«إعصار ترامب»: القلق والخسائر يسيطران على أسواق العالم.. عدا موسكو

أسعار الذهب تقفز والدولار يتراجع والنفط يتجاوز الكبوة

حالة الأسواق العالمية بعد إعلان النتيجة (بلومبيرغ)
حالة الأسواق العالمية بعد إعلان النتيجة (بلومبيرغ)
TT

«إعصار ترامب»: القلق والخسائر يسيطران على أسواق العالم.. عدا موسكو

حالة الأسواق العالمية بعد إعلان النتيجة (بلومبيرغ)
حالة الأسواق العالمية بعد إعلان النتيجة (بلومبيرغ)

كأثر العاصفة، ومع الإعلان أمس رسميا عن فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في منافسات الانتخابات الأميركية، في الساعات الأولى من الصباح، شهدت الأسواق العالمية موجة واسعة من الخسائر، وتزايدت حدة القلق العالمي مع اتجاه واسع لشراء الذهب؛ ما قفز بأسعاره بنسبة كبيرة، فيما تراجع الدولار أمام سلة العملات، بينما نجح النفط في عكس خسائره الصباحية والاتجاه إلى الصعود مجددا مع نهاية اليوم.
ويرى أغلب المحللين والمراقبين، أن فوز ترامب «المفاجئ» سيسفر عن اضطرابات واسعة في أسواق المال حول العالم، ربما تصل إلى حد «الفوضى الاقتصادية العارمة»، خصوصا أن هذا الوضع يشبه كثيرا «في غرابته» ما أحدثه قرار الناخبين البريطانيين «غير المتوقع» بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الشهير الذي جرى في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، الذي لا تزال أصداؤه تتردد في الأسواق والاقتصادات العالمية حتى اليوم.
- موسكو تربح.. «على أمل»
وكان من اللافت تسجيل أسواق المال الروسية أمس ارتفاعات عقب الإعلان عن فوز ترامب، على عكس أغلب البورصات العالمية، خصوصا بعد إعراب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في «العمل المشترك لإخراج العلاقات الأميركية - الروسية من حالتها الصعبة»، بحسب بيانه لتهنئة ترامب، مؤكدا أن «إقامة حوار بناء سيكون في مصلحة البلدين والمجتمع الدولي». وبعد انخفاض أولي طفيف، عوضت أسواق المال الروسية خسائرها بسرعة لتتجه إلى الارتفاع، حيث ارتفع مؤشر بورصة «آر تي إس» المسعرة بالدولار بنسبة 1.17 في المائة نحو الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش، كما ارتفع مؤشر «ميسيكس» المسعر بالروبل بنسبة 1.02 في المائة. أما الروبل، فقد استقر سعره مقابل العملة الأميركية عند مستوى 68.86 للدولار الواحد، لكنه سجل تراجعا طفيفا مقابل اليورو الذي بات يعادل 70.93 روبلا.
وقال كبير الاقتصاديين في مصرف «رينيسانس كابيتال» لوكالة الصحافة الفرنسية إن «روسيا يمكن أن تكون السوق الناشئة التي ستجني أكبر فائدة من فوز ترامب، مع الأمل في إمكانية أن يخفف العقوبات المفروضة على روسيا خلال العام المقبل».
- القلق يعزز الذهب
لكن على عكس الوضع الروسي، تراجعت أغلب مؤشرات الأسواق العالمية خلال تعاملات الأمس، حتى قبل الإعلان رسميا عن فوز ترامب، وبمجرد اقترابه من حسم السباق الرئاسي لصالحه، كما هبطت أسعار النفط بشكل حاد؛ الأمر الذي دفع المستثمرين إلى الإقبال على الذهب.
