غينيا بيساو... دولة صغيرة فقيرة في طريقها لكتابة التاريخ في الغابون اليوم

تشارك في أول بطولة كبرى في تاريخها وسط طريق مليء بالأشواك السياسية والاقتصادية

لاعبو غينيا بيساو ومدربهم غير مصدقين تأهلهم إلى نهائيات كأس الامم الأفريقية 2017 على حساب زامبيا («الشرق الأوسط»)
لاعبو غينيا بيساو ومدربهم غير مصدقين تأهلهم إلى نهائيات كأس الامم الأفريقية 2017 على حساب زامبيا («الشرق الأوسط»)
TT

غينيا بيساو... دولة صغيرة فقيرة في طريقها لكتابة التاريخ في الغابون اليوم

لاعبو غينيا بيساو ومدربهم غير مصدقين تأهلهم إلى نهائيات كأس الامم الأفريقية 2017 على حساب زامبيا («الشرق الأوسط»)
لاعبو غينيا بيساو ومدربهم غير مصدقين تأهلهم إلى نهائيات كأس الامم الأفريقية 2017 على حساب زامبيا («الشرق الأوسط»)

في يوليو (تموز)، نجح لاعب من غينيا بيساو في حسم بطولة كبرى. اليوم (السبت)، من المقرر أن يفتتح فريق من 11 لاعبًا من هذه الدولة الصغيرة الواقعة غرب أفريقيا بطولة أخرى، الأمر الذي يعد إنجازًا كبيرًا في حد ذاته قد يكافئ ما حققه إيدر الذي فاز ببطولة «يورو 2016» بينما يرتدي قميص البرتغال.
من المقرر أن تفتتح غينيا بيساو بطولة كأس الأمم الأفريقية هذا العام بمواجهة الدولة المضيفة، الغابون، في ليبرفيل، في مفاجأة لم يتوقعها الكثيرون، فمنذ 7 أعوام فقط كانت هذه الدولة المعدمة بعيدة تمامًا عن الساحة الرياضية الدولية، بل بدت عاجزة عن توفير الدعم اللازم لبناء منتخب وطني، علاوة على أنها كانت تعاني حالة أشبه بالمنفى مع مرور قرابة 3 سنوات دون أن تشارك في أي مباراة دولية. في الـ4 من يونيو (حزيران) العام الماضي، وفي خضم مشاهد محمومة مقبلة من بيساو، نجح هدف أحرزه جناح ليفربول السابق توني سيلفا خلال الوقت بدل الضائع في إلحاق الهزيمة بزامبيا لتتحول مهمة كانت أقرب إلى المستحيل إلى واقع قائم.
في هذا الصدد، قال برونو فيرنانديز، قائد منتخب غينيا بيساو السابق: «كان ذلك مفاجأة بكل المقاييس، لأن أحدًا لم يكن يعلم أي شيء عن فريقنا. أعتقد أن أمثالي من اللاعبين ممن كانوا بالداخل هم من شعروا بأن أمرًا مثل ذلك في طريقه نحو التحقق، إذا لم يكن الآن، ففي المستقبل القريب. كنا نتمتع بمستوى الأداء المطلوب، لكن كنا نفتقر إلى البنية التحتية المناسبة والالتزام من جانب من يقودونا نحو الأمام».
بالنسبة لفيرنانديز، تبدو بطولة الأمم الأفريقية تلك متأخرة للغاية، ذلك لأنه اعتزل اللعب عام 2015 بعد مسيرة كروية تنقل خلالها عبر كثير من المحطات واختتمها في ويلز. وحاليًا، يعمل فيرنانديز مدربًا للياقة البدنية في ليفربول، لكنه يحرص على البقاء على اتصال دائم مع مدرب المنتخب الوطني وصديقه الحميم باسيرو كاندي للتناقش بخصوص شؤون الكرة.
كان الأمر أشبه بضربة حظ أدت إلى عودة كاندي، المولود محليًا، إلى منصب مدرب المنتخب الذي سبق أن شغله على امتداد الجزء الأكبر من العقد الأول من القرن الحالي. كان سلفه، باولو توريز، قد تعرض للإيقاف بعد جولة المنتخب الأخيرة تحت قيادته عبر 4 مباريات للتأهل بعدما اعتدى على الحكم خلال مباراة أمام زامبيا انتهت بالتعادل السلبي. وعليه، ظهرت حاجة ضرورية لأن يحل محله مدرب آخر لمعاونة غينيا بيساو على شق طريقها قدمًا نحو الغابون. وبالفعل، نجح المنتخب بعد ذلك في الفوز في 3 مباريات متتالية.
عن ذلك، قال فيرنانديز: «لطالما حملت بداخلي إيمانًا بأن باسيرو هو من سيقودنا نحو بطولة كبرى، فهو يدرك جيدًا كيف ينبغي له الحديث والتواصل مع اللاعبين».
ومع هذا، لم يكن كاندي العامل الوحيد وراء صعود منتخب غينيا بيساو، ففي الوقت الذي قد يجري فيه النظر إلى الهدف الذي سجله إيدر في باريس باعتباره لحظة حاسمة في فتح الطريق أمام تدفق مستمر من اللاعبين من غينيا بيساو باتجاه القوة الاستعمارية السابقة بها، البرتغال، فإن الواقع يشير إلى أن ثمة محاولات دؤوبة جرى بذلها لبناء منتخب ناجح قادر على المشاركة في بطولة كأس الأمم الأفريقية.
