الجزائر: المعارضة تتحفظ على مقترح بوتفليقة تعيين شخصية حكومية على رأس «هيئة مراقبة الانتخابات»

«التجمع» و«الطلائع» و«مجتمع السلم» يشككون في نزاهة الاقتراع المرتقب في 2017

الجزائر: المعارضة تتحفظ على مقترح بوتفليقة تعيين شخصية حكومية على رأس «هيئة مراقبة الانتخابات»
TT

الجزائر: المعارضة تتحفظ على مقترح بوتفليقة تعيين شخصية حكومية على رأس «هيئة مراقبة الانتخابات»

الجزائر: المعارضة تتحفظ على مقترح بوتفليقة تعيين شخصية حكومية على رأس «هيئة مراقبة الانتخابات»

انتقد رئيس أهم الأحزاب السياسية المعارضة بالجزائر عدم استشارته من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في اختيار رئيس «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات»، التي استحدثها التعديل الدستوري الذي تم في 7 فبراير (شباط) 2016. ويتعلق الأمر بعبد الوهاب دربال، وزير العلاقات مع البرلمان، ممثل الجامعة العربية بالاتحاد الأوروبي سابقا.
وصرح محسن بلعباس، رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، أمس، للصحافة المحلية بخصوص رسالة وصلته من رئاسة الجمهورية بشأن اختيار دربال للإشراف على مراقبة المواعيد الانتخابية، قائلا: «إن التشاور يعني طلب رأي من أجل العمل على حسن الاختيار. غير أنه بالرجوع إلى المصطلحات المستعملة في هذه الإرسالية، يتضح أن المطلوب منا هو إبداء حكم حول شخص طبيعي على أساس سيرة ذاتية تكمن أساسا في كونه إطار دولة كان في خدمة السلطة التنفيذية منذ 1999».
وأضاف بلعباس: «نحن نعلم جميعا أن القانون العضوي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات يشترط في عضو الهيئة، بعنوان الكفاءات المستقلة من بين المجتمع المدني، ألا يكون منتميا لحزب سياسي، وألا يكون شاغلا وظيفة عليا في الدولة»، في إشارة إلى أن دربال قيادي في «حركة النهضة» الإسلامية التي انتقلت إلى المعارضة، بعدما كانت شريكا في الحكومة.
وأوضح رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»: «والأهم من ذلك هو أن الجميع يعرف أن الانتخاب حق مدني وسياسي يتمتع به كل مواطن.. والانتخابات النزيهة والعادلة هي التي تسمح لمختلف الأحزاب المتنافسة بالتسابق في جو من الثقة والشفافية والمساواة، وذلك من خلال الوصول إلى وسائل الإعلام العمومية، والالتزام بالمسؤولية، وإعطاء الحسابات عقب نهاية العهدة».
وشرع مدير الديوان بالرئاسة أحمد أويحي، مطلع الأسبوع الحالي، في مراسلة الأحزاب لطلب رأيها في قرار بوتفليقة تعيين دربال على رأس «الهيئة العليا للانتخابات»، التي ينتظر أن يصل عدد أعضائها إلى 400 يختارهم الرئيس. وأول من رد على المراسلة رئيس «طلائع الحريات» علي بن فليس، وهو رئيس حكومة سابق، الذي قال إنه يرفض «الهيئة» من أساسها، بحجة أن ارتباطها بالسلطات كاف للتشكيك في مصداقيتها. وفهم من كلام بن فليس أنه لن يشارك في انتخابات البرلمان المرتقبة في مايو (أيار) 2017.
يشار إلى أن الحزب الإسلامي المعارض «حركة مجتمع السلم» رفض مقترح الرئاسة للأسباب نفسها التي أعلن عنها بن فليس. وكل أنظار الطبقة السياسية مشدودة حاليا إلى أقدم أحزاب المعارضة «جبهة القوى الاشتراكية» الذي لم يعلن عن موقفه بعد.
وقال محسن بلعباس، في تعاطيه مع مسعى الرئاسة: «يقتضي الاقتراع الديمقراطي الحقيقي احترام حرية التعبير والصحافة، وحرية التجمع والتنظيم، وتوفير مناخ ملائم يستبعد فيه الترهيب والامتيازات اللاشرعية. تلك الظروف التي من شأنها أن تسمح للناخبين باتخاذ قرار مستنير بين برامج وبدائل سياسية مميزة. وهذه المقاربة هي التي كانت الحافز الرئيسي من وراء مقترحنا السياسي، المتمثل في المأسسة والتنصيص الدستوري على هيئة مستقلة لتسيير وتنظيم الانتخابات»، في إشارة إلى طلب التكتل المعارض «تنسيقية الانتقال الديمقراطي» إطلاق «لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات» يقودها شخص مشهود له بالنزاهة والاستقامة، ولم يسبق له أن اشتغل في أي جهاز حكومي.
وذكر بلعباس أن «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي أدخلت في الدستور الجديد سوف تؤدي لا محالة، في انتظار مراجعة جذرية أخرى، إلى تأجيل الأمل الديمقراطي في الجزائر. ولو تم الإصغاء لنا، وتكريس اقتراحنا في الدستور، لفتح المجال للاستقرار والديمقراطية».
كان «التجمع» قد أعلن، في 7 من الشهر الحالي، عن مشاركته في انتخابات البرلمان، على الرغم من التشكيك في نزاهتها، فبلعباس يرى أنه «من غير المجدي، في غياب الإرادة السياسية والشعور بالمسؤولية، أن نصدق الخطاب الذي يتحدث عن شفافية ونزاهة الاستحقاقات المزمع إجراؤها. لكن من خلال هذه المشاركة، يهدف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى غرس ثقافة مراقبة المواطنين، كما هو الشأن بالفعل في منطقة القبائل (شرق). وإن تصويت أجهزة الأمن يثير الجدل والإشكال بسبب إفلاته من يقظة وسيادة الشعب، مع العلم أن هذا الأمر الواقع يشوه نتائج الاقتراع وموازين القوى السياسية، خصوصا في حالة ارتفاع نسبة العزوف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.