أنجيلا ميركل تعزز «أجواء الثقة» داخل حزبها

مع إعادة انتخابها تعد بمزيد من التشدد ضد اللاجئين والمسلمين

أمام حشد من كوادر الحزب الديمقراطي المسيحي قالت المستشارة الألمانية وزعيمة الحزب إن «ما حصل في صيف 2015 لن يتكرر» (إ.ب.أ)
أمام حشد من كوادر الحزب الديمقراطي المسيحي قالت المستشارة الألمانية وزعيمة الحزب إن «ما حصل في صيف 2015 لن يتكرر» (إ.ب.أ)
TT

أنجيلا ميركل تعزز «أجواء الثقة» داخل حزبها

أمام حشد من كوادر الحزب الديمقراطي المسيحي قالت المستشارة الألمانية وزعيمة الحزب إن «ما حصل في صيف 2015 لن يتكرر» (إ.ب.أ)
أمام حشد من كوادر الحزب الديمقراطي المسيحي قالت المستشارة الألمانية وزعيمة الحزب إن «ما حصل في صيف 2015 لن يتكرر» (إ.ب.أ)

أعيد انتخاب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كزعيمة للحزب الديمقراطي المسيحي في مؤتمر الحزب السنوي الذي انعقد أمس الثلاثاء في مدينة ايسن. وكما هو متوقع نالت ميركل ثقة 89.5 في المائة من ممثلي الحزب في المؤتمر الذي حضره نحو 1000 مندوب.
وشكرت ميركل المندوبين على ثقتهم، وعبرت عن سعادتها بإعادة انتخابها على المحافظين، رغم أن ما حققته من نسبة هو الأسوأ في تاريخها الحزبي كزعيمة لوسط الديمقراطيين المسيحيين منذ 16 سنة.
وفي كلمتها الافتتاحية، أمام حشد من كوادر الحزب الديمقراطي المسيحي، قالت المستشارة الألمانية وزعيمة الحزب، أن «ما حصل في صيف 2015 لن يتكرر». وهي إشارة واضحة إلى سياسة الباب المفتوح أمام موجات اللاجئين التي دفعت نحو 850 ألفًا منهم إلى ألمانيا في ذلك العام.
وعللت المستشارة تلك السياسة بالإشارة إلى الحالة الإنسانية الطارئة التي ولدتها الحروب والإرهاب، وأضافت مطمئنة معارضي سياستها داخل الحزب «ليس كل الذين أتوا سيبقون أو يستطيعون أن يبقوا.. هذا كان هدفنا، وهو الآن هدفي السياسي». وتلقت المستشارة تصفيقًا حادًا من المندوبين بعد أن أطلقت هذه التصريحات في خطبتها التي دامت 80 دقيقة. وبعد أن رفضت ميركل طوال السنوات الماضية الاحتذاء بالمثل الفرنسي والبلجيكي في قضية حظر الحجاب، تحدثت المستشارة أمام مؤتمر حزبها في مدينة ايسن يوم أمس الثلاثاء، لأول مرة عن ضرورة حظر الحجاب. وواضح أنها تستجيب هنا لضغوطات اليمين المتطرف المعادي للديمقراطية والإسلام، الذي ألحق بالحزب الديمقراطي المسيحي خسارات انتخابية فادحة في 5 ولايات. وقالت المستشارة «الجاري لدينا هنا هو الكشف عن الوجه، ولهذا لا يمكن السماح بالتحجب الكامل. ولا بد أن يحظر، حيثما أمكن». وأطلقت الصحافة الألمانية على مؤتمر الحزب في ايسن «مؤتمر إعادة أجواء الثقة» ومؤتمر «إعادة الانتخاب» و«مؤتمر المصالحة»، بواقع أن المستشارة «الأبدية» تنتظر انتخابها مجددًا لقيادة الحزب في المؤتمر، وتأكيد الموافقة على ترشيحها لأربع سنوات أخرى في مركز المستشارية. وهكذا لا تجد المستشارة طريقًا لإعادة أجواء الثقة بغير التراجع بخطوات عن السياسة التي زعزعت هذه الثقة، وهي سياسة الحكومة تجاه اللاجئين.
ومن جديد، كان المنتظر أن يعاد انتخاب ميركل مجددًا لزعامة الحزب بنسبة تزيد على 90 في المائة، ويعتقد الكثير من المحللين السياسيين أن نسبة تقل عن 90 في المائة ستعني هزيمة معنوية صغيرة للمستشارة. إذ تربعت ميركل على عرش الحزب منذ سنة 2000. وأعيد انتخابها في هذا المنصب 9 مرات. وانتخبت في ثماني مرات منها بنسبة تزيد على 90 في المائة و3 مرات بنسبة تزيد على 95 في المائة. وهذه نتائج لم يحققها من المستشارين الاشتراكيين غير الزعيم الأشهر فيلي براندت.
وبحسب تصريحاتها، والمقابلات التي منحتها، ستبني المستشارة دعايتها الانتخابية المقبلة على قضايا تخفيف عبء الضرائب على ضعيفي الموارد، وتحسين أوضاع المتقاعدين، إلا أنه يخشى أن تكون سياسة «تطفيش» اللاجئين، وسياسة اصطياد ناخبي اليمين المتطرف بالمزيد من التشدد ضد المهاجرين والمسلمين، عماد هذه الحملة. وربما لن تجد ميركل دعاية انتخابية أخرى بديلة إذا ركز اليمين المتطرف في حملته على تأجيج الناخبين ضد اللاجئين والمسلمين.
ولا يتوقع أحد أن يرفع الحزب الديمقراطي المسيحي شعارات مناهضة للأجانب والمسلمين، وإنما إقرار المزيد من القوانين والإجراءات التي تبقي طالبي اللجوء خارج الحدود الألمانية. وكمثل تشن الحكومة حاليًا، وبهدوء، أكبر حملة تهجير للاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم. ويخطط الحزب لحملات تسفير جماعية لطالبي اللجوء من أفغانستان رغم الوضع الأمني المتدهور هناك، بل ويخطط لإعادة تسفير المرضى منهم أيضًا. ومن المتوقع أن يمرر الحزب قرارًا يسمح بترحيل السوريين أيضًا إلى البلدان التي جاءوا منها أو إلى مناطق آمنة مزعومة داخل سوريا.
وكما هو متوقع أيضًا لم ترتفع في المؤتمر أي أصوات معارضة تذكر، وإذا صدرت فإنها تكون قد صدرت عن المستوى الثالث من قيادات الحزب في المدن، وقالت إحدى مندوبات الحزب من ولاية بادن فورتمبيرغ: «إن ما خسره الحزب في الأشهر الـ15 الأخيرة، لن ينجح في استعادته بعد الآن». واتهمت المتحدثة ميركل بانتهاج سياسية إلى يسار الحزب أدت إلى تقوية حزب البديل لألمانيا الشعبوي. إلا أن مثل هذه الاعتراضات لم تكن أكثر من سعلة صغيرة داخل جوق المصفقين الكبير. وتبدو الصورة أكثر وضوحًا عن حال الحزب تحت قيادة ميركل، وهي ذات الحال إبان قيادة المستشار العجوز السابق هيلموت كول، إذ لم يظهر في المؤتمر أي منافس للمستشارة على قيادة الحزب.

المنعطفات الرئيسية في مسيرة ميركل:
* شهدت مسيرة أنجيلا ميركل التي من المقرر أن وافق حزبها على ترشحها لولاية جديدة عام 2017، لحظات حاسمة منذ بدء حياتها السياسية في أعقاب سقوط الستار الحديدي.
- بعد سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 أصبحت ميركل، الباحثة في أكاديمية العلوم في برلين الشرقية، نائبة المتحدث باسم آخر حكومة في ألمانيا الشرقية قبل انتخابها لعضوية البرلمان في ديسمبر (كانون الأول) 1990 تحت راية الحزب الديمقراطي المسيحي.
- ضمها «مستشار التوحيد» هيلموت كول إلى حكومته عام 1991، كوزيرة للمرأة في أول الأمر (حتى عام 1994) ومن ثم البيئة (حتى عام 1998).
- وارتقت ميركل، التي لقبها كول بـ«الطفلة» كما جاء في القائمة التي أعدتها الوكالة الفرنسية، إلى صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وتقلدت زمام الأمور في حزب المحافظين في العاشر من أبريل (نيسان) 2000.
- بعد خمس سنوات، في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة الألمانية بعد مفاوضات طويلة لتشكيل تحالف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
- في مارس (آذار) 2010، أعلن نهاية المفاعلات النووية في ألمانيا بحلول عام 2022، في تحول دراماتيكي عن سياستها مرتبط بكارثة فوكوشيما في اليابان التي بثت الذعر في أوصال الرأي العام الألماني.
في موازاة ذلك واعتبارا من عام 2010، بدأت ميركل بالتشدد عندما كان الأمر يتعلق بإنقاذ اليونان التي كانت على شفير الإفلاس، ولم توافق على تدابير الإنقاذ إلا مقابل إجراءات تقشف صارمة.
- في نهاية صيف عام 2015، قررت فتح أبواب ألمانيا أمام مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من النزاع ولا سيما في سوريا والعراق.
وبسبب تصرفها الأحادي الجانب دون التشاور مع شركائها الأوروبيين باستثناء النمسا، أثارت غضب الكثير من هؤلاء الشركاء.
- بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الشهر الماضي، أشادت بها بعض وسائل الإعلام، وخصوصا الأنجلوساكسونية واعتبرتها «زعيمة العالم الحر».
- في 20 نوفمبر، أعلنت أنها ستترشح لولاية رابعة في منصب المستشارية عام 2017، وستحاول بالتالي التعادل أو حتى الفوز بأطول مدة في المستشارية مع اثنين من الشخصيات التاريخية في ألمانيا ما بعد الحرب، كونراد أديناور وهيلموت كول.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».