عون يعد بمحاربة الفساد وبناء دولة قوية بدستور يحظى بالاحترام

في أول لقاء شعبي يجمعه بجمهوره في قصر بعبدا منذ خروجه منه عام 1990

عون يحيي حشود المهنئين برئاسته في قصر بعبدا قرب بيروت أمس (رويترز)
عون يحيي حشود المهنئين برئاسته في قصر بعبدا قرب بيروت أمس (رويترز)
TT

عون يعد بمحاربة الفساد وبناء دولة قوية بدستور يحظى بالاحترام

عون يحيي حشود المهنئين برئاسته في قصر بعبدا قرب بيروت أمس (رويترز)
عون يحيي حشود المهنئين برئاسته في قصر بعبدا قرب بيروت أمس (رويترز)

تعهد الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، بأن أحدًا «لن يستطيع أن يخرق الدستور من الآن فصاعدا»، مشددًا على أن «الفساد سيستأصل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلف الأمر»، قائلا: «سنبدأ مرحلة ثانية، مرحلة بناء الوطن»، مشددًا على أن «وصولنا إلى رئاسة الجمهورية ليس الهدف، بل الهدف بناء وطن قوي يحتاج إلى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون».
وإذ لفت إلى «أننا وصلنا إلى السلطة ولدينا خطط تنموية، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا»، أكد أنه «لن نكون مرهونين لأي بلد آخر، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول أخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأننا نكون قد تخلصنا من التأثيرات الخارجية».
وجاء كلام رئيس الجمهورية خلال «يوم التهنئة الشعبية» الذي شهده القصر الجمهوري في بعبدا لمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية. وبدأ الاحتفال استعادة للمسيرات التي كانت تنظم إلى القصر الجمهوري في الحرب اللبنانية، حين كان عون يتسلم منصب رئاسة الحكومة العسكرية الانتقالية في العامين 1989 و1990. قبل أن تتدخل القوات السورية النظامية عسكريًا وتقصيه من المكان في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1990، حيث لجأ إلى فرنسا.
وتقاطرت الوفود الشعبية ومناصرو «التيار الوطني الحر» إلى القصر الجمهوري الذي علت على مدخل بهوه الرئيسي لافتة «بيت الشعب»، مع صورتين كبيرتين لإحدى المظاهرات التي كانت نظمت في قصر بعبدا في العامين 1988 و1989. وتجمعوا في ساحات القصر وباحته الداخلية حيث ألقى عون كلمة بهم.
وقال عون: «اعتدتم أن تروني في بذة أخرى، إلا أن الكلمة والفكر لم يتغيرا، يا شعب لبنان العظيم، كنتم شعبا عظيما وأصبحتم شعبا أعظم»، مضيفًا: «في هذه الساحة التقينا في ظروف صعبة للغاية. لكننا كنا فخورين وكان لدينا كل العنفوان وكل الألم أيضا لسقوط شهداء منا نواصل استذكارهم».
وقال عون: «خروجنا من هذا المكان لم يكن مذلا. لقد خسرنا المعركة ولم نسحق. بقينا واقفين ورأسنا مرفوع. ذهبنا من هنا وابتعدنا عن لبنان ولكن نشاطنا لم يتوقف. بل بقينا نجاهد، وانتهت حينها مرحلة النضال المسلح وبدأ النضال السلمي مع الطلاب واللبنانيين الذين كنت أوصيهم دائما بتجنب العنف في مظاهراتهم وفي سلوكهم».
وإذ أشار إلى أنه «اليوم نستطيع أن نقف بكل عزة وعنفوان أمام الناس والشعوب جميعها لأننا عدنا وصنعنا وحدتنا الوطنية»، أكد «أننا سنبدأ مرحلة ثانية، مرحلة بناء الوطن. عدنا بعدما أنجزنا نشاطا كبيرا في كل أنحاء العالم». وتابع: «نحن اليوم أمام مشروع كبير. إن وصولنا إلى رئاسة الجمهورية ليس الهدف بل الهدف أن نبدأ بناء وطن قوي عبر تعزيز وحدته الوطنية. إن الوطن القوي يحتاج إلى دولة قوية تبنى على دستور يحترمه السياسيون جميعا». و«ما في رأس رح يخرق سقف الدستور من الآن فصاعدا».
وأكد عون «أن لبنان بني على الوحدة الوطنية التي ستعطينا القوة في الوطن والتزامنا تجاه أرضنا واستقلالنا. سيحترم الشعب اللبناني القوانين التي تشكل العقد بين اللبنانيين الحافظة لحقوقهم، وستظهر للبنانيين عدالة وقوى أمنية غير مسيسة وغير تابعة للقوى السياسية، لأنها مؤتمنة على احترام وفرض احترام القوانين، وبالتالي لا يصبح شعار (أن ينام المواطن وبابه مفتوح) شعارًا فارغًا. تنتظرنا مشاريع كبيرة، ونعلم أن المجتمع اللبناني لديه حاجات بدائية غير متوفرة بعد، فقد تم إسقاط المشاريع وإيقافها، وتم التعاطي بكيدية سياسية لعرقلة عملنا، أي مشاريع الكهرباء والمياه وتحسين أوضاع الطرقات في المناطق. لذلك، من أول الأمور التي سنباشر في تنفيذها هي تأمين هذه الحاجات بالسرعة الممكنة». وأشار إلى أنه «يجب استثمار الموارد الطبيعية التي ستجعلنا نتخلى عن الاستدانة بعد أن وقعنا بعجز مادي، ويجب أن تتحقق هذه الأمور بالسرعة المطلقة، كي تشعروا كمواطنين بانفراج اقتصادي ويعود لبنان المزدهر والمنفتح على العالم وخصوصا العالم العربي».
وقال عون: «الآمال كبيرة، والإرادة متوفرة لدى جميع اللبنانيين، لذلك وصلنا إلى السلطة ولدينا خطط تنموية، مع المحافظة على استقلالنا وسيادتنا وحريتنا، ولن نكون مرهونين لأي بلد آخر. وأهم ما لدينا هو أنه يمكننا تدبر شؤوننا ونتعاطى مع الآخرين بصداقة ومحبة، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول أخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأننا نكون قد تخلصنا من التأثيرات الخارجية». وأكد عون أن «الفساد سيستأصل، وستعود البيئة نظيفة مهما كلف الأمر».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.