«جمعية الإصلاح» في كابل.. الوجه الآخر لـ«إخوان أفغانستان»

الرئيس العام عبد الصبور فخري لـ {الشرق الأوسط}: نشاركهم الفكر والمنهج.. ونحن البديل الحقيقي لمشروع الجهاديين والمتطرفين

د. عبد الصبور فخري مسؤول «جمعية الإصلاح» الأفغانية
د. عبد الصبور فخري مسؤول «جمعية الإصلاح» الأفغانية
TT

«جمعية الإصلاح» في كابل.. الوجه الآخر لـ«إخوان أفغانستان»

د. عبد الصبور فخري مسؤول «جمعية الإصلاح» الأفغانية
د. عبد الصبور فخري مسؤول «جمعية الإصلاح» الأفغانية

توجهت الخميس الماضي في الصباح الباكر إلى منطقة تيمني، بالعاصمة كابل، الواقعة بالقرب من حي شهرانو الذي كان يقطنه الأفغان العرب في زمن طالبان وأيام الجهاد ضد الروس، وهو حي راق يزدحم اليوم بالمولات الحديثة ذات الواجهات الزجاجية الزرقاء، والفنادق الفاخرة والبنوك التجارية الخاصة التي تتعامل باليورو والدولار، وعلى مدخل شارع تيمني، لوحة كبيرة باسم «جمعية الإصلاح»، وعلى أعلى الباب الخارجي للجمعية الأفغانية لافتة تقول: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله». وهذه المقولة، بحسب القائمين على الجمعية، تعود إلى أمير المؤمنين صاحب النبي وخليفته الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قالها عندما فتح بيت المقدس، و«قالها عندما كان الإسلام منهجا يطبقونه، وطريقا ساروا معه، قالها عندما كان الله.. عظيما في قلوبهم، عندما هابوا الله وعظموه هابهم كل شيء وذلل الله لهم كل شيء». وكان الدكتور عبد الصبور فخري أستاذ اللغة العربية في جامعة كابل الحاصل على الماجستير والدكتوراه في الأدب العربي من الجامعة الإسلامية العالمية بالعاصمة إسلام آباد، في انتظار «الشرق الأوسط». وبداية تأسيس جمعية الإصلاح، حسب قيادات من داخلها ، «كانت بمجموعة من الشباب الأفغان الإسلاميين، أعضاء في أحزاب المجاهدين التي أساءت إلى المسلمين، فانفضت تلك المجموعة من الإسلاميين عن أحزاب المجاهدين، وأسست مشروعا كانت بدايته المركز الثقافي الأفغاني في بيشاور، وتجمع فيه تحت مظلته إسلاميون من كل حدب وصوب، ومن جميع التيارات ومن جميع العرقيات، وكان المركز يقدم خدمات دعوية في مخيمات اللاجئين الأفغان، وينظم دورات تدريبية للغتين العربية والإنجليزية»، واختلط الشباب الأفغاني في تلك الفترة بقيادات إخوانية في بيشاور مثل الشيخ كمال الهلباوي مسؤول إخوان الغرب الأسبق، ويبدو أن الإسلاميين الأفغان في بيشاور تأثروا بقيادات إخوانية هناك خلال سنوات القتال ضد الروس. وكانت أنشطة المركز الثقافي الأفغاني تتركز في مساعدة الطلبة الأفغان في الجامعات الباكستانية، وإقامة ندوات فكرية وعلمية وترجمة أمهات الكتب الإسلامية، لا سيما كتب «الإخوان» ومؤلفات شيوخهم إلى اللغات المحلية، مثل: «في ظلال القرآن» و«العدالة الاجتماعية في الإسلام» للمفكر الإخواني سيد قطب، وعندما اندلعت الحرب الأهلية بين المجاهدين، نأى «إخوان أفغانستان»، بأنفسهم عن التورط في تلك الحرب. وعندما ظهرت طالبان عام 1996، ابتعدوا عن فكر طالبان، ولم يتورطوا في مشكلاتها مع الأحزاب الجهادية. وبعد الإطاحة بحكم طالبان نهاية عام 2001، عقب الهجوم الأميركي على أفغانستان، بسبب هجمات سبتمبر (أيلول)، دخلت مجموعة المركز الثقافي الأفغاني إلى كابل مثل عشرات الجمعيات الأفغانية والكتل التي كانت تعمل في الخارج، فأسست «جمعية الإصلاح» عام 2001 مع سقوط الحركة الأصولية المتطرفة، وباتت لها فروع في الولايات الأفغانية الرئيسة مثل هراة وننجرهار، والمركز الرئيس للجمعية في العاصمة كابل.
وعلى مدخل الجمعية كان الدكتور عبد الصبور فخري في انتظار «الشرق الأوسط»، ومحمود رحيمي خبير الشؤون الأفغانية، وهو أيضا يتحدث العربية بطلاقة وخريج الجامعة الإسلامية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، وزميل سابق للدكتور فخري مسؤول «جمعية الإصلاح»، وفي داخل مكتبه تشعر أنك في حصن إخواني منيع، من كثرة كتب مشايخ «الإخوان» المترجمة إلى الداري والبشتو لسيد قطب، مفكر «الإخوان» الذي أعدمه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1966. وسيد قطب عضو سابق بمكتب إرشاد الجماعة ورئيس تحرير جريدة «الإخوان المسلمون». ومن الكتب التي تتصدر مكتبة الدكتور فخري: «العدالة الاجتماعية في الإسلام» ، و«معالم في الطريق» ، و«التصوير الفني في القرآن»، وتفسير «في ظلال القرآن»، و«مشاهد القيامة في القرآن»، و«النقد الأدبي: أصوله ومناهجه»، بالإضافة إلى كتب أخرى ليوسف القرضاوي، ومعظم هذه الكتب مترجمة إلى الداري والبشتو.
