البرلمان التونسي يطلب مساءلة 3 وزراء إثر اغتيال الزواري

قيادات عدت الحادثة «سابقة خطيرة» > الغنوشي: العملية وراءها قوى دولية

البرلمان التونسي يطلب مساءلة 3 وزراء إثر اغتيال الزواري
TT

البرلمان التونسي يطلب مساءلة 3 وزراء إثر اغتيال الزواري

البرلمان التونسي يطلب مساءلة 3 وزراء إثر اغتيال الزواري

قال محمد الناصر رئيس البرلمان التونسي إن جلسة برلمانية عامة، ستخصص للنظر في حادثة اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري الخميس الماضي، وهو أحد عناصر تنظيم القسام الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية، وتتهم إسرائيل بالوقوف وراء عملية اغتياله، بمدينة صفاقس (وسط شرقي تونس).
ومن المنتظر الاستماع خلال الأسبوع الجاري لكل من هادي المجدوب وزير الداخلية وغازي الجريبي وزير العدل وخميس الجهيناوي وزير الشؤون الخارجية. وتأتي هذه الجلسة استجابة لطب تقدمت به كتل برلمانية على غرار الكتلة الديمقراطية وكتلة حركة النهضة.
فيما طالبت كتلة حركة نداء تونس بعقد جلسة مغلقة مع هادي المجدوب وزير الداخلية للتباحث حول حيثيات الاغتيال والأحداث التي رافقتها ومستجدات القضية.
ومن المنتظر أن يتم خلال الجلسة توجيه أسئلة إلى الوزراء الثلاثة حول التحقيقات التي أجريت حول عملية اغتيال محمد الزواري بصفاقس وبشأن ظهور صحافي إسرائيلي في كل من صفاقس والعاصمة التونسية دون أن يكون للسلطات التونسية علم بالأمر.
وفي هذا السياق أفاد نورد الدين البحيري القيادي في حركة النهضة أن عملية الاغتيال «سابقة خطيرة في تاريخ تونس» لكونها تمثل تهديدا خطيرا لأمن البلاد بشكل جدي ومحاولة لإرباك الأوضاع وكامل عملية الانتقال الديمقراطي في تونس على حد تعبيره.
وكان البرلمان التونسي يعد مساءلة لوزير الداخلية هادي المجدوب حول استقالة عبد الرحمن الحاج علي المدير العام للأمن الوطني وما رافقها من اتهامات بخضوعه لضغوطات سياسية أدت إلى تقديم استقالته.
إلا أن التطورات الحاصلة حول الاشتباه في ضلوع جهات أجنبية في عملية اغتيال التونسي محمد الوزاري غيرت مجرى المساءلة.
من جهته قال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة إن «عملية الاغتيال تقف وراءها قوى شيطانية دولية»، دون أن يذكر أي دولة بالاسم. وأدى موقف النهضة إلى استياء أنصارها من كيفية التعاطي مع عملية الاغتيال وانتقدوا بشدة غياب الإدانة الواضحة لهذه الجريمة علاوة على تنصل حزب النهضة من الانتماء السابق للزواري إلى صفوفها إذ أن محمد الوزاري كان من المنتمين إلى حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت سنة 1989 إلى حركة النهضة. ومن التطورات المهمة التي عرفتها عملية الاغتيال، ظهور مقطع فيديو للقناة العاشرة للكيان الصهيوني وقدم صورا لمنزل التونسي محمد الزواري الذي اغتيل أمامه يوم الخميس 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في صفاقس.
وطغى التساؤل في تونس حول كيفية دخول صحافي وطاقم القناة التلفزيونية إلى تونس، وبينت الأبحاث الأولية التي أجرتها الأجهزة الأمنية أن الصحافي التابع للقناة العاشرة الإسرائيلية دخل إلى التراب التونسي بجواز سفر ألماني. وذكرت نفس المصادر أن الشخص الذي راسل القناة الإسرائيلية كاتب وليس صحافيا ولم يحصل على ترخيص للتصوير في تونس وهو ما جعل عملية مراقبته صعبة للغاية. وعبرت النقابة العامة للإعلام في تونس في بيان لها عن صدمتها من «وجود مبعوث خاص للقناة العاشرة الصهيونية بتونس ينشط بشكل عادي جدا أمام منزل الشهيد البطل محمد الزواري ويقوم بتغطية حادثة الاغتيال دون حسيب أو رقيب».
وقالت: إن الأمر «يبدو كأن تونس أصبحت دون سيادة ودون موقف واضح تجاه العدو الإسرائيلي» على حد تعبيرها.
وطالبت السلطات التونسية بفتح تحقيق حول كيفية دخول هذا الصحافي الإسرائيلي والسماح له بالعمل في تونس وطالبت بمحاسبة المتورطين في هذه العملية.
وحول شبهة استهداف جهاز الموساد الإسرائيلي للتونسي محمد الزواري في تونس رغم أنه كان في تركيا، وما تحمله العملية من رسائل لتونس وللجزائر، أكد أحمد ونيس الدبلوماسي التونسي السابق في تصريح إعلامي أنّ تركيا وقعت مؤخّرا على اتفاقيّة تطبيع مع إسرائيل بعد قطع العلاقات معها منذ عامين.
وفي حال ثبوت تورط إسرائيل في اغتيال الزواري، فإنهم قد اختاروا تونس لتنفيذ الجريمة «لتجنب أزمة جديدة مع تركيا التي أعادوا العلاقات معها بعد عناء شديد». على حد تعبيره.
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس السبت أن المهندس التونسي محمد الزواري هو أحد قادتها، محملة إسرائيل مسؤولية الجريمة ومتوعدة بالرد. وقالت القسام في بيان «تزف كتائب القسام شهيد فلسطين وشهيد تونس القائد القسامي المهندس الطيار محمد الزواري (49 عاما) الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية الجبانة يوم الخميس في مدينة صفاقس» بتونس.
واعتبر البيان أن «اغتيال الزواري اعتداء على المقاومة وكتائب القسام وعلى العدو أن يعلم بأن دماء القائد لن تذهب هدرا ولن تضيع سدى».
وعلى الرغم من رفض إسرائيل نفي أو تأكيد صلتها باغتيال الزواري، فإن المراسلين العسكريين من ذوي المصادر العميقة في المؤسسات العسكرية في تل أبيب، تناولوا الموضوع من باب القناعة بأن عملية الاغتيال، تلائم أسلوب «الموساد» (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية).
ونشروا عنه تفاصيل كثيرة، بينها أنه لم يكتف بصنع طائرة بلا طيار، بل كان، قبيل اغتياله، يصنع غواصة بلا غواص، وقاربا بلا ربان.
وأشاروا إلى أن هذا التوجه يعد خطا أحمر؛ إذ يشوش على نشاط الجيش في قطاع غزة، ويؤدي إلى فك الحصار الإسرائيلي عنه.
وقال أحد الخبراء العسكريين وهو أليكس فيشمان، إن اعتبار كتائب عز الدين القسام «أن دمه لن يذهب هدرا»، وأن «اليد الصهيونية الجبانة» اغتالته، في مدينة صفاقس في تونس، هو اعتراف بأن الرجل لم يكن مهندسا بريئا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.