعشرين ستتأزم المنطقة من جديد بسبب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ولكن التحدي الأكبر بعدها هو دخول إيران بقوة في المعادلة العراقية، مما شكل تهديدا لمصالح دول الجوار، وما التوتر بين حكومة المالكي وأنقرة إلا أحد مظاهر ذلك التحدي. وفي الواقع، فإن التوافق التركي - السعودي في القضايا الاستراتيجية يعود في جزء منه إلى وقوف السعودية إلى جانب تركيا في محطات حساسة لأنقرة، من قبيل المسألة القبرصية وما تعرضت لها الأقلية التركية في بلغاريا من اضطهاد. وبالإضافة إلى ذلك فإن البلدين لهما وجهات نظر متقاربة بخصوص باكستان تترجمه عضويتهما المشتركة في مجموعة «أصدقاء باكستان الديمقراطية». وفي هذا السياق شاركت المملكة العربية السعودية وباكستان لأول مرة في مناورات «صقر الأناضول» الجوية في يونيو 2011 في قونيا بتركيا، كما شاركت البلدان الثلاثة خلال هذا الشهر في مناورات «صقور السلام الأول» في قاعدة الملك فهد الجوية بالمملكة العربية السعودية.
التقارب الاستراتيجي بين البلدين فرضته أيضا في الفترة الأخيرة الأزمة السورية بما لها من تداعيات أمنية على المنطقة بأسرها، ولذلك كانت هذه المسألة على رأس جدول الأعمال في زيارة ولي العهد السعودي لأنقرة، خصوصا في ظل الحديث عن الإعداد لمؤتمر «جنيف 2»، ويبدو أن البلدين يسعيان إلى تنسيق مواقفهما قبل هذا المؤتمر، لا سيما أن النظام السوري يسعى إلى تغيير الوقائع على الأرض من خلال الاستعانة في المعارك بحزب الله اللبناني وتصدير الأزمة إلى لبنان وتركيا. وهذا ما يفسر دعوة مجموعة أصدقاء سوريا الأخير في الأردن إلى أن تنسحب عناصر حزب الله وإيران من سوريا فورا. وفي هذا الإطار لا يخفى أيضا الانزعاج التركي من رفض مقترحها بإنشاء منطقة لحظر الطيران في سوريا عندما زار رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان واشنطن خلال الشهر الحالي.
المنطقة مقبلة أيضا على تحريك المفاوضات العربية - الإسرائيلية في ظل المعادلة الجديدة التي فرضتها التطورات في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا مع احتمال عودة تركيا لتلعب دورا في هذا الملف بعد الاعتذار الإسرائيلي لأنقرة بخصوص حادثة سفينة مرمرة. هذا بالإضافة إلى أن الصين دخلت بقوة هذه المرة في ملف القضية الفلسطينية باقتراحها مبادرة قائمة على أربعة مبادئ يمكن أن تؤدي إلى تعديل في مبادرة السلام العربية التي سبق أن اقترحتها المملكة العربية السعودية.
باختصار إن التطورات الرئيسة التي عرفتها وتعرفها منطقة الشرق الأوسط تجعل تركيا والسعودية دائما في وضع يفرض عليهما تعميق العلاقات الاستراتيجية بينهما، غير أنه في السنوات الأخيرة بدأت تتجه هذه العلاقات في سياق سعي البلدين لتوسيع تأثيرهما المشترك في مسار العلاقات الدولية. وفي هذا الإطار يسعى البلدان إلى الاستفادة من إمكانياتهما الاقتصادية لتحقيق هذا الهدف، ولذلك كانت المسائل الاقتصادية من بين أهم الملفات التي طرحت في محادثات البلدين.
* باحث في منظمة البحوث الاستراتيجية والدولية (أوساك) في أنقرة



نيجيريا تصدُّ هجوماً لتنظيم «داعش» ضد قاعدة عسكرية

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
TT

نيجيريا تصدُّ هجوماً لتنظيم «داعش» ضد قاعدة عسكرية

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)
أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)

أعلنت نيجيريا أن جيشها تصدى لهجوم كبير نفذه «تنظيم داعش في غرب أفريقيا»، ضد قاعدة عسكرية في ولاية بورنو، أقصى شمال شرقي البلاد، ما خلّف «عدداً كبيراً» من القتلى في صفوف منفذي الهجوم.

