الوثائق البريطانية: ثاتشر فضلت التكنولوجيا العسكرية الأميركية على منافستها الفرنسية

{المرأة الحديدية} وافقت على الحد من صلاحيات الاحتجاز دون محاكمة بحق الإرهابيين

مارغريت ثاتشر وبجانبها زوجها دنيس والأميرة مارغريت عام 1980
مارغريت ثاتشر وبجانبها زوجها دنيس والأميرة مارغريت عام 1980
TT

الوثائق البريطانية: ثاتشر فضلت التكنولوجيا العسكرية الأميركية على منافستها الفرنسية

مارغريت ثاتشر وبجانبها زوجها دنيس والأميرة مارغريت عام 1980
مارغريت ثاتشر وبجانبها زوجها دنيس والأميرة مارغريت عام 1980

كشفت الوثائق البريطانية التي أفرج عنها منذ أيام كيف أن الوزراء البريطانيين فضلوا نظام الأقمار الصناعية العسكرية عن منافستها الأوروبية. «فلنبقي الفرنسيين على عماهم»، و«لنشرب نخب الصداقة مع حلفائنا الأميركيين»، كانت العبارات الأكثر تكرارا في الوثائق بالغة السرية التي تناولت أسلوب المحافظة على تطوير التكنولوجيا العسكرية خلال حقبة الثمانينات. وأظهرت الوثائق التي أفرج عنها لتحفظ في سجلات الأرشيف الوطني البريطاني بمنطقة كيو كيف أن الوزراء البريطانيين فضلوا نظام إطلاق الصواريخ الأميركي للأقمار الصناعية على نظام صواريخ إريان الأوروبي.
ففي مذكرة وجهت لرئيسة الوزراء البريطانية عام 1983 حذرت وزارة الدفاع البريطانية من «الضغوط الفرنسية التي تمارس ضد الوزارة كي نكون أكثر أوروبية، وأن نستخدم نظام إريان الفرنسي».
ووافقت مارغريت ثاتشر التي كانت تعرف باسم «المرأة الحديدية» على أنه من الأفضل استخدام نظام الإطلاق الأميركي؛ نظرا لرخص سعره وسجله الأكثر أمانا.
فقد أرادت وزارة الدفاع البريطانية إرسال قمرين صناعيين «سكاي نت 4»، المستخدمين في الأغراض العسكرية واللذين تنتجهما شركتا «بي أيه أي» و«ماركوني»، إلى الفضاء لتسهيل الاتصالات عبر أوروبا ومنطقة الأطلسي.
وكانت تكلفة نظام الإطلاق الأميركي 58 مليون جنيه إسترليني، أي أقل بنحو 23 مليون جنيه إسترليني عن نظيره الأوروبي إريان.
وبحسب الخطاب الموجه من وزير الدفاع إلى رئيسة الوزراء، الذي أوضح الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، قال «نحن نعتمد حاليا على التغطية الأميركية فيما يخص القيادة والتحكم لجميع القوات البحرية خارج المملكة المتحدة، بما في ذلك الغواصات والقوات على الأرض، وكذلك القوات في جزر الفوكلاند، ولبنان وبرلين».
في السياق ذاته، أرسل رئيس الوزراء الاشتراكي الفرنسي، بيير ماروي، رسالة إلى ثاتشر يلتمس فيها إعادة النظر في قرارها، وعرض تخفيض السعر. لكن بعد ذلك تفاقمت أزمة طائرات هليوكوبتر ويستلاند لتتحول إلى أزمة دبلوماسية بشأن أولويات المملكة المتحدة في تعاملاتها الدولية.
وفي عام ديسمبر (كانون الأول) 1983، كتب وزير الدفاع البريطاني جيوفري هاو، رسالة إلى ثاتشر تضمنت نصيحة أقرب إلى التحذير، قال فيها «إن اخترنا نظام الشاتل (الأميركي) فعلينا أن نتوقع جلبة من الفرنسيين»، مضيفا: «في الواقع، بعد انعقاد اجتماعات القمة الأوروبية بأثينا، فربما يسعون إلى إثارة مسألة عدم التزام المملكة المتحدة بالتعاون الأوروبي، وربما يتخذون قرارا تتخطى تبعاته مسألة نظام سكاي نت. وبناء عليه، من الأفضل إبقاء الفرنسيين على عماهم لبعض الوقت إل ىحين اتخاذ قرار بشأن صفقة شاتل الأميركية كي ننأى بأنفسنا عن أي خلاف قد ينشأ عقب قمة أثينا».
