على الرغم من إنتاجه الغزير في مجال القصة القصيرة، ورعايته منذ أعوام لموقع «القصة العربية»، فإن التجربة الروائية للقاص السعودي جبير المليحان لم تصدر إلا مؤخرًا، والتي حملت عنوان «أبناء الأدهم» وصدرت عن «دار جداول للنشر والترجمة» في بيروت.
تحمل رواية «أبناء الأدهم» فورة المشاعر الكامنة في نفس صاحبها، وتلاقت بين دفتيها بيئات مختلفة تتسع بحجم الأماكن التي سكن فيها الكاتب، وتتسع لحدود تجربة السرد الغزيرة والواسعة التي ألفها. اختار للبطلة اسم «سلمى» تذكيرًا بجبال أجا وسلمى في حائل، مسقط رأس جبير المليحان ومأوى فؤاده، والمنطقة التي كوَّنت مفرداته الأدبية.
وتلاقت بين ثنايا الرواية حكايات الحب والمعاناة، مثلما تلاقت الجبال والصحراء والنخيل، في تجربة ثرية، باللغة التي عُرف بها المليحان قاصًا وساردًا. يذكر أن جبير المليحان أسس موقعًا إلكترونيًا ينشر إبداعات القاصين العرب، باسم «القصة العربية»، يضم نحو ألفي أديب وقاص يمثلون 21 دولة عربية، وهو ينشر نصوصًا لأكثر من أربعة آلاف قاصٍ وقاصة بأسماء حقيقية، ولديه مخزون من السرد يتجاوز 18 ألف نص قصصي، وعدد المشتركين يتعدى العشرين ألفًا. وأصبح هذا الموقع مشروعًا ومنتدى للمبدعين في هذا المجال، ينشر النصوص ويحظى أصحابها بالقراءات النقدية وتبادل الخبرات والتواصل الثقافي بين المبدعين العرب. وتبنى هذا الموقع جيلاً من المبدعين الشباب أصبحوا معروفين ونالوا الجوائز على أعمالهم السردية، وهو موقع تطوعي لا يتلقى دعمًا من أحد. وتم تكريم المليحان من قبل وزراء الثقافة لدول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعهم الحادي والعشرين بالعاصمة القطرية، ضمن تكريم المبدعين في دول المجلس، كما كرَّمه النادي الأدبي بالرياض في الدورة السادسة لملتقى النقد الأدبي 2016.
من أجواء الرواية: «ضمّ سلمى، ضمّها بكل جوارحه. ضمّها بحرية، شمّ رائحتها، شمّت رائحته، وهي ترتعش على صدره. شبّ النار، نظر في عينيها، مشى نحوها، ومسح بيده الدمعتين النازلتين كنقطتي ماءٍ صافٍ، قَبَّلَ عينيها، ضمّته، قبّل ثغرها، وشرب من الرحيق، تأوهت. احتضنا... ومع أن النّخَيْلاتِ ذات العسب المتدلية، والصخور المبعثرة في أماكنها منذ الأزل، والجبال العالية التي كانت تتطلع إلى الغيوم والسماء، والقمر المكتمل الصاعد بهدوء وسعادة، والغيمة التي تلاعب الريح، والهواء العذب، الذي بدا رقيقًا، هينًا، وهو يمر برفق على خديهما، أو الماء الضاحك سابحًا في حضن العين، أو حتى العشب المكتظ بالروائح والعطر، أو الطيور التي سمعا رفرفة أجنحتها، دون أن يرياها، والتي، ربما أفاقت فرحة بهذا العرس، أو ربما تصفق في كف صخرة، أو في حضن شجرة، أو تخرج رأسها من عش، كلها؛ كانت تبارك ما يجري بين حبيبين، إلا أن القلبين، هما، والنَّفَسَيْنِ، هما، والشفتين، هما، والأصابع، والجسدين،... من يعرف كل ذاك الفرح الذي أعشب الآن، مطلاً برؤوسه بحريّة، متراقصًا في القلبين الحبيبين، ويعرف همس لغتهما الفريدة. جلسا، وأوقد النار».
«أبناء الأدهم» الرواية الأولى لجبير المليحان
«أبناء الأدهم» الرواية الأولى لجبير المليحان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة