إيرولت: متمسكون بقرار تحت «الفصل السابع» لمعاقبة مستخدمي «الكيماوي» في سوريا

وزير خارجية فرنسا قال لـ «الشرق الأوسط» إن مسؤولية قصف مدرسة بريف إدلب تقع على النظام أو على الروس

أطفال من بلدة دوما يركضون بعد غارة جوية من طيران الأسد استهدفت البلدة الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق أول من أمس (أ.ف.ب)
أطفال من بلدة دوما يركضون بعد غارة جوية من طيران الأسد استهدفت البلدة الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

إيرولت: متمسكون بقرار تحت «الفصل السابع» لمعاقبة مستخدمي «الكيماوي» في سوريا

أطفال من بلدة دوما يركضون بعد غارة جوية من طيران الأسد استهدفت البلدة الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق أول من أمس (أ.ف.ب)
أطفال من بلدة دوما يركضون بعد غارة جوية من طيران الأسد استهدفت البلدة الواقعة في الغوطة الشرقية لدمشق أول من أمس (أ.ف.ب)

في حين نفت روسيا على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا أن يكون طيرانها مسؤولا عن قصف مدرسة في قرية حاس الواقعة في ريف إدلب الجنوبي، أول من أمس، الذي أوقع 26 قتيلا بينهم 20 تلميذا و6 مدرسين، وجه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أصابع الاتهام إلى النظام السوري وإلى روسيا وحملهما مسؤولية القصف.
وقال إيرولت أمس لـ«الشرق الأوسط» في المؤتمر الصحافي الذي أعقب انتهاء أعمال اجتماع خصص لعمليات حفظ السلام في الفضاء الفرنكوفوني: «من المسؤول (عن عملية القصف)؟ الثابت أنها ليست المعارضة (المسلحة) لأن القصف (الجوي) يحتاج لامتلاك طائرات. إذن (المسؤول) هو إما النظام السوري، أو الروس». واستطرد الوزير الفرنسي قائلا إن ما حصل في قرية حاس «يبين مجددا فظاعة الحرب التي هي حرب ضد الشعب السوري، ونحن لا يمكن أن نقبلها، ولن نستسلم لها». أما الدعوة التي وجهتها روسيا إلى «كل الهيئات الدولية» من أجل الانضمام فورا للتحقيق، فقد عدتها مصادر رسمية فرنسية «وسيلة لكسب الوقت ورفع المسؤولية» أكثر مما هي طريقا للتعرف على المسؤوليات.
وتأتي هذه العملية لتزيد من منسوب التوتر بين الدول الغربية وروسيا التي تتواجه ميدانيا بالواسطة وبشكل مباشر على الصعيد الدبلوماسي، خصوصا في مجلس الأمن الدولي. وبعد إجهاض مشروع القرار الذي طرحته نيوزيلندا للمناقشة بسبب تضارب المواقف بين المعسكرين، وفق ما أعلنه مندوبها في الأمم المتحدة، فإن المواجهة ستتركز في الأيام المقبلة على خلاصات تقرير اللجنة المشتركة المشكلة للنظر في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا في عامي 2014 و2015. ويخلص التقرير، الذي أعده خبراء الأمم المتحدة ومنظمة تحريم استخدام الأسلحة الكيماوية، إلى أن النظام استخدمها 3 مرات، فيما استخدمها «داعش» مرة واحدة، وبقيت 5 حالات «من أصل 9» من غير حسم بسبب غياب الأدلة الدامغة التي تثبت مسؤولية هذا الطرف أو ذاك.