وسجلت أسعار الذهب ارتفاعا كبيرا خلال تعاملات الأربعاء، بعد أن لجأ المستثمرون إلى المعدن الأصفر بصفته ملاذا آمنا بعد فوز ترامب. وقفز الذهب نحو 5 في المائة، لكن المكاسب تقلصت بعد ذلك لينزل الذهب دون 1300 دولار للأوقية (الأونصة) مع استقرار الأسواق الأوسع نطاقا بعد خطاب النصر المعتدل الذي ألقاه ترامب، لكن المعدن الأصفر ظل مرتفعا بنسبة 2 في المائة، متجها نحو تحقيق أعلى ارتفاع في يوم واحد منذ قرار بريطانيا بالانفصال عن الاتحاد الأوروبي في يونيو. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية لأعلى مستوى في ستة أسابيع إلى 1337.40 دولار للأوقية، بزيادة 5 في المائة تقريبا، وبلغ 1300.80 دولار للأوقية بحلول الساعة 0930 بتوقيت غرينتش.وجرى تداول الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم ديسمبر (كانون الأول) على ارتفاع بمقدار 26.90 دولار للأوقية، ليصل إلى 1301.40 دولار للأوقية، بعدما وصل لأعلى مستوى خلال الجلسة أمس عند 1338.30 دولار للأوقية. ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة إلى 18.65 دولار للأوقية، بزيادة 1.6 في المائة، بعد وصولها لأعلى مستوى منذ الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) عند 18.996 دولار للأوقية. وزاد البلاتين بنسبة 0.1 في المائة، ليصل إلى 1003.31 دولار للأوقية، في حين صعد البلاديوم بنسبة 0.1 في المائة إلى 663.40 دولار للأوقية.
- الدولار يفقد 2 %
فقد الدولار الأميركي نحو 2 في المائة من قيمته أمام سلة من العملات الرئيسية خلال تعاملات أمس، في أعقاب الإعلان عن فوز ترامب.
وفي التعاملات الصباحية، ارتفع اليورو أمام الدولار بنسبة 1.58 في المائة، ليعادل 1.1200 دولار، وهو أعلى مستوى للعملة الأوروبية أمام الدولار منذ 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، كما خسرت العملة الخضراء 2.66 في المائة من قيمتها أمام الين الياباني، لتعادل 102.35 ين، وارتفع الجنيه الإسترليني أمام الدولار بنسبة 0.7 في المائة ليعادل 1.2471 دولار. لكن تقارير لاحقة أشارت إلى تفاقم خسائر الدولار، وبلوغها حاجز 2 في المائة أمام سلة العملات الرئيسية. وكان ذلك حتى وقت متأخر أمس, ثم بدأ الدولار بالتعافي.
- النفط يصلح من أوضاعه
وبعد بداية شهدت تراجعات حادة في أسعار النفط الخام، خصوصا خلال التعاملات الآسيوية، حسّن النفط من أوضاعه مع انتصاف اليوم. وصباحا، هوت العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط بنسبة 4 في المائة لتسجل 43.07 دولار للبرميل، كما تراجعت العقود الآجلة لمزيج برنت بما يوازي 2.43 في المائة لتصل إلى مستوى 44.92 دولار للبرميل. لكن النفط تمكن من تعويض خسائره الأولية، إذ صعد بنسبة نحو 4 في المائة، ليجري تداوله فوق 46 دولارًا للبرميل. وزاد خام القياسي العالمي برنت في العقود الآجلة سبعة سنتات، إلى 46.11 دولار للبرميل، بعد تراجعه إلى أدنى مستوى منذ 11 أغسطس (آب) الماضي، وزاد الخام الأميركي سنتًا واحدًا، ليصل إلى 44.99 دولار للبرميل.
وقال محللون إن فوز ترامب ربما يكون له بعض النتائج الداعمة لأسعار النفط، مفسرين ذلك بأن أحد الأسباب أن الرئيس الأميركي الجديد انتقد اتفاق الغرب مع إيران بشأن برنامجها النووي، والذي سمح بدوره لطهران بزيادة صادرات النفط الخام بشكل حاد في العام الحالي.. لكن هناك أيضا من المحللين من يرى أن النفط ربما يعاني أكثر مع «حقبة ترامب»، خصوصا في ظل إعلانه المتكرر خلال حملته عن تعهده بفتح جميع الأراضي والمياه الاتحادية أمام أنشطة التنقيب عن النفط والغاز.
وجاء تحسن النفط أمس رغم ظهور عامل ضغط جديد، حيث أظهر تقرير لمعهد البترول الأميركي أن مخزونات الخام الأميركية زادت بمقدار 4.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي؛ مما أثر على أسعار النفط، ويزيد هذا على توقع المحللين لزيادة 1.3 مليون برميل.
- يوم سيئ لاقتصاد العالم
بعد سويعات من إعلان فوز ترامب، قال عضو مجلس حكام البنك المركزي الأوروبي أيوالد نووتني إن فوزه المفاجئ بالرئاسة الأميركية «ليس يوما جيدا للاقتصاد العالمي».
وصرح للصحافيين في فيينا بأن المركزي الأوروبي «مستعد للتدخل»، محذرا من «مشاعر واسعة بانعدام الأمن» بعد أن تسببت نتيجة الانتخابات الأميركية في «صدمة» بالأسواق العالمية. مضيفا أن «المراقبة الشديدة ضرورية في الوقت الحالي». ونووتني عضو في مجلس حكام البنك المخول اتخاذ قرارات السياسة النقدية، كما أنه محافظ البنك المركزي النمساوي. وأكد أن انتعاش أوروبا الاقتصادي يمكن أن يتأثر كذلك إذا اتخذت رئاسة ترامب «منحنى سيئا».
وأضاف نووتني إنه يتوقع «فترة من انعدام الاستقرار على المدى المتوسط»، كما حدث بعد قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال: إنه من المبكر جدا التكهن بما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (المركزي الأميركي) سيرفع نسبة الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل كما كان متوقعا. مضيفا أن «ذلك سيعتمد على كيفية رد فعل الاقتصاد الأميركي بشكل عام».
ودعا كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي بيتر بريت كذلك إلى الهدوء، وقال «أعتقد أن علينا التزام الهدوء، وأن نكون أهدأ من الأسواق بالتأكيد». وأضاف على هامش مؤتمر مصرفي في بروكسل: «من المبكر إصدار رد فعل على مثل هذه الأحداث، ونحن نراقب الوضع عن كثب»، و«أعتقد أن كل الاتصالات بشأن السياسة المالية لم تتغير، ولن تتغير نتيجة الانتخابات».
- الإعصار بدأ في أميركا
وفي الولايات المتحدة، انخفضت أسواق المال الأميركية صباح أمس وبورصة نيويورك أكثر من 5 في المائة مساء الثلاثاء مع تقدم ترامب على كلينتون، ثم بدأت المؤشرات في التحسن عند منتصف اليوم. حيث هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز» الأوسع نطاقا بنسبة 5.01 في المائة، فيما تهاوى مؤشر «ناسداك» الذي تغلبت عليه أسهم شركات التكنولوجيا بنسبة 5.08 في المائة. وبالأمس، ومع افتتاح التعاملات بالأسواق الأميركية عقب إعلان النتائج، واصلت الأسهم تراجعها، حيث تراجع مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة 25.55 نقطة، بما يعادل 0.14 في المائة، ليصل إلى مستوى 18307.19 نقطة.
وانخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 10.84 نقطة، أو بنسبة 0.51 في المائة، ليصل إلى 2128.72 نقطة، كما نزل مؤشر «ناسداك المجمع» بمعدل 41.65 نقطة، أو بنسبة 0.8 في المائة، ليسجل 5151.84 نقطة.
