توتر أمني وعسكري في ليبيا بعد سيطرة الغويل على مجلس الدولة

مصادر تتوقع عودة حرب الشوارع بين الميليشيات المسلحة

عناصر في القوات الليبية بعد تحرير منطقة جديدة في سرت من «داعش» أمس (رويترز)
عناصر في القوات الليبية بعد تحرير منطقة جديدة في سرت من «داعش» أمس (رويترز)
TT

توتر أمني وعسكري في ليبيا بعد سيطرة الغويل على مجلس الدولة

عناصر في القوات الليبية بعد تحرير منطقة جديدة في سرت من «داعش» أمس (رويترز)
عناصر في القوات الليبية بعد تحرير منطقة جديدة في سرت من «داعش» أمس (رويترز)

تصاعدت أمس حدة التوتر الأمني والعسكري في العاصمة الليبية طرابلس، بعدما اندلعت اشتباكات مسلحة لليوم الثاني على التوالي بين ميلشيات متناحرة، بعد مرور ساعات فقط على سيطرة حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته على مقر المجلس الأعلى للدولة، وإعلانها طلب تشكيل حكومة جديدة بالتعاون مع الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني في شرق البلاد.
وقالت مصادر أمنية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: إن قتالا محدودا نشب بين ميلشيات تابعة لعبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، وأخرى تتولى حماية وتأمين فندق ريكسوس الذي يتخذه برلمان طرابلس مقرا له. وأبلغ مسؤول في برلمان طرابلس «الشرق الأوسط» توقعاته باحتمال تدهور الأوضاع الأمنية واندلاع معارك عنيفة في العاصمة، خلال الساعات المقبلة بمختلف أنواع الأسلحة في الصراع الدائر بين الميلشيات حول استعادة السيطرة على مقر المجلس الأعلى للدولة الذي سيطرت عليها ميلشيات تابعة لحكومة الغويل غير المعترف بها دوليا.
وعلى الرغم من أن السويحلى هدد باستعادة مقر مجلسه الذي طرد منه وأمهل الغويل 24 ساعة لإجلاء المقر، فإن المسؤول في برلمان طرابلس قال إن المقر محصن ومؤمن تماما ضد أي محاولة لاستعادته أو اقتحامه.
وأضاف مشترطا عدم تعريفه «هناك استنفار أمني، والناس تشعر بالخوف والقلق، المحال مغلقة ومن الممكن أن تندلع حرب. كل الأمور واردة في هذه اللحظة»، لافتا إلى انتشار ميليشيات مسلحة تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، في بعض الأحياء في طرابلس. وتابع «لكن هذه الميلشيات لا تستطيع أن تفعل شيئا، الأوضاع على ما يرام بالنسبة لنا، ونسيطر على فندق ريكسوس».
ويفترض أن بعض أعضاء حكومة السراج يعملون من هذا الفندق الذي كان تحت سيطرة فصيل مسلح موال لهم، كما أنه المقر المفترض للمجلس الأعلى الدولة، وهو هيئة تشريعية تضم البرلمان السابق في طرابلس في إطار اتفاق حكومة الوفاق الذي دعمته الأمم المتحدة. وبعد ساعات من سيطرة ميلشيات تابعة له على المقر، قال رئيس الوزراء السابق خليفة الغويل: إن المجلس الرئاسي أتيحت له فرصة تلو الأخرى لتشكيل الحكومة، لكنه فشل وأصبح سلطة تنفيذية غير قانونية، ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة بين الحكومة السابقة في طرابلس ومنافستها في الشرق، حيث يعارض المحافظون حكومة السراج.
من جهته، قال المكتب الإعلامي للسراج إنه ناقش مساء أول من أمس في اجتماع للمجلس الرئاسي لحكومته بحضور وزرائها المفوضين الموضوعات ذات العلاقة بالخدمات اليومية للمواطن والأوضاع الأمنية في البلاد. وأوضح في بيان له، أن وزير الداخلية العارف الخوجة، قدم تقريرا مفصلا حول الأوضاع الأمنية، وكذلك الخطط، والبرامج التي وضعتها الوزارة لمعالجة الخروقات الأمنية في البلاد، وسبل معالجتها. كما استعرض وزير الدفاع المهدي البرغثي آخر المستجدات في المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي، وما وصفه البيان بانتصارات قواتنا الباسلة التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من إعادة مدينة سرت كاملة لحضن الوطن.
وتزامن الاجتماع، مع اجتماع آخر عقده أحمد معيتيق، نائب السراج، مع رئيس الحرس الرئاسي نجم الدين الناكوع ومعاونيه، علما بأن السويحلى رئيس مجلس الدولة المطرود من مقره هو خال معيتيق، وكلاهما من مدينة مصراتة في غرب البلاد. وأدانت حكومة السراج المعترف بها دوليا والتي تكافح لفرض سيطرتها على الفصائل المنافسة، سيطرة حكومة الغويل المعارض لها على مقر مجلس الدولة، واعتبرته محاولة لإحباط مساعيها لإنهاء الصراع على السلطة.
ونشرت الحكومة صورا على صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي لاجتماع السراج وأعضاء مجلسه الرئاسي بحضور الوزراء في المكاتب الرئيسية للبرلمان في مكان آخر في طرابلس. لكن حكومة عبد الله الثني الموالية لمجلس النواب في شرق البلاد، رحبت في المقابل بطلب الغويل تشكيل حكومة مشتركة ودعت البرلمان إلى البت في هذا الطلب قريبا.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها إنها تشعر بالقلق حيال التطورات الراهنة في طرابلس، ودعت في المقابل جميع الأطراف إلى ضبط النفس، مؤكدة استمرار دعمها لحكومة السراج.
وحذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من محاولات خلق مؤسسات موازية، وأكدا على دعمهما الاتفاق الذي تم التفاوض بشأنه برعاية الأمم المتحدة وأسفر عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. وكان المجلس رئاسي التابع لحكومة السراج قد وصل إلى طرابلس في مارس (آذار) الماضي في أحدث محاولة للم شمل الفصائل المتنافسة التي شكلت حكومتين في 2014، إحداهما في العاصمة والأخرى في شرق ليبيا.
وتقع طرابلس تحت سيطرة عدد من الكتائب المسلحة، بعضها موال لحكومة السراج، والآخر كان يدعم حكومة الغويل عندما سيطرت قواتها على العاصمة في 2014 بعد اشتباكات أدت إلى تدمير المطار الدولي. ويمثل تحدي سلطة حكومة السراج في العاصمة خطرا على خطط الحكومات الغربية التي تنشد أن تفرض حكومة الوفاق الاستقرار في ليبيا وتقدم المساعدة في محاربة الإسلاميين المتشددين ومهربي البشر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».