آثار المعركة التي دارت بين مقاتلي «داعش» والجيش النيجيري (إعلام محلي)

وقال الجيش النيجيري إن قوات عملية «هدن كاي»، وهي عملية عسكرية لمحاربة الإرهاب، نجحت في صدّ هجوم منسّق شنّه إرهابيو «داعش» على القاعدة العسكرية المتقدمة في مايراري بولاية بورنو.

وأضاف الجيش أن قواته «وجّهت ضربة حاسمة لقدرات التنظيم العملياتية في المنطقة»، حسب ما ورد في بيان صادر عن ضابط الإعلام في العملية العسكرية، العقيد ساني أوبا، نشرته السبت وكالة الأنباء النيجيرية (NAN).

وقال أوبا إن الهجوم، الذي بدأ في وقت متأخر من مساء الجمعة واستمر حتى الساعات الأولى من صباح السبت، أُحبط بفضل عمليات منسّقة بين القوات البرية والدعم الجوي، وأوضح أن الإرهابيين حاولوا اختراق القاعدة باستخدام آليتين مفخختين، لكن القوات رصدت الآليتين بسرعة وقامت بتدميرهما، ما منع أي اختراق للقاعدة.

إرهابي من بين القتلى في الكمين الذي نصبه الجيش (إعلام محلي)

وأكد أن لقطات كاميرات المراقبة والمشاهدات الميدانية بيّنت مقتل عدد من الإرهابيين وإصابة آخرين بجروح خطيرة، في حين سارع من تبقى منهم إلى إجلاء قتلاهم وجرحاهم.

وأضاف البيان أنه عقب فشل الهجوم، نفّذت قوات مدعومة بمجموعة التدخل السريع، وفريق من قوات الشرطة الخاصة، وأفراد قوات المهام المشتركة المدنية، عملية تمشيط واسعة للمنطقة.

وأدّت العملية إلى اكتشاف عدد كبير من قتلى الإرهابيين، إضافة إلى مصادرة أسلحة وذخائر ومواد لوجستية تركوها أثناء انسحابهم. وشملت المضبوطات بنادق «كلاشنيكوف»، ومخازن ذخائر، وعيارات نارية وقنابل يدوية، ودراجات نارية، وأجهزة اتصال، ومعدات قتالية، ومستلزمات طبية، ومواد أخرى تشير إلى نشاط عملياتي متواصل للجماعة الإرهابية.

وقال أوبا إن استعادة هذه المعدات والمواد اللوجستية «شكّلت ضربة إضافية لقدرات الإرهابيين، وقيّدت حريتهم في الحركة داخل المنطقة»، وأضاف أن «الآليتين المفخختين جرى تدميرهما بالكامل بنيران دفاعية من القوات، ما تسبب في أضرار بنقطتين على الطريق».

وشدد على أنه لم يحدث أي اختراق للقاعدة العسكرية، وهو ما اعتبر أنه «يعكس حالة الجاهزية واليقظة والقدرة العالية لدى القوات النيجيرية»، مشيراً إلى أن القوات تنفّذ حالياً «دوريات هجومية في المنطقة لمنع أي نشاط إرهابي جديد، ولطمأنة المجتمعات المحلية بأن الوجود الأمني مستمر وفعّال».

وختم قائلاً إن «القوات مصممة على هزيمة كل العناصر الإرهابية بشكل حاسم، واستعادة السلام والاستقرار الدائمين في شمال شرقي البلاد»، مؤكداً أن «فشل الهجوم على مايراري يبرز مستوى الجاهزية المهنية لعناصرنا في الميدان».

أسلحة وذخيرة ومعدات كانت بحوزة الإرهابيين (إعلام محلي)

على صعيد آخر، أعلن الجيش النيجيري إنقاذ أربعة مخطوفين وتحييد أحد الخاطفين خلال كمين نُفِّذ في ولاية بلاتو، وقالت مصادر خاصة للإعلام المحلي إن العملية جاءت إثر معلومات استخبارية حول اختطاف أربعة أشخاص في قرية ريمي، ضمن مقاطعة جيري.

وأوضحت المصادر أنه في نحو الساعة الرابعة فجراً يوم الجمعة، انتشرت قوات القطاع الأول التابعة للعملية انطلاقاً من جينغري، ونصبت كميناً على المسار المتوقع لانسحاب الخاطفين. وقالت المصادر: «خلال العملية، اشتبكت القوات مع الخاطفين وتبادل الطرفان إطلاق النار، ما أجبر الخاطفين على ترك الضحايا الأربعة والفرار».

