السودان يصف اتهامات أميركية بقمع الحريات بـ«افتقاد الدقة والموضوعية»

واشنطن تبدي قلقها على تهديد الخرطوم لدعاة العصيان وقمع الصحف

السودان يصف اتهامات أميركية بقمع الحريات بـ«افتقاد الدقة والموضوعية»
TT

السودان يصف اتهامات أميركية بقمع الحريات بـ«افتقاد الدقة والموضوعية»

السودان يصف اتهامات أميركية بقمع الحريات بـ«افتقاد الدقة والموضوعية»

وصفت الخارجية السودانية بيان الخارجية الأميركية الذي أبدت فيه قلقها من تهديدات محتملة للمشاركين في العصيان المدني، وقمع وسائل الإعلام، بعدم الدقة وانعدام الموضوعية، وأكدت حرص الحكومة على أرواح وممتلكات المواطنين.
وأبدت الخارجية الأميركية في بيان الناطق باسمها، قلقها الشديد مما أسمته بـ«التهديد ومحاولات قمع وسائل الإعلام في السودان»، على خلفية دعوات المجتمع المدني للعصيان المدني. ودعت واشنطن الخرطوم للتوقف عن مصادرة الصحف أو فرض الرقابة عليها. وفي تصريح صحافي، قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية السودانية قريب الله خضر، إن البيان الأميركي «تعوزه الدقة والموضوعية»، وإنه بعيد عن الأجواء التي وصفها بالإيجابية في الساحة السودانية، والتي «تتهيأ لتنزيل توصيات ومخرجات الحوار الوطني والمجتمعي على أرض الواقع»، بما يوسع دائرة المشاركة ويفتح الطريق أمام التبادل السلمي للسلطة وتحقيق التنمية المستدامة، وأضاف: «الشعب السوداني يقدم نموذجًا فريدًا في الحوار الشامل والإصلاح السلمي وبناء النظام السياسي والمجتمعي».
وأكد الدبلوماسي السوداني على كفالة الدستور لحرية التنظيم والنشر والتعبير وفقًا للقوانين السارية، وأن هناك أكثر من ثمانين حزبًا تنشط في الساحة السياسية، وتصدر أكثر من عشرين صحيفة سياسية يومية تعبر عن التنوع الفكري والسياسي. وأوضح أن حكومته حريصة على الالتزام بأمن وسلامة وأرواح وممتلكات المواطنين، وأنها لن «تتهاون مع أي تهديدات تمس الأمن القومي للبلاد، وفقًا للقانون، ومقتضيات العدالة التي تحفظ حقوق الدولة والمجتمع».
وأبدت الخارجية الأميركية الجمعة قلقها الشديد مما أسمته بـ«التهديد ومحاولات قمع وسائل الإعلام في السودان»، على إثر دعوات المجتمع المدني للعصيان المدني، ودعت الحكومة السودانية لوقف مصادرة الصحف، وإتاحة حرية النشر والتخلي عن فرض الرقابة على وسائل الإعلام. وحثت الخارجية الأميركية في بيان باسم المتحدث الرسمي مارك سي تونر، حكومة الخرطوم على ضبط النفس في الرد على المتظاهرين والمعتصمين، وعلى اتخاذ التدابير والخطوات اللازمة لتمكين المواطنين من ممارسة حقهم في حرية التعبير.
كما دعا بيان الخارجية المعتصمين الذين يعتزمون ممارسة حقوقهم الأساسية للتعبير عن آرائهم بطريقة سلمية، وأشار إلى ما أسماه بـ«الشواغل» التي وردت في بيان سفارتها بالخرطوم في 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بشأن الاعتقالات من دون اتهامات لعدد من قادة المعارضة السياسية ونشطاء حقوق الإنسان. وعلى الرغم من تصريح الخارجية السودانية الذي أكدت فيه الالتزام بالدستور وكفالة الحريات الصحافية والسياسية، تشير مصادر في المعارضة السودانية إلى أن سلطات الأمن السوداني تعتقل أكثر من ثلاثين معارضًا سياسيًا لأكثر من شهر، جلهم من قيادات وأعضاء حزب المؤتمر السوداني المعارض، دون أن تقدمهم لمحاكمات أو أن توجه لهم تهمًا، فيما تتواصل عمليات مصادرة الصحف بعد الطباعة وتجاوزت أعداد الصحف المصادرة خمسة وعشرين عددًا خلال أقل من أسبوعين، وآخرها المصادرة الثامنة لصحيفة «الجريدة» المستقلة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».