الأمن السوداني يصادر 4 صحف بعد نشرها تقارير عن عصيان مدني

مصادر حكومية: الاعتصام فاشل «مليون في المائة»

الأمن السوداني يصادر 4 صحف  بعد نشرها تقارير عن عصيان مدني
TT

الأمن السوداني يصادر 4 صحف بعد نشرها تقارير عن عصيان مدني

الأمن السوداني يصادر 4 صحف  بعد نشرها تقارير عن عصيان مدني

فوجئ قراء الصحف السودانية بغياب أربعة من صحف الخرطوم الشهيرة «الأيام»، و«التيار»، و«اليوم التالي»، و«الجريدة»، عن المكتبات، صادرها الأمن السوداني، بعد أن كان قد صادر اثنتين منها قبل يوم، دون إبداء أسباب، فيما رجح رؤساء تحرير الصحف الموقوفة أن تكون المصادرة قد تمت على خلفية نشرها تقارير عن العصيان المدني، وهو الأمر الذي نفته الحكومة بشدة.
وقال رئيس تحرير صحيفة «الجريدة» أشرف عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، إن جهاز الأمن صادر صحيفته بعد طباعتها ليومين متتاليين، دون إبلاغه بأسباب المصادرة، بيد أنه رجح أن تكون المصادرة بسبب تغطية الصحيفة العصيان المدني في البلاد لليوميين الماضيين.
ومن جانبه، أكد رئيس تحرير صحيفة «التيار» المستقلة، في إفادة هاتفية، أن صحيفته صودرت بعد طباعتها، وأن الأمن صادر كالعادة الصحيفة دون إفادته بأسباب معلومة، وأنه حاول الاستعلام هاتفيًا لكنه لم يحصل على إفادة، مرجحًا أن تكون لتغطية صحيفته ومقالات الرأي التي نشرت فيها أول من أمس هي السبب في المصادرة.
وقال وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة، أحمد بلال عثمان، في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية، إن مصادرة الصحف ليست لها علاقة بالعصيان المدني، وإن السلطات درجت على المصادرة قبل بدء العصيان.
وبمصادرة أمس، يكون جهاز الأمن قد صادر صحيفتي «الأيام»، و«الجريدة» لليوم الثاني على التوالي، ملحقًا بهما خسائر مادية ومعنوية كبيرة، ورغم هذه الخسائر فإن ناشر صحيفة الجريدة وجه بمواصلة الصدور على الخط التحريري نفسه، وقال رئيس التحرير، أشرف عبد العزيز، إنهم سيواصلون الصدور بشكل عادي، وفي حال مصادرة الصحيفة للمرة الثالثة تواليًا، فإن صحيفته ستتخذ بعدها رد الفعل المناسب «وقد يصل إلى حد التوقف عن الحضور احتجاجًا».
وبدا ميرغني رئيس تحرير «التيار» غير نادم على مصادرة صحيفته، معتبرًا نقلها أحداث الاحتجاجات موقفًا وطنيًا وتوثيقًا لحدث مهم هو الأول من نوعه في البلاد، وهو العصيان المدني الذي وصفه بأنه ناجح بنسبة مائة في المائة، وقال في هذا السياق: «حقق الاعتصام هدفه من اليوم الأول بنسبة مائة في المائة، وهو هدف إعلامي لحشد الشعور الشعبي من أجل القضية الوطنية، ولإيصال رسالة للحكومة بأن الشعب يملك خيارات أخرى للمقاومة لن تستطيع مواجهتها بالعنف الأمني، وقد وصلت الرسالة بقوة لأصغر طفل في البلاد». ودرج جهاز الأمن السوداني على مصادرة الصحف إجراء عقابيا، يكبد فيه ناشريها خسائر فادحة تحت زعم أنها تجاوزت (الخطوط الحمراء)، وعادة ينتظر جهاز الأمن الصحف لحين اكتمال طباعتها، ليبلغ شركة التوزيع بأن النسخ المطبوعة مصادرة بأمر جهاز الأمن.
وفي السياق ذاته، خفت حدة العصيان المدني، الذي دعا له النشطاء لثلاثة أيام، في يومه الأخير، بيد أن حركة السير وتوقف الأعمال لم تكن كما هي عليه في اليوم الأول من أيام الاعتصام، على الرغم من أنها حافظت على كونها أقل من المعتاد، وهو الأمر الذي يزعمه الناشطون.
لكن الحكومة السودانية، ووفقًا لتصريحات صادرة عن الرئيس البشير نقلتها صحف خليجية، أول من أمس، ترى الاعتصام (فاشلا مليون في المائة)، وهو ما أكده القيادي بالحزب الحاكم، الدكتور ربيع عبد العاطي، بقوله إن العصيان المزعوم فاشل، وأضاف موضحا أنه «لا يوجد عصيان على أرض الواقع، هو مجرد دعوات معلقة في الهواء، صادرة عن جهات مجهولة الهوية والمصدر، ومن يبحث عنه كمن يرعى غنم إبليس»، قاطعا بعدم وجوده في أرض الواقع.
ودعت مجموعات نشطاء لعصيان مدني لمواجهة القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة السودانية مؤخرا، وأدت إلى ارتفاع حاد في أسعار الدواء، وأسعار السلع الاستهلاكية عامة، والمحروقات والكهرباء.
وخلت شوارع الخرطوم في اليوم الأول من أيام الاعتصام (الأحد)، فبدت كأنها تعيش أيام الأعياد التي يغادر فيها أعداد كبيرة من سكانها إلى الولايات، فيما أغلقت كثير من المحال التجارية والخدمية أبوابها، وقل عدد التلاميذ في المدارس التي خلت بعضها تمامًا منهم، فيما توقفت جامعات عن الدراسة.
لكن الحياة بدأت تعود لطبيعتها في الخرطوم ابتداءً من ثاني أيام العصيان، وقلت أعداد المشاركين فيه تدريجيًا، على الرغم من أن المدينة لم تستعد نشاطها كاملاً، لكن منظمي العصيان يرون أن اعتصامهم حقق أهدافه، وأوصل رسالته للحكومة التي تقول إن «هناك وسائل مقاومة جديدة لا تلقى تأييدًا شعبيًا».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.