بكين تستعد لإعادة ترسيم خريطة التجارة العالمية

بكين تستعد لإعادة ترسيم خريطة التجارة العالمية
TT

بكين تستعد لإعادة ترسيم خريطة التجارة العالمية

بكين تستعد لإعادة ترسيم خريطة التجارة العالمية

نشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تسجيلا مصورا يوم الاثنين الماضي يوضح الإجراءات التي سيتخذها في أول يوم له في السلطة في 20 من يناير (كانون الثاني) وتشمل انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي التجارية.
إذا ما وفى دونالد ترامب بوعده وسحب الولايات المتحدة من الاتفاقية، هذا سيكون من صالح الصين، كما عبرت عنه الدوائر الرسمية في بكين، التي طالما اعتبرت الاتفاقية تكتلا اقتصاديا لمحاربتها.
وكتبت «صحيفة الشعب» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني في مقالة الخميس أن الهدف من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي كان «ترسيخ الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة باستبعاد الصين وحجبها» و«احتواء» العملاق الآسيوي. واعتبر إلغاء الاتفاقية من قبل إدارة ترامب الجديدة قد يفسح المجال أمام الصين لإعادة ترسيم مشهد التجارة العالمية، في وقت تطمح للهيمنة على الاتفاقيات الاقتصادية البديلة في آسيا.
وهذا يعني أن بكين سترتاح إذا ما تحققت التوقعات وفشل هذا الاتفاق التجاري الطموح الذي يجمع 12 بلدا مطلا على المحيط الهادي وأقصيت منه الصين.
ورأت صحيفة «غلوبال تايمز» الرسمية الصينية، أن «الصين هي التي ستكون المستفيد الأول من حمائية أميركية متزايدة»، مشيرة إلى أن القوة الاقتصادية الثانية في العالم قد «تستعيد الشعلة» وتصبح «زعيمة للتبادل الحر».
وتم توقيع الاتفاق الذي دعت إليه واشنطن والذي يفترض أن يحدد قواعد التجارة في القرن الواحد والعشرين، في 2015 لكنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد. غير أنه يبدو اليوم في خطر بعدما وعد الرئيس الأميركي المنتخب بسحب بلاده منه. كذلك تعهد رجل الأعمال الثري بفرض رسوم جمركية رادعة على الواردات القادمة من الصين والمكسيك.
أما حلفاء الولايات المتحدة، فيبدون حائرين حيال وعود الرئيس الأميركي المنتخب. وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي «إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي من دون الولايات المتحدة لن يكون لها معنى»، مؤكدا رغم ذلك أنه ما زال يأمل في إقناع ترامب بالعدول عن خطته.
وقال المحللون في مجموعة «أي إتش إس غلوبال»، كما جاء في تقرير وكالة رويترز، إنه «إذا ابتعدت الولايات المتحدة عن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، فهذا قد يفتح مجالا للصين لتطور مبادراتها الخاصة في آسيا».
وتبدو عدة بلدان منذ الآن على استعداد لطي الصفحة وتسريع المفاوضات حول مشاريع تجارة حرة أخرى قيد البحث، تلعب فيها بكين دورا أساسيا.
وحذرت أستراليا بهذا الصدد منذ فوز دونالد ترامب في الانتخابات، بأن الفراغ الذي سيخلفه فشل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي «قد يسده» مشروع «اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة».
وهي اتفاقية تبادل حر تسعى الصين لتضم إليها بلدان رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) وأستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا، ومن دون الولايات المتحدة.
وخلافا لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، فإن هذا المشروع لن يفرض على أعضائه الالتزام بمعايير بيئية وبقوانين عمل معينة.
وتعتزم الصين من الآن فصاعدا تطوير مشروعها الخاص لإقامة منطقة تبادل حر لآسيا والمحيط الهادي، على أمل أن تضم البلدان الـ21 في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك)، وهو ما أكده الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال قمة للمنتدى عقدت مؤخرا في البيرو. وقال: «إن بناء منطقة التبادل الحر لآسيا والمحيط الهادي هو مبادرة استراتيجية حيوية لازدهار المنطقة على المدى البعيد».
وتعول بكين كثيرا على هذا المشروع. فهي تندد بالنفوذ الدبلوماسي والاقتصادي القوي للولايات المتحدة في آسيا، فتسعى في المقابل لتعزيز موقعها إقليميا ودوليا، وتتحدث عن علاقتها مع واشنطن على أنها حوار على قدم المساواة «بين قوتين كبريين».
ومضى شي جين بينغ أبعد في هذا الاتجاه في ليما أمام نظرائه من دول أبيك، فاغتنم الثغرة التي تركها فوز ترامب بالرئاسة، للترويج لتبادل حر خارج عن أي قيود. وقال: «لن نغلق الباب، بل سنفتحه أكثر» مضيفا: «سنصب جهودنا بالكامل من أجل العولمة من خلال دعم التجارة المتعددة الأطراف».
وإعلان الصين هذا بأنها باتت «بطلة» التبادل الحر، يثير الدهشة إذ يتعارض تماما مع القيود الكثيرة التي تفرضها على الشركات الأجنبية على أراضيها، فتقصيها من بعض القطاعات أو تفرض عليها الدخول في شراكات مع شركات محلية.
وفي مطلق الأحوال، فإن بكين تكيف دوما سياستها التجارية ورسومها الجمركية بموجب علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأخرى. وإذا ما هيمنت الصين على المفاوضات بشأن اتفاقيات التبادل الحر الإقليمية، فقد تكتسب المزيد من النفوذ الجيوسياسي. وقد تتمكن بصورة خاصة في حال انسحاب الولايات المتحدة تدريجيا من التزامها في المنطقة، من فرض وجهات نظرها بسهولة أكبر في مختلف الخلافات الحدودية التي تتواجه فيها مع عدد من بلدان بحر الصين الجنوبي.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.