وزير الزراعة اللبناني: مهمة الحكومة المقبلة إنجاز «الانتخابات»

قال لـ «الشرق الأوسط» إن عودة السعودية إلى دورها الداعم لبلدنا هو الأمر الطبيعي

وزير الزراعة اللبناني أكرم شهيب
وزير الزراعة اللبناني أكرم شهيب
TT

وزير الزراعة اللبناني: مهمة الحكومة المقبلة إنجاز «الانتخابات»

وزير الزراعة اللبناني أكرم شهيب
وزير الزراعة اللبناني أكرم شهيب

قال وزير الزراعة اللبناني، أكرم شهيب: إن «التساهل» الذي يقابل به رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط عملية تأليف الحكومة، هو ضرورة لحماية لبنان بأمنه واستقراره في ظل البراكين المشتعلة في كل المنطقة، معتبرا أن «المطلوب اليوم من الجميع إعطاء هذا العهد كل الدعم من أجل إرساء ملامح من التعاطي الإيجابي مع قضايا اللبنانيين وهمومهم». وشدد شهيب في حوار مع «الشرق الأوسط» على أن المهمة الأساسية للحكومة الجديدة هي إنجاز الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، وذلك بعيدا عن أي تمديد للمجلس النيابي الحالي، منبها إلى أن «التمديد للمجلس النيابي تحت أي حجة، سيكون له وقع سيئ عند المجتمع الدولي والجهات الدولية المانحة للبنان».
ورأى شهيب أن «عملية تأليف الحكومة لا تزال ضمن المهل المقبولة»، لكنه أكد أنه «لم يعد مقبولا استمرار حالة المراوحة بعد سنتين وخمسة أشهر من الفراغ الرئاسي الذي كانت له تداعيات شديدة السلبية على انتظام عمل وإنتاجية المؤسسات الدستورية». متأملا في ألا تكون هناك قطبة مخفية تعيق عملية التأليف؛ فشؤون وقضايا الناس الملحة والضرورية، لم تعد تحتمل مزيدا من التشاطر السياسي والمزايدات الشعبوية التي يدفع أثمانها الوطن والمواطن»، كما أشار إلى أن الأوضاع الخطيرة في المحيط والجوار «تقتضي الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة تساهم في تحصين وترسيخ أمن واستقرار لبنان، وحكومة تكون قادرة على إعادة الثقة للناس وأمل بحياة كريمة». ورأى أن «المطلوب من جميع القوى من دون أي استثناء تسهيل تشكيلها من خلال تقديم التنازلات المتبادلة التي تضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الآنية والحسابات السياسية الضيقة».
وعن تساهل النائب جنبلاط في عملية تأليف الحكومة، قال شهيب: «ليس جديدا على رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مواقفه الوطنية التي تتعالى عن صغائر الحصص والمحاصصات وتعلي شأن حماية لبنان بأمنه واستقراره في ظل البراكين المشتعلة في كل المنطقة». وأضاف أن «الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، لا تحتمل كل هذه الرفاهية السياسية التي تستنزف الجميع كما تستنزف طاقات البلاد وقدراتها على مواجهة التحديات والمخاطر الداهمة».
وشدد على أن «اللقاء الديمقراطي منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، كان موقفه واضحا لناحية تقديم كل التسهيلات الممكنة لتأليف الحكومة، التي يُفترض أن تكون حكومة انتخابات تمتد لأشهر». وأن موقف النائب جنبلاط نابع من قوة وثقة بالنفس ومن رؤية وطنية، ولأنه «يريد كما يريد معظم الشعب اللبناني توفير انطلاقة واعدة للعهد تعالج الأزمات الكثيرة التي ترهق البلاد والعباد، ونحن ننتظر اليوم من كل الأفرقاء أن يلاقوا النائب جنبلاط في سلوكه الوطني ليثبتوا للناس بأنهم رجال دولة، وعلى قدر تحمل مسؤولياتهم الوطنية».
وعما إذا كان لبنان أمام إعادة خلط أوراق في التحالفات السياسية المقبلة؟ قال شهيب: «الأهمية الأبرز للانتخابات الرئاسية هي في إنهاء الشغور الرئاسي الطويل مع ما حمل معه من تعطيل وشلل لعمل المؤسسات الدستورية على كل الصعد، والمطلوب اليوم من الجميع إعطاء هذا العهد كل الدعم من أجل إرساء ملامح من التعاطي الإيجابي مع قضايا اللبنانيين وهمومهم». ونبه إلى «خطأ من يضع في حساباته بأن هناك خلط أوراق في السياسة المحلية لمصلحة فريق على حساب فريق آخر، فلبنان بلد احترام التوازنات الوطنية والعيش الوطني المشترك، ووطن التسوية التي لا تلغي أي مكون من المكونات الوطنية». وقال: «أهمية لبنان هو في الحفاظ على تعدده وتنوعه الفريد الذي ما عاد موجودا في كل هذه المنطقة، ودروس التاريخ وتجارب الماضي الجميلة والمريرة قد أثبتت بعبرها ودروسها بأن لبنان بطبيعته وتركيبته السياسية والاجتماعية لا يحتمل انتصار فريق على آخر، كما لا يحتمل انكسار أي فريق، والمطلوب اليوم حماية هذا (اللبنان) من خلال الحفاظ على وحدته واحترام تعدده وتنوعه بعيدا عن أي رهانات أو مغامرات خاطئة، وبعيدا أيضا عن الصراع الإقليمي – الدولي المحتدم والمفتوح على كل أنواع التصعيد في المنطقة».