- خسائر بالأسواق الأوروبية
من جانبها، استهلت مؤشرات الأسواق الأوروبية تعاملات أمس بتراجع جماعي كبير، بعد فوز ترامب. وهوى مؤشر «يورو ستوكس 600» في مستهل التعاملات بما يوازي 3.8 في المائة، كما تراجع مؤشر «فايننشال تايمز» في بريطانيا بنسبة 3.1 في المائة ليصل إلى مستوى 6607.50 نقطة.
وفي ألمانيا، تراجع مؤشر «داكس» بنسبة 3.4 في المائة مسجلا 10093 نقطة، كما هبط مؤشر «كاك 40» في فرنسا بما يوازي 3.9 في المائة ليصل إلى مستوى 4302.50 نقطة.
وبعد دقائق من بدء التعاملات، تراجع مؤشر «فايننشيال تايمز إم آي بي» في إيطاليا بنسبة 2.77 في المائة مسجلا 16352.78 نقطة، كما هبط مؤشر «إيبكس 35» في إسبانيا بما يوازي 2.78 في المائة ليصل إلى مستوى 8687.80 نقطة.
أيضا، انخفضت بورصات الدول الاسكندنافية أمس متأثرة بفوز ترامب، فقد انخفض مؤشر «أو إم إكس ستوكهولم 30» في بداية التداول. وبعد مرور نصف ساعة، ارتفع المؤشر الذي يضم 30 سهما من الأسهم الأكثر تداولا في بورصة استوكهولم، لكنه تراجع بعد ذلك بنسبة 1.8 في المائة. وانخفض أيضا مؤشر «أو إم إكس كوبنهاغن» في الدنمارك، ومؤشر «هلسنكي» الفنلندي عند بداية التداول.
- أفريقيا أيضا تأثرت
ولم تسلم القارة السمراء من آثار فوز ترامب؛ إذ انخفضت الأسهم في أكبر بورصة بأفريقيا بنسبة 1.43 في المائة أمس. وقد انخفض مؤشر البنوك في بورصة جوهانسبرغ بنحو 3 في المائة، لتكون البنوك الأكثر تضررا من فوز ترامب، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة «بيزنس توداي» المحلية.
وقال محللون بشركة «مومينتوم إس بي ريد» للسندات في جنوب أفريقيا إنه من المحتمل أن يتسبب فوز ترامب في حدوث مستويات مرتفعة من الغموض والتضارب في البورصات الأفريقية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التذبذب، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
- آسيا أكبر المتضررين
وربما كان الأثر الأكبر لإعلان فوز ترامب على الجانب الشرقي للعالم، خصوصا أن الأسواق افتتحت وأغلقت في وقت ساد فيه الترقب لإعلان النتائج؛ ما ترك الأسواق والمستثمرين في حالة من «عدم اليقين» بأكثر من باقي أرجاء العالم، التي ربما أسهم في تهدئتها خطاب ترامب الذي كان «سياسيا» و«أكثر حنكة» من ذي قبل، لكنه صدر عقب إغلاق أغلب الأسواق الشرق آسيوية.
وتكبد مؤشر «نيكي» الياباني أكبر خسارة يومية منذ استفتاء خروج بريطانيا؛ إذ هبطت الأسهم اليابانية أكثر من 5 في المائة مسجلة أكبر انخفاض يومي منذ «البريكسيت»، متأثرة بمرحلة «فرز النتائج» في الانتخابات الأميركية.
وهبط المؤشر «نيكي» القياسي بنسبة 5.4 في المائة، مغلقا عند مستوى 16251.54 نقطة، بعدما تأرجح بين الانخفاض والارتفاع مع توالي نتائج فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وهوى المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقا بنسبة 4.6 في المائة، ليصل إلى مستوى 1301.16 نقطة، مع هبوط جميع مؤشراته الفرعية. وانخفض المؤشر «جيه.بي.إكس - نيكي 400» بنسبة مماثلة، ليهبط إلى مستوى 11662.18 نقطة.



الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.