ألمانيا: بدء محاكمة مراهقة من أصل مغربي بتهمة تنفيذ عملية انتحارية

السوري المنتحر جابر البكر حفر وصية على جدار زنزانته

شرطيان أمام محكمة مدينة سيلله قبل بدء جلسات محاكمة الألمانية ــ المغربية الأصل صافية أمس («الشرق الأوسط»)
شرطيان أمام محكمة مدينة سيلله قبل بدء جلسات محاكمة الألمانية ــ المغربية الأصل صافية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

ألمانيا: بدء محاكمة مراهقة من أصل مغربي بتهمة تنفيذ عملية انتحارية

شرطيان أمام محكمة مدينة سيلله قبل بدء جلسات محاكمة الألمانية ــ المغربية الأصل صافية أمس («الشرق الأوسط»)
شرطيان أمام محكمة مدينة سيلله قبل بدء جلسات محاكمة الألمانية ــ المغربية الأصل صافية أمس («الشرق الأوسط»)

طلب قاضي محكمة مدينة سيلله، حال بدء جلسات محاكمة الألمانية؛ المغربية الأصل، «صافية.س»، (16 سنة)، من ممثلي الصحافة مغادرة القاعة مراعاة لسن المتهمة. وبدأت أمس محاكمة «صافية.س» بتهمة محاولة القتل، وإلحاق أضرار جسدية خطيرة بالآخرين، ودعم منظمة إرهابية أجنبية. وقد ترتفع عقوبة «صافية.س» عند إدانتها بهذه التهم، إلى 10 سنوات سجنا رغم سنها الصغيرة. وينص محضر النيابة العامة على أن «صافية.س» طعنت شرطيًا ألمانيًا في عنقه بنية القتل العمد، وأنها فعلت ذلك بتوجيه مباشر من تنظيم داعش الإرهابي، وبهدف تنفيذ «عملية انتحارية» باسم التنظيم. واعتبرت النيابة العامة طعن الشرطي (34 سنة) في محطة قطارات هانوفر في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي أول عملية إرهابية لـ«داعش» في ألمانيا، بمعنى أنها سبقت عمليتي انزباخ وفورتسبورغ. وكان هجوم طالب لجوء أفغاني بفأس على ركاب قطار محلي في فورتسبورغ أسفر عن إصابة 5 أشخاص على الأقل في يوليو (تموز) الماضي. وفجر طالب لجوء سوري (27 سنة) نفسه في الشهر نفسه في مهرجان موسيقي في انزباخ وأصاب كثيرين بجروح.
وعلل القاضي فرنك روزينوزف، قاضي «المحكمة 94»، حجب المداولات بشأن «صافية.س» عن الرأي العام بأنه لمصلحة «كشف الحقيقة» في القضية. وكان محامي الدفاع طالب بإسقاط التهم عن موكلته وإطلاق سراحها. وطلب إخلاء القاعة من محامي الدفاع الذي عبر عن قناعته بأن طعن الشرطية كان «عفويًا» لم تخطط له المتهمة. وهذا يعاكس تصورات النيابة العامة التي ترى أن العملية كان مخططا لها.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية أن محامي الدفاع اعتبر «صفية.س»، رغم بلوغها 16 سنة، لا تزال غير ناضجة وأنها تفكر بعقلية فتاة عمرها 13 سنة، وأضاف أنها اعتذرت عن فعلتها للشرطي المطعون، وأنه يشكك بعلاقتها بالإرهاب، ولذلك فقد طالب الدفاع بالإفراج عن موكلته مع مراعاة سنها.
وأضافت الوكالة الألمانية أن كثيرا من «الرجال الملتحين وثلاث نساء منتقبات بالكامل» حضروا جلسة الافتتاح في الساعة 9.55، وتولت شرطية تدقيق هويات النساء الثلاث. ويبدو أن هؤلاء الحضور من أقارب «صفية.س» الذين يفترض أن يثبتوا شخصية المتهمة أمام القاضي.
وحضر إلى المحكمة متهم آخر هو الألماني السوري محمد حسن.ك، البالغ من العمر 20 عامًا، والذي تقول النيابة إنه كان على علم بنيات «صافية.س». والشاب الملاحق بتهمة عدم التبليغ عن جريمة، تمكن من الفرار من ألمانيا، لكنه أوقف في اليونان وسلم مساء الثلاثاء الماضي إلى السلطات الألمانية.
وبعد أن كان المحققون يميلون إلى اعتبار جريمة صافية «لوثة عقلية»، تحول مجرى التحقيق إلى تهمة الإرهاب بعد أن تم الكشف عن علاقة لها بالهاتف الجوال مع إرهابيي «داعش» في سوريا. كما كشفت أفلام الفيديو في المحطة، أثناء طعنها الشرطي بسكين استلته من كم الجاكيت الذي كانت ترتديه، أنها استفزت الشرطة كي يفتشوها بنية الطعن، كما تم الكشف عن سكين ثان في كم السترة التي كانت تلبسها. وشاعت في الإنترنت تسجيلات مرئية تظهر صافية وهي بسن 10 سنوات مع الداعية المتشدد سفين لاو، الذي تجري محاكمته بتهمة دعم الإرهاب وتجنيد المقاتلين لـ«داعش». وظهر من مجرى التحقيق أن صافية، وهي بعمر15 سنة، حاولت التسلل عبر تركيا للانضمام إلى التنظيم الإرهابي في سوريا. وكادت الفتاة تفلح في ذلك لولا سفر أمها إلى تركيا والعودة بها إلى ألمانيا. والتطرف الذي عاشته صافية في طفولتها له جذور أيضًا لدى أخيها «صالح.