وعن أهم برامج «جمعية الإصلاح» الأفغانية، قال الدكتور فخري: «نحن نعمل في مجالين مهمين؛ الأول في مجال التعليم، حيث أسسنا أكثر من عشر مدارس عصرية في محافظات وولايات مختلفة من أفغانستان، بالإضافة إلى أننا أنشأنا أربعة معاهد لتعليم النساء، لتخريج المعلمات في مناطق مختلفة أيضا، لنعطي الفرصة للجميع لينهل من معين العلم. وإلى جانب ذلك نشرف على ثمانية مدارس لتدريس العلوم الشرعية، وبعض المعاهد تهتم بتعليم الصبية من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الثانوية، وبالنسبة لمعاهد الفتيات، فالهدف منها إعداد المعلمات».
وبالنسبة لحجم المصاريف الدراسية في معاهدهم أم إنهم يقدمون الخدمة مجانا، قال فخري: «في الحقيقة إننا نقبل رسوما دراسية في معاهدنا التعليمية، ولكنها ليست مكلفة، وفي الأغلب في مقدرة الجميع، ومن تلك الرسوم بعض الإعانات لنواصل تقديم الخدمات التعليمية».
وعن مشاريعهم الدعوية يفيد: «نعقد مؤتمرات دينية من حين لآخر، ونشارك في المناسبات الدعوية بالكلمات والمحاضرات، ورجال دعوتنا موجودون في كل مكان، وحتى الآن لم نطلب علماء للتدريس من خارج أفغانستان، ونهتم على الأعم بما يجري داخل أفغانستان، وفي جميع المؤتمرات يلبي علماء من داخل أفغانستان، ويتحدثون بالداري والبشتو عن هموم وشؤون الأمة الإسلامية».
وبالنسبة للمشاريع الإعلامية لـ«جمعية الإصلاح» الأفغانية، يقول: «نحن نصدر أربع مجلات بصفة مستمرة؛ أولاها (إصلاح مللي) وتصدر بالفارسية والبشتو، وبالعربية تعني (الإصلاح القومي). والثانية مجلة (معرفة) وهي مجلة شهرية باللغة الفارسية، ومجلة ثالثة اسمها «جوان» بالبشتو، وتعني (الحياة)، وهناك أيضا مجلة اسمها (بيان الإصلاح) أو (رسالة الإصلاح)، وهي نصف شهرية، ونطبع منها أكثر من مائة ألف نسخة، ويكتب فيها علماء أفغانستان، وهذه المجلة لها تأثير كبير بين عموم الأفغان، وتصل إلى كل الولايات الأفغانية، ولدينا أيضا إذاعة (إف إم) اسمها (الإصلاح)، ويتابعها ملايين الأفغان، وهذه المحطة تنطلق من هراة، وهي محطة مبشرة بالخير وعليها إقبال كثير ليل نهار».
وفيما يتعلق بمنهج «جمعية الإصلاح» الأفغانية في نشر الدعوة يقول:
«المنهج الوسطي هو الذي نبتغيه، ونحن لا نعادي أحدا، والوسطية جعلت المسلم ينظر إلى الحياة نظر عدل، وهذه سمة من سمات هذا الدين العظيم، إن منهج الوسطية هو سمة من سمات هذه الأمة ضمن لها الاستمرار والبقاء، ولا وجود ولا بقاء للمغالين والمجافين».
وعن نقاط الاتفاق والاختلاف مع «الإخوان»، قال الدكتور فخري: «قد نختلف قليلا، فنحن نركز على مشروع الدعوة ومساعدة الفقراء والأيتام، وكذلك على الجانب التعليمي بإنشاء المدارس في مختلف الولايات الأفغانية أكثر فأكثر. ربما في مصر، أراد (الإخوان) أن يخدموا مصر أكثر، وهم أيضا كما نتابع قدموا خدمات دعوية في الشارع كثيرة، فدخلوا المجال السياسي أيضا، ولكن نحن نتفق معهم في الفكر والمنهج. ولم نفكر حتى الآن في دخول لعبة السياسة أو البرلمانات أو الأحزاب السياسية أو ما شابه ذلك».
وعن التبرعات المالية للجمعية، يوضح د. فخري: «هناك أعضاء من جمعيتنا من رجال الأعمال أسسوا خدمات وجمعيات خيرية تقدم العون للمساكين والفقراء وتأخذ بيدهم في ظل الغلاء المتفشي في البلاد، فهم يبنون المدارس، ويحفرون الآبار، وينشئون جمعيات فرعية لرعاية الأيتام وما أكثرهم بسبب حالة الحرب التي مرت بها البلاد».
ونفى أن يكون لديهم مرشد للجمعية مثل «إخوان مصر»، لكن أكد أن لديهم علماء مشهورين، مضيفا: «عندنا من الشيوخ الأستاذ الدكتور مصباح الله، وهو عالم وفقيه يشار إليه بالبنان، ولدينا الشيخ عبد الصبور، وأيضا الشيخ عبد السلام عابد، وهم من أساطين الدعوة والفقه والشريعة في أفغانستان، ونحن نتبع المذهب الحنفي في جميع أمور ديننا الفقهية والعدلية».
ويضيف: «نحن مجموعة من الإسلاميين نتفق على فكر (الإخوان)، ولدينا مشتركات فكرية معهم، وربما (إخوان مصر) يعرفوننا، ولكن ليست لدينا علاقة عضوية معهم، ويمكن القول إن هناك (مشتركات فكرية بيننا وبينهم)، ونحن كثيرا ما نستفيد من كتبهم ومؤلفات شيوخهم، ونحن تربينا على كتبهم، ومنذ نعومة أظفاري كنا نقرأ ليوسف القرضاوي، وسيد قطب، والمودودي، وسعيد نورسي في تركيا، وقد ترجمت كتبه إلى الداري والبشتو مثل كتب مشايخ (الإخوان)».
