تعثر جديد لقوات الأسد في تدمر... و«داعش» واجه هجماته بالانتحاريين والكمائن

تقدّم نظامي جزئي في دير الزور

تعثر جديد لقوات الأسد في تدمر... و«داعش» واجه هجماته بالانتحاريين والكمائن
TT

تعثر جديد لقوات الأسد في تدمر... و«داعش» واجه هجماته بالانتحاريين والكمائن

تعثر جديد لقوات الأسد في تدمر... و«داعش» واجه هجماته بالانتحاريين والكمائن

لا تزال بادية تدمر الغربية في محافظة حمص السورية مسرحًا للمعارك العنيفة، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش المتطرف الإرهابي من جهة أخرى؛ إذ شهدت المناطق المحيطة بمطار «التي فور» العسكري وعند مفرق بلدة القريتين والمرتفعات القريبة منها اشتباكات عنيفة جدًا، في حين بقيت جبهات مدينة دير الزور ومحافظتها مشتعلة، حيث شن النظام هجومًا مباغتًا على منطقة المقابر في المدينة الأكبر بشرق سوريا، محاولا استعادة السيطرة على الطريق التي تربط المدينة بالمطار العسكري.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أفاد بأن قوات النظام «نفذت هجومًا جديدًا في المنطقة القريبة من مطار التي فور، محاولة تحقيق تقدم في المنطقة واستعادة السيطرة على المواقع التي خسرتها، لكنها لم تتمكن من ذلك». وأشار إلى أن الطائرات الحربية شنت غارات مكثفة مترافقة مع قصف مدفعي على مواقع التنظيم المتطرف، الذي استهدف بدوره تمركزات قوات النظام في القرى والبلدات التي يسيطر عليها الأخير في ريف حمص الشرقي بالقذائف والعربات المفخخة. وأدت هذه الاشتباكات والعمليات العسكرية إلى سقوط عشرات القتلى من الطرفين.
وكان «داعش» نفذ في الثامن من يناير (كانون الثاني) الماضي هجومًا عنيفًا سيطر خلاله على مدينة تدمر، واتجه شرقا وسيطر على منطقة الدوة، ووصل إلى مشارف مطار التي فور العسكري وأحكم قبضته على محيطه من الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية، قبل أن تستعيد قوات الأسد نقاطا عدة.
وأمس، أعلنت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، أن التنظيم المتطرف نفذ عملية انتحارية، استهدفت رتلا لقوات الأسد والميليشيات الشيعية المساندة لها بالقرب من قرية شريفة غرب مطار التي فور؛ ما أدى إلى سقوط الكثير من القتلى والجرحى، إضافة إلى تدمير دبابة. ونقلت الشبكة عن ناشطين، أن الاشتباكات التي دارت بين قوات الأسد والتنظيم في محيط مطار التي فور أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، أبرزهم قيادي بارز في صفوف «حزب الله» اللبناني، ملقب بـ«الحاج أبو علي نوح»، وهو من بلدة الجية.
من جانبها، قالت وكالة «أعماق» الناطقة باسم «داعش» أن مقاتلي التنظيم دمروا دبابتين، وقتلوا 15 عنصرًا للنظام في محيط مطار التي فور العسكري، وأن سيارة مفخخة يقودها عنصر من التنظيم، استهدفت تجمعا للقوات النظامية في محيط قرية شريفة غرب المطار؛ ما أدى إلى تدمير دبابة ومقتل 15 جنديا، في حين دمرت الدبابة الثانية عبر استهدافها بصاروخ موجه.
أما على جبهة دير الزور، فتجددت الاشتباكات أمس، بين «داعش» وقوات الأسد على جبهات داخل المدينة ومحيطها، في محاولات من كلا الطرفين للتقدم على حساب الآخر. وأعلن مؤسس شبكة «الفرات بوست» الإعلامية المعارضة أحمد الرمضان لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام شنّ هجومًا مباغتًا على منطقة المقابر، وحقق بعض التقدم فيه». وأشار إلى أن النظام دفع بتعزيزات كبيرة إلى دير الزور، حيث بادرت ميليشيات الدفاع الوطني لتجنيد مئات المقاتلين، إضافة إلى مقاتلين من «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية وصلوا إلى المنطقة، مؤكدًا أن «المعارك ترافقت مع غارات جوية مكثفة للطيران على مواقع الاشتباكات».
أما الناشط في دير الزور أحمد الديري، فقال إن التنظيم «هاجم مواقع للنظام بمحيط اللواء 137 ودوار البانوراما غربي المدينة، وعلى أطراف كتيبة الرادار قرب المطار العسكري في جنوبها الشرقي، كما اندلعت اشتباكات عنيفة على جبهات أحياء الرشدية والرصافة والعمال داخل المدينة»، وأكد أن «خمسة مدنيين قتلوا وأصيب 11 آخرين بجروح متفاوتة، بينهم أطفال، جراء سقوط 13 قذيفة مدفعية أطلقها التنظيم وسقطت في مواقع سكنية قرب مبنى المحافظة، وفي شارع الوادي بحي الجورة الخاضع لسيطرة قوات النظام».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.