ابن كيران: نتائج اقتراع 7 أكتوبر أحدثت زلزالاً سياسيًا.. ومناورات العماري لم تتوقف

شباط يكشف أن حزب «الاستقلال» قاوم منذ سنة كاملة جملة من الضغوط

ابن كيران
ابن كيران
TT

ابن كيران: نتائج اقتراع 7 أكتوبر أحدثت زلزالاً سياسيًا.. ومناورات العماري لم تتوقف

ابن كيران
ابن كيران

أعلن أمس عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المكلف والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، أن حزبين حسما مشاركتهما في الحكومة المقبلة، هما «التقدم والاشتراكية» و«الاستقلال» المعارض، مشيرا إلى أن «التقدم والاشتراكية» وبسبب تحالفه مع حزب العدالة والتنمية «دفع الثمن انتخابيا، أما سياسيا فهو على أحسن حال».
وتعليقا على تغير موقف حزب الاستقلال بعد ثلاث سنوات من الخصومة السياسية والعداء، قال ابن كيران الذي كان يتحدث أمس خلال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزبه في مدينة سلا، إن «حزب الاستقلال قرأ المرحلة جيدا وقرر الانضمام إلى الحكومة.. وقد كانت بيننا وبين الأمين العام للحزب (حميد شباط) مشاكسات. لكن المواقف الأخيرة التي اتخذها تجب ما قبلها، والتجاوز والتغاضي أساسي للتقدم»، مذكرا بأنه لم يسبق أن ذكر حزب الاستقلال بكلمة سوء. وبشأن مشاورات تشكيل الحكومة والتحالفات المقبلة، التي بدأها مع عدد من زعماء الأحزاب السياسية، قال ابن كيران إن نتائج الانتخابات أحدثت ما يشبه زلزالا سياسيا كانت له تداعيات كثيرة، مشيرا إلى أن هناك أطرافا ليس لها استعداد للدخول في المفاوضات إلا بعد انقضاء الأسبوع المقبل، في إشارة إلى حزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي سيعقد مؤتمرا استثنائيا الأحد المقبل لانتخاب رئيس جديد.
وأوضح ابن كيران، أنه غير مستعجل بشأن تشكيل التحالفات رغم المناورات، وأنه سيتعامل مع الأحزاب السياسية الجادة، وسيحترم إرادة المواطنين حتى لا تتكرر خيبة الأمل التي حدثت بعد الانتخابات البلدية التي جرت العام الماضي، والتي حصل بعدها الحزب، الذي احتل المرتبة الثانية، على رئاسة 5 جهات، في حين لم يحصل حزبه إلا على رئاسة جهتين، رغم تصدره الانتخابات الجهوية. كما أوضح رئيس الحكومة، أن الانتخابات البرلمانية جعلته ينظر إلى الأمور بوعي أكبر، وهو «أن تقرأ الأرقام قراءة صحيحة وتحترم أصوات المواطنين، الذين جددوا ثقتهم في حزب العدالة والتنمية، ومنحوه نحو 2 مليون صوت».
وأقر رئيس الحكومة بأن هناك أشياء نجحت فيها بشكل كبير: «لكن لا تزال هناك أشياء تنادينا بقوة، وعلى رأسها التعليم والصحة والعدل والشغل». ولم يفوت ابن كيران الفرصة للحديث عن مناورات خصومه، التي استمرت حتى بعد ظهور نتائج الانتخابات.
في السياق ذاته، شكك ابن كيران في الدعوة إلى المصالحة، التي أطلقها غريمه السياسي إلياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، عبر مقال كتبه، وقال بهذا الخصوص «لدينا خصوم شرسون واجهونا بطريقة غير ديمقراطية، تواصلت حتى بعد الانتخابات، ولم يتوقفوا عن إرسال الرسائل»، في إشارة إلى دعوة المصالحة واعتزام «الأصالة والمعاصرة» توجيه رسالة إلى الملك للمطالبة بتعديل دستوري.
ودعا ابن كيران أعضاء حزبه إلى الانفتاح وخاطبهم قائلا: «أنتم منغلقون.. افتحوا الأبواب والنوافذ حتى تستمروا وإلا فإنكم ستنقرضون»، واستدل ابن كيران على انغلاق أعضاء حزبه بالانتقادات التي وجهت عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قبل بعض المنتمين إليه إلى نائبة غير متحجبة فازت في الانتخابات ضمن لائحة النساء، وقال إن «(العدالة والتنمية) ليس حزب المتحجبات فقط، بل هو حزب المغاربة والمغربيات جميعا»، داعيا إلى استقطاب كفاءات وأطر جديدة.
من جهته، قال حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، في كلمة ألقاها بالدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب، إن هذا الأخير وضع منذ نهاية 2015 نقطة نظام سياسية حول مجمل التحولات والتطورات التي تعرفها البلاد، ولا يمكنه تحت أي ظرف أن يقبل باستمرار التلاعب بإرادة الناخبين، أو تتم استعادة أساليب من الماضي لتدبير قضايا القرن الحالي، مضيفا أن انتخابات 7 أكتوبر (تشرين الأول) «كانت نموذجا لاستمرار هدر الزمن السياسي، وجميع المغاربة كانوا شهودا على واحدة من أسوأ الانتخابات التي عرفتها البلاد، حيث خرجت الإدارة التي كان مفروضا فيها حماية تنافسية الانتخابات عن واجبها وعن حيادها، ومست بوضوح هذا الاقتراع الذي كان من المفروض أن يعكس اختيارات البلاد بعد دستور 2011». وزاد قائلا: «رغم أن النتائج السياسية النهائية للانتخابات جاءت على غير ما كان مخططا لها، فإن ذلك لا يمكن أن يحجب الحقيقة التي يعرفها الجميع».
وذكر شباط أن حزب الاستقلال قاوم منذ سنة كاملة جملة من الضغوط، ومحاولات تشتيته، وخرج سالما موحد الصفوف والكلمة، وكانت له القدرة رغم كل الصعوبات الظاهرة والخفية على أن يحفظ مكانته في المشهد السياسي والحزبي. كما تأسف شباط لفقدان عدد من المقاعد في دوائر كانت محسومة لفائدة الحزب، وقال: إن هذا الأمر سيكون موضوع طعون أمام القضاء، مضيفا أن قيادة الحزب أجرت تحليلا معمقا وهادئا للنتائج وللسياق العام لانتخابات 7 أكتوبر.
وأوضح شباط، أن المجلس الوطني للحزب يرى اليوم أن أسباب التنسيق مع أطراف موجودة في المعارضة على المستوى النيابي انتفت بصفة مطلقة، وأن التنسيق على المستوى السياسي يجب أن يكون محصورا على الأحزاب الوطنية الديمقراطية، وهو التنسيق الذي يجد مشروعيته فيما راكمته هذه القوى المناضلة والحية من مكاسب وازنة جدا حققت للشعب المغربي إنجازات تاريخية.
وأشاد شباط بالمؤسسة الملكية التي سارعت إلى إرسال إشارات واضحة على وجوب احترام شفافية ونزاهة الانتخابات، وبادرت إلى تبديد غيوم الحيرة التي هيمنت على أجواء المنافسة بين الأحزاب، وأزاحت القلق الذي كان سائدا خلال الحملة الانتخابية وبعدها، مشيرا إلى أنه اتضح من ذلك أن المؤسسة الملكية ماضية من جهتها في طريق تحقيق الانتقال الديمقراطي، وتأكد ذلك بصفة أكثر وضوحا في حرص العاهل المغربي على تنزيل المنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الحكومة، بعد تكليفه للأمين العام لحزب العدالة والتنمية المتصدر لنتائج الانتخابات بالتفاوض من أجل تشكيل الحكومة الجديدة.
وذكر شباط بأن المجلس الوطني للحزب كان قد قرر بكل وضوح أن معاركه المقبلة هي حماية مكتسبات الإصلاح السياسي والدستوري التي قدم بشأنها رفقة تيارات سياسية أخرى تضحيات جسيمة، وهي صيانة التراكمات التي عرفتها البلاد، والتي تحققت بفضل جهاد مناضلين أفذاذ.
واليوم، يقول شباط: «تتاح لنا فرصة تاريخية لفرز القوى الديمقراطية عن باقي التعبيرات التحكمية والتسلطية التي تم توليدها في ظروف يعرفها الجميع، والتي جاءت فقط من أجل تشويه المشهد السياسي وخلق تعددية حزبية شكلية ووهمية، مفرغة من شحنتها السياسية وفاقدة لأي مضمون مجتمعي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.