وبالنسبة لأفكار التطرف والجهاديين السائدة في أفغانستان، قال: «تقريبا قد نكون نحن البديل الحقيقي الجاد للمشروع الجهادي وأفكار التطرف، ولذا، فإن الإخوة الجهاديين ومدارس التطرف لا يحبوننا؛ بل يعادوننا، لأننا في الوسط، ومنهجنا وسطي، أي إننا في الخندق الآخر منهم، وهو يقولون عنا إننا سجلنا جمعيتنا بوصفها (منظمة خيرية) في سجلات الحكومة الأفغانية التي يزعم هؤلاء المتطرفون أنها (طاغوتية)، ويدعون أننا ندعم برامج الحكومة بالقول والفعل. ويجب الاعتراف أن الحكومة تحبنا إلى حد ما، لأننا لا نعاديها ولا نخالفها، ولا نقف ضد مشاريعها أو برامجها، ونحن في الأساس لا نعمل في السياسة، وليس لنا من سبيل إلا طريق الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونحن نقول للحكومة إن بعض الأعمال التي يجب أن تقوموا بها، نقوم بها نحن، فنحن نقول للشباب مثلا: (لا تسرقوا أو تقتلوا أو تخادعوا)، والدولة ضد كل هؤلاء وتطاردهم وتلاحقهم. ونحن نقول: أنتم تأخذون السارق بعد الجريمة، ونحن نأخذ السارق قبل الجريمة بالنصح والإرشاد والهداية إلى سبيل الرشاد».
وعن تاريخ «جمعية الإصلاح» في العاصمة كابل، يقول د. فخري مسؤولها تقريبا على الأرض: «لدينا أكثر من 11 عاما حتى الآن. وأصحاب الفكرة مجموعة من الشباب المتعلمين، وأنا واحد منهم، فكروا وكانت لديهم اجتماعات للمساهمة في إعمار البلد بعد سقوط حركة طالبان». وعن الدعم المالي للجمعية، قال فخري: «من جيوبنا.. والخير كثير من عند الله سبحانه وتعالى. وقبل أن تدخل (الشرق الأوسط) علينا صباح اليوم كنت أتحدث مع أحد الإخوة عن كيفية تخطي المأزق المالي الذي نمر به في كثير من الأحوال، والظروف في (جمعية الإصلاح). والحقيقة أننا نعتمد على جزء أو نسبة مئوية من مرتبات الأعضاء، يتبرعون بها لإدارة الجمعية لتسيير تلك المشاريع. وعموما نحن لم نتلق أي معونات مالية من الخارج، نحن: (نأخذ من داخل البلد ونصرف داخل البلد)».
وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إن كانوا يتلقون نسبا من أموال الزكاة، بقوله: «القانون العام لأفغانستان ينص على أن زكاة الأموال تقدم للحكومة وليس للجمعيات الخيرية أو الإسلامية، والحكومة هي التي تنفق مخصصات الزكاة في القنوات التي تعتمدها، ولكن لا يمنع هذا أن بعض رجال الأعمال وأهل الخير يدفعون لنا زكاتهم».
وعن عدد أعضاء الجمعية، يقول: «نحن لسنا شركة مساهمة في البورصة أي لدينا أعضاء يحملون بطاقات مكتوبا عليها (جمعية الإصلاح الإسلامية)، هناك عشرات الآلاف من أبناء أفغانستان يؤمنون بأفكارنا، ويسيرون على هدي الجمعية وأفكارنا ومنهجنا، وفي كل ولاية لدينا المئات من الشباب الذين ينتمون إلينا، ويشرفون وينفذون برامجنا».
وعن أسباب اختيار مقولة الخليفة عمر بن الخطاب: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله»، شعارا للجمعية، يقول: «ذهب عمر ليأخذ مفاتيح بيت المقدس، فسمع النصارى بقدوم عمر بن الخطاب الذي ارتجت الدنيا بذكره، والذي اهتزت المعمورة بصيته، والذي إذا ذكر عمر في مجلس كسرى وقيصر يكاد يغمى عليهما من الخوف، فلما سمع النصارى بمقدمه ليأخذ مفاتيح بيت المقدس خرجوا لاستقباله في أبهة عظيمة، وخرجت النساء على أسقف المنازل وعلى أسطح البيوت، وخرج الأطفال في الطرق والسكك، وأما جيوش المسلمين هناك وقوادها الأربعة فخرجوا في عرض عسكري رائع ما سمعت الدنيا بمثله، وظن الناس أنه سوف يأتي في كبار الصحابة، وفي كبار الأنصار والمهاجرين من الصالحين والعلماء، ومن النجوم والنبلاء، لكنه أتى بجمل واحد ومعه خادمه، فمرة عمر يقود الجمل والخادم يركب، ومرة عمر يركب والخادم يقود، فلما أشرف على بيت المقدس قال الأمراء المسلمون: من هذا؟ لعله بشير يبشر بقدوم أمير المؤمنين، فاقتربوا منه فإذا هو عمر بن الخطاب ، وقد أتت نوبته، وإذا هو يقود البعير وخادمه على البعير، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين الناس في انتظارك والدنيا خرجت لاستقبالك، والناس يسمعون بك وأتيت في هذا الزي؟ فقال عمر قولته الشهيرة التي حفظها الدهر ووعتها الدنيا: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله».



