«حزب الله» يستعرض قوته و«سيطرته» في القصير السورية.. وسط صمت لبناني

أشرف ريفي: ماذا سيقول «الرئيس القوي» للبنانيين عن الميليشيات المسلحة

تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي عن كيفية وصول آليات «M113» الأميركية إلى «حزب الله» في القصير علما بأن جيش الأسد وروسيا لا يمتلكان مثل هذه الآليات (مواقع لبنانية وسورية)
تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي عن كيفية وصول آليات «M113» الأميركية إلى «حزب الله» في القصير علما بأن جيش الأسد وروسيا لا يمتلكان مثل هذه الآليات (مواقع لبنانية وسورية)
TT

«حزب الله» يستعرض قوته و«سيطرته» في القصير السورية.. وسط صمت لبناني

تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي عن كيفية وصول آليات «M113» الأميركية إلى «حزب الله» في القصير علما بأن جيش الأسد وروسيا لا يمتلكان مثل هذه الآليات (مواقع لبنانية وسورية)
تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي عن كيفية وصول آليات «M113» الأميركية إلى «حزب الله» في القصير علما بأن جيش الأسد وروسيا لا يمتلكان مثل هذه الآليات (مواقع لبنانية وسورية)

أعاد ما يسمى «حزب الله» اللبناني العروض العسكرية التي أوقفها في لبنان منذ عام 1992، أي مع عودة هيكيلية الدولة اللبنانية بعد اتفاق الطائف، مكتفيا منذ ذلك العام بعروض شبه عسكرية يغيب عنها السلاح، الذي عاد للظهور الأحد الماضي في مدينة القصير السورية التي باتت منطقة خاضعة بالكامل للحزب، منذ أن سيطر عليها في مستهل دخوله الحرب السورية تحت عنوان حماية «سكانها من اللبنانيين».
وكان لافتا بقوة، أن الحزب نقل احتفالاته بما يسمى «يوم شهيد حزب الله» من لبنان إلى سوريا، حيث غابت المظاهر الاحتفالية كليا، ليفاجأ الجميع بخبر غير رسمي وزعته وسائل إعلام قريبة من الحزب يظهر عشرات الآليات الحديثة والمدرعات والمقاتلين، في عرض قوة واضح اختلف المحللون في تفسيره.
وقرأ عضو الائتلاف السوري المعارض ميشال كيلو بالاستعراض العسكري ما يسمى «حزب الله» في القصير رسالة لكل من يعنيهم الأمر في سوريا، بأنه تحول قوة احتلال ولم يعد قوة مقاتلة فقط، كما أن وجوده لم يعد طارئا أو مؤقتا، وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أراد (الحزب) أن يؤكد بأن وجوده جزء من الوجود الإيراني الشامل الذي يغطي سوريا بأسرها».
واعتبر كيلو أن الحزب «سعى أيضا من خلال المظاهرة العسكرية لإقناع جمهوره كما من ينتقدونه أنه لا يزال قويا وهو مرتاح ومستوطن في سوريا، والأهم أن هناك جزءا من الأراضي السورية بات تابعا له وأنه السلطة المطلقة فيه». وقال: «بهذا الاستعراض رفع الحزب أيضا من قيمة ورقة إيران التفاوضية في سوريا باعتبار أنها أثبتت أن لديها وجودا أخطبوطيا متشعبا لا يقتصر على الحرس الثوري والجيش الإيراني».
ورأى كيلو أن «الصور والمشاهد الواردة من القصير تُسقط نظرية بشار الأسد القائلة بأنه يدافع عن البلد فإذا به يلعب الدور الرئيسي بانتهاك كرامته من خلال استقدام هؤلاء الغزاة الذين سنبقى نقاتلهم ونطردهم ولن نسمح لهم بالجلوس بمنازل 80 ألف مواطن سوري هجروهم من القصير وقتلوا ألفا منهم وجرفوا أراضيهم».
من جهته، أعرب المستشار القانوني لـ«الجيش السوري الحر»، أسامة أبو زيد عن استغرابه لـ«نوعية السلاح الذي تخلله العرض العسكري، خصوصا لوجود مدرعات أميركية الصنع» مرجحا أن يكون «سلاحا ثقيلا استولى عليه الحزب من الجيش اللبناني؛ ما ينسف وجود أي هيبة للدولة اللبنانية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أما ما يسوقه لجهة أنها مدرعات استولى عليه خلال مواجهته مع إسرائيل فحجج لا يمكن أن تمر على أحد.. فقد قاتلنا جيش النظام لـ5 سنوات ولم نتمكن من الحصول على هذا العدد من المدرعات السليمة والصالحة للاستعراض». واعتبر أبو زيد أن «(حزب الله) أثبت ومن خلال استعراضه هذا ألا سلطة للأسد على الناس الذين يقاتلون معه، وأن الهدف من قتالهم إلى جانبه تقاسم النفوذ والمناطق الجغرافية».
في المقابل، غابت يوم أمس أي مواقف لبنانية رسمية من الاستعراض العسكري الذي نظمه ما يسمى «حزب الله» في مدينة القصير السورية الواقعة على محاذاة الحدود الشمالية للبنان، ففيما شن ناشطون لبنانيون وسوريون حملات انتقاد واسعة لما أسموه «تمادي الحزب بانتهاك السيادة السورية في ظل صمت رسمي لبناني مريب»، رد مصدر وزاري لبناني على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لا قدرة لنا على التعاطي مع الملف، ولننصرف لمعالجة شؤوننا الداخلية وأزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وخرق وزير العدل أشرف ريفي الصمت اللبناني الرسمي، فرأى أن «استعراض (حزب الله) في القصير، قبل عيد الاستقلال، يطيح بما بُني من آمال حول قدرة أو نية العهد باستعادة ولو جزءا بسيطا من هيبة الدولة وصورتها»، معتبرا أنه «استفاد من غطاء خطاب القسم، الذي شرع له مفهوم الأمن الاستباقي».
وتساءل ريفي: ماذا سيقول «الرئيس القوي» للبنانيين، عن ميليشيا مسلحة تحولت إلى جيش يشارك في احتلال سوريا واقتسامها وقتل أهلها؟ ماذا سيقول الرئيس الذي أقسم على حماية الدستور، وحفظ لبنان وسيادته ومؤسساته وحماية حدوده؟» منبها إلى أن «لبنان أصبح في المكان الخطر». وأضاف ريفي: «إذا كانت الميليشيا تستدرج عروضًا للمجتمع الدولي بأنها شريك في محاربة الإرهاب، فهذا ترويج لعملة مزورة. الإرهاب لا يُكافَح بالإرهاب»، مشددا على أن «الرأي العام العربي والإسلامي هو المتضرر الأول من الإرهاب، وهو المؤهل لمحاربته، حماية لصورة الإسلام وقيمه». حثّ وزير العدل «جميع القوى الرافضة للوصاية الإيرانية، أن تكون معًا، لإنقاذ لبنان الذي يستعمله (حزب الله) بغطاء شرعي، منصة في خدمة مشروع إيران».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.