الأسد يوجه ضربة لـ«جنيف 2» بإقالة جميل

محللون: إما أنه تجاوز ما هو مرسوم له أو انتهى دوره.. أو حاول تسويق نفسه كبديل مقبول > نائب رئيس الوزراء المعزول: خروجنا من الحكومة أسهل من دخولنا إليها

قدري جميل نائب رئيس الوزراء السوري الذي اقاله الاسد أمس (رويترز)
قدري جميل نائب رئيس الوزراء السوري الذي اقاله الاسد أمس (رويترز)
TT

الأسد يوجه ضربة لـ«جنيف 2» بإقالة جميل

قدري جميل نائب رئيس الوزراء السوري الذي اقاله الاسد أمس (رويترز)
قدري جميل نائب رئيس الوزراء السوري الذي اقاله الاسد أمس (رويترز)

تلقت جهود عقد مؤتمر «جنيف 2» الخاص بسوريا ضربة جديدة تشكك في جدية نظام بشار الأسد في الجهود التي بنت عليها واشنطن آمالا في تحقيق حل سياسي. ففي بيان رسمي مفاجئ من الرئاسة السورية، أعلن عزل نائب رئيس مجلس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، إثر لقائه مع مسؤولين أميركيين.
وبينما برر النظام السوري قرار إعفاء جميل بـ«تغيبه عن مقر عمله وقيامه بـ(لقاءات في الخارج من دون التنسيق مع الحكومة) السورية»، أكدت وزارة الخارجية الأميركية لقاء السفير الأميركي الخاص بسوريا روبرت فورد بجميل السبت الماضي. وفسر محللون في لندن وواشنطن الخطوة التي أثارت تساؤلات في عواصم العالم المعنية بأنه إما أن يكون جميل قد استنفد الغرض المطلوب منه بعد أن بدأت الريح تتجه لصالح الأسد، أو أنه قد يكون قد تخطى الدور المرسوم له والذي كان يقوم خلاله بإطلاق بالونات اختبار.
وربط أحمد رمضان، القيادي في الائتلاف السوري المعارض، بين إعفاء جميل من منصبه ولقاءات مع مسؤولين أميركيين أجراها في جنيف، التي زارها انطلاقا من موسكو، مكان إقامته في الأسابيع الأخيرة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأميركيين سبق أن أبلغوا معارضين في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بأن جميل التقى مسؤولين أميركيين، بناء على طلبه، وأبدى أمامهم الاستعداد للقبول بمرحلة انتقالية لا يكون الرئيس السوري بشار الأسد جزءا منها»، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن «الأميركيين لم يبدوا أي اهتمام بمواقفه لإدراكهم المسبق عدم تأثيره في صنع القرار السوري الرسمي».
وعقد جميل السبت الماضي لقاء في جنيف مع فورد، السفير الأميركي لدى سوريا، المقيم خارجها بسبب الأزمة والمكلف بالملف السوري، وبحث معه في التحضيرات لعقد مؤتمر «جنيف 2». وبحسب المصادر فإن جميل طلب من فورد المشاركة في «جنيف 2» كجزء من وفد المعارضة، إلا أن المسؤول الأميركي رفض شارحا أنه من الصعوبة بمكان أن يكون المرء في الحكومة والمعارضة في الوقت نفسه.
ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول «شرق أوسطي» قوله إن جميل «قدم ما اعتبره فورد في ما يبدو مقترحات غير قابلة للتنفيذ في ما يتعلق بمحادثات جنيف. وحاول أيضا دون جدوى كسب الدعم الأميركي لضمه إلى صف المعارضة في محادثات جنيف». وكان من اللافت أن جميل سعى إلى قيادة وفد ثالث في مفاوضات «جنيف 2» على أساس مستقل.
وذكرت رئاسة مجلس الوزراء السوري، في مرسوم الإعفاء الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أمس، أنه نتيجة «لغياب جميل عن مقر عمله ومن دون إذن مسبق، وعدم متابعته لواجباته المكلف بها كنائب اقتصادي في ظل الظروف التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى قيامه بنشاطات ولقاءات خارج الوطن من دون التنسيق مع الحكومة وتجاوزه العمل المؤسساتي والهيكلية العامة للدولة، صدر مرسوم رئاسي بإعفائه من منصبه».
وجميل عضو في ما يصفه الرئيس السوري «بالمعارضة الوطنية»، وهي أحزاب سياسية تعتبر نفسها منافسة للرئيس لكن لم تنضم للانتفاضة المندلعة ضد حكمه منذ سنتين ونصف السنة، ويطلق عليها البعض بـ«معارضة الداخل». وفي رد أولي على القرار، كتب جميل على صفحته على موقع «فيس بوك»: «نقول منذ زمن إن خروجنا من الحكومة أسهل بكثير من دخولنا إليها».
ويبدو أن نبأ إعفاء جميل من منصبه، مع تسارع التحضيرات لعقد مؤتمر «جنيف 2» وبالتزامن مع وجود المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي في دمشق، لم يفاجئ السوريين أنفسهم، لا سيما أنه موجود منذ أسابيع في إجازة يقضيها مع عائلته في روسيا، وفق ما سبق أن أعلنته مصادر في الحكومة السورية الأسبوع الماضي.
وقال أندرو تابلر، الباحث في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، إنه من غير الواضح أبعاد إقدام الأسد على إقالة جميل و«هل سيتم القبض عليه لأنه اجتمع مع مسؤولين أميركيين». وأوضح تابلر أن جميل يتواصل مع المعارضة السورية ويحاول التعاون معها، ويعد أحد أعضاء ما يطلق عليه المعارضة الوطنية التي لم تشارك في «العنف المسلح» ضد نظام الأسد، وهذا لا يمكن أن يتحقق على أرض الواقع السوري، فلا يمكن أن يكون أحد رموز النظام وعضو المعارضة في وقت واحد. واستبعد تابلر أن تقبل المعارضة السورية تعاونا مع جميل الذي يعد أحد رموز حكومة الأسد، كما استبعد أن تؤثر إقالة جميل من منصبه على قدرة الأسد على التفاوض في «جنيف 2»، والذي يصر على رفض أي شروط مسبقة لها.
وعلق ديفيد باتلر، المحلل في برنامج الشرق الأوسط بالمعهد الملكي «تشاتام هاوس» في لندن، قائلا إن إقالة جميل ليست مفاجأة، فالرجل كان يقوم بإعطاء تصريحات تبدو كبالونات اختبار، أو ربما تكون لخدمة أهدافه هو. وأضاف أنه عندما أجرى الأسد التعديل الأخير في حكومته سحب بعض اختصاصاته، فالفكرة الأساسية بأن يكون قائد الفريق الاقتصادي في الحكومة لم تنجح على ما يبدو. أما على الجانب السياسي فرأى باتلر أنه ربما يكون هناك شعور لدى النظام أن جميل يقدم نفسه كبديل مقبول، أو أنه قد تكون الفائدة منه انتهت. ويتابع باتلر قائلا إن «جنيف 2» بالنسبة إلى الأسد هي فرصة ليجمع بقية العالم على طاولة حول رؤيته للحل السياسي التي تتماشى سواء أزيد أو أقل مع خريطة الطريق التي أعلنها سابقا.
وأعرب عن اعتقاده أن الأسد يريد العملية السياسية بهدف أن يرى العالم الأزمة من خلال رؤيته هو. وعن جميل، يرى باتلر أنه «ليس رقما مهما في النظام السوري، وأنه قد يكون مفيدا لبعض الوقت، وأنه يمثل معارضة في إطار النظام ولكن الآن مع اتجاه الريح لصالح الأسد لم تعد هناك حاجة له، وربما حدثت لديه أوهام حول مقدار نفوذه».
أما أندرو بوين، من معهد بيكر لأبحاث الشرق الأوسط، فقال إنه يعتقد أن الأسد جاد حول التفاوض، لكنه سيطيح بأي شخص يحاول التفاوض يتجاوز ما هو محدد له لتفادي أي واسطة أو صفقة قد تخرج عن شروطه. وقال إن فصله لا بد أن يكون سببه مناقشة لم يكن يجب أن تحدث، أو شيئا قوى مركزه وليس موقف بشار. وقال «أعتقد أيضا أن الدائرة المحيطة به لم تقرر بعد من يجب أن يمثلهم، أو كيف سيكون شكل المفاوضات أو ما هي التنازلات المستعد النظام تقديمها».
كريستوفر فيليبس، المحاضر في جامعة «كوين ماري» والزميل في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد «تشاتام هاوس» أوضح «قد يكن الأمر متعلقا بترتيب المنزل من الداخل، ولتوصيل رسالة لأي طرف قد يفكر في التآمر: لا تتآمرو وراء ظهري» (أي ظهر الأسد) وغير ذلك. أو قد تكون إشارة إلى الروس وآخرين بأنه «إما تعملون من خلالي أو لا تعملون كليا». وأضاف «أعتقد أن الأسد ليس جادا في ما يخص التخلي عن السلطة، هكذا أنظر إلى الأمر. إذا كان ينوي التوجه إلى جنيف من أجل مسايرة الروس، فسيفعل ذلك، وأعتقد أن ما نراه حاليا مسرحية من النظام في ما يخص جنيف».
ومن جهته، أوضح فيصل ايتاني، الباحث بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع لمركز أتلانتك، أن قيام الرئيس بشار الأسد بطرد قدري جميل يرسل رسالتين، الأولى للمجتمع الدولي يؤكد فيها أنه يملك كل مفاتيح السلطة، وأنه يسيطر على مسار أي مفاوضات حول سوريا، وأنه الرجل القوي في الحكم ولديه كل القدرات والإمكانيات. والرسالة الثانية يرسلها إلى الروس، فمن المعروف أن قدري جميل من الشخصيات المقربة لدى الدوائر الروسية، وبتنحية قدري من منصبه يقول الأسد للروس إنهم لن يستطيعوا أن يفرضوا آراءهم عليه أو أن يضغطوا عليه في أي مجال يتعلق بالمفاوضات مع المعارضة.
ويقول ايتاني «من الممكن أن قدري كان يحاول التوصل للتقارب بين النظام السوري والمعارضة، ومن الواضح أنه كان يعمل وراء ظهر الرئيس الأسد لذا كان قرار إقالته من منصبه رسالة واضحة بأنه لن يشارك في أي مفاوضات».
وجاءت إشارة المصادر الحكومية السورية إلى أن جميل يقضي إجازة، فيما يفترض أنه في مهمة عمل رسمية، عقب تصريحات أطلقها من موسكو، أعلن فيها تحديد موعد مؤتمر «جنيف 2» في الثالث والعشرين من الشهر المقبل، الأمر الذي أثار حفيظة «الخارجية الروسية». ووجه الناطق باسمها ما يشبه التوبيخ بقوله إن تحديد موعد المؤتمر «ليس من شأن المسؤولين السوريين».
بعد هذه الواقعة، كثرت الشائعات عن انشقاق جميل، لكن سرعان ما نفتها مصادر مقربة من الحكومة وبشكل غير رسمي، قبل أن يتبين عمليا أنه في إجازة مفتوحة في موسكو، وتلت ذلك توقعات بإعفائه من مهامه. ولهذا لم يكن مفاجئا أن يعفى من منصبه بل كان أمرا متوقعا، خصوصا مع استمرار عقده لقاءات مع المعارضة السورية في الخارج، تردد أنه يجريها من دون تنسيق.
وأفادت معلومات بلقائه قبل يومين «وفدا عالي المستوى من وزارة الخارجية الأميركية» بحث معه في «قضايا أساسية جدا»، بحسب ما صرح به جميل. وقال، في تصريحات صحافية، إنه التقى «ممثلين عن الخارجية الأميركية بصفتي ممثلا عن جزء من المعارضة السورية». ونقلت وسائل إعلام موالية لقائه أعضاء في هيئة التنسيق (معارضة الداخل)، مشيرة إلى أنه عقد «اجتماعات سرية مع رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم، وأطراف معارضة أخرى في إطار التحضير لانضمام هذه الأطراف إلى الائتلاف الوطني السوري للمشاركة في وفد معارض واحد في (جنيف 2)».
وكانت مصادر في دمشق كشفت في وقت سابق عن زيارات يجريها قدري جميل بين موسكو وجنيف، بالتنسيق مع النظام السوري ومسؤولين في القيادة الروسية. كما جرى اتصال هاتفي بين جميل والإبراهيمي، طالبه فيه بضرورة عدم التفكير في تأجيل مؤتمر «جنيف 2».
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أمس لقاء السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد مع جميل السبت الماضي في جنيف. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن جميل «كان يقود حزبا معارضا مرتبطا بالحكومة، ويبدو أنه ترك هذا المنصب الآن». وبينما أثيرت تساؤلات عن سبب لقاء فورد مع مسؤول سوري رفيع المستوى، أوضح المسؤول الأميركي: «إننا نلتقي بالكثير من السوريين من خلفيات سياسية كثيرة.. ونلتقي بشكل نظامي مع سوريين لديهم اتصال مباشر مع النظام في دمشق، ونحن نقوم بذلك لأننا نريد أن يصل النظام والمعارضة إلى اتفاق سياسي مثلما تم تحديده في بيان جنيف في يونيو (حزيران) 2012».
وكانت رسالة فورد واضحة لجميل ولمن يلتقيهم من سوريين من طرفي النظام والمعارضة، بأنه من الضروري ألا يكون الأسد والمقربون منه جزءا من أي حكومة انتقالية، وهذا أمر ترفضه الحكومة السورية. ويذكر أن اجتماع وزراء خارجية الدول الـ11 الأساسية الأسبوع الماضي شدد على ضرورة عدم إشراك الأسد في السلطة، وأن عليه أن يتخلى عن «السلطات التنفيذية» لحكومة انتقالية. وأوضح المسؤول الأميركي «اننا واضحون، لا يوجد حل عسكري للطرفين، يجب أن تكون هناك عملية تفاوض سياسي لا آلية حكم انتقالية جديدة بناء على التراضي وبسلطات تنفيذية كاملة». وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة ملتزمة بالبيان الختامي الصادر عن اجتماع لندن والذي «يطالب المعارضة بحضور اجتماع (جنيف 11) المزمع والذي يؤكد على ضرورة أن تكون المعارضة ممثلة عن الشعب السوري بالإضافة إلى ضرورة معالجة قضية توصيل المساعدات الإنسانية وإطلاق المعتقلين، ونحن نوصل هذه الرسائل لكل السرويين الذين نلقتي بهم».
وتعليقا على ما تناقلته وسائل الإعلام عن اجتماع عقد في جنيف بين مسؤولين أميركيين وجميل، قال وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية السوري علي حيدر أمس بعد لقائه الإبراهيمي «أظن أن واشنطن تفكر جديا في فتح قنوات مع سوريا. ولكن من المبكر التكلم عن ذلك وخصوصا أن أميركا لم تتوقف عن الدعم السياسي والإعلامي (للمعارضة السورية في الخارج) وحتى التكلم عن التسليح والتمويل والتدريب». وتمنى أن «يكون التغيير في الموقف الأميركي حقيقيا لا شكليا».
وفي غضون ذلك، التزمت مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية جانب الحذر في التعليق على إقالة جميل بسبب «الغموض» الذي يحيط بموضوع إقالته والأسباب التي أفضت إليه. بيد أن هذه المصادر بدت «واثقة» لجهة الرابط بين الإقالة وبين التحضيرات والاتصالات الجارية حاليا بشأن الدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 وزيارة الإبراهيمي لدمشق.
وترى المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن «مسارعة» الأسد للتخلص من قدري جميل تبين «خوفه» من تفكك الدائرة التي تلتف حوله مع اقتراب موعد المؤتمر الموعود حيث «تسعى كل مجموعة للعب ورقتها الخاصة إذا تيقنت أن مصير النظام لن يكون مضمونا للمستقبل». فضلا عن ذلك، تعتبر هذه المصادر أن الأسد «لا يريد أن يسمح لأي صوت بأن تكون له لهجة ونبرة مختلفتين عن لهجته ونبرته» وبالتالي فإن كل من يتجرأ على الابتعاد قيد أنملة عن الخط العام فإما يقال أو يجري التخلص منه».
وتربط هذه المصادر بين «خروج» اللواء علي حبيب قبل أسابيع و«انشقاق» جميل لجهة المعنى السياسي من جانب ولجهة الغموض الذي يحيط بهما من جانب آخر. كما أنها تذكر بإبعاد نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع الذي لم يعلن عن انشقاقه بل عن «مقاربة مختلفة» لكيفية التعاطي مع الأزمة السورية وصعوبة الانتصار العسكري فيها لأي من الطرفين.
وتتوقع هذه المصادر أن تتكرر «حالة» قدري جميل في الأسابيع القادمة عندما يبدو أن «جنيف 2» سيعقد فعلا، وأن هناك «توافقا دوليا» خصوصا أميركيا - روسيا في الدفع باتجاه حل سياسي يبدأ بمرحلة انتقالية تحتاج لـ«إعادة تشكيل» صورة المشهد السياسي السوري.
من جهته، رجح الخبير في الشأن السوري وأستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس الجنوب، خطار أبو دياب، أن تكون إقالة جميل «رسالة سورية إلى الولايات المتحدة وروسيا تمنعهما من محاولة تركيب أي حل سياسي ينص على استثناء الأسد، على المدى المتوسط، من المرحلة الانتقالية»، مستندا إلى تفسير مؤتمر «جنيف 1» عن انتقال السلطة لهيئة انتقالية بصلاحيات كاملة، والتي «تعني أن يصبح الرئيس غير موجود».
ورأى أبو دياب أنه «حتى ضمن هذا الإطار، أراد النظام أن يقول إن أي حل سياسي لا يأتي وفق رؤية النظام.. هو حل غير مقبول». وأضاف «تؤكد هذه الفرضية، بعد إقالة جميل، أن النظام غير قابل للإصلاح»، مشيرا إلى أن «أي تغيير فيه، ولو كان طفيفا وديكوريا، فإنه لن يقبله كونه نظاما شموليا قائما على الشخص والمجموعة المرتبطة به والتي تدور في فلكه وحوله، وأي خلل ضمن النظام يعرضه للتصدع».
وعلى الرغم من ترجيحه هذه الفرضية، فإنه لم يستبعد احتمال أن تكون روسيا «أرادت إرسال جميل إلى المعارضة لتعزيز وجودها داخلها، ولتقول للغرب إنها الممسكة الفعلية بالقرار السوري والحلول للأزمة، على صعيد الحكم والمعارضة في آن معا». ولم يستبعد أن يكون اللقاء الذي جمع بين فورد والأميركيين «عقد بطلب روسي من جميل».
وبدوره، ربط عضو الائتلاف الوطني المعارض نجيب الغضبان بين قرار عزل جميل والتصريحات الأخيرة التي أدلى بها منذ شهر تقريبا بخصوص ضرورة وجود حل سياسي ما دام طرفا النزاع لم يتمكنا من إحراز نصر عسكري حاسم. وأوضح الغضبان، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن هذا «الكلام بالنسبة إلى نظام سلطوي مثل النظام السوري مرفوض تماما»، مشيرا إلى أن «كل مكونات الحكومة السورية عبارة عن تكنوقراط لا دور لهم في صنع القرار السياسي، ذلك أن القرار ينحصر في عائلة الأسد وبعض الضباط الممسكين بالأمن والجيش، وإذا ما حاول مسؤول حكومي تجاوز دوره التقني يتم عزله فورا كما حصل مع جميل».
ولفت المحلل السياسي السوري سمير التقي إلى أن الروس «كلفوا جميل بأن يلعب دورا داخل أوساط النظام لتهيئة الأجواء لتقديم بعض التعهدات التي قطعوها للأميركيين، بخصوص مصير الأسد والحلول الوسط». لكن النظام «وكما فعل مع معظم الشخصيات التي كان يمكنها أن تلعب دورا وسطيا، أبعد جميل»، معتبرا أن هذا الفعل «يعد أبرز مؤشرات فشل الدبلوماسية الروسية التي لن تتمكن من أخذ شيء من الأسد».
وأعرب التقي عن اعتقاده أن الأسد «يرى حلفاءه بحاجة إليه، وليس هو من يحتاج إليهم»، معتبرا أن ما حصل مع جميل «يؤكد أن كل كلام روسيا والصين عن إمكانية التوصل إلى حل سياسي «لا يتخطى كونه مناورة لكسب الوقت»، مشيرا إلى أن النظام «لا يوجد عنده ما يقدمه».



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.