مصير مطراني حلب «مبهم وغامض» بعد عام كامل على اختطافهما

المجلس الوطني يقول إنهما بقبضة النظام و«المرصد» يتهم المعارضة بتأمين غطاء للخاطفين

مصير مطراني حلب «مبهم وغامض» بعد عام كامل على اختطافهما
TT

مصير مطراني حلب «مبهم وغامض» بعد عام كامل على اختطافهما

مصير مطراني حلب «مبهم وغامض» بعد عام كامل على اختطافهما

لا يزال مصير المطرانين، بولس يازجي، مطران حلب للروم الأرثوذكس، ويوحنا إبراهيم، مطران حلب للسريان الأرثوذكس، مجهولا بعد عام كامل على اختطافهما في قرية «داعل» غرب مدينة حلب شمالي سوريا، فيما تتحدث مصادر كنسية في المدينة عن اتجاه الأمور يوما بعد يوم نحو مزيد من الغموض خاصة أن الجهة الخاطفة لم تعلن عن هويتها بعد.
وتتقاطع المعلومات حول أن الخاطفين هم من الشيشان، وهو ما يؤكده رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، لافتا إلى أن آخر المعلومات التي وردت عن المطرانين تعود لنحو ستة أشهر، إذ سلما إلى النظام السوري في مدينة حلب. وقال صبرا لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كانا بقبضة مجموعة شيشانية وهي عبارة عن فرقة مخابرات روسية تعمل باسم مجاهدي الشيشان، وسلمتهما قبل ستة أشهر للنظام السوري في مدينة حلب».
بدوره، أشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى أن «لا شيء واضحا وملموسا يؤكد بعد عام أن المطرانين على قيد الحياة».
وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة السورية متهمة بتأمين الغطاء للخاطفين باعتبار أنها أصرت وبعد أيام على عملية الخطف على أن المخابرات الجوية السورية من اختطفتهما ما دفع الخاطفين بالاستمرار بجريمتهم».
ولفت إلى أن الكتائب الإسلامية التي تسيطر على ريف حلب الغربي مطالبة اليوم بإعطاء معلومات حول مصير المطرانين باعتبارهما اختطفا في تلك المنطقة.
ويجري المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم مساعي في هذا الملف خاصة أنّه كان نجح الشهر الماضي في قيادة وساطة أدّت لإطلاق سراح راهبات معلولا الـ13 وقبلهن بتحرير تسعة لبنانيين اختطفوا في مدينة اعزاز السورية شمال مدينة حلب.
وزار إبراهيم في الأشهر الماضية تركيا وقطر بمحاولة لتحديد مصيرهما، وهو اعتبر في حديث له الشهر الماضي أن ملف المطرانين المخطوفين «معقد أكثر من ملف راهبات دير معلولا ولكنه على الطريق الصحيح»، وقال: «أحتفظ بباقي المعلومات كي لا نفسد الجهود المبذولة، لكني أؤكد أننا نبذل قصارى جهدنا لحل هذا الملف الإنساني». وأكّد رئيس الكنيسة الإنجيلية في حلب القس إبراهيم نصير أن مصير المطرانين لا يزال «غامضا ومبهما». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الروايات والأقاويل لكن ما نؤكده أن لا شيء ملموسا يمكن البناء عليه غير أن السلطات السورية لا توفر جهدا لإطلاق سراحهما».
وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاختطافهما، رفعت مطرانيتا السريان الأرثوذكس والروم الأرثوذكس في حلب الصلوات لتحريرهما، وحثّ نصير كل المنظمات الدولية والإنسانية على بذل كل الجهود اللازمة لتحديد مصيرهما. وكان بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا اليازجي، وهو شقيق المطران بولس يازجي المخطوف، بحث قبل ثلاثة أشهر مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ملف المطرانين، وأكّد الأخير حينها أن بلاده تبذل جهودا مضنية من أجل الإفراج عنهما.
ونقلت معلومات صحافية الصيف الماضي عن مصادر عسكرية في المعارضة السورية، أن الخاطفين قتلوا أحد المطرانين بعد أيام من اختطافه، فيما قُتل الثاني في مايو (أيار) الماضي.
وبملف متصل، نقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء أول من أمس عن قيادي في الجيش السوري الحر أن الكاهن اليسوعي الأب باولو «حي وموجود في أحد سجون دولة العراق والشام (داعش)»، لافتا إلى غياب أي عملية تفاوض للإفراج عنه.
وكان الأب اليسوعي اختفى في مدينة الرقة أواخر يوليو (تموز) 2013، ورجح ناشطون اختطافه من قبل (داعش) باعتباره اشتهر بمعارضته للنظام السوري ومناصرته لقوى المعارضة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.