تونس: اعتقال شقيقين أميركيين بتهمة الإرهاب

إحداث مركز مستقل للبحوث والدراسات حول التطرف والفكر المتشدد

تونس: اعتقال شقيقين أميركيين بتهمة الإرهاب
TT

تونس: اعتقال شقيقين أميركيين بتهمة الإرهاب

تونس: اعتقال شقيقين أميركيين بتهمة الإرهاب

أحال القضاء التونسي شقيقين أميركيين على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بعد إلقاء القبض عليهما في مدينة جندوبة (180كلم) شمال غربي العاصمة التونسية بتهمة الإرهاب. وقالت وزارة الداخلية إن معلومات دقيقة توفرت لديها عن وجود شبهة انضمامهما إلى تنظيم إرهابي.
وبشأن ما توفر من معلومات حول هذين المتهمين، أوردت المصادر نفسها أنهما أقاما بالجهة منذ أشهر، حيث بدت تحركاتهما غريبة خاصة، وقالت إن أحدهما يبلغ من العمر 29 سنة، بينما الثاني لا يزيد عمره على 32 عاما، وهو متزوج من تونسية، مؤكدة أنهما قدما إلى مدينة جندوبة للإقامة بها بعد أن ارتبط أحدهما بعلاقة عاطفية بفتاة تونسية من الجهة.
في غضون ذلك، أكدت السفارة الأميركية بتونس أنها «تتحرى بشأن احتجاز مواطنين أميركيين اثنين للاشتباه بتورطهما في أعمال إرهابية».
وقال مصدر إعلامي بالسفارة الأميركية في تونس: «نحن على علم بالتقارير حول توقيف مواطنين أميركيين للاشتباه بقيامهما بأنشطة إرهابية، ووزارة الخارجية ملزمة بشكل جدي بمساعدة المواطنين الأميركيين في الخارج».
وجاء في الاعترافات الأولية للمتهمين أنهما قدما إلى تونس لدراسة الإعلام، إلا أن التحريات التي أجرتها المصالح الأمنية بينت أنهما لا يملكان شهادات علمية عليا تمكنهما من مزاولة الدراسة في هذا المجال كما روجا لذلك بين معارفهما، وهو ما قوى الشكوك بشأنهما.
وكشفت وزارة الداخلية عن معطيات إضافية حول الشقيقين الأميركيين، بالإشارة إلى أن زوجة الشقيق الأكبر البالغ من العمر 32 عاما، كانت تقيم في سوريا بعد سفرها إليها منذ مدة طويلة، ثم عادت منذ أشهر لتستقر في مدينة جندوبة.
وتنشط في جهة جندوبة الجبلية الواقعة شمال غربي عدة عناصر إرهابية، تتحصن هناك وتستهدف بهجماتها المسلحة قوات الأمن والجيش.
وبمداهمة المنزل الذي يقيم فيه الشقيقان الأميركيان، حجزت قوات الأمن كومبيوترين وهاتفين جوالين، ووثائق مكتوبة بخط اليد تؤكد تبني العنصرين للفكر المتطرّف، وتعاطفهما مع بعض التنظيمات الإرهابيّة وتفاعلهما مع العمليات الإرهابية.
ووفق الرواية التي قدمتها المصادر نفسها، فقد تم العثور على صور للراية السوداء المميزة لتنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب عبارات تمجد الفكر المتطرف والعمليات الإرهابية.
على صعيد متصل، أعلن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة عن إحداث المركز التونسي للبحوث والدراسات حول الإرهاب، بهدف إعداد ونشر الإحصاءات والدراسات المتعلقة بالظاهرة الإرهابية، ومحاولة تفكيكها ومتابعة تطورها في تونس، وتوزيعها الجغرافي والمهني والعمري.
وقدم رضا الرداوي، رئيس هذا المركز، نتائج الدراسة الأولى التي أنجزها بالاعتماد على الملفات القضائية التي تضمنت، على حد قوله، معطيات ثابتة لا تقبل التشكيك كالسن والحالة الاجتماعية والمهنة والمستوى التعليمي للمتهمين بالإرهاب، علاوة على الاعترافات الواردة أمام هيئات القضاء كالنيابة العمومية وغيرها من الهيئات القضائية، مؤكدا أن العينة التي كانت موضوعا للدراسة شملت نحو ألف إرهابي و384 ملف قضائي خلال الفترة الممتدة بين 2011 و2015.
وتوزعت الدراسة على أربعة محاور كبرى، حيث اهتم المحور الأول بالبيانات السوسيو - ديموغرافية حول الإرهابيين والموقوفين في قضايا إرهابية (التوزيع الجغرافي، الحالة الاجتماعية النوع الاجتماعي، المستوى التعليمي)، في حين تناول المحور الثاني كيفية التأثر والاستقطاب، أما المحور الثالث فقد ركز على المؤشرات الخارجية للانتماء للتنظيمات الإرهابية، فيما اهتم المحور الرابع بالتنظيمات الإرهابية التونسية في الداخل والخارج.
وفي تحليله للظاهرة الإرهابية في تونس، كشف الرداوي على أن الحركات الإرهابية تنهل من معين فكري محدد، وأن الاعتماد على الملفات القضائية يسهم في فهم مسار الحركات الإرهابية في تونس، وتتبع نشأتها وإعادة تشكلها بعد ثورة 2011.
وقدم عبد الرحمن الهذيلي، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية معطيات حول ظاهرة الإرهاب في تونس، وأكد خلال هذا المؤتمر الصحافي على محاكمة نحو 2500 شاب تونسي في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003. مبرزا أن العدد ارتفع بصفة ملحوظة خلال السنوات الماضية إذا أخذنا بعين الاعتبار الآلاف من الشباب الذين توجهوا إلى بؤر التوتر في الخارج.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.