المدارس الداخلية.. نظام بريطاني أرستقراطي استعاره العالم

«كينغز سكول» أقدمها و«وينشستر كوليدج» الأكثر شهرة

طلاب في مدرسة داخلية في بريطانيا عام 1934 خلال فصل العلوم (غيتي)
طلاب في مدرسة داخلية في بريطانيا عام 1934 خلال فصل العلوم (غيتي)
TT

المدارس الداخلية.. نظام بريطاني أرستقراطي استعاره العالم

طلاب في مدرسة داخلية في بريطانيا عام 1934 خلال فصل العلوم (غيتي)
طلاب في مدرسة داخلية في بريطانيا عام 1934 خلال فصل العلوم (غيتي)

من المدارس البريطانية التقليدية ما يستضيف الطلاب في إقامة وسكن داخلي طوال فترات الدراسة، وكان في الماضي يقتصر على الطبقات الأرستقراطية. وتستقبل هذه المدارس الطلبة للدراسة الداخلية التي لا يخرجون منها إلا في عطلات نصف السنة وعطلة الصيف. وتسمى هذه المدارس الداخلية «بوردنغ سكولز».
وفي بداية الألفية كانت هناك 772 مدرسة داخلية خاصة في إنجلترا، كما بلغ عدد الطلبة الذين يحضرون مدارس داخلية في بريطانيا 110 آلاف طالب. وتعتبر المدارس الداخلية من أهم عناصر النظام الطبقي البريطاني وهي تستوعب في المتوسط واحدًا في المائة من مجموع الطلبة ويدخلها أطفال من سن الخامسة أحيانا.
هذا التقليد الذي بدأ في بريطانيا بات منتشر الآن في أنحاء كثيرة من العالم ويشمل الكثير من أنواع المدارس والمعاهد من الطفولة وحتى المدارس الثانوية. كما أنه يشمل أيضًا بعض المدارس العسكرية والمتخصصة.

تقاليد تاريخية عنوانها الانضباط
والمدرسة الداخلية التقليدية تحتوي على عدة بيوت إقامة للطلبة أحيانًا داخل إطار المدرسة نفسها أو حولها. ويحتاج الطلبة إلى إذن خاص للخروج من المدرسة. وتوفر الكثير من المدارس الداخلية خيارات متعددة لأسر الطلبة منها الإقامة الداخلية الدائمة أو الإقامة خلال الأسبوع الدراسي مع العودة إلى المنازل في نهايات الأسبوع. أو في بعض الحالات يكون الخيار مفتوحًا للإقامة الداخلية عندما يختار الطالب ذلك، مثل الإقامة في المدرسة أثناء فترة الامتحانات.
ويتم تعيين بعض كبار المدرسين كمشرفين على أقسام الإقامة الداخلية ويكون هؤلاء بمثابة أهل الطلبة في غياب الأهل لحل كل المسائل المتعلقة بالإقامة والعلاقات مع بقية الطلبة. وتستوعب مساكن الطلبة في المدارس الداخلية نحو 50 طالبا في المسكن الواحد. ويكون الإشراف على هذه المساكن على مدار الساعة وخصوصًا بعد ساعات الدراسة الرسمية في المدرسة.
ويعاون المشرف على مسكن الطلبة مربية تقوم بالإشراف على شؤون الإقامة ومدرس آخر يتخصص في المسائل الأكاديمية. وازدادت بعض المدارس الأميركية على هذا النظام إقامة أسرة بصفة دائمة مع الطلبة في المسكن الداخلي لتكون بمثابة المرجع للطلبة في كافة شؤون المعيشة والدراسة. كما يقوم على إدارة وتنظيف المسكن فريق من العمال الذين يتناوبون على العمل يوميا. وتقليديا كانت المدارس البريطانية تمنح الطلبة القدامى فرصة الإشراف على الطلبة الجدد وتعليمهم قواعد الإقامة في المسكن المدرسي. ويظهر في الفولكلور البريطاني الكثير من نماذج قسوة الطلبة القدامى على الجدد لتعليمهم أسس الطاعة والانصياع للنظام المدرسي. وفي المدارس التي يقيم فيها الطلبة في أكثر من موقع تنشأ المنافسة الرياضية والأكاديمية بين المواقع أو منازل الطلبة المختلفة، وهو أمر تشجعه المدارس الداخلية أيضًا. ويكون التنظيم في المدرسة الداخلية على أساس غرف نوم منفصلة للطلبة بكل منها سرير ومكتب للدراسة بالإضافة إلى غرفة طعام مشتركة يتناول فيها الطلبة طعامهم في أوقات محددة، ومكتبة عامة لاستخدام الطلبة مع إتاحة مساحة عامة لاستذكار الدروس. وفي بعض المدارس تتوفر أيضا غرف تسلية حيث يوجد جهاز تلفزيون وبعض الألعاب ومطبخ لإعداد المشروبات والوجبات الخفيفة. كما توجد أماكن خاصة لتخزين الدراجات أو الأدوات الرياضية التي قد تكون خاصة بطلبة المسكن أو بطلبة المدرسة في مجموعهم.

