تركيا تتهم دولاً ومجموعات بمحاولة عرقلة وقف إطلاق النار في سوريا

أكدت استعدادها للتدخل حال حدوث أي تحرك من الأكراد

تركيا تتهم دولاً ومجموعات بمحاولة عرقلة وقف إطلاق النار في سوريا
TT

تركيا تتهم دولاً ومجموعات بمحاولة عرقلة وقف إطلاق النار في سوريا

تركيا تتهم دولاً ومجموعات بمحاولة عرقلة وقف إطلاق النار في سوريا

حذرت أنقرة من أن هناك دولاً ومجموعات تسعى لانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في سوريا بوساطة تركية - روسية وبدأ سريانه منتصف ليل الخميس الماضي بهدف تأزيم الوضع في سوريا. وشدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس على أن بلاده تدرك ذلك جيدًا، وستعمل على نجاح وقف إطلاق النار والانتقال إلى مرحلة المفاوضات السياسية، لافتًا إلى أن تركيا لم تكن من الجهات التي تؤيد الحل العسكري في سوريا وإنما الحل السياسي، وأنه لا توجد جهة دافعت عن وحدة التراب السوري أكثر من تركيا.
ومن جانبه، قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك خلال تفقده لوحدات الجيش التركي في مدينة شيرناق، على الحدود مع العراق في جنوب شرق تركيا، إن وقف إطلاق النار في سوريا «لم يشهد حتى الآن خرقا يمكن أن يقوضه، لكننا نعلم أن بعض البلدان تقوم بأعمال خلف الستار من شأنها التسبب بانهيار الاتفاق».
جاويش أوغلو في تصريحات في مدينة أنطاليا بجنوب تركيا ليل الجمعة – السبت قال إننا «وضعنا رؤية للحل في سوريا تحت قيادة الرئيس رجب طيب إردوغان الذي أجرى 10 اتصالات هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال 10 أيام، فضلاً عن مباحثاته بدوره مع نظيره الروسي سيرغي لافروف». ولفت إلى أنه أجرى أيضًا أكثر من 20 اتصالاً هاتفيًا حول الملف السوري مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في 3 أيام فقط في سبيل إيجاد حل سياسي.
وحقًا، واصل جاويش أوغلو اتصالاته خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية اتصالاته مع عدد من نظرائه وغيرهم من المسؤولين لمتابعة آخر التطورات والمستجدات في سوريا، حيث أجرى اتصالات مع كل من نظيريه الروسي سيرغي لافروف، والبريطاني بوريس جونسون، فضلاً عن الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي نائب رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني. وأفادت مصادر دبلوماسية تركية بأن جاويش أوغلو زوّد جونسون وموغيريني، كلاً على حدة، بمعلومات حول اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، والتحضيرات لمؤتمر الآستانة للحل السياسي المقرر انعقاده خلال الشهر الحالي في العاصمة الكازاخية إلى جانب تبادله وجهات النظر حيال التطورات الأخيرة في سوريا.
ومن جانبه، أعرب الوزير البريطاني عن شكره لتركيا على جهودها التي بذلتها في سبيل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، مؤكدًا استعداد بلاده لتقديم جميع أنواع الدعم في إطار الحفاظ على سير الاتفاق.
وفي اتصاله مع وزير الخارجية الروسي، تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن اتفاق وقف إطلاق النار والتطورات الأخيرة في سوريا، علاوة عن التحضيرات الحالية لمفاوضات آستانة بين ممثلي النظام والمعارضة في سوريا.
على صعيد آخر، قال وزير الدفاع التركي فكري إيشيك إنهم يراقبون عن كثب كل التطورات، المتعلقة بعملية «درع الفرات» التي تنفذها عناصر من «الجيش السوري الحر» مدعومة من الجيش التركي في شمال سوريا، وإنهم على أتم الاستعداد للتدخل، متابعًا: «نحن لن نسمح، في إطار الشرعية الدولية، بحدوث أي طارئ من شأنه أن يخل بأمن واستقرار المنطقة، وفي هذا الخصوص نراقب عن قرب كل تحركات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية في المنطقة».
ولفت إيشيك إلى أهمية استهداف المقاتلات الروسية لمواقع تنظيم داعش ليل الخميس، واصفًا إياه بـ«التطور المهم».
وكانت طائرات روسية قصفت مواقع «داعش» جنوب مدينة الباب، التي تحاصرها القوات المشاركة في عملية «درع الفرات»، ما أدى إلى مقتل 12 مسلحًا من «داعش»، وهو ما اعتبر أول تعاون مباشر من جانب روسيا مع تركيا في هذه العملية التي انطلقت في 24 أغسطس (آب) الماضي.
وفي السياق نفسه، قال الجيش التركي في بيان أمس السبت إن 23 مسلحًا من تنظيم داعش الإرهابي قتلوا في قصف للجيش التركي في الباب. وأشار الجيش التركي إلى استمرار عملياته بالتعاون مع المعارضة السورية للسيطرة على مدينة الباب بريف محافظة حلب، وأن القوات المشاركة في درع الفرات استهدفت بالأسلحة الثقيلة 172 هدفًا تابعًا لـ«داعش» في محيط المدينة. كذلك دمرت مقاتلات تركية 12 هدفًا للتنظيم في الباب وقرى سفلانية قبر المقري وبزاغة وتادف وأبو جبار في محيط المدينة، وقتل 3 عناصر من «الجيش الحر» وأصيب اثنان آخران خلال الاشتباكات مع مسلحي «داعش» في المنطقة. ويستثني وقف إطلاق النار في سوريا تنظيم داعش، وجبهة فتح الشام (النصرة سابقًا)، وميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.