جدير بالذكر أن جميع الأندية البرتغالية الكبرى تملك وجودًا أكاديميًا أو شبكة كشافين واسعة داخل غينيا بيساو. وفي الوقت الذي ولد فيه نصف لاعبي منتخب غينيا بيساو الحالي داخل البلاد، فإن نصفهم لعب بأندية في البرتغال، بل وشارك بعضهم في المنتخب البرتغالي ببطولات أوروبية. على سبيل المثال، نجد أن سيلفا الذي يشارك حاليًا في صفوف نادي ليفادياكوس اليوناني، شارك في صفوف المنتخب البرتغالي تحت سن 17 و18 عامًا. وجاء الهدف الذي سجله في مرمى زامبيا خلال أول مشاركة له مع منتخب غينيا بيساو.
عن ذلك، قال فيرنانديز: «يرحل كثير من اللاعبين في وقت مبكر من المراهقة ويشاركون في منتخبات أوطانهم الجديدة، وهذا أمر يمكن تفهمه بالنظر إلى تباين الظروف، لكن ثمة تغييرًا بطيئًا يطرأ على الوضع الآن. فيما مضى، كان كثير من اللاعبين يخشون من الالتزام تجاه منتخب وطنهم الأم، لأنهم كانوا يعلمون أنه ستكون هناك دومًا مشكلة ما مع الحكومة، وكذلك مشكلات داخل الفريق، بجانب غياب عنصري المال والتنظيم».
ومع ذلك، تبقى بعض أوجه القصور قائمة. ولا يزال فيرنانديز يذكر عندما اضطر لدفع أجرة تذاكر الطيران من ماله الخاص كي يتمكن من المشاركة في مباريات دولية مع المنتخب، الأمر الذي لا يعد بالغريب على مستوى كرة القدم الأفريقية. كما تحدث عن التحمل الذي كان يتعين على اللاعبين إبداءه طوال الوقت للتغلب على المصاعب التي لا تزال تعوق مسيرة عدد من دول القارة. وقد تجلى ذلك أخيرًا قبل المواجهة الحاسمة مع زامبيا، عندما فشل المنتخب في التدريب على مدار 3 أيام بسبب خلاف حول تأخر الرواتب وظروف العمل غير الملائمة. في نهاية الأمر، نجحت غينيا بيساو في شق طريقها بنجاح داخل الملعب وكتابة سطر جديد في التاريخ.
من الخارج، قد يكون من السهل إبداء الدهشة حيال مثل هذه القصص، لكنها نادرًا ما تأتي دون جذور أشد عمقًا. تبعًا لغالبية المعايير الكبرى، تبقى غينيا بيساو في صفوف الدول الـ20 الأكثر فقرًا على مستوى العالم. في الواقع، من غير المحتمل أن تكون هناك دولة تملك إجمالي ناتج داخلي أقل منها قد تمكنت من التأهل لبطولة كروية كبرى.
ورغم أن النجاح بمجال كرة القدم قد لا يكون حلاً سحريًا لجميع المشكلات، فإنه يبقى عنصرًا فاعلاً في تحسين المزاج العام. في هذا الصدد، قال فيرنانديز: «لا أدري إلى أي مدى يمكن لهذا الأمر التأثير في الحياة السياسية بالبلاد، لكن من المأمول أن نعاين نتائج كثيرة إيجابية لكرة القدم. عندما كنت لاعبًا، كانت كل مباراة تحمل فرحة كبيرة للجمهور، وكان الاستاد يعج عن آخره بالمشجعين، حتى خلال التدريبات. وحتى عندما كنا نخسر مباراة، كان رد فعل الجماهير يبدو كأننا فزنا - كان الجميع يهلل ويشجعنا على المضي قدمًا. لذا يمكنك أن تتخيل كيف كان الشعور العام لدى تأهلنا لبطولة كأس الأمم الأفريقية. لقد توقفت مختلف مظاهر الحياة بالبلاد على مدار 3 أيام تقريبًا شهدت مظاهر احتفال مستمرة».
والآن، لا تزال هناك إمكانية لاستمرار الاحتفالات. ورغم أن الكثيرين يتوقعون أن تفوز الغابون بسهولة في مباراة الافتتاح، بالنظر إلى أنها تلعب على أرضها مدعومة من جماهيرها بقيادة بيير إيميريك أوباميانغ، تبقى جميع الاحتمالات قائمة. واللافت أن الغابون تعاني حالة غير مستقرة منذ اختيارها المثير للجدل في أغسطس (آب)، وانطلقت دعوات واسعة النطاق لمقاطعة البطولة من جانب السكان المحليين.
عن هذا، قال فيرنانديز: «ثمة ضغوط قوية عليهم، فما الذي يمنع فوزنا؟ إن هذه الضغوط تخفف وطأة العبء من على كاهلنا. إذا تقدمنا على الغابون بهدف واحد، يمكنك تخيل كيف سيصبح الجو العام داخل المباراة. في الوقت الراهن، يبدو كل شيء ممكنًا».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».