مؤتمر اتحاد الشغل التونسي ينطلق دون حضور الأحزاب السياسية

بحجة ضمان الاستقلالية النقابية عن مكونات المشهد السياسي

مؤتمر اتحاد الشغل التونسي ينطلق دون حضور الأحزاب السياسية
TT

مؤتمر اتحاد الشغل التونسي ينطلق دون حضور الأحزاب السياسية

مؤتمر اتحاد الشغل التونسي ينطلق دون حضور الأحزاب السياسية

يعقد الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم، مؤتمره الـ23 تحت شعار «الولاء لتونس... الوفاء للشهداء والإخلاص للعمال»، في ظل تنافس شديد بين «قائمة الوفاق»، التي يترأسها النقابي نور الدين الطبوبي، وقائمة ثانية تتكون من مجموعة من المناضلين، يترأسها النقابي قاسم عفيّة.
ووجهت الدعوة لحضور هذا المؤتمر إلى نحو 10 آلاف نقابي، لكن تقرر عدم دعوة الأحزاب السياسية والرئاسات الثلاث، بحجة ضمان الاستقلالية النقابية عن مكونات المشهد السياسي.
وسيحدد نحو 547 نقابيا من المؤتمرين، تركيبة القيادة الجديدة لأكبر منظمة نقابية في تونس. وتضم القائمة الانتخابية للمرشح الطبوبي 9 أمناء عامين مساعدين، عملوا في المكتب التنفيذي و4 أعضاء جدد. فيما تضم قائمة قاسم عفية نقابات قطاعية، على غرار نقابة التعليم الأساسي والثانوي، وقطاع البريد والصحة، وبعض النقابيين من الجهات.
وفي هذا الشأن قال لسعد اليعقوبي، رئيس نقابة التعليم الثانوي (نقابة ذات ثقل نقابي في تونس)، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض أعضاء المكتب التنفيذي المنسحب كانوا غائبين عن بعض المعارك الحاسمة التي خاضها اتحاد الشغل، مؤكدا أن الاستمرار في العمل النقابي سيؤدي إلى إرهاق المنظمة على حد قوله، ودعا في السياق ذاته إلى ضرورة توضيح عدة نقاط تتعلق باستقلالية المنظمة عن السلطة الحاكمة.
ووفق تصريحات متطابقة لعدد من النقابيين الذين نشطوا في اتحاد الشغل، كبرى المنظمات العمالية في البلاد، فإن المرشح نور الطبوبي ينال دعم حسين العباسي، رئيس الاتحاد المنسحب، وقد اتهمه خصومه بقربه من حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي، وهو ما نفاه الطبوبي، موضحا أن هذا الاتهام مجرد محاولة للتأثير على الناخبين لا غير.
وتؤكد قيادات نقابية منافسة للطبوبي أنه لعب دور التهدئة ومجاراة الأوضاع، وابتعد عن الصدام خلال تعامله مع الملفات النقابية الساخنة خلال فترة حكم الترويكا، بزعامة حركة النهضة، وهو ما يدفعها إلى دعمه في هذه المحطة الانتخابية المهمة، التي تتسم بصعوبة التعامل مع الملفات الاجتماعية والاقتصادية.
وبخصوص الدور السياسي الذي لعبه اتحاد الشغل، خاصة بعد ثورة 2011، قال المؤرخ خالد عبيد، إن المنظمة العمالية مطالبة من جديد بتحديد العلاقة الفاصلة بين الجانب السياسي والاجتماعي، وأكد أن معظم المواطنين سيتابعون ما سيتمخض عنه المؤتمر، رغم خشيتهم من طغيان الجانب السياسي على الجوانب الاجتماعية والنقابية في عمل اتحاد الشغل وتدخلاته.
وأشار عبيد إلى العلاقة الوثيقة بين اتحاد الشغل والسلطة، وأنه لا يمكن تقييم مدى نجاحه إلا بالعودة إلى موازين القوى بينه وبين السلطة القائمة، وهو ما يفسر، على حد تعبيره، وجود تداخل بين الشق السياسي والاجتماعي في عمل المنظمة النقابية، التي أثرت كثيرا على المشهد السياسي بعد استقلال البلاد سنة 1956.
وأضاف عبيد أن اتحاد الشغل قد يكون في مرمى التجاذبات السياسية والأجندات الحزبية، وهو ما قد يعكر صفو علاقته مع الائتلاف الحاكم، ويخفض من منسوب استقلالية قراره عن الساحة السياسية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».