مصابو تحرير اليمن من الانقلاب: فقدنا جزءًا من أعضائنا ليلتئم جسد الوطن

قصص الجرحى تشهد على جرائم الميليشيات.. ومؤسسات مدنية تكرمهم في عدن

أحد المصابين جراء الحرب اليمنية ضد الانقلاب في حفل تكريم أقيم بعدن أمس («الشرق الأوسط»)
أحد المصابين جراء الحرب اليمنية ضد الانقلاب في حفل تكريم أقيم بعدن أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مصابو تحرير اليمن من الانقلاب: فقدنا جزءًا من أعضائنا ليلتئم جسد الوطن

أحد المصابين جراء الحرب اليمنية ضد الانقلاب في حفل تكريم أقيم بعدن أمس («الشرق الأوسط»)
أحد المصابين جراء الحرب اليمنية ضد الانقلاب في حفل تكريم أقيم بعدن أمس («الشرق الأوسط»)

بقدم واحدة، وقف الشاب فائز القطيبي (25 عامًا) أمام منصة تكريم لجرحى الحرب أقامتها منظمات مدنية أمس الأحد بمدينة المنصورة في عدن، مخاطبًا الحضور بالقول: «فقدت ساقي اليمنى في التصدي للميليشيات والدفاع عن الأرض والعرض والدين من ميليشيات لا تعرف سوى لغة القتل والدمار والإرهاب، وأنا مستعد لأن أقدم ساقي الأخرى وبقية أعضاء جسدي بل وروحي ليست رخيصة، في سبيل أمن واستقرار عدن والجنوب، وتطهيرها من قاعدة المخلوع صالح والحوثيين».
الشاب العشريني فائز القطيبي يحكي قصة تضحيات جسام قدمها أبطال لحج وعدن في التصدي للميليشيات الانقلابية، فقد شارك في عدة جبهات وأصيب 5 مرات بطلقات نارية وشظايا في الساق والبطن والعين، وكانت آخر إصابته كما يقول بـ«لغم أرضي».
قصص الجرحى في اليمن جراء الانقلاب وجرائمه وصفتها كلمات ألقيت في المناسبة بالشاهد على جرائمهم، وطغيانهم ضد إخوتهم وبني جلدتهم.
القطيبي سرد لـ«الشرق الأوسط» قصته مع الحرب عقب فعالية التكريم. وبدأ بالقول: «بعد غزو ميليشيات الحوثيين وقوات صالح لعدن بادرنا من تلقاء أنفسنا بحمل سلاحنا الشخصي، وذهبنا إلى أطراف جبهات لحج وشاركنا في معارك ضارية بأكثر من جبهة.. استشهد مننا من استشهد وجرح من جرح وأول إصابة لي كانت في ساق قدمي اليسرى في جبهة بلة، تعالجت منها في أسابيع، ومن ثم انتقلنا إلى جبهة النخيلة وجرحت بعدة شظايا هاون في الرجل اليسرى والبطن، ولمن نرضخ لهم، صحيح فقدنا جزءًا من أعضائنا، لكن في سبيل أن يلتئم».
يتوقف القطيبي برهة من الوقت ليرد بعدما أخذ نفسًا عميقًا: «لم نرضخ للإصابات تلك. انتقلت من جبهة النخيلة للمشاركة في تحرير العند. أردنا الالتفاف على العدو من جبهة النخيلة، وتعرضت للإصابة بطلق ناري في آخر يوم من الهجوم والاشتباكات العنيفة من الميليشيات، وجاءت الطلقة من فوق العين اليمنى، وخرجت من فوق العين اليسرى، والحمد لله أتت سليمة، وأشعر الآن بكزاز، ولكن الحمد الله وسنواصل المسير».
ويتابع قائلاً: «استدعينا في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي من قبل عبد الكريم القطيبي لنشارك معه في جبهة كرش، ولبينا النداء وشاركنا في الجبهة في منطقة الشريجة منطقة حدودية تربط محافظتي لحج وتعز». وزاد: «قبل عيد الأضحى المبارك أي قررت قيادة التحالف وقيادة الجبهة وقائد اللواء فضل حسن مباغتة العدو والهجوم عليهم ودحرهم من الشريجة فتم تنفيذ خطة الهجوم على العدو من عدة اتجاهات من الميمنة والميسرة، ومن القلب، وتمكنا من السيطرة على عدة مواقع، هناك أصبت بلغم أرضي وضعته ميليشيات الحوثي صالح وبترت رجلي اليمني، والحمد لله على ذلك، فنحن لا نمن على الوطن، ومستعدون لتقديم أرواحنا لأجل وطننا الغالي والعزيز علينا جدًا».
وكانت مؤسسة «لأجلك يا عدن» وبدعم من ملتقى أبناء شعب العرمي «يافع» قد أقامت أمس السبت حفل تكريم لعدد من أبطال جرحى حرب مارس (آذار) 2015 التي شنتها ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح على عدن، والمحافظات اليمنية الأخرى. وشمل التكريم العشرات من الجرحى الذين فقدوا أجزاء من أجسادهم، بحضور مسؤولين في السلطة المحلية وقوات الحزام الأمني والمقاومة، وممثلي منظمات المجتمع المدني وذوي الجرحى وأهاليهم.
الجريح الآخر، فضل علي راجح، في العقد الثالث من العمر، كان أحد المكرمين ضمن الجرحى إثر مشاركته في التحرير بجبهات المقاومة في محافظة لحج، وفقد أحد ساقيه جراء قذيفة مدفعية أطلقتها الميليشيات على موقع للمقاومة في مصنع الإسمنت بمنطقة بلة.
يتحدث الجريح فضل راجح لـ«الشرق الأوسط» وهو يسير على عكازين أثناء انتهاء فعالية التكريم قائلاً: «أثناء غزو الميليشيات لعدن ولحج كنت ضمن الكثير من الشباب الذي حملوا سلاحهم الشخصي، وتوجهنا إلى سيلة بلة بلحج لقطع طريق الإمدادات للحوثيين وقوات صالح ناحية عدن، شاركنا في أكثر من جبهة قتالية حتى أصبت بقذيفة دبابة، فقدت على إثرها ساقي اليسار في 9 يونيو (حزيران) من العام الماضي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».