الشرطة الأسترالية توقف 7 أشخاص بعد معلومات عن إمكانية وقوع «عمل عنيف»

يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)
يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)
TT

الشرطة الأسترالية توقف 7 أشخاص بعد معلومات عن إمكانية وقوع «عمل عنيف»

يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)
يتحدث عمدة ويفرلي ويل نيمي (في الوسط) إلى وسائل الإعلام بعد وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري مؤقت من الزهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في أستراليا في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب هجوم استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)

أعلنت الشرطة الأسترالية أنها أوقفت سبعة أشخاص في جنوب غربي سيدني، الخميس، بعد تلقيها بلاغاً يفيد باحتمال التخطيط لعمل عنيف في المدينة التي ما زالت تحت صدمة الهجوم الذي وقع على شاطئ بونداي واستهدف يهوداً.

وأوضحت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، في بيان، أنه «لم يتم التوصل حتى الآن إلى أي صلة بين الحادث والتحقيق الجاري في هجوم بونداي الإرهابي»، الذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً كانوا على الشاطئ للاحتفال بعيد الأنوار (حانوكا) اليهودي.

وقد اعترض عناصر الشرطة مركبتين في أثناء مرورهما عبر ليفربول، إحدى ضواحي سيدني الجنوبية الغربية بعد تلقيهم بلاغاً يفيد بـ«احتمال التخطيط لعمل عنيف».

وتوجّهت سيارة من الشرطة نحو مركبة بيضاء صغيرة كان المشتبه بهم في داخلها لاعتراض سبيلها.

وأظهرت مشاهد بثّها الإعلام المحلي شرطيين مسلّحين ببزّات تمويه يفتّشون عدّة رجال كبّلت أياديهم وراء ظهورهم.

وظهر أحد المشتبه بهم وهو ينزف من رأسه.

ويُتهم رجلان، هما أب لقي حتفه في الهجوم، وابنه البالغ 24 عاماً، بقتل 15 شخصاً وجرح العشرات في هجوم معادٍ لليهود على شاطئ بونداي في سيدني، الأحد، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في أستراليا منذ عقود.

وقد اعترض عناصر الشرطة المركبتين في أثناء مرورهما عبر ليفربول، إحدى ضواحي سيدني الجنوبية الغربية.

وقالت الشرطة: «مع استمرار التحقيق، يساعد سبعة رجال في التحقيقات».

ويُتهم رجلان هما أب لقي حتفه في الهجوم وابنه البالغ 24 عاماً، بقتل 15 شخصاً وجرح العشرات في هجوم معادٍ لليهود على شاطئ بونداي في سيدني، الأحد، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي في أستراليا منذ عقود.

يظهر رجل يرتدي قميصاً عليه شعار موجه لرئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي على شاطئ بونداي في سيدني في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب الهجوم الذي استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر على شاطئ بونداي والذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل بينهم مسلح واحد (إ.ب.أ)

في غضون ذلك، تعهّد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي تغليظ العقوبات على التطرف بعد هجوم سيدني الذي أقيمت، الخميس، جنازة أصغر ضحاياه البالغة عشرة أعوام.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصاً كانوا يشاركون في عيد حانوكا اليهودي على شاطئ بونداي، الأحد، في عمل مدفوع بآيديولوجية «تنظيم الدولة الإسلامية»، وفق ألبانيزي.

وأعلن رئيس الوزراء، الخميس، سلسلة من الإجراءات لمحاربة «معاداة السامية في مجتمعنا». وقال في مؤتمر صحافي: «من الواضح أن علينا بذل المزيد من الجهود، لا بل أكثر بكثير، لمكافحة هذه الآفة الشريرة».

وفي مركز حيفرا كاديشا للجنازات في سيدني، شارك حشد من الأشخاص، الخميس، في وداع الطفلة ماتيلد البالغة عشرة أعوام التي توفيت في المستشفى متأثرة بجروحها إثر الهجوم.

