مخاوف من «صوملة» تونس مع عودة المتطرفين

نقابة أمن رئيسية طالبت بمنعهم وسحب الجنسية منهم إذا اقتضى الأمر

مخاوف من «صوملة» تونس مع عودة المتطرفين
TT

مخاوف من «صوملة» تونس مع عودة المتطرفين

مخاوف من «صوملة» تونس مع عودة المتطرفين

بعد يوم من تظاهر المئات أمام البرلمان التونسي للتعبير عن رفضهم لعودة المتطرفين التونسيين من الخارج تحت اسم «التوبة»، حذرت النقابة الرئيسية لقوات الأمن في تونس الحكومة من أن عودة هؤلاء المتطرفين قد تؤدي إلى «صوملة» البلاد، مطالبة بمنعهم من العودة وسحب الجنسية التونسية منهم.
وقالت: «النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي» في بيان: «على الحكومة اتخاذ إجراءات استثنائية صارمة في شأنهم، المنع من العودة، وإن اقتضى الأمر سحب الجنسية التونسية لتجنيب البلاد والشعب التونسي استباحة الدماء والتشرد».
وحذرت من أن «عودة الإرهابيين من بؤر التوتر إلى تونس تنذر بالخطر ويمكن أن تؤدي إلى صوملة البلاد».
وأضافت أن «القبول بعودتهم عن طواعية أو إجباريًا في ظل الترتيبات الدولية الحالية لحل الأزمة الإقليمية (في الشرق الأوسط) سيشكل دعمًا لتوسع رقعة الإرهاب وانتشاره».
وقالت إن هؤلاء «الإرهابيين تمرسوا وتدربوا تدريبًا عسكريًا محترفًا واستعملوا كل أنواع الأسلحة الحربية المتطورة وتعودوا على سفك الدماء والقتل وتبنوا عقيدة متطرفة»، محذرة من أنهم إن عادوا إلى تونس سيشكلون مع «الخلايا النائمة بالداخل (..) جيشًا كاملاً قادرًا على إحداث الخطر».
واتهمت النقابة «أطرافًا حزبية وجمعياتية» تونسية لم تسمها بـ«محاولة تبييض» المقاتلين التونسيين في الخارج و«التشريع لعودتهم دون الوعي بالمخاطر والتهديدات المرتقبة».
ولفتت إلى «وجود حراك كبير من بعض الحقوقيين والمنظمات الذين يشكلون عنصر إسناد خلفيًا للتنظيمات الإرهابية».
«والنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي» هي أول نقابة أمنية تأسست في تونس بعد الإطاحة مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي.
وتقول النقابة إنها الأكثر تمثيلاً لقوات الأمن في تونس، وإنها تضم أكثر من 40 ألف منتسب من نحو 75 ألف عنصر أمن في البلاد.
وكان مئات التونسيين قد تظاهروا أمس (السبت) أمام مقر البرلمان للتعبير عن رفضهم لعودة متطرفين تونسيين من الخارج تحت اسم «التوبة».
وردد المتظاهرون شعارات من قبيل «لا توبة.. لا حرية.. للعصابة الإرهابية».
ومساء الجمعة، قال وزير الداخلية التونسي الهادي المجدوب في جلسة مساءلة أمام البرلمان، إن 800 تونسي عادوا من «بؤر التوتر»، في إشارة إلى ليبيا وسوريا والعراق.
وأثير من جديد في تونس موضوع «التوبة» وعودة المتطرفين إثر تصريح الرئيس الباجي قائد السبسي خلال زيارته إلى فرنسا في الثاني من الشهر الحالي بأن «خطورتهم (المتطرفين) أصبحت من الماضي»، وأن «كثيرًا منهم يريدون العودة»، و«لا يمكننا منع تونسي من العودة إلى بلاده، إنه الدستور».
وأثار التصريح المذكور للرئيس التونسي انتقادات كبيرة في وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وقد اضطر الرئيس إلى «التوضيح» أنه «لن يتسامح مع الإرهابيين»، وسيطبق على العائدين منهم قانون مكافحة الإرهاب الصارم.
ويقاتل أكثر من 5500 تونسي تراوح أعمار أغلبهم بين 18 و35 عامًا مع تنظيمات «جهادية»، خصوصًا في ليبيا وسوريا والعراق، وفق تقرير نشره خبراء في الأمم المتحدة في يوليو (تموز) 2015 إثر زيارة لتونس.
وبعد الثورة التي أطاحت مطلع 2011 بنظام زين العابدين بن علي، تصاعد في تونس عنف جماعات «جهادية» مسلحة.
وحصلت الهجمات الكبرى سنة 2015 واستهدفت متحف باردو بالعاصمة، وفندقًا في ولاية سوسة، وحافلة للأمن الرئاسي في العاصمة.
وأوقعت هذه الاعتداءات الثلاثة التي تبناها تنظيم داعش 72 قتيلاً بينهم 59 سائحًا أجنبيًا.
وألحقت الاعتداءات أضرارًا بالغة بالسياحة أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».