ولد الشيخ يبحث مع الرئيس هادي عمل لجان التهدئة وهدنة لوقف إطلاق النار

لم يحمل مبادرة جديدة وأكد «شرعية» الرئيس والمرجعيات

منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ماكغولدريك لدى حضوره مؤتمراً صحافياً في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ماكغولدريك لدى حضوره مؤتمراً صحافياً في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

ولد الشيخ يبحث مع الرئيس هادي عمل لجان التهدئة وهدنة لوقف إطلاق النار

منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ماكغولدريك لدى حضوره مؤتمراً صحافياً في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
منسق الشؤون الإنسانية في اليمن ماكغولدريك لدى حضوره مؤتمراً صحافياً في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، مباحثات مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي تتعلق بالمساعي التي تبذلها الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سياسية لحل أزمة الانقلاب والحرب في اليمن، والأزمات الإنسانية التي خلفها الانقلاب على اليمن واليمنيين.
ووفقا لمصادر يمنية خاصة لـ«الشرق الأوسط»، فإن النقاشات تركزت على مسألة تعديل مشروع خطة ولد الشيخ للحل السياسي في اليمن، ولكن بدرجة رئيسية على ما يتعلق بإعادة إحياء عمل لجنة التهدئة والتنسيق وانعقادها في العاصمة الأردنية عمان، في خطوة أولية في طريق البحث عن فرصة للتوصل لهدنة لوقف إطلاق النار.
وحسب ذات المصادر، فإن المبعوث الأممي أكد، خلال لقائه بهادي، أن «المرجعيات الأساسية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، هي أساس الحل في اليمن»، وأنه «لن يكون هناك إلا بنك مركزي ومؤسسة مالية واحدة هي التي تحت سلطة الحكومة الشرعية».
في السياق ذاته، قالت مصادر رسمية أخرى إن الرئيس هادي «وضع المبعوث الأممي أمام صورة موجزه تذكيرا وتأكيدا على رغبة الشعب اليمني وشرعيته الدستورية في تحقيق السلام وإرساء معالمه، عبر مواقفهم الواضحة، وتجاوبهم الدائم مع أسس ومنطلقات السلام المرتكزة على القرارات الأممية، وفي مقدمتها القرار (2216)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وأبدى المرونة والتجاوب لمصلحة الشعب في محطات الحوار والسلام المختلفة التي جوبهت بالغطرسة والرفض من قبل الطرف الانقلابي في تحد صارخ للإجماع الوطني والإقليمي والدولي».
وذكرت المعلومات الرسمية أن هادي تطرق، مع ولد الشيخ، إلى «ملاحظات الحكومة التي أبدتها تجاه مشروع خريطة الطريق، التي سلمت سلفا للمبعوث الأممي خلال زيارته السابقة لعدن»، والتي عد هادي أنها «تمثل خيارا جوهريا لعودة قطار السلام إلى مساره الصحيح، رغم إدراكنا، والمجتمع الدولي، أيضا، يشاركنا ذلك، أن الانقلابيين وممارساتهم المعهودة، لا تشير ألبتة إلى فكر يحمل السلام بقدر تفكيرهم وسلوكهم الدموي التدميري الذي يجسد ويمثل بالوكالة أجندة دخيلة ومكشوفة». ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» عن ولد الشيخ سعادته بـ«لقاء فخامة الرئيس بالعاصمة المؤقتة عدن التي بدأت بالتعافي وتعود إليها الحياة والنشاط على مختلف المستويات»، وكذا «تقديره للجهود التي يبذلها فخامة الرئيس والحكومة في هذا الإطار؛ ومنها تحمل المسؤولية تجاه أبناء وطنهم من خلال الجهود المبذولة لصرف استحقاقات الموظف والمواطن اليمني في مختلف المحافظات دون استثناء باعتبارهم السلطة الشرعية للبلد». وقال ولد الشيخ: «نتطلع اليوم إلى تحقيق السلام الذي أنتم حريصون على بلوغه لمصلحة اليمن، وحقن الدماء، عبر التحضير لعمل لجان التهدئة ومباشرة المهام الموكلة إليها»، وأكد المبعوث الأممي «حرص المجتمع الدولي على تحقيق السلام في اليمن وفق المرجعيات؛ المتمثلة في المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الأممية ذات الصلة؛ ومنها القرار (2216)».
وتأتي زيارة ولد الشيخ إلى عدن بعد مباحثات أجراها في عدد من دول المنطقة بخصوص الوضع في اليمن، كما تأتي في ظل التقدم الكبير الذي تحرزه قوات الجيش الوطني اليمني في معظم جبهات القتال، حيث باتت قوات الجيش على مقربة من ميناء ومدينة المخا التاريخية على البحر الأحمر، في إطار عمليتها العسكرية «الرمح الذهبي» التي انطلقت قبل نحو 10 أيام، وحققت نتائج كبيرة على الأرض، تمثلت في استعادة السيطرة على عدد من المناطق، أبرزها ذو باب والعمري، ومناطق أخرى بالقرب من باب المندب؛ إذ باتت قوات الجيش اليمني في موقع الهجوم، فيما أصبحت الميليشيات الانقلابية في موقع الدفاع وتخسر يوميا مواقع جديدة.
في هذه الأثناء، أبدت مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط»، مخاوفها من أن تكون زيارة ولد الشيخ إلى عدن «محاولة لوقف تقدم قوات الشرعية ومحاولة لمنعها من اجتياح بقية مدن الساحل الغربي». وأضافت هذه المصادر أن «النصر بات قاب قوسين أو أدنى»، وأن «الميليشيات الانقلابية كلما شعرت بالهزيمة على يد الجيش اليمني وقوات التحالف، تلجأ إلى الاستنجاد بالمبعوث الأممي»، بحسب هذه المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها.
وتعليقا على زيارة المبعوث الأممي إلى عدن ومباحثاته، قال مسؤول بارز في السفارة الأميركية لدى اليمن إنهم يدعمون جهود ولد الشيخ. وأضاف المسؤول، الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه: «كانت الولايات المتحدة دائمًا، ولا تزال، تدعو لوقف القتال. إننا ندعم جهود مبعوث الأمم المتحدة لوقف القتال واستئناف المفاوضات بين الأطراف، مما يفتح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية دون قيود، التي أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا زيادة دعمها لها بمبلغ 76 مليون دولار للشعب اليمني».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».