ولاحظت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن بعض المشاركين في الجنازة حملوا باقات من الزنابق، فيما أمسك آخرون بالونات تكريماً للطفلة التي وصفتها رسالة من مدرستها تلاها حاخام بأنها «شعاع شمس».

يراقب رجال الشرطة من جسر المشاة مع إعادة فتح حديقة آرتشر وجسر المشاة للجمهور في شاطئ بونداي بمدينة سيدني في 18 ديسمبر 2025... وتعيش أستراليا حالة حداد في أعقاب الهجوم الذي استهدف احتفالات الجالية اليهودية بعيد حانوكا في 14 ديسمبر في شاطئ بونداي (إ.ب.أ)

«تذكّروا»

وكانت عائلة ماتيلدا التي طلبت من وسائل الإعلام عدم نشر شهرتها، تركت أوكرانيا خلال العقد الثاني من القرن الحالي، قبل الغزو الروسي، وانتقلت إلى أستراليا حيث استقرت.

وقالت والدتها فالنتينا للصحافيين قبل الجنازة: «لم أكن لأتخيل يوماً أنني سأفقد ابنتي هنا. إنه كابوس».

أما والدها مايكل، فأشار إلى أنه اختار لابنته اسم ماتيلدا تيمناً بالأغنية الشعبية «ولتزينغ ماتيلدا» Waltzing Matilda التي تُعَدّ بمنزلة النشيد الوطني غير الرسمي لأستراليا.

وأضاف، في وقت سابق من هذا الأسبوع: «جئنا إلى أستراليا من أوكرانيا، وكانت ماتيلدا أول من وُلد لنا هنا (...)، واعتبرت أن ماتيلدا هو أكثر اسم له طابع أسترالي. لذا تذكروا اسمها».

وروى ماتان أتسمون البالغ 40 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه كان مع ماتيلدا عندما أُصيبت، مضيفاً: «ما زلت أتذكر النظرة في عينيها. المشهد لا يفارقني».

وأفات قريبة ماتيلدا في حديث لمحطة «تشانل سفن» التلفزيونية بأن شقيقة ماتيلدا الصغرى البالغة ستة أعوام كانت أيضاً شاهدة على الهجوم.

وكثّف أعضاء من الطائفة اليهودية في أستراليا، هذا الأسبوع، انتقاداتهم للحكومة، معتبرين أنها لم تأخذ في الاعتبار تحذيراتهم من تصاعد معاداة السامية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال رئيس الوزراء الأسترالي، الخميس، إن قوانين جديدة مرتبطة بـ«خطاب الكراهية المشدد» ستعاقب الدعاة والقادة الذين يحرضون على الكراهية والعنف.

وسيصبح «التشهير الخطير» القائم على أساس العرق أو الدعوة إلى التفوق العرقي جريمة فيدرالية.

وقال ألبانيزي إن الحكومة ستعزز أيضاً صلاحيات وزير الشؤون الداخلية لإلغاء أو رفض تأشيرات الأشخاص الذين ينشرون خطابات «الكراهية والانقسام».

تانيا جوان بليبرسيك (في الوسط) وزيرة الخدمات الاجتماعية تعانق إحدى المعزّيات في جنازة ماتيلدا ضحية إطلاق النار الجماعي في شاطئ بونداي البالغة من العمر 10 سنوات والتي تم حجب اسم عائلتها بناءً على طلب عائلتها في سيدني الخميس 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وستضع أستراليا لائحة بالمنظمات التي يقودها أشخاص يبثون خطابات كراهية.

وأشارت محطة «إيه بي سي» التلفزيونية العامة فلي أستراليا إلى أن نافيد أكرم الذي نفذ الهجوم مع والده ساجد، كان من أتباع داعية مؤيد للجهاد مقيم في سيدني.

ووجّهت الشرطة الأسترالية، الأربعاء، تهم الإرهاب وقتل 15 شخصاً وارتكاب مجموعة أخرى من الجرائم لمنفذ الهجوم البالغ 24 عاماً.

وأصيب نافيد بجروح بالغة برصاص الشرطة في أثناء تنفيذه العملية، وذكر الإعلام المحلي أنه أفاق من غيبوبة ليل الثلاثاء. أما شريكه في الهجوم والده ساجد أكرم فقتل في تبادل إطلاق نار مع الشرطة.

وتحقق السلطات الأسترالية في إمكان أن يكون الرجلان اجتمعا مع متطرفين إسلامويين خلال إقامتهما نحو شهر في الفلبين قبل أسابيع قليلة من تنفيذهما الهجوم.

وأكد موظفو الفندق في دافاو سيتي، حيث أقام الرجلان، أنهما نادراً ما كانا يغادران غرفتيهما خلال مدة إقامتهما في هذه المدينة الواقعة في جزيرة مينداناو التي تُعَدُّ معقلاً لحركات التمرّد الإسلاموية ضد الحكومة المركزية.

وقالت موظفة الاستقبال في الفندق أنجليكا يتانغ (20 عاماً)، التي تعمل خلال النوبة الليلية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم يكونا منفتحين اجتماعياً كالأجانب الآخرين».

وأضافت: «عادة ما يحادثني الأجانب الآخرون، لكنهما لم يفعلا».