في النهاية، علم الفرنسيون أن الأميركيين قد فازوا بالعطاء. لكن في عملية إطلاق النظام الصاروخي العسكري التالية عام 1986. فضل البريطانيون نظام إريان الفرنسي، وكان ذلك عقب حادثة انفجار الصاروخ تشارلينجر. فبحسب المذكرة رقم 10، أفادت وزارة الدفاع البريطانية بأنه «لم يعد هناك خيار آخر سوى نظام إريان الفرنسي».
وفي رسالة موجهة إلى «ثاتشر حوت معلومات تكنولوجية بالغة الحساسية تناول فيها رؤيته للتعاون المشترك بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة»، قال الرئيس الأميركي رونالد ريجان، وفق نص برقية تعود لعام 1986: «عزيزتي ثاتشر، سعدت بخبر لقائك المقبل مع كاسبر واينبرغر، وزير الدفاع الأميركي، لمناقشة البرنامج الخاص الذي كتبت لك بشأنه، وأتطلع لردك، المخلص ريغان».
وفي رسالة شخصية بالغة السرية دوّن شخص ما فوقها بالقلم الرصاص الباهت كلمة «تخفي»، قالت رئيسة الوزراء المتحمسة: «لقد انبهرت كثيرا بكرم عرض الولايات المتحدة الذي أحضره كاسبر، وهو العرض الذي أظهر معدن أصدقائنا الحقيقيين، وأتطلع كثيرا إلى رؤياك في طوكيو. مع خالص تحياتي، المخلصة ثاتشر».
كان العرض الذي قدمته دول الأطلسي، الذي اشتمل على تكنولوجيا «التخفي» تكنولوجيا إخفاء الطائرات عن أجهزة الرادار، أحد العروض التي رفضتها وزارة الدفاع البريطانية.
وفي خطاب موجه إلى تشارلز باول، مستشار رئيس الوزراء البريطاني للشؤون الخارجية، في ديسمبر 1986 بشأن «مشروع مون فلاور»، قال وزير الدفاع البريطاني «عرض علينا السيد واينبرغر فرصة شراء منظومة الطائرات الأميركية الحديثة، لكن ردنا كان أننا لن نشترى طائرات بينما لا يزال البرنامج كله في طور السرية الكاملة». أضافت الرسالة إن «جورج يونغر، وزير الدفاع البريطاني، أثار الأمر على عجل مع نظيره الأميركي واينبرغر هذا الصباح لكي يتأكد من أن هذا القرار لم يضايقه، وفي الحقيقة لم يبد عليه أي ضيق».
فشلت رئيسة الوزراء في فرض كلمتها على وزيري الدفاع البريطاني ونظيره الآيرلندي الشمالي اللذان اقترحا الحد من الصلاحيات المتعلقة باحتجاز الإرهابيين من دون محاكمة.
وفي موقع آخر من ملفات الوثائق البريطانية، برزت معضلة الموازنة بين حقوق الإنسان ومجابهة المخاطر الأمنية في يونيو (حزيران) 1980، فقد أظهر ملف سري صادر عن رئيسة الوزراء أفرج عنه الأرشيف الوطني البريطاني بمنطقة كيو الجمعة الماضية، أن همفري أتكنز، وزير دفاع آيرلندا الشمالية، أبلغ ثاتشر بضرورة إلغاء البند رقم 12 من «قانون الطوارئ» الصادر عام 1978، وقال في رسالته «لقد وصلت إلى الاستنتاج بأنه لا يتعين عليّ السعي لتجديد هذا البند من القانون الذي يشمل صلاحيات الاعتقال من دون محاكمة، حيث إن هذا البند غير مستخدم منذ عام 1975». وأصر أتكنز على موقفه، وضمن دعم نظيره البريطاني، فرانسيز بيم؛ مما جعل ثاتشر تذعن في النهاية وتوافق على الحد من صلاحيات الاحتجاز دون محاكمة بحق الإرهابيين، ووفق رسالة لاحقة من أتكنز، ذكر تعليق ثاتشر الذي قالت فيه «ما زالت أرى أن هذا القرار غير حكيم، لكن على وزير الخارجية السير لتنفيذ قراره».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.