استنفار دولي لإغاثة 1.5 مليون موصلي.. ومخاوف على كبار السن والأطفال تحديدًا

الأمم المتحدة تطلق نداء لتقديم 61 مليون دولار لإقامة مخيمات في العراق وتركيا وسوريا

عراقيون فروا من الموصل وحويجة يحصلون على مساعدات غذائية في مخيم أقيم في دكوك (رويترز)
عراقيون فروا من الموصل وحويجة يحصلون على مساعدات غذائية في مخيم أقيم في دكوك (رويترز)
TT

استنفار دولي لإغاثة 1.5 مليون موصلي.. ومخاوف على كبار السن والأطفال تحديدًا

عراقيون فروا من الموصل وحويجة يحصلون على مساعدات غذائية في مخيم أقيم في دكوك (رويترز)
عراقيون فروا من الموصل وحويجة يحصلون على مساعدات غذائية في مخيم أقيم في دكوك (رويترز)

حذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أمس، من أن ما يصل إلى مائة ألف عراقي قد يتوجهون إلى سوريا وتركيا فرارا من معركة الموصل، وأطلقت المفوضية نداء لتقديم 61 مليون دولار، لتوفير خيام ومخيمات وأفران للنازحين داخل العراق والدولتين المجاورتين له.
وأضافت المفوضية أنها تخشى «أن تتسبب الأحداث بالموصل في فرار ما يصل إلى 100 ألف عراقي صوب سوريا وتركيا. تجرى خطط الاستعداد في سوريا لاستقبال ما يصل إلى 90 ألف لاجئ عراقي»، ونزح أكثر من ثلاثة ملايين شخص بالفعل في العراق عن بيوتهم، وتقول وكالات الإغاثة إن ما يصل إلى مليون قد يفرون من الموصل التي يقطنها 5.‏1 مليون نسمة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن المفوضية، أنه يجري إعداد موقع استضاف من قبل لاجئين عراقيين، من أجل استيعاب موجة أخرى في سوريا - التي يوجد بها حاليا نحو 26 ألف لاجئ عراقي - كثيرون منهم يعيشون في المنفى منذ عشرة أعوام. وأضافت أنها نصبت داخل العراق نحو 22 ألف خيمة كافية لتوفير ملاذ لما يصل إلى 140 ألف شخص مع تدفق المزيد كل يوم. وقالت: «النظر إلى عدد النازحين المحتمل تعطي المفوضية أولوية لنصب مزيد من الخيام».
بدورها، نقلت مسؤولة رفيعة المستوى في الأمم المتحدة، أمس، عن الجيش العراقي قوله بأن أعدادا كبرى من السكان قد يبدأون بالفرار من مناطق القتال في الموصل خلال أقل من أسبوع. وقالت ليز غراندي، منسقة شؤون الإنسانية في الأمم المتحدة للصحافيين، إن «توقعاتنا المبنية على معلومات أطلعنا عليها الجيش العراقي، أنه في حال شهدنا حركة كبرى للسكان، فمن المحتمل أن تبدأ بحلول خمسة إلى ستة أيام».
وفي نيويورك، أعرب رئيس الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين، عن «قلقه البالغ» بشأن سلامة سكان مدينة الموصل. وقال أوبراين إنني «أشعر بقلق بالغ بشأن سلامة نحو 1. 5 مليون شخص يعيشون في الموصل قد يتأثرون من جراء العمليات العسكرية (الهادفة) إلى استعادة المدينة من (داعش)»، مضيفا أن «العائلات معرضة لخطر شديد»، إذ إنها قد تجد نفسها ضحية «لتبادل إطلاق النار، أو مستهدفة من جانب قناصة».
وتابع أنه «في أسوأ الأحوال، ونظرا لشدة الأعمال القتالية ونطاقها، قد يجبر أكثر من مليون شخص على الفرار من منازلهم»، مشددا على أن الأطفال وكبار السن هم من بين الأكثر تعرضا للخطر. وأضاف أن «عشرات الآلاف من الفتيات والفتيان والنساء والرجال العراقيين قد يكونون تحت الحصار أو قد يستخدمون دروعا بشرية. وقد يتم طرد الآلاف قصرا أو قد يجدون أنفسهم عالقين بين خطوط القتال».
بدوره، دعا المجلس النرويجي للاجئين أطراف النزاع إلى ضمان سلامة النساء والأطفال والرجال الذين عاشوا لأكثر من عامين في ظل القمع القاسي، وذلك من خلال وضع منافذ خروج آمنة كأولوية أساسية. وقال، في بيان، إنه مع انعدام وجود منافذ آمنة لخروج المدنيين وتعرّض المدينة حاليًا لهجوم شرس، يعاني مئات الآلاف من العراقيين من خطر تبادل إطلاق النار، والتعرض لطلقات القناصة عند محاولتهم الفرار، والتعرض للهجوم في منازلهم.
وفي هذا الإطار، قال مدير المجلس النرويجي للاجئين في العراق، وولفغانغ غريسمان: «نخشى أن تكون العواقب الإنسانية لهذه العملية ضخمة، فإن إنشاء منافذ آمنة فعلية لخروج المدنيين من المدينة هو الآن على رأس الأولويات، وليس هناك ما هو أكثر أهمية. لقد رأينا بالفعل عواقب وخيمة لما كان قد يسمى المنافذ الآمنة للخروج من مدينة الفلوجة، ولا يمكننا أن نعرّض مزيدا من العراقيين لمثل هذه المخاطر مرة أخرى. فقد عانوا الكثير». وتابع: «يعمل موظفونا على مدار الساعة للاستعداد للهجرة الجماعية للأسر المتوقع أن تبحث عن الأمان ومساعداتنا الإنسانية. ولكن ما لم توفر لهم الأطراف المشاركة في النزاع منافذ آمنة، فسوف تواجه أتعس الخيارات وهي إما البقاء والمخاطرة بحياتهم تحت الهجوم، وإما المخاطرة بحياتهم أثناء محاولتهم الفرار». وأضاف غريسمان: «إن الطريقة التي يتم بها شن هذا الهجوم، فضلاً عن معاملة القوات المتحاربة للمدنيين الفارّين من جهة، وفعالية الاستجابة الإنسانية من جهة أخرى، ستحدد جميعًا مستقبل العراق وكيف سيعيش العراقيّون بعضهم مع بعض. فلا يمكننا أن نخذل المدنيين العراقيين مرة أخرى في وقت حاسم مثل هذا».
وتستعد وكالات إغاثة اللاجئين لحشد الجهود الإنسانية. وافتُتح مخيم ديبكة للنازحين قرب أربيل في عام 2015، حيث يؤوي الفارين من مناطق احتلها التنظيم المتشدد. وحتى الآن استوعب المخيم نحو 36 ألف شخص. ويساعد المجلس النرويجي للاجئين في توفير خدمات عاجلة تشمل مياها وغذاء وإسعافات طبية لمساعدة الأسر الوافدة إلى المخيم. والآن يستعد المجلس لوصول الألوف من النازحين الجدد. وقالت كورتني لير، القائمة بأعمال مدير المنطقة بالمجلس النرويجي للاجئين في أربيل: «يستعد المجلس النرويجي للاجئين الآن لموجات ضخمة من النازحين من الموصل. ونتوقع في الأسابيع القليلة الأولى وصول نحو 200 ألف شخص ووصول عدد النازحين من الموصل في الشهور المقبلة إلى 700 ألف شخص. ويكافح المجتمع الإنساني من أجل الاستعداد، لكن هذا العدد الضخم يشكل تحديا كبيرا».
وفي بغداد، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن تهيئة نحو 50 ألف خيمة لإيواء العوائل التي ستنزح من الموصل، بالتنسيق مع المنظمات الدولية كالهلال الأحمر والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين والوزارات المعنية وحكومة الإقليم. وقال وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس في مقر الوزارة مع مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو كراندي والوفد المرافق له إن «اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين وكل الوزارات المعنية بملف النازحين على أهبة الاستعداد للاستجابة الإنسانية لإغاثة نازحي الموصل»، مشددا على أن «رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي يشرف بنفسه على الإجراءات». وتابع أن «الوزارة واللجنة العليا للنازحين اتخذت التدابير كافة اللازمة من حيث خزين المساعدات الإغاثية والتهيؤ لاستقبال النازحين من الموصل مع بدء عمليات تحريرها».
ومن جانبه، أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين على أهمية التنسيق المشترك مع الوزارة والجهات المعنية لضمان تقديم المستلزمات الضرورية للنازحين، فضلا عن حماية الأسر النازحة في حال نزوحها من مدينة الموصل»، مؤكدا أن «المفوضية تعمل على التحضيرات اللازمة لإعداد مخيمات لإيواء النازحين».
إلى ذلك، أكد أصغر الموسوي، وكيل وزارة الهجرة والمهجرين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من غير المتوقع حصول عملية نزوح كبرى من الموصل بسبب طبيعة المعركة والخطط الموضوعة التي تعتمد على ضرب تجمعات (داعش) عن طريق قوات النخبة والتعامل مع المدنيين بشكل إنساني وهو ما تم العمل عليه بدقة». وأضاف أنه «في الوقت الذي كان متوقعا حصول عمليات نزوح كبرى قد تزيد على الـ750 ألف مواطن مما يجعل الخطط الحالية غير قادرة على التعامل معها، لكن مع بدء المعارك وعدم حصول عمليات نزوح ودقة التعامل مع الأهالي من قبل الجيش، فإنه يمكن القول إن الجانب الإنساني تحت السيطرة تماما».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».