وأضافت أنه بعد تمشيط المنطقة عثرت القوات على جثة أحد الخاطفين الذي تم تحييده خلال الاشتباك، كما شملت المضبوطات التي تم العثور عليها بحوزة الخاطفين الفارين: بندقية «AK-47»، ومخزن ذخيرة واحداً، و13 طلقة من عيار «7.62 ملم» الخاصة.

وبحسب المصادر، تم استجواب الضحايا الذين جرى إنقاذهم قبل إعادتهم إلى ذويهم، في حين تتواصل الجهود لتعقب ما تبقى من أفراد عصابة الخطف والقبض عليهم، وأكدت المصادر أنه لم تُسجَّل أي خسائر في صفوف القوات.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


تحت ضغط صيني... آخر حزب معارض في هونغ كونغ يحلّ نفسه

لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
TT

تحت ضغط صيني... آخر حزب معارض في هونغ كونغ يحلّ نفسه

لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)
لو كين هي رئيس الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ وأعضاء آخرون من الحزب يعقدون مؤتمراً صحافياً عقب اجتماع عام استثنائي للتصويت على حل الحزب (رويترز)

صوَّت أعضاء آخر حزب معارض رئيسي في هونغ كونغ اليوم (الأحد) لصالح حل الحزب، ما يشكل نتيجة للضغوط التي تمارسها الصين على الأصوات الليبرالية المتبقية في المدينة، في حملة أمنية مستمرة منذ سنوات.

ويمثل الحزب الديمقراطي الذي تأسس قبل 3 سنوات من عودة هونغ كونغ من بريطانيا إلى الحكم الصيني في عام 1997، المعارضة الرئيسية في المدينة. وعادة ما كان يكتسح الانتخابات التشريعية على مستوى المدينة، ويضغط على بكين من أجل الإصلاحات الديمقراطية ودعم الحريات.

ولكن دفعت احتجاجات شعبية مؤيدة للديمقراطية عام 2019، اندلعت احتجاجاً على ما اعتبره البعض تشديداً لقبضة الصين على المدينة، إلى سن بكين قانوناً شاملاً للأمن القومي لقمع المعارضة.

وقال رئيس الحزب لو كين هي للصحافيين، عقب اجتماع عام غير عادي اليوم (الأحد) إن أعضاء الحزب الديمقراطي صوَّتوا لصالح حل الحزب وتصفيته.

وأضاف: «لقد كان شرفاً عظيماً لنا أن نسير جنباً إلى جنب مع شعب هونغ كونغ طوال هذه العقود الثلاثة. وعلى مر هذه السنوات، كان هدفنا الأسمى هو مصلحة هونغ كونغ وشعبها».

ومن بين 121 صوتاً، صوت 117 عضواً لصالح حل الحزب، بينما امتنع 4 أعضاء عن التصويت.

وقال أعضاء كبار في الحزب لـ«رويترز» في وقت سابق، إنه جرى التواصل معهم من قبل مسؤولين صينيين أو وسطاء، وحثهم على الموافقة على الحل أو مواجهة عواقب وخيمة، منها احتمالية تعرضهم للاعتقال.

ولم يرد مكتب الاتصال في هونغ كونغ بعد على طلب من «رويترز» للتعليق. والمكتب هو الجهة الرئيسية التي تمثل الصين في هونغ كونغ.

ويأتي التصويت على إنهاء سياسات الحزب المعارض التي دامت 3 عقود في المدينة التي تديرها الصين، بعد أسبوع من إجراء هونغ كونغ انتخابات المجلس التشريعي «للوطنيين فقط» وقبل يوم واحد من صدور حكم على قطب الإعلام جيمي لاي الذي دأب على توجيه انتقادات للصين، في محاكمة تاريخية تتعلق بالأمن القومي.

وأدت الخطوة التي اتخذتها بكين في عام 2021 لإصلاح النظام الانتخابي في المدينة، والتي سمحت لمن جرى تصنيفهم على أنهم «وطنيون» فقط بالترشح للمناصب العامة، إلى تهميش الحزب من خلال إبعاده عن الساحة السياسية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، قالت مجموعة أخرى مؤيدة للديمقراطية -وهي رابطة الديمقراطيين الاشتراكيين- إنها ستحل نفسها وسط «ضغوط سياسية هائلة».

وانتقدت بعض الحكومات -ومنها حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا- القانون، قائلة إنه يُستخدم لقمع المعارضة وتقويض الحريات، بينما تؤكد الصين أن لا حرية مطلقة، وأن قانون الأمن القومي أعاد الاستقرار إلى هونغ كونغ.