وشدد الوزير شهيب على أن «المهمة الأساسية للحكومة الجديدة هي إنجاز الانتخابات النيابية في مواعيدها الدستورية، بعيدا عن أي تمديد للمجلس النيابي الحالي، خصوصا أن التمديد للمجلس النيابي خلف أي حجة سيكون له وقع سيئ عند المجتمع الدولي والجهات الدولية المانحة للبنان، كما سيشكل إحباطا كبيرا عند شرائح واسعة من الشعب اللبناني الذي تقبل على مضض التمديد الماضي، على الرغم من أن التمديد الذي تم حصل تحت وطأة الشغور الرئاسي الذي فرض على القوى السياسية السير به؛ حفاظا على الحد الأدنى من استمرار عمل المؤسسات الدستورية في البلاد».
وعن قانون الانتخابات قال شهيب: «نحن في الحزب التقدمي الاشتراكي سبق وتقدمنا مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية بمشروع قانون انتخابي جديد يجمع ما بين النظام النسبي والنظام الأكثري، ونحن منفتحون على أي قانون انتخابي جديد يجمع ما بين النظام النسبي والنظام الأكثري على قاعدة أن قانون الانتخاب الجديد يجب ألا يلغي أحدا ولا يختصر أحدا، لكننا في الوقت عينه نرفض أن يكون عنوان إنجاز قانون جديد للانتخاب ذريعة لفرض تمديد إضافي جديد للمجلس النيابي، وبالتالي نحن نطالب بإجراء الاستحقاق الانتخابي النيابي في مواعيده من دون أي تأجيل بغض النظر عن القانون الانتخابي النافذ».
ورأى أنه «من المبكر جدا الحديث عن تحالفات انتخابية، خصوصا أننا كما بقية القوى السياسية لا نعلم ما هو القانون الانتخابي التي ستجري الانتخاب النيابية على أساسه، فلننتظر تأليف الحكومة، ومن بعدها القانون التي ستنجز الحكومة الاستحقاق الانتخابي على أساسه، لكي نبني لاحقًا وبهدوء على الشيء مقتضاه».
وعن تأثيرات الوضع السوري على لبنان، قال شهيب: «نحن كنا، وما زلنا مع المبدأ الوطني الذي أرساه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لناحية تنظيم الاختلاف الداخلي ولو بالحد الأدنى حول الأزمة السورية، وذلك على أساس أنه لا يجوز أبدا أن نربط البلد برهانات وحسابات خارجية، ولا يجوز أن ندخل البلاد في صراعات ومواجهات مبنية على رهان انتصار أحد في سوريا؛ لأن كل المعطيات والمؤشرات المرتبطة بالأزمة السورية لا تدل سوى على أن هذه الأزمة ستبقى مستمرة لفترة طويلة لا يعلم أحد متى وكيف ستنتهي، قبل معركة حلب وبعدها، وهذا ما تقوله كل القوى الدولية والإقليمية التي تتصارع في سوريا على حساب دماء وأشلاء أهلها الذين يدفعون أثمان لعبة الأمم الجهنمية».
ووجه شهيب «التحية لأهل مدينة حلب على صمودهم وتضحياتهم»، مستنكرا «جرائم الإبادة وضد الإنسانية التي ترتكب بحق أبناء حلب وكل الشعب السوري، وناشد ما يسمى بالمجتمع الدولي بدوله وهيئاته ومؤسساته التحرك فورا وبسرعة لوقف الجرائم المروعة في كل سوريا عموما وفي حلب خصوصا؛ فبقاؤه بموقف المتفرج على ما يجري في حلب، جريمة مدوية على جبين الإنسانية وكل مبادئ الحق والعدالة وحقوق الإنسان التي يرفع شعاراتها هذا العالم بشرقه وغربه».
ورأى شهيب أن «السعودية كانت ولا تزال وستبقى دائما مع لبنان وإلى جانب شعبه». وقال: «للسعودية قيادة وشعبا بصمات بيضاء على لبنان وعلى كل اللبنانيين، وعودة السعودية إلى لعب دورها التاريخي الخيّر والداعم للبنان وشعبه، هو الأمر الطبيعي الذي يجب أن يكون سائدا وسيبقى سائدا، شاء من شاء وأبى من أبى. فمصلحة الشعبين السعودي واللبناني هي في استمرار أفضل العلاقات الأخوية العربية بين المملكة العربية السعودية ولبنان». ولفت إلى أن كل ما يعاكس هذا التوجه هو مجرد غيمة صيف عابرة لم ولن تؤثر في عمق انتماء لبنان إلى العالم العربي وتمسكه بالقضايا العربية وبعلاقاته الطيبة مع جميع الدول العربية، والتي يأتي على رأسها وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي لطالما أثبتت أنها حريصة كل الحرص على سيادة واستقلال لبنان وتنميته وازدهاره، وبحبوحة أهله وقسم كبير منهم يعيش معززا مكرما في السعودية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.