نشاطات مكملة
وتختلف المدارس في أنظمتها الداخلية حيث يجمع بعضها بين الأعمار المختلفة في منزل داخلي واحد، وفي هذه الحالة تكون للطلبة القدامى بعض المزايا والمسؤوليات عن الطلبة الجدد الأصغر سنا. وفي مدارس أخرى يسكن الطلبة في إعمار مختلفة في بيوت طلبة منفصلة.
وتضم بعض المدارس طلبة خارجيين يدرسون مع طلبة الداخلية ثم يذهبون إلى منازلهم بعد نهاية اليوم الدراسي وأحيانا بعد نهاية النشاطات الأخرى سواء كانت رياضية أو موسيقية أو أي هوايات أخرى.
وتمنح المدارس الداخلية طلبتها وقتا لممارسة كثير من النشاطات غير الأكاديمية، فهناك مثلا غرف للموسيقى وحمامات سباحة وغرف جيم رياضية والملاعب الخارجية بالإضافة إلى السينما والمسرح. وتفتح هذه المجالات أبوابها لجميع الطلبة حتى الدارسين من الخارج وغير المقيمين فيها.
وتعمل المدارس الداخلية بنظام الثلاثة فصول سنويا كل منها مدته 12 أسبوعا بينها عدة أيام لعطلات نصف السنة. وخلال هذه العطلات يعود معظم الطلبة إلى منازلهم. ويتوجه نصف الطلبة تقريبا إلى الإقامة مع الأهل خلال عطلات نهاية الأسبوع (يومي السبت والأحد) بينما يقيم الطلبة الأجانب مع عائلات بريطانية خلال هذه العطلات. ويتم تشجيع أهالي الطلبة على الحضور إلى المدرسة وتشجيع الفرق الرياضية ضد المدارس الأخرى أو لحضور حفلات العزف الموسيقي والدراما والمسرح.
وتعتمد معظم المدارس سياسات ثابتة فيما يتعلق بتوقيت عودة جميع الطلبة إلى غرف نومهم وتوقيت إطفاء الأنوار. ويعتمد هذه التوقيت على سن الطلبة. وعندما تحين ساعات النوم لا يسمح بالكلام وإن كان بعض الطلبة يخالفون التعليمات أحيانا بالنظر إلى أجهزة الكومبيوتر المحمول أو الهاتف الجوال. ويحاول بعض الطلبة الأجانب الاتصال بالأهل عبر وسائط التواصل الاجتماعي خصوصا هؤلاء الذين يعانون من فرق التوقيت مع بريطانيا.
وفيما تقتصر بعض المدارس الداخلية على الطلبة المقيمين فيها فإن بعضها الآخر يسمح بالطلبة الذين يحضرون الدروس ثم يعودون إلى بيوتهم يوميا. وتفرض المدارس بعض الرسوم على الطلبة الذين يريدون المشاركة في وجبات الإفطار أو الغداء.
وبخلاف المدارس الداخلية العادية هنالك كثير من المدارس المتخصصة التي تعمل أيضًا بنظام الإقامة الداخلية وتفرض مصروفات على الإقامة فيها.
الأغلبية الساحقة من المدارس الداخلية في بريطانيا تعد مدارس خاصة لا تلتزم بالمقررات الحكومية على المدارس الرسمية ولكنها تخضع لمعايير حكومية فيما يتعلق برعاية الأطفال وسلامة الأبنية وعدد من المعايير الأخرى. من هذه المعايير مثلا مساحات الغرف التي يتعين أن يسكن فيها الطلبة بحيث لا تقل عن 4.2 متر مربع في الحد الأدنى وستة أمتار مربعة في المتوسط. وبحساب إجمالي عدد الطلبة لا يجب أن تقل المساحة المعيشية المخصصة لكل منهم عن 2.3 متر مربع.

