قمة «النورماندي» تتزامن مع عودة التوتر إلى جنوب شرقي أوكرانيا

اتفق الجميع على أن «اتفاقية مينسك» تبقى الإطار الأمثل لحل الأزمة

قمة «النورماندي» تتزامن مع عودة التوتر إلى جنوب شرقي أوكرانيا
TT

قمة «النورماندي» تتزامن مع عودة التوتر إلى جنوب شرقي أوكرانيا

قمة «النورماندي» تتزامن مع عودة التوتر إلى جنوب شرقي أوكرانيا

محادثات «رباعي النورماندي» انطلقت في برلين، بالتزامن مع عودة التوتر إلى منطقة النزاع في أوكرانيا، وفشل جديد لتطبيق الشق المتعلق بالفصل بين القوات المتقاتلة على خطوط التماس، بعد قصف شهدته مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، يُحمِّل كل طرف المسؤولية عنه للآخر. وبعد مضي أقل من عامين بقليل على توقيعهم اتفاقية مينسك الثانية، الخاصة بالأزمة الأوكرانية، وبالتزامن مع تصاعد حدة التوتر مجددا في جنوب شرقي أوكرانيا، التقى قادة «رباعي النورماندي»، وهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي فرنسوا هولاند، والأوكراني بيوتر بوروشينكو، ومعهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التقوا مساء أمس الأربعاء في برلين، حيث عقدوا جولة محادثات ليلية جديدة، بحثوا خلالها الوضع الحالي على خطوط النار بين القوات الأوكرانية والميليشيات المسلحة في دونيتسك ولوغانسك، أو المنطقة التي يطلق عليها «دونباس» وتقع جنوب شرقي أوكرانيا. وركزت المحادثات في برلين مساء أمس، على آليات تنفيذ اتفاق مينسك الخاص بتسوية النزاع في أوكرانيا.
في غضون ذلك، استبق الرئيس الأوكراني فيكتور بوروشينكو محادثات برلين بتصريحات استفزت الكرملين، فضلا عن عقوبات جديدة فرضها على جزء من القطاع المصرفي - المالي الروسي.
ولهذا فقد استبعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن تحل قمة برلين كل المشكلات العالقة؛ لأن تنفيذ بنود اتفاقية مينسك لا يبعث على الارتياح حتى الآن، وأن الهدنة، التي ليست هدنة فعلية، لا تبعث على الارتياح أيضًا. وعلى الرغم من ذلك، فإنه ليس هناك، بحسب تعبير دائرة ميركل، غير اتفاقية مينسك، وهي ما تعتمد عليه الدبلوماسية الألمانية في التوصل إلى حل سلمي للنزاع.
وكانت موسكو مترددة في المشاركة بمحادثات برلين، وحتى اللحظة الأخيرة أبقت على احتمال مشاركة بوتين في تلك المحادثات رهنا بقدرة معاوني قادة «رباعي النورماندي» على تحقيق تقدم في سياق التحضيرات للقاء. ويوم أول من أمس، أي قبل اللقاء، أكد دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين، أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتجه الأربعاء إلى برلين، في زيارة مسائية وليست ليوم واحد، حيث سيجري محادثات مع ميركل وهولاند وبوروشينكو»، موضحا أن العمل الذي جرى على مستوى معاوني الرؤساء يسمح بعقد مثل ذلك اللقاء في برلين. واستبعد بيسكوف إمكانية التوصل إلى اتفاقات معينة خلال محادثات برلين، مشددا على أن روسيا لا تزال على قناعة بضرورة تنفيذ اتفاق مينسك، وبالدرجة الأولى الحديث يدور حول الشق السياسي من الاتفاق الذي يجب على الجانب الأوكراني تنفيذه. كما انتقد المتحدث الرسمي باسم الكرملين الأسلوب الذي استخدمه الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو في وصفه لقاء برلين، وتحديدا ما كتبه بوروشينكو على موقعه الرسمي، أن اللقاء سيجري بغية «إجبار روسيا على تنفيذ اتفاقات مينسك»، واعتبر بيسكوف أن «استخدام صيغة كهذه باللغة الروسية على الموقع الرسمي للرئيس الأوكراني تظهر مدى تعقيد الوضع ومدى استعداد كييف لتنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقات مينسك». إلا أنه «وعلى الرغم من كل التعقيدات، فإن الرئيس الروسي يحافظ على استعداده للقيام بكل ما هو ممكن وضروري للمضي قدما في عملية مينسك في إطار مجموعة نورماندي»، حسب قول بيسكوف الذي شدد على أن روسيا لا تزال على يقين بعدم وجود بديل عن تنفيذ اتفاقات مينسك لحل الأزمة الأوكرانية.
إلا أن التعقيدات التي ترافق أجواء محادثات برلين حول الأزمة الأوكرانية، لا تقتصر على ما ذكره بيسكوف، وهناك تعقيدات أخرى، منها ما هو آني ومنها ما هو «مزمن» إن جاز التعبير. بالنسبة للتعقيدات الآنية تجدر الإشارة إلى أن القصف تجدد في منطقة النزاع خلال الأيام الماضية، بعد أيام على الإعلان عن بدء تنفيذ الشق من اتفاقيات مينسك المتعلق بالفصل بين القوات المتقاتلة، ولا تزال كييف والمسلحون في جنوب شرقي أوكرانيا يُحمِّل كل منهما الآخر المسؤولية عن التدهور الحاصل. أما التعقيدات «المزمنة» التي ستكون على ما يبدو محط اهتمام المحادثات في برلين، فهي تلك المتصلة بتفسير الأطراف لآليات تنفيذ اتفاق مينسك، لا سيما بالنسبة للأولويات بين الشقين العسكري – الأمني والسياسي. إذ تنص اتفاقية «مينسك 2» التي توصل إليها قادة «رباعي نورماندي» خلال محادثاتهم في مينسك يوم الثاني عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، على شقين، عسكري وسياسي، ويشمل الأول سحب القوات عن خطوط التماس، على أن ينطلق العمل بالشق السياسي فور الانتهاء من سحب القوات. وينص الشق السياسي على بدء محادثات مع السلطات في كييف لإجراء انتخابات في دونيتسك ولوغانسك بموجب القانون الأوكراني حول مناطق الحكم الذاتي. إلا أن الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو يرى أنه لا يمكن تطبيق الشق السياسي دون تطبيق الشق الأمني - العسكري.
وكان بوروشينكو قد عرض مؤخرًا على الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية «خريطة طريق» لتنفيذ اتفاق «مينسك 2» لتسوية الأزمة في جنوب شرقي أوكرانيا، وتنص تلك الخريطة على «استحالة المضي في الشق السياسي من دون تنفيذ تام لكل فقرات اتفاق مينسك المتعلقة بالجانب الأمني». ويركز بوروشينكو في «خريطة الطريق» التي عرضها على ضرورة وقف إطلاق النار، وإعادة تحكم السلطات الأوكرانية بكامل الشريط الحدودي مع روسيا، وسحب المعدات الحربية الثقيلة والمدفعية، والسماح بوصول المراقبين التابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى كل المواقع في دونباس (جنوب شرقي أوكرانيا). اللافت والغريب في الأمر أن اقتراحات بوروشينكو لا تبدو بعيدة أو مختلفة جدا عما جاء في نص اتفاقية مينسك، ولا عما تدعو إليه روسيا. إلا أن النقطة الخلافية التي يشير إليها مراقبون من العاصمة الأوكرانية تتعلق بإصرار أوكرانيا على طلبها سحب روسيا آلياتها العسكرية من دونباس وكل مواطنيها الذين يقاتلون هناك، على أن يبقى المقاتلون من أبناء المنطقة الذين يحملون الجنسية الأوكرانية، وعندها توافق كييف على إجراء انتخابات في دونباس. بالمقابل تنفي روسيا وجود أي آليات تابعة لها في تلك المنطقة، وبالنسبة للمقاتلين الروس تقول إنهم متطوعون يتصرفون ذاتيا ولا علاقة للجهات الرسمية بهم، وتصر على تنفيذ اتفاق مينسك كما جاء من دون أي إضافات.
وتجدر الإشارة إلى أن الأوروبيين يدركون أهمية تنفيذ كييف لالتزاماتها السياسية التي نص عليها اتفاق مينسك، وقد عبر عن هذا الموقف بوضوح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في كلمته مؤخرا أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، حين دعا كييف إلى تحمل المسؤولية في تنفيذ الإصلاحات السياسية التي تمهد لتنفيذ الشق السياسي من اتفاق مينسك. ولم يرق كلام هولاند للمسؤولين الأوكرانيين، إذ رد عليه وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف وقال إن «الرئيس الفرنسي يأخذ الكثير على عاتقه»، وطالبه بأن «لا يشير لأوكرانيا كيف تتصرف». وفي وقت سابق اقترح وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا خلال زيارتهما إلى كييف، خريطة طريق تقوم على التزامن في تنفيذ مقررات اتفاقية مينسك في الشقين الأمني - العسكري والسياسي، الذي يشمل بما في ذلك إصلاحات سياسية في أوكرانيا. ضمن هذه التعقيدات السياسية والأمنية ميدانيا حاول قادة «رباعي النورماندي» خلال محادثاتهم مساء أمس في برلين، البحث عن صيغة وسط ترضي موسكو وكييف في محاولة جديدة لوضع اتفاقات مينسك على مسار التنفيذ، لحل النزاع في جنوب شرقي أوكرانيا.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.