أعداد كبيرة من المقاتلين في طريقهم إلى حلب عبر مطار دمشق

نائب سليماني يرفض سحب القوات الإيرانية ووقف الحرب السورية

نائب قائد «فيلق القدس» الإيراني خلال مؤتمر لقادة الحرس الثوري في طهران أمس
نائب قائد «فيلق القدس» الإيراني خلال مؤتمر لقادة الحرس الثوري في طهران أمس
TT

أعداد كبيرة من المقاتلين في طريقهم إلى حلب عبر مطار دمشق

نائب قائد «فيلق القدس» الإيراني خلال مؤتمر لقادة الحرس الثوري في طهران أمس
نائب قائد «فيلق القدس» الإيراني خلال مؤتمر لقادة الحرس الثوري في طهران أمس

ذكرت مصادر مقربة من ميليشيات «فاطميون» الشيعية التابعة لإيران، أن طائرات شحن وأخرى مدنية نقلت أول من أمس أعدادا كبيرة من قوات «الحرس الثوري» وميليشيات تابعة له من إيران والعراق إلى مطار دمشق. وأضافت هذه المصادر أن قوات «الحرس الثوري» وميليشياته نقلت إلى مواقع في شمال مدينة حلب وجنوبها فور وصولها إلى مطار دمشق الدولي. وتناقلت قنوات مختصة بأخبار فيلق «فاطميون» على شبكة «تليغرام» تفاصيل مخطط «الحرس الثوري» لبدء معركة واسعة خلال الأيام المقبلة من محور شمال حلب وجنوبها.
في غضون ذلك، أعلن اللواء إسماعيل قآني، نائب قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الإيراني، أمس، أن «هذا العام سيقرر مصير سوريا»، مضيفا أن الحرب السورية وصلت إلى مستوياتها الحساسة، كما نقلت عنه وكالة «مهر» الحكومية. وأضاف قآني أن «الحرب مستمرة في سوريا؛ لأن هويتها قائمة على قاعدة أن نكون أو لا نكون» وشدّد على أن إيران «ستواصل الحرب في سوريا ولم توقف الحرب أمام خصومها هناك». ويأتي هذا الموقف في ظل ازدياد المطالب في الشارع الإيراني بسحب قوات «الحرس الثوري» من الأراضي السورية.
وبشأن إصرار إيران على التصعيد العسكري في سوريا، قال قآني إن تقدم إيران في سوريا يساعد على «اتساع» طاولة المفاوضات الإيرانية مع الجانب الأميركي، وفي المقابل، اعتبر أن تراجع إيران في سوريا خسارة في المفاوضات الأميركية.
قآني، كان يتحدث خلال مؤتمر يدور حول قيادة القوات التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني في سوريا. وخلال المؤتمر، أشار قآني إلى أن القيادي حسين همذاني الذي قُتل أخيرًا في سوريا «كان يقود القوات الإيرانية في سوريا لحظة مقتله في كمين جنوب حلب في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2015». ويذكر أن اللواء رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد علي خامنئي، كان أول من أشار إلى دور همذاني في قيادة القوات الإيرانية على الأراضي السورية بداية الشهر الماضي. وفي السادس من أكتوبر الماضي، قال قاسم سليماني إن التدخل الإيراني في سوريا «لا ينحصر في الدفاع عن نظام بشار الأسد، وإنما الدفاع عن المصالح القومية الإيرانية أيضًا».
ولكن خلال الفترة الأخيرة، حذر مراقبون في إيران من تبعات التدخل الإيراني على المصالح القومية الإيرانية في العراق وسوريا على المدى الطويل. كذلك يرفض فريق آخر اعتقاد قادة «الحرس الثوري» أن التدخل يساعد في ضمان المصالح الإيرانية. إذ يعتقد هؤلاء أنه كان بإمكان إيران احترام رغبة السوريين في تغيير النظام ودعم الديمقراطية في سوريا، إن كانت تريد الحفاظ على الشراكة الإيرانية السورية على المدى الطويل. وبخلاف ما تدعيه إيران حول وجود «استشاري» في سوريا، قال قآني إن «ضباطًا وشبابًا جربوا الحرب لأول مرة في سوريا» مضيفًا، أن الحرب السورية «ساهمت في تنمية قدرات قواته القتالية».
وفي المؤتمر نفسه، قال رحيم صفوي إن همذاني كان يقود قوات قوامها 20 ألف مقاتل في سوريا تحارب إلى جانب قوات النظام السوري، وفقا لوكالة «تسنيم»، وهي المنبر الإعلامي لاستخبارات «الحرس الثوري». وكشف صفوي عن أن خسائر ما يسمى «حزب الله» اللبناني في سوريا «تقدر بالآلاف» من دون أن يذكر العدد الدقيق. لكنه في الوقت ذاته أوضح أن «خسائر إيران في سوريا تظل أقل من خسائر (حزب الله)» وبموازاة ذلك أضاف أن الخسائر في الأرواح بلغت 300 ألف مقاتل «دفاعًا عن محور المقاومة»، على حد زعمه.
ومن جانب آخر، أشار صفوي إلى دور قاسم سليماني في تأسيس قوات «الحشد الشعبي» في العراق، إذ ذكر أن سليماني أوصى حيدر العبادي رئيس وزراء العراق بإنشاء تلك الميليشيات، مضيفا أن «همذاني أنشأ 20 لواء من (الحشد الشعبي) في العراق من أجل حروب غير متكافئة» قبل مقتله في سوريا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.