الخرطوم تقترب من إعلان خريطة استثمار المليون فدان المخصصة للسعودية

وزير الدولة السوداني للاستثمار: سنكشف عنها نهاية ديسمبر ونعمل على تذليل 3 تحديات

أسامة فيصل وزير الدولة  بوزارة الاستثمار السودانية
أسامة فيصل وزير الدولة بوزارة الاستثمار السودانية
TT

الخرطوم تقترب من إعلان خريطة استثمار المليون فدان المخصصة للسعودية

أسامة فيصل وزير الدولة  بوزارة الاستثمار السودانية
أسامة فيصل وزير الدولة بوزارة الاستثمار السودانية

كشف مسؤول سوداني عن اقتراب الإعلان عن الشكل النهائي لخريطة الاستثمار السعودية - السودانية التي خُصص لها مليون فدان، والتي سيكون لقطاعي الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي النسبة الأكبر فيها، مشيرا إلى أن وزارة الاستثمار ستتسلم الدراسات المتعلقة بهذه الخريطة نهاية ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ليشهد عام 2017 الانطلاقة الفعلية للمشروع.
وأكد أسامة فيصل وزير الدولة بوزارة الاستثمار السودانية، لـ«الشرق الأوسط»، التواصل المستمر مع الجانب السعودي، في موضوع الخريطة الاستثمارية المتعلقة باستثمار مليون فدان خصصها السودان للسعودية، منوها بأن الإجراءات تسير على قدم وساق إلى إكمال رسم هذه الخريطة بما تشمل من مساحات وقطاعات وزراعات ونوعية المحاصيل التي ستزرع فيها وحجم إنتاجها، متوقعًا تسلم الدراسات المتعلقة بهذه الخريطة في نهاية ديسمبر في عام 2016.
وأضاف أن وزارته تعمل الآن على تذليل ثلاثة تحديات تواجه الاستثمارات السعودية في بلاده، منها العمل على توفير البنية التحتية التي تسهم في تسهيل نقل الإنتاج من مواقع الإنتاج إلى مواقع الترحيل ثم إلى السعودية، بجانب العمل على إقامة شبكة من الطرق البرية والسكك الحديد التي تصبّ في الاتجاه ذاته، مع إنجاح السياسات المتعلقة باستقرار سعر الصرف.
وقال وزير الدولة السوداني بوزارة الاستثمار: «الآن ندخل مرحلة جديدة من تعزيز الاستثمارات السعودية في السودان، حيث إنه بعد انتخاب مجلس الأعمال السعودي - السوداني الجديد، وتواجده حاليًا في الخرطوم، كانت مبادرة خير في توقيت مهم جدًا، حيث تقيم الوزارة ورشة عمل تهدف إلى بحث قضايا وتحديات الاستثمارات السعودية في بلادنا».
ولفت إلى أن هدف الورشة التعرّف على مشكلات الاستثمارات السعودية والتحديات التي تواجهها، وبالتالي تعظيم هذه الاستثمارات لتحقيق أكبر نسبة حضور وفعالية على خريطة الاستثمار في السودان، مشيرًا إلى أن العلاقات الاستراتيجية القائمة الآن بين الخرطوم والرياض تتسق سياسيا واقتصاديا، وتنسجم في الوقت نفسه، مع مرئيات وبرامج رؤية السعودية 2030.
وتطرق إلى أن الورشة شهدت مشاركة كبيرة جدا من طيف واسع من المستثمرين السعوديين والشركات السعودية العاملة في السودان، بجانب عدد من المسؤولين السودانيين من مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية بقطاع الاستثمار، لمناقشة عدة قضايا، ومنها البنية التحتية، مشيرًا إلى أن الورشة هي إحدى سلاسل اللقاءات التي تهدف إلى تسهيل الإجراءات وتهيئة مناخ الاستثمار في السودان.
ووفق فيصل، فإن الورشة التي أقامتها وزارة الاستثمار بشأن تحديات الاستثمارات السعودية وحصر مشكلاتها بجانب ما ستسفر عنه اللقاءات والاجتماعات التي يعقدها مجلس الأعمال السعودي - السوداني، ستصب جميعها في اتجاه إنجاح كل الخطوات الحثيثة المتعلقة بالقفز بالعلاقة بين الخرطوم والرياض اقتصاديا خصوصًا في مجال الاستثمار.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الاستثمارات السعودية في السودان، أوضح الوزير السوداني، أنها تتمثل في توفير بنية تحتية متكاملة من شبكات الترحيل والسفر ونقل الإنتاج وشق الطرق وسفلتتها مع توفير وسائل نقل حديثة، وربط مناطق الإنتاج بمناطق التصدير في الموانئ البحرية والبرية، وزيادتها وتوسيعها.
وذكر أن من التحديات كذلك ما يتعلق بالأراضي المعدة للاستثمار، مؤكدًا سعي وزارته لتذليل المشكلات المتعلقة بها، مشيرًا إلى أن وزارة الاستثمار تعمل بالتنسيق مع بعض الوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية مثل وزارة المالية وبنك السودان المركزي بهدف توفير العملة الحرّة والعمل على استقرار سعر الصرف، ورفع قيمة العملة السودانية، وتمكين المستثمرين من الحصول على حصتهم من ذلك.
وأكد فيصل أن الاستثمارات السعودية في السودان تنمو بوتيرة متصاعدة، حيث تشهد الخرطوم يوميا تدفق استثمارات ومستثمرين في مختلف القطاعات، مشيرا إلى أن قطاع الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي يستحوذ على حصة الأسد من الاستثمارات، مشيرا إلى أنه طاف على 60 في المائة من الاستثمارات السعودية في بلاده، وجميعها تحمل بشارات خير وفير لشعبي البلدين.
وتوقع وزير الدولة السوداني بوزارة الاستثمار، ارتفاعًا كبيرًا لكل الأرقام التي تتحدث عن حجم الاستثمارات السعودية في السودان في القريب العاجل، مشيرًا إلى أن أسباب تهيئة السودان لتحقيق مبادرة الأمن الغذائي، من تحديد برامج ومشروعات الاستثمار المطلوب، مصحوبة بدراسة الجدوى الخاصة بها، فضلا عن توفير التشريعات المحفزة للاستثمار في هذا المجال.
ولفت إلى أن ذلك يتسق مع التوجه العام للحكومة السودانية لتطبيق مبادرة الرئيس البشير للأمن الغذائي العربي على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن الجهود العربية والخليجية تتكامل مع الجهود السودانية لجعل هذه المبادرة حقيقة ماثلة تعود بالمصلحة العامة وتؤمنّ الغذاء لكل المنطقة العربية، بل تفيض لتصدر إلى دول العالم الأخرى.



ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)
أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة بتقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح. وقد يتجه المستثمرون إلى الأسواق الأوروبية الأقل تكلفة، ولكن من غير المرجح أن يجدوا كثيراً من الأمان عبر المحيط الأطلسي؛ إذ إن الانخفاض الكبير في الأسواق الأميركية من المحتمل أن يجر أوروبا إلى الانحدار أيضاً.

تُعتبر سوق الأسهم الأميركية مبالَغاً في قيمتها، وفقاً لجميع المقاييس تقريباً؛ حيث بلغ مؤشر السعر إلى الأرباح لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، على مدار 12 شهراً، 27.2 مرة، وهو قريب للغاية من ذروة فقاعة التكنولوجيا التي سجَّلت 29.9 مرة. كما أن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية قد بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق؛ حيث وصلت إلى 5.3 مرة، متجاوزة بذلك الذروة السابقة البالغة 5.2 مرة في بداية عام 2000، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من أن التقييمات المرتفعة كانت قائمة لفترة من الزمن؛ فإن ما يثير الانتباه الآن هو التفاؤل المفرط لدى مستثمري الأسهم الأميركية. تُظهِر بيانات تدفق الأموال الصادرة عن بنك الاحتياطي الفيدرالي أن حيازات الأسهم تشكل الآن 36 في المائة من إجمالي الأصول المالية للأسر الأميركية، باستثناء العقارات، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة الـ31.6 في المائة التي تم تسجيلها في ربيع عام 2000. كما أظهر أحدث مسح شهري لثقة المستهلك من مؤسسة «كونفرنس بورد» أن نسبة الأسر الأميركية المتفائلة بشأن أسواق الأسهم قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 37 عاماً، منذ بدء إجراء المسح.

وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن القلق المتزايد بين المستثمرين المحترفين بشأن احتمال التصحيح في «وول ستريت» ليس مفاجئاً.

لا مكان للاختباء

قد يتطلع المستثمرون الراغبون في تنويع محافظ عملائهم إلى الأسواق الأرخص في أوروبا. ويتداول مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي حالياً عند خصم 47 في المائة عن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند قياسه بنسب السعر إلى الأرباح، وبخصم 61 في المائة، بناءً على نسب السعر إلى القيمة الدفترية. وقد أشار بعض مديري صناديق الأسهم الأوروبية إلى أنهم يترقبون، بفارغ الصبر، انخفاض أسواق الأسهم الأميركية، معتقدين أن ذلك سيؤدي إلى تدفقات استثمارية نحو صناديقهم.

ولكن يجب على هؤلاء المديرين أن يتحلوا بالحذر فيما يتمنون؛ فعندما تشهد الأسهم الأميركية انخفاضاً كبيراً، يميل المستثمرون الأميركيون إلى سحب الأموال من الأسهم، وتحويلها إلى أصول أكثر أماناً، وغالباً ما يقللون من تعرضهم للأسواق الأجنبية أيضاً.

وعلى مدار الـ40 عاماً الماضية، في فترات تراجع الأسهم الأميركية، شهدت أسواق الأسهم الأوروبية زيادة في سحوبات الأموال من قبل المستثمرين الأميركيين بنسبة 25 في المائة في المتوسط مقارنة بالأشهر الـ12 التي سبقت تلك الانخفاضات. ومن المحتمَل أن يكون هذا نتيجة لزيادة التحيز المحلي في فترات الركود؛ حيث يميل العديد من المستثمرين الأميركيين إلى اعتبار الأسهم الأجنبية أكثر خطورة من أسواقهم المحلية.

ولن تشكل هذه السحوبات مشكلة كبيرة؛ إذا كان المستثمرون الأميركيون يمثلون نسبة صغيرة من السوق الأوروبية، ولكن الواقع يشير إلى أن هذا لم يعد هو الحال. ووفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية، فقد زادت حصة الولايات المتحدة في الأسهم الأوروبية من نحو 20 في المائة في عام 2012 إلى نحو 30 في المائة في عام 2023. كما ارتفعت ملكية الولايات المتحدة في الأسهم البريطانية من 25 في المائة إلى 33 في المائة خلال الفترة ذاتها.

ويعني الوجود المتزايد للمستثمرين الأميركيين في الأسواق الأوروبية أن الأميركيين أصبحوا يشكلون العامل الحاسم في أسواق الأسهم الأوروبية، وبالتالي، فإن حجم التدفقات الخارجة المحتملة من المستثمرين الأميركيين أصبح كبيراً إلى درجة أن التقلبات المقابلة في محافظ المستثمرين الأوروبيين لم تعد قادرة على تعويضها.

وبالنظر إلى البيانات التاريخية منذ عام 1980، عندما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في جمع بيانات التدفقات، إذا استبعد المستثمر الأميركي والأوروبي، يُلاحظ أنه عندما تنخفض السوق الأميركية، تزيد التدفقات الخارجة من سوق الأسهم الأوروبية بمعدل 34 في المائة مقارنة بالشهرين الـ12 اللذين سبقا تلك الانخفاضات.

على سبيل المثال، بين عامي 2000 و2003، انخفضت أسواق الأسهم الأوروبية بنسبة 50 في المائة بينما هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 46 في المائة، وكان ذلك نتيجة رئيسية لسحب المستثمرين الأميركيين لأموالهم من جميع أسواق الأسهم، سواء أكانت متأثرة بفقاعة التكنولوجيا أم لا.

وفي عام 2024، يمتلك المستثمرون الأميركيون حصة أكبر في السوق الأوروبية مقارنة بما كانت عليه قبل 10 سنوات، ناهيك من عام 2000. وبالتالي، فإن تأثير أي انحدار في السوق الأميركية على الأسواق الأوروبية سيكون أكثر حدة اليوم.

في هذا السياق، يبدو أن المثل القائل: «عندما تعطس الولايات المتحدة، يصاب بقية العالم بنزلة برد»، أكثر دقة من أي وقت مضى في أسواق الأسهم.