س»، (18 سنة) الذي فجر قنبلة مولوتوف في مخزن للتسوق لم تسفر عن إصابات في هانوفر. وعثر رجال الشرطة في الكومبيوتر الخاص به، بعد اعتقاله، على صلات له مع متشددين إسلاميين. وثبت أيضًا أنه حاول، قبل تنفيذ العملية، أكثر من مرة الالتحاق بتنظيم داعش في سوريا بعد سفرات مكوكية إلى إسطنبول. وألقي القبض عليه في تركيا، وقضى فترة سجن في (غازي عنتاب) قبل أن يسمح له بالسفر مجددًا إلى ألمانيا.
ودون الحديث عن مصادرها، كتبت صحيفة «بيلد» الألمانية الواسعة الانتشار أن الحرس اكتشفوا رسالة وداع، أو وصية، نقشها الإرهابي السوري جابر البكر (19 سنة)، بعد انتحاره شنقًا في زنزانته في سجن لايبزغ. وذكرت الصحيفة أن البكر حفر كلمات باللغة العربية على جدار الزنزانة، وأن المحققين بصدد ترجمة ما كتبه. وتم إلقاء القبض على البكر قبل أسبوع في كيمنيتس بعد أن تم الكشف عن محاولة له لتنفيذ عملية انتحارية ضد أحد مطارين في العاصمة برلين. ونجح البكر في الإفلات من قبضة الشرطة رغم تطويقها المبنى الذي يسكنه، وهرب إلى لايبزغ القريبة. وهناك سلمه إلى الشرطة 3 شبان سوريين لجأ عندهم بعد أن تعرفوا على شخصيته من خلال أمر إلقاء القبض عليه. وبعد النقد الشديد الذي وجهه رجال السياسة والإعلام لشرطة سكسونيا وجهازها العدلي بسبب أخطائها عند اعتقال البكر ومن ثم انتحاره في زنزانته الانفرادية، دافع وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير عن ولاية سكسونيا في مواجهة الانتقاد الموجه لها، وقال دي ميزير في تصريحات خاصة لصحيفة «ميتل دويتشه تسايتونغ» الألمانية أمس إن الادعاء بأن الديمقراطية ودولة القانون معرضتان للخطر هناك يعد أمرًا خاطئًا. وقال الوزير الألماني: «أعتبر مثل هذا الانتقاد الجزافي لولاية سكسونيا غير مناسب»، مؤكدًا أن المسؤولين هناك يعرفون بأنفسهم على نحو أمثل أن أمامهم كثيرا من العمل؛ بالنظر مثلاً إلى حادث انتحار البكر في سجن بمدينة لايبزغ بالولاية. وأشار إلى أن تشكيل لجنة مستقلة رفيعة المستوى حاليًا تقوم بالتحقيق في الحوادث، يعد إشارة جيدة للغاية. وأكد أن «ولاية سكسونيا لديها القدرة على التعامل مع المشكلات».
وأضاف قائلا: «إنها لا تحتاج لنصائح من الخارج»، لافتا بقوله: «صحيح أن عدد الحوادث اليمينية المتطرفة يزيد من الناحية الإحصائية في الولايات الواقعة شرق ألمانيا مقارنة بباقي أنحاء ألمانيا، ولكن الحقيقة أيضًا أنها توجد في جميع أنحاء ألمانيا».
وكانت شرطة سكسونيا اعترفت بحصول أخطاء ما كان ينبغي لها أن تحصل في قضية اعتقال وسجن جابر البكر. كما اعترف وزير العدل في الولاية سيباستيان غيمكو أيضا بحصول أخطاء تحت ضغط الانتقادات.
على صعيد الإرهاب اليميني، وبعد يوم من الإعلان عن تصاعد محاولات الاغتيال التي ينفذها النازيون في ألمانيا، عبر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير عن «صدمته» جراء وفاة شرطي (32 سنة) متأثرا بالجراح التي أصيب بها الأربعاء الماضي جراء إطلاق النار عليه من قبل شخص ألماني ينتمي إلى حركة «مواطنو الرايخ».
وقال دي ميزير أمس إنه سمع في ساعة مبكرة من الصباح بالخبر المريع عن وفاة أحد رجال الشرطة الذين أصيبوا جراء إطلاق النار من قبل من يسمون أنفسهم «مواطنو الإمبراطورية الألمانية» مضيفًا: «عزائي لأهالي الفقيد في هذه الساعة العصيبة..».
وأكد دي ميزير أن الهجمات المتزايدة من قبل متطرفين على رجال الشرطة «لا تحتمل ولا تقبل» وقال: «علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لكي لا يصبح رجال الشرطة ضحية للعنف الجسدي».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.