حتى الآن، تبدو باريس مصرة على طرح مشروع قرار في مجلس الأمن تحت الفصل السابع يدين استخدام الكيماوي ويفرض عقوبات على المسؤولين عن استخدامه. وقال الوزير إيرولت لـ«الشرق الأوسط» التي سألته عن هذا الموضوع، إن بلاده «ستقوم بمبادرات جديدة» في مجلس الأمن الذي دعاه لكي يتحمل كل مسؤولياته. وبالنظر إلى حق النقض (الفيتو) الذي استخدمته روسيا لإجهاض مشروع قرار فرنسي - إسباني قبل 3 أسابيع، فإن إيرولت وجه تحذيرا لموسكو من اللجوء إلى هذا الحق لنسف مشروع القرار الفرنسي الجديد. وقال إيرولت إن «كل ما يتمناه أنه عندما ينظر مجلس الأمن بمشروع القرار الفرنسي هو ألا يستخدم أي بلد حق النقض، لأنه إذا فعل، فسيكون لغرض رفع المسؤولية عمن لجأ إلى السلاح الكيماوي أي نظام بشار الأسد. لذا يتعين علينا أن نكون واضحين بهذا الخصوص». ولرفع أي شكوك بشأن عزم بلاده على التحرك مجددا في مجلس الأمن الدولي، شدد الرئيس الفرنسي على أن باريس «مصرة على ما تقوم به، وهي تؤكده مجددا».
وفي السياق عينه، ساند إيرولت طلب الولايات المتحدة الأميركية بتمديد مهمة اللجنة المشتركة لعام إضافي، وهو ما سارعت موسكو إلى التعبير عن تحفظها إزاءه في جلسة مجلس الأمن ليوم الخميس. وبحسب الوزير الفرنسي، فإن تمديد انتداب اللجنة سيكون مفيدا للنظر في اللجوء إلى السلاح الكيماوي في عام 2016، لأن بحوث اللجنة توقفت عند عام 2015.
في أي حال، وبسبب غياب وسائل الضغط الفعالة على الطرف الروسي لدفعه نحو التعاون في ملف حلب وبشأن الوضع السوري بشكل عام، فإن باريس تريد استخدام موضوع السلاح الكيماوي لـ«حشر» روسيا سياسيا ودبلوماسيا. فلجنة التحقيق المشتركة أنشئت قبل 13 شهرا بناء على قرار من مجلس الأمن الدولي صوت عليه بالإجماع ومن غير اعتراض روسي. كذلك سيكون من الصعب على موسكو التشكيك في نزاهة وحيادية اللجنة رغم أن موسكو حاولت منذ الصيف الماضي، أي منذ نشر التقرير الأولي للجنة، التشكيك بحياديتها وبالبراهين التي اعتمدت عليها. ولعل أبرز دليل على «ضيق» موسكو من عمل اللجنة أنها ترفض تمديد انتدابها لعام إضافي، بحسب ما أدلى به المندوب الروسي سيرغي تشوركين في مجلس الأمن أول من أمس، ردا على الطلب الأميركي. كذلك، فإن زاخاروفا اتهمت الغربيين بـ«استغلال الاستنتاجات» التي جاءت في التقرير النهائي للجنة، لتحقيق «أغراض سياسية»، مشددة على أن استنتاجات اللجنة «لا تتمتع بقوة قانونية» كما أنها «لا يمكن استخدامها على أنها لائحة اتهام ضد أحد، أو تبرير لاتخاذ قرارات ملزمة قانونيا».
من هذه الزاوية، يبدو أن مجلس الأمن سيكون في الأيام المقبلة مسرحا لعملية لي ذراع روسية - غربية. ويريد الغربيون الاستفادة من موقعهم «القوي» إزاء موسكو بالنظر إلى أن الأخيرة هي صاحبة مبادرة نزع سلاح النظام الكيماوي في عام 2013 مقابل امتناع الغربيين عن استخدام القوة لمعاقبته بسبب تخطيه «الخطوط الحمراء» التي حددها الرئيس الأميركي باراك أوباما. ولذلك، فإن موسكو، سياسيا ومعنويا، تتحمل مسؤولية أداء النظام وانتهاكاته الكيماوية، وبالتالي، فإن لجوءها إلى «الفيتو» سيكون بمثابة تخل عن مسؤولياتها وممالأة للنظام؛ لا بل موافقة على أفعاله. وليس سرا أن باريس استاءت للغاية من نسف موسكو مشروع القرار الذي قدمته بداية هذا الشهر والداعي لوقف عمليات القصف على أحياء حلب وترميم الهدنة وإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إحياء المسار السياسي المتوقف منذ أشهر. واستبق إيرولت مناقشة مجلس الأمن للمشروع الفرنسي بأن زار موسكو وتحادث مع نظيره لافروف. لكن ذلك كله لم يثن موسكو عن اللجوء للمرة الخامسة إلى استخدام «الفيتو» لنسف قرار دولي وتوفير مظلة الحماية للنظام السوري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».