لكن الفلبين نفت، الأربعاء، أن تكون أراضيها تُستخدم لتدريب «إرهابيين».

وقالت الناطقة باسم الرئاسة كلير كاسترو للصحافيين إن الرئيس فرديناند ماركوس يرفض بشدّة «التصريح العام والوصف المضلل للفلبين على أنها بؤرة لتدريب تنظيم (داعش)».

وأضافت: «لا يوجد أي تقرير معتمد أو تأكيد بأنّ أفراداً تورطوا في حادثة شاطئ بونداي تلقوا أي شكل من أشكال التدريب في الفلبين».

وبعد الهجوم، وعد ألبانيزي بفرض رقابة أكثر صرامة على الأسلحة النارية. وكان منفذ الهجوم الأكبر سناً يملك ست قطع سلاح مسجلة أصولاً.


حادث إطلاق النار في أستراليا يبرز قدرة «داعش» التحريضية على العنف

ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)
ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)
TT

حادث إطلاق النار في أستراليا يبرز قدرة «داعش» التحريضية على العنف

ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)
ينقل المسعفون رجلاً مصاباً على نقالة من موقع حادث إطلاق النار الجماعي في سيدني يوم الأحد (نيويورك تايمز)

في أستراليا، أطلق أب وابنه النار فقتلا 15 شخصاً كانوا يحتفلون بعيد يهودي على الشاطئ. وفي إنجلترا، دهس مواطن بريطاني من أصل سوري أشخاصاً بسيارته وهاجم آخرين بسكين خارج كنيس يهودي في «يوم الغفران». أما في بولندا، فقد اعتقلت السلطات، يوم الثلاثاء، طالب حقوق يُشتبه في تخطيطه لمهاجمة سوقٍ لعيد الميلاد. واتُّهم جميع هؤلاء بدعم تنظيم «داعش»، الجماعة الإرهابية التي لا تزال آيديولوجيتها الدموية تلهم أتباعها لارتكاب فظائع، بعد سنوات من تراجع بنيتها الأساسية بشكل كبير.

مرّت الشرطة أمام أكاليل الزهور التي وُضعت على ممشى شاطئ بونداي في سيدني... 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

ويُظهر تكرار هذه الهجمات أن التنظيم تكيّف مع مرحلة ما بعد «الخلافة». فبعد أن كان قبل عقد من الزمن يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، أصبح اليوم أضعف، لكنه يعوِّض ذلك بالاعتماد على الدعاية بوصفها أداته الأشد فتكاً في تحريض الهجمات القاتلة. وقال كولين بي كلارك، محلل شؤون مكافحة الإرهاب في «مجموعة سوفان»، وهي شركة استخبارات وأمن عالمية مقرها نيويورك: «الحديث عن عودة قوية قد يكون مبالغاً فيه، لكن جوهر الإرهاب، إلى جانب القتل، يكمن في الأثر النفسي، الذي يجعل تنظيماً مثل (داعش) يبدو أقوى وأكثر حضوراً مما هو عليه في الواقع».

وجاءت مذبحة شاطئ بونداي في سيدني بأستراليا بعد يوم واحد من مقتل جنديين من الجيش الأميركي ومترجم مدني أميركي على يد عنصر من قوات الأمن السورية في مدينة تدمر. وقد حمّل الرئيس الأميركي دونالد ترمب تنظيم «داعش» المسؤولية، بينما قال مسؤولون إن مطلق النار كان مقرّراً فصله بسبب آرائه المتطرفة. وأعرب خبراء في شؤون الإرهاب عن قلقهم من أن نجاح هجوم سيدني قد يشجّع مزيداً من المخططات المتطرفة مع اقتراب موسم الأعياد، في ظل جاذبية أسواق عيد الميلاد الأوروبية بوصفها أهدافاً محتملة. وتُعدّ هجمات «الذئاب المنفردة» من هذا النوع قليلة التكلفة وصعبة التنبؤ بها أو منعها، لأنها تستهدف أهدافاً ضعيفة مثل الحشود في الأماكن المفتوحة. وفي هذا السياق، كتبت ريتا كاتز، المديرة التنفيذية ومؤسسة مجموعة «SITE» للاستخبارات، التي تتابع أنشطة الإرهاب، في تحليل لها: «مرونة (داعش) تكمن في قدرته على التكيّف، إذ ينجو عبر إعادة صياغة نفسه بما يتلاءم مع واقعه الجديد». ومنذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها، إلى حد كبير، في تقليص قدرة التنظيمات الإرهابية على تنفيذ مخططات معقدة، عبر نقل المعركة إلى معاقلها في دول مثل سوريا وأفغانستان وليبيا، واستخدام القوة النارية والتقنيات المتطورة.

تُشاهد أكاليل الزهور التي وضعها المشيعون على ممشى شاطئ بونداي في سيدني... 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

وينحدر تنظيم «داعش»، وهو جماعة متمردة سنية، من العراق. وبعد أن هزمت الميليشيات المحلية والقوات الأميركية فرعاً من مقاتلي تنظيم «القاعدة»، أعاد التنظيم تقديم نفسه تحت مسمى « داعش». واستغل فوضى الحرب الأهلية السورية قبل أكثر من عقد ليستولي على مساحات واسعة في سوريا والعراق المجاور. واكتسب التنظيم سُمعةً سيئةً؛ بسبب عمليات الخطف والاستعباد الجنسي والإعدامات العلنية في الشرق الأوسط.

كما دبّر أو حرّض على هجمات إرهابية في أنحاء أوروبا، بينها الهجمات المنسقة في فرنسا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 التي أودت بحياة 130 شخصاً، والتفجيرات الانتحارية في بلجيكا بعد عام، التي قُتل فيها نحو 30 شخصاً، غير أن «الخلافة» التي أعلنها التنظيم جرى تفكيكها إلى حد كبير قبل نحو 7 سنوات على يد القوات الأميركية و«قوات سوريا الديمقراطية» بقيادة الأكراد في شمال شرقي سوريا.

وبما أنه لم يعد يسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي الآن، يعتمد «داعش» أكثر من أي وقت مضى على «دليل عمله» القديم في نشر آيديولوجيته المتطرفة عبر الإنترنت ومن خلال خلايا سرية وفروع إقليمية. وفي العام الماضي، أعلن فرع «ولاية خراسان» المتمركز في أفغانستان مسؤوليته عن هجمات كبيرة في إيران وروسيا وباكستان. وتشجّع دعاية التنظيم أتباعه على استهداف تجمعات غير المسلمين، وتقدّم إرشادات تفصيلية حول استخدام الأسلحة النارية والقنابل والمركبات والسكاكين، أو المزج بين هذه الوسائل لزيادة أعداد الضحايا. ويقول التنظيم لأتباعه إنه «من الضروري ترك دليل أو شارة تُعرّف الدافع والولاء».

وقال محققون بريطانيون إن منفذ الهجوم على الكنيس في «يوم الغفران» بتاريخ 2 أكتوبر (تشرين الأول) في مانشستر، أعلن ولاءه لتنظيم «داعش» خلال اتصال هاتفي بخدمات الطوارئ في أثناء تنفيذ الهجوم. وبعد هجوم بونداي، عثرت الشرطة الأسترالية على علمين مصنوعين يدوياً لـ«داعش» داخل السيارة التي قادها المهاجمان إلى موقع الحادث، ما عدّه الخبراء دليلاً على وصول رسائل التنظيم إلى أشخاص معرّضين للتطرف.

وحذّر رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (إم آي 5)، كين مكالوم، في أكتوبر، قائلاً: «ينمو الإرهاب في زوايا قذرة من الإنترنت، حيث تلتقي الآيديولوجيات السامة، أياً كان نوعها، بحياة الأفراد المتقلبة والفوضوية في كثير من الأحيان». وأعلنت السلطات، يوم الأربعاء، توجيه اتهامات إلى المشتبه به الذي نجا من إطلاق النار في بونداي، شملت القتل وجرائم الإرهاب. وكانت الهجمات على المجتمعات اليهودية في إنجلترا وأستراليا جزءاً من زيادة ملحوظة في الاعتداءات المعادية للسامية منذ الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة رداً على هجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر 2023، التي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 250 آخرين. ووفقاً لسلطات الصحة في غزة، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 70 ألف شخص، من دون التمييز بين المدنيين والمقاتلين الفلسطينيين.

وقف المشيعون أمام جناح بونداي في سيدني... 18 ديسمبر (أ.ف.ب)

وفي تحليلها، كتبت كاتز أن تنظيم «داعش» أطلق حملة إعلامية بعد 7 أكتوبر، ما حفّز نشاط «الذئاب المنفردة» في الغرب. وأشارت إلى هجمات في بلجيكا وألمانيا وصربيا وسويسرا، من بين دول أخرى. كما أحبط المحققون مخططاً لاستهداف حفلٍ للمغنية تايلور سويفت في فيينا، والذي قالت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) إنه كان يمكن أن يسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح. وجاء اعتقال الطالب في بولندا عقب إحباط محاولة هجوم محتملة أخرى في ألمانيا، حيث أُوقف 5 رجال بعد أن قالت السلطات إنها علمت بمخطط لدهس أشخاص بمركبة في سوق عيد الميلاد.

وفي الولايات المتحدة، لا يزال «داعش» يمثل تهديداً، غير أن عدد الأشخاص الذين وُجهت إليهم اتهامات على صلة بالتنظيم لا يزال منخفضاً مقارنة بالسنوات السابقة، وفق باحثين. وعلى الرغم من قدرات إنفاذ القانون الأميركية القوية، دهس رجل بشاحنة محتفلين في شارع بنيو أورليانز، فجر يوم رأس السنة؛ ما أدى إلى مقتل 14 شخصاً. وكان الرجل يحمل علماً لتنظيم «داعش» داخل شاحنته. وقال مسؤولون إن التنظيم ألهمه. وقال آرون واي زيلين، الزميل البارز في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، إن إنتاج «داعش» الدعائي الرسمي باللغة الإنجليزية تراجع منذ ذروة قوته، لكن منشوراته السابقة لا تزال متاحة على الإنترنت، كما يواصل أنصاره ترجمة أعماله الجارية باللغة العربية إلى لغات عدة. وأضاف زيلين: «إنهم ينشرون محتوى يومياً، ويواصلون الدعوة لشن هجمات ضد اليهود. تقريباً كل مخطط أو هجوم إسلاموي متطرف في الغرب ما زال مرتبطاً بـ(داعش). ولا يزال التنظيم متصدراً داخل العالم الجهادي العالمي». ومع إشارات زيلين إلى أن عدد هجمات تنظيم «داعش» قد تراجع عالمياً على مرّ السنين، أضاف قائلاً: «من يستهين بالأمر يفعل ذلك على مسؤوليته، فهم ما زالوا نشطين للغاية». وقال خبراء إن وضع «داعش» يعكس الديناميات المتغيرة لمكافحة الإرهاب. ففي سوريا، على سبيل المثال، تعاونت القوات الأميركية مع أجهزة الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة لإحباط أكثر من 10 مخططات يُشتبه في صلتها بالتنظيم منذ سقوط حكومة الرئيس السابق بشار الأسد قبل عام، بحسب مسؤولين أميركيين.

وقال كلارك: «أحد أكثر الجوانب تحدياً في مواجهة شبكة عالمية مثل (داعش) هو أنه حتى عندما تحقق سلطات مكافحة الإرهاب تقدماً كبيراً في إضعاف بعض فروع التنظيم، فإنه لا يُهزَم أبداً بشكل كامل، وتظل بقاياه الصغيرة قادرةً على التماسك بما يكفي للمساعدة على تسهيل هجمات إرهابية».

* خدمة «نيويورك تايمز»


منفّذا اعتداء سيدني مكثا في الفندق خلال معظم فترة زيارتهما للفلبين

تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)
تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)
TT

منفّذا اعتداء سيدني مكثا في الفندق خلال معظم فترة زيارتهما للفلبين

تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)
تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)

مكث المشتبه بهما في تنفيذ اعتداء سيدني الدموي، داخل فندق في الفلبين لأسابيع وتركا مبلغاً إضافياً لقاء الخدمة قبل مغادرتهما، وفق ما أفاد موظفون، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

تواصل الشرطة الأسترالية تحقيقاتها في الهجوم الذي استهدف شاطئ بونداي بسيدني (أ.ف.ب)

وتُحقق السلطات الأسترالية لتحديد ما إذا كان ساجد أكرم ونجله نافيد تدرّبا مع متطرفين، الشهر الماضي، أثناء رحلة قاما بها إلى منطقة مينداناو، التي طالما كانت معقلاً لحركات التمرد الإسلاموية.

وتفيد الفلبين بعدم وجود أدلة تشير إلى أن أراضيها تستخدم لتدريب إرهابيين.

دخل الرجلان الفلبين في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكانت دافاو وجهتهما النهائية، وفق ما أكد مسؤولو الهجرة، هذا الأسبوع.

وحجزا الغرفة 315 في فندق «جي في» GV Hotel في اليوم نفسه، ودفعا 930 بيزو (نحو 16 دولاراً) لليلة لغرفة صغيرة بسريرين منفردين.

وقالت مديرة مكتب الاستقبال الليلي أنجيليكا يتانغ (20 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما كانا يغادران الغرفة عادةً لساعة تقريباً، كل يوم، وكانا متحفظين.

وأضافت: «لم يكونا ودودين كغيرهما من الأجانب. يتحدث الأجانب الآخرون عادةً معي، لكنهما لم يفعلا ذلك»، مضيفة أن نافيد هو من كان يتعامل معها، بينما كان والده «ينظر إلى الأرض».

ولم يكشف الرجلان إطلاقاً الغرض من زيارتهما، وكانا يغادران الفندق عادةً في الصباح، لكنهما «لا يبقيان مدة طويلة... المدة الأطول التي لاحظناها كانت نحو ساعة».

وفي إحدى المرات سألاها عن مكان العثور على فاكهة دوريان، التي تشتهر بها منطقة جنوب شرقي آسيا.

وقالت يتانغ: «سألاني: أين يمكننا شراء الدوريان؟»، مضيفة أنهما لم يعثرا عليها.

ولفتت يتانغ إلى أنها لم ترهما قط يلتقيان أحداً أو يستقلّان مركبة. وقالت: «كانا يمشيان في المكان، هذا كل ما فعلاه».

عبّر المشيّعون عن تأثرهم لدى نقل نعش تيبور ويتزن أحد ضحايا إطلاق النار بشاطئ بونداي من مركز شاباد بونداي خلال جنازته في سيدني بأستراليا 18 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وذكرت أن موظفي الفندق عرفاهما فوراً من التقارير الإخبارية عن مَجزرة سيدني. وأكد موظفان آخران في الفندق أنهما مكثا فيه.

وقال رام ليغود، الذي نظّف غرفتهما، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن نافيد كان يترك شعره طويلاً عندما كان في الفندق.

وذكرت ناطقة باسم الشرطة الإقليمية أن شرطة دافاو ستنشر بياناً، الخميس، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

ولفتت يتانغ إلى أن الأب وابنه تركا مبلغاً إضافياً مقابل الخدمة قبل مغادرتهما.

واستذكرت: «قلت: سيدي، لقد نسيت المبلغ الذي أودعته. فأخذه الابن لكن الوالد طلب منه إعطائي إياه».

وأضافت: «كانا لطيفين. ما زلت غير قادرة على التصديق بأنهما كذلك».