الهدنة السورية في مرحلة حرجة والمعارضة تطالب بتدخل مجلس الأمن

دي ميستورا: الاستعدادات لمحادثات آستانة تمضي على قدم وساق

متظاهر ضمن مسيرة في قلب مدينة درسدن الألمانية طالبت بالحرية لسوريا وتضامنت مع مدينة حلب أمس (إ.ب.أ)
متظاهر ضمن مسيرة في قلب مدينة درسدن الألمانية طالبت بالحرية لسوريا وتضامنت مع مدينة حلب أمس (إ.ب.أ)
TT

الهدنة السورية في مرحلة حرجة والمعارضة تطالب بتدخل مجلس الأمن

متظاهر ضمن مسيرة في قلب مدينة درسدن الألمانية طالبت بالحرية لسوريا وتضامنت مع مدينة حلب أمس (إ.ب.أ)
متظاهر ضمن مسيرة في قلب مدينة درسدن الألمانية طالبت بالحرية لسوريا وتضامنت مع مدينة حلب أمس (إ.ب.أ)

دخلت الهدنة التي تشهدها سوريا منذ أسبوع مرحلة حرجة بعد توسع دائرة الخروقات التي لم تعد تقتصر على منطقة وادي بردى في ريف دمشق الشمالي بل انسحبت على الغوطة الشرقية وريف حلب الجنوبي. وفيما حثّت المعارضة السورية يوم أمس مجلس الأمن الدولي والأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار، بالتدخل بشكل «فوري»، طالب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قوات النظام بـ«احترام تام» لوقف إطلاق النار و«بذل كل ما هو ممكن للسماح بإجراء المفاوضات» في جنيف.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، بأن «الاستعدادات لمحادثات آستانة تمضي على قدم وساق، وواثقون في قدرة روسيا وتركيا في إنجاح الهدنة في سوريا». وإذ أكّد دعمه للمفاوضات المزمع عقدها في كازخستان، طالب دي ميستورا روسيا وتركيا بـ«الضغط على الأسد وعلى الأطراف الأخرى للالتزام بوقف الأعمال القتالية». وأضاف: «شهر يناير (كانون الثاني) سيكون حافلا بالتحضيرات لاجتماعات آستانة وجنيف ونأمل أن تساهم الجولة الأولى من المفاوضات في كازاخستان في تثبيت وقف إطلاق النار ودعم مفاوضات جنيف».
من جهتها، قالت مصادر في المعارضة السورية مطلعة على التحضيرات الجارية لإطلاق عجلة المفاوضات إن «موعد 23 من الشهر الجاري لعقد مؤتمر الآستانة ليس ثابتا ونهائيا باعتبار أنّه مرتبط بشكل وثيق بنجاح الهدنة ووقف إطلاق النار»، لافتة إلى أن «وفدا روسيا سيلتقي ممثلين عن القيادة التركية لتحديد البنود وجدول الأعمال الذي ستتم مناقشته خلال المفاوضات». وأضافت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن لائحة المدعوين فلا تزال غير واضحة وكل ما يتم التداول به يندرج بإطار الشائعات». ولفتت المصادر إلى «إمكانية أن توكل الفصائل السورية التي تفاوض تركيا وموسكو مهمة المفاوضات في الآستانة للهيئة العليا، إلا أن لا شيء نهائي حتى اللحظة وكل الأمور لا تزال في سياق النقاش والتداول».
ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم أمس، عن معارك متقطعة يشهدها وادي بردى بعد ليلة تخللتها «عشرات الضربات الجوية على أنحاء عدة في المنطقة، تزامنا مع قصف مدفعي وصاروخي تسبب بمقتل عنصر من الدفاع المدني». ولم تعد خروقات الهدنة تقتصر على وادي بردى، إذ تعرضت بلدات عدة في الغوطة الشرقية ليل الأربعاء - الخميس لقصف من قوات النظام تزامنا مع اشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة موقعة على اتفاق الهدنة، ما تسبب بمقتل ثلاثة مقاتلين على الأقل. كذلك «أدى قصف ليلي لقوات النظام على ضاحية الراشدين غرب مدينة حلب (شمال)، لمصرع مقاتل من فصيل إسلامي وجرح ثمانية آخرين»، بحسب المرصد.
واعتبر رامي عبد الرحمن، مدير المرصد أنه رغم هذه الخروقات «لا تزال الهدنة صامدة لكنها في مرحلة حرجة»، لافتا إلى أن «وتيرة العمليات العسكرية على الجبهات الرئيسية تراجعت كثيرا منذ بدء الهدنة.. كما انخفضت الخسائر البشرية بنسبة كبيرة، مع رصد مقتل 13 مدنيا فقط في المناطق المشمولة بالهدنة منذ بدء تطبيقها». ورأى عبد الرحمن أن «طرفي النزاع يتجنبان التصعيد العسكري أكثر لكي لا يتحملا أمام روسيا وتركيا، راعيتي الاتفاق، مسؤولية انهيار الهدنة وتداعيات ذلك».
من جهته، أكد مركز التنسيق الروسي للمصالحة في سوريا ومقره في مطار حميميم العسكري (بريف اللاذقية)، أن عملية المصالحة بين أطراف النزاع تتم بلا تراجع، وفقا لاتفاقات تم التوصل إليها. وأفاد المركز في بيان نشر على موقع وزارة الدفاع الروسية، بأن اللجنة الروسية التركية المشتركة المعنية بمتابعة نظام وقف القتال في سوريا، رصدت عددا من الخروقات. وأوضح البيان أن الفريق الروسي في اللجنة سجل 15 خرقا خلال الساعات الـ24 الماضية، وذلك في محافظات حماه ودمشق واللاذقية وحلب. من جانبه رصد الفريق التركي 13 خرقا في محافظات حماه وإدلب ودمشق وحلب واللاذقية ودرعا. وأشار مركز حميميم إلى أن جميع حوادث خرق الاتفاق الموحد يتم النظر في ملابساتها وأن إجراءات تتخذ لمنع تكرارها.
في هذا الوقت، دعا الائتلاف السوري المعارض، أمس، مجلس الأمن الدولي والأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار، إلى التدخل لوقف هجوم قوات النظام وحلفائه خصوصا على منطقة وادي بردى قرب دمشق بشكل «فوري». واتهم الائتلاف في بيان «قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد وحلفاءها بارتكاب الخروقات وجرائم الحرب خصوصا في منطقة وادي بردى».
وإذ حث مجلس الأمن على «تبني قرار يطالب بخروج جميع الميليشيات الأجنبية من سوريا على الفور، وإلزام جميع الأطراف بالتوقف عن دعمها أو توفير غطاء سياسي أو قانوني لها»، اعتبر الائتلاف أن «الجهود المبذولة لعقد لقاء في آستانة يجب أن تنطلق من التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن الخاصة بسوريا، وتُبنى على ما تم التوصل إليه في مفاوضات جنيف»، مؤكدا حق المعارضة في «اختيار وفدها المفاوض من خلال الهيئة العليا للمفاوضات».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».