أقدم المدارس وأشهرها
وللمدارس الداخلية البريطانية تاريخ عريق يعود إلى العصور الوسطى. ويمكن اعتبار «كينغز سكول» في كانتربري أقدمها على الإطلاق حيث يعود تاريخها إلى سنة 597 ميلادية. وهناك عدد من المدارس التاريخية الأخرى أشهرها «وينشستر كويلدج» التي تأسست في عام 1382 و«أوسوستي سكول» التي أسسها ديفيد هولبيك في عام 1407.
من تقاليد المجتمع البريطاني أن بعض العائلات ترسل أبناءها إلى مدارس داخلية بعينها لأجيال متعاقبة، كما أن نسبة الصبية في هذه المدارس أعلى بكثير من نسبة الفتيات. ويقضي الصبية في المدارس الداخلية فترات أطول من الفتيات.
وحتى القرن السادس عشر، كانت العائلات الثرية تعلم الفتيات في المنازل. كما كانت المدارس الداخلية هي الرافد الأساسي للجامعات المشهورة مثل أكسفورد وكمبردج. وما زال هذا الوضع قائما إلى حد ما.
مما يذكر أن عصر التوسع الاستعماري البريطاني كان هو العصر الذهبي للمدارس الداخلية، حيث كان ضباط الجيش البريطاني وكبار المسؤولين المقيمين خارج الحدود يتركون أطفالهم في مدارس داخلية تضمن لهم تعليما بريطانيا جيدا. كما توسعت بعض المدارس بفروع في المستعمرات ضمت إليها أيضًا بعض أبناء الطبقة الثرية في المجتمعات الأجنبية الذين ساهموا فيما بعد في إدارة المستعمرات.
وهنالك كثير من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية التي تعكس واقع الحياة في المدارس الداخلية، لعل أشهرها على الإطلاق سلسة أفلام هاري بوتر. كما تحكي روايات تشارلز ديكنز واقع الحياة في هذه المدارس في القرن التاسع عشر.
ويعاني بعض أطفال هذه المدارس، خصوصا من صغار السن، من الوحدة والبعد عن الأهل وأحيانا يتعرضون إلى العنف المعنوي والجسماني من طلبة أكبر منهم سنا. ولذلك تخرج هذه المدارس أحيانا شبابا لا يشعرون بعاطفة قوية تجاه الأهل، ولكنهم يتمتعون على الأقل بقدر كبير من الاستقلال والمسؤولية التي تؤهلهم لمستقبل عملي ناجح.

أبرز أنواع المدارس الداخلية

> المدارس العلاجية: وهي مدارس خاصة تستضيف الطلبة من كل الأعمار وتجمع بين التعليم والعلاج النفسي أو الطبيعي الذي يحتاجه الطالب المقيم. ويلجأ إلى هذا النوع من المدارس أهالي الطلبة الذين يعانون من اضطرابات نفسية أو عوائق تعليمية أو خلل في التوافق الاجتماعي مع الآخرين.
> مدارس السفر الداخلية: وهو نوع جديد من المدارس يرحل بالطلبة إلى مدينة جديدة كل فصل دراسي ليغمرهم في أساليب حياة جديدة ومتجددة. وتلجأ هذه المدارس في العادة إلى التعاون مع المدارس الداخلية الموجودة في المدن التي تود زيارتها لتوفير تسهيلات التعليم والإقامة في المدن الأجنبية. من أهم المدارس العاملة بهذا النظام مدرسة «ثنك غلوبال سكول».
> مدارس الطبيعة الداخلية: وهي مدارس تتخصص في الإقامة في معسكرات إقامة في العراء لتعليم الطلبة الاعتماد على أنفسهم والبقاء على قيد الحياة في أصعب الظروف والاستقلال عبر القيام بكثير من الأنشطة.
> التعليم الوقائي: وهي مدارس مخصصة للأطفال الذين يعانون من بيئة منزلية خطرة بحيث توفر لهم فرص التعليم في مناخ هادئ وبعيد عن المخاطر مع إقامة داخلية.
* مدارس الفصل الدراسي الواحد: وهي تكمل دور المدارس العادية بتوفير فصل دراسي إضافي لطلبة الصفوف الثانوية تكون فيه الإقامة داخلية. وهو نظام يناسب هؤلاء الذين يريدون التركيز في الدراسة لمرحلة معينة من دون الارتباط بمدرسة داخلية للمدى الطويل.
> المدارس المتخصصة في فروع معرفية معينة: ومنها مدارس تتخصص في اللغويات أو الرياضيات أو الفنون.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.