هولاند وميركل يحثان بوتين على العمل لوقف إطلاق النار في سوريا

الرئيس الروسي اتهم فرنسا بأنها تعمدت استدراج موسكو لاستخدام الفيتو

هولاند وميركل يحثان بوتين على العمل لوقف إطلاق النار في سوريا
TT

هولاند وميركل يحثان بوتين على العمل لوقف إطلاق النار في سوريا

هولاند وميركل يحثان بوتين على العمل لوقف إطلاق النار في سوريا

أفادت أوساط الرئاسة الفرنسية، أمس، أن الرئيس فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حثا، أمس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اتصال هاتفي بين الثلاثة، على العمل من أجل إقرار وقف لإطلاق النار في سوريا.
وقال المصدر إن الرئيس الفرنسي «اغتنم فرصة» المحادثة التي تركزت على الأزمة الأوكرانية «لتذكير الرئيس بوتين بموقفه من سوريا، حول الضرورة القصوى لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية (...) وقد حصل على دعم واضح من المستشارة على كلامه هذا».
وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعرب خلال محادثات هاتفية مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن أمله في نجاح محادثات السلام في سوريا.
وأضاف في بيان نقلته (وكالة الصحافة الفرنسية): «أعرب فلاديمير بوتين عن الأمل في أن يكون اجتماع وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة... المزمع عقده في 15 أكتوبر (تشرين الأول) في لوزان مثمرا من ناحية تقديم مساعدة حقيقية لحل الأزمة السورية». وتكثفت الاتصالات الدبلوماسية، أمس، حول الملف السوري، في حين يتواصل القصف على الأحياء الشرقية لحلب من قبل قوات النظام المدعومة من الطيران الروسي.
وكان هولاند أعلن، أول من أمس، أمام مجلس أوروبا في ستراسبورغ أن هناك «خلافا أساسيا» بين موسكو وباريس حول سوريا، إلا أنه أعرب عن «استعداده للقاء الرئيس الروسي بأي لحظة للدفع باتجاه السلام».
وتصاعد الخلاف بين موسكو وباريس، أمس، بسبب إفشال روسيا المشروع الفرنسي في مجلس الأمن حول وقف القتل في سوريا وتحديدا في مدينة حلب، فاتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فرنسا، بأنها تعمدت استدراج موسكو لاستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في الأمم المتحدة بشأن سوريا، وأشار إلى أن باريس تنفذ ما تمليه الولايات المتحدة.
واستخدمت روسيا الأسبوع الماضي حق النقض ضد قرار دعمته فرنسا يدين العنف في مدينة حلب السورية، قائلة إن مