لعب المركب الجامعي بالعاصمة التونسية دورًا تاريخيًا مهمًا، من خلال المساهمة في تخرج الآلاف من الكوادر التونسية التي التحقت مبكرًا بالإدارة التونسية بمختلف تخصصاتها، وهي في هذا المجال مفخرة لتونس بدأت منذ عقد الستينات من القرن العشرين لتتواصل إلى الآن في أداء دور علمي هام.
إلا أن هذا المركب الجامعي الذي جمع منذ الانطلاق بين طلبة العلوم السياسية والعلوم الاقتصادية والحقوق والهندسة، اضطلع بدور سياسي كبير، فقد مثل طوال عقود امتدت إلى حدود الثمانينات من القرن الماضي بشكل متواصل، محرار الحياة السياسية في غياب معارضة سياسية لنظام الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة.
ومن طرائف التسميات في كلية الحقوق والعلوم السياسية وكلية العلوم الاقتصادية، وهما متجاورتان، وجود «صخرة سقراط»، وهي عبارة عن حجارة رخامية ترتفع فوق الأرض نحو متر ونصف المتر، ومن علوها غالبًا ما يلقي الطلبة بياناتهم السياسية. ولأغلب المتخرجين من الجامعة التونسية حكايات طويلة مع «صخرة سقراط» و«البوليس» السياسي، الذي كان بالمرصاد للطلبة المعارضين لسياسات الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، ومن بعده زين العابدين بن علي.
ويرجع المركب الجامعي اليوم بالنظر إلى جامعة تونس المنار، وهي قطب جامعي تونسي أسس سنة 2000 في إطار إعادة هيكلة مؤسسات التعليم العالي في تونس. ويعتبر من أهم الأقطاب الجامعية في تونس، إذ يجمع بين أروقة مؤسساته الجامعية نحو 45 ألف طالب، وتضم جامعة تونس المنار حاليًا 52 شعبة يشرف عليها 2500 أستاذًا. وللتأكيد على عراقة المركب الجامعي، فقد مثل النواة الأولى للمؤسسات الجامعية في تونس، ويضم كلية العلوم للرياضيات والفيزياء والطبيعيات، وهي إحدى أهم المؤسسات الجامعية التونسية، وتأسست هذه الكلية سنة 1960، ويقدر عدد الطلبة في كلية العلوم بنحو 12 ألف طالب، وبها نحو 50 وحدة بحث و18 مخبرًا بحثيًا، وتتوزع تلك المخابر على كل الاختصاصات العلمية.
أما المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، فهي أول مدرسة لتكوين المهندسين بتونس، تأسست سنة 1968 وأسهمت منذ ذاك التاريخ في تكوين آلاف المهندسين التونسيين، الذين أسهموا في إرساء البنية التحتية التونسية وفي دفع عجلة التنمية.
وعلى مقربة من كلية العلوم ومدرسة المهندسين، توجد كلية الحقوق والعلوم السياسية، وكلية العلوم الاقتصادية بتونس ليكتمل عقد هذه المؤسسات الجامعية التونسية التي حملت تاريخيًا تسمية «المركب الجامعي بتونس». وكانت المؤسستان في البداية، أي سنة 1960 مع بعضهما بعضًا قبل أن تنفصلا نتيجة تكاثر أعداد المقبلين على دراسة العلوم السياسية والاقتصادية والحقوق.
وفي تونس عرف معظم السياسيين الذين يمارسون السياسة حاليًا بعضهم بعضًا في المركب الجامعي وهم على بينة من توجهات كل طرف منهم، وللبعض منهم تاريخ حافل في المواجهات السياسية التي كانت تجمع بين الطلبة، خصوصًا من التيارات الإسلامية والتيارات اليسارية من ناحية، والبوليس السياسي الذي كان بالمرصاد لكل التحركات الطلابية من ناحية ثانية. لذلك قلما تجد طالبًا تونسيًا ليس له تاريخ وذكرى مع المركب الجامعي بتونس العاصمة.
المركب الجامعي في تونس.. بين التكوين العلمي والنضال السياسي
«صخرة سقراط» منبر الطلبة لإلقاء خطبهم السياسية
المركب الجامعي في تونس.. بين التكوين العلمي والنضال السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة