انتحاري فرنسي يفجّر «ملحمة حلب الكبرى» لفك الحصار عن المدينة

فصائل المعارضة السورية تمطر الأحياء الغربية بـ150 صاروخًا وقذيفة... وسكان «الشرقية» أحرقوا الدواليب للتشويش

انتحاري فرنسي يفجّر «ملحمة حلب الكبرى» لفك الحصار عن المدينة
TT

انتحاري فرنسي يفجّر «ملحمة حلب الكبرى» لفك الحصار عن المدينة

انتحاري فرنسي يفجّر «ملحمة حلب الكبرى» لفك الحصار عن المدينة

أطلقت فصائل المعارضة السورية معركة لفك الحصار عن الأحياء الشرقية لمدينة حلب عاصمة شمال سوريا، ومحاولة التقدم في الأحياء الغربية بعملية أطلقت عليها تسمية «ملحمة حلب الكبرى». ومهد مسلحو المعارضة لزحف القوات الحليفة المقاتلة بإمطار مواقع النظام وحلفائه في أحياء بجنوب غربي المدينة بـ150 صاروخًا وقذيفة، قبل أن تفجّر جبهة «فتح الشام» والفصائل 3 عربات مفخخة استهدفت قوات النظام في «ضاحية الأسد»، إحداها كان يقودها مقاتل فرنسي من أصول شمال أفريقية من مقاتلي الجبهة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال عمار سقّار، الناطق العسكري باسم تجمع «فاستقم كما أمرت»، لـ«الشرق الأوسط» إنّه «وبعد فترة الإعداد والتجهيز بدأت أمس معركة كسر الحصار عن مدينة حلب من طرف ريف حلب الغربي باتجاه المدينة»، مؤكدًا أن «كل فصائل حلب وإدلب تقريبًا مشاركة بالمعركة». وبدأت المعركة بـ«صليات من المدفعية الثقيلة وصواريخ غراد على مرابض مدفعية عصابات الأسد لتحييدها، واستعملت بشكل أساسي صواريخ الغراد ومدافع 130 و122 وقذائف الهاون»، بحسب سقار الذي أشار بعد ذلك إلى «تحرك سرايا الاقتحام التي تمكنت حتى الآن من تحرير معمل الكرتون وحاجز مناشر منيان، بالإضافة إلى حاجز الصورة ومواقع أخرى»، معتبرا أن «أهم ما أنجز هو كسر خطوط الدفاع الأولى لعصابات الأسد والميليشيات الطائفية في ما يسمى ضاحية الأسد».
ورفض سقار الخوض بـ«تفاصيل الخطط العسكرية»، لافتًا إلى أن «أهداف المرحلة الأولى هي كسر الحصار عن القسم الشرقي المحرر من مدينة حلب الذي يقطنه ما يقارب 300 ألف مواطن، إضافة إلى تحرير مناطق جديدة لم تطأها أقدام الثوار من قبل مثل ضاحية الأسد». وأضاف: «العمل الآن في ساعاته الأولى والثوار بفضل الله أحرزوا تقدما ملحوظا وممتازا». ويمتد الهجوم الذي تنفذه الفصائل على مسافة نحو 15 كيلومترا من حي جمعية الزهراء في أطراف حلب الغربية، مرورًا بضاحية الأسد والبحوث العلمية وصولاً إلى أطراف حلب الجنوبية.
ومن جانبه، تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن 150 صاروخا وقذيفة أطلقتها الفصائل المهاجمة منذ الصباح على الأحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام، ما تسبب بمقتل «15 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 100 آخرين بجراح، في أحياء الحمدانية والفرقان والأعظمية والجميلية والمشارقة والفيض والإذاعة والمارتيني والميرديان، ومناطق أخرى في القسم الغربي من مدينة حلب».
وشدد عضو المكتب السياسي في «حركة نور الدين زنكي» ياسر اليوسف في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية على أن «كسر الحصار آت ومحقق لا محالة»، مضيفا: «سنحمي المدنيين والمدارس والمشافي من اعتداءات الروس، وسنوصل الغذاء والدواء إلى أهلنا» في شرق حلب.
وفي حين أفاد «المرصد» بتقدم الفصائل والسيطرة على حاجز معمل الكرتون وسط معلومات عن تقدمها في نقاط وعلى حواجز أخرى في المنطقة، أعلن التلفزيون السوري الرسمي أن «المجموعات الإرهابية لم تسجل أي تقدم على أي محور». وأورد أن «الجيش يتصدى لمحاولة الإرهابيين الهجوم من محاور عدة على مدينة حلب عبر المفخخات ويكبدهم خسائر كبيرة». ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري أن جيش النظام أحبط «هجومًا كبيرًا» على الكلية الجوية في ريف حلب الشرقي، كما شن غارات على «تجمعات» لـ«جيش الفتح» في ريفي حلب الغربي والجنوبي.
أما «الإعلام الحربي» التابع لـ«حزب الله» فذكر أن جيش نظام الأسد وحلفائه «أحبطوا بشكل كامل هجوم المجموعات المسلحة على مختلف المحاور في حلب وكبدوهم خسائر في الأرواح والمعدات»، ونفى أسر عناصر من الحزب في المعارك الدائرة هناك.
في هذه الأثناء، أعلن «فيلق الشام»، إحدى الفصائل السورية المقاتلة بحلب، أنه «تم تحرير كل من حاجز الصورة والمدرسة والمناشر والبيوت المحيطة بها وحاجز ساتر المستودع من سيطرة قوات النظام»، مشيرا إلى أن مقاتلي المعارضة يتقدمون لفك الحصار عن المدينة.
وفي الأحياء الشرقية المحاصرة، أفادت وكالة «أ.ف.ب» بأن «دوي أصوات القصف والاشتباكات تردد بقوة في أنحاء المدينة»، وتحدثت عن «اشتباكات تجري داخل المدينة إثر مهاجمة الفصائل مواقع لقوات النظام، في محاولة لتشتيت قواها على أكثر من جبهة». وأطلقت التكبيرات من المساجد في وقت خرج السكان إلى الشوارع ابتهاجا بعد صلاة الجمعة، وعمد بعضهم إلى إحراق إطارات السيارات لحجب رؤية الطيران والتشويش عليه لمنعه من استهداف الفصائل، لكنها أخمدت بعدما بدأ تساقط المطر بغزارة.
وفي هذا السياق، قال قيادي في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إنّه تم الاعتماد على 3 عناصر لإطلاق معركة حلب، أبرزها الطقس الغائم والماطر الذي يعيق عملية القصف بالطيران، كما التوغل في محاور حيث البناء متراص ومتين، إضافة إلى اعتماد التحرك السريع. وبثّ الناشط الإعلامي معاذ الشامي فيديو لانطلاق معركة حلب، ظهرت فيه دبابات تنقل عشرات المسلحين إلى محاور القتال، كما تحدث بعد دوي انفجار كبير عن انتحاري فجّر نفسه في عربة مفخخة بموقع لقوات النظام. ووصف مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين الوضع في مدينة حلب بأنه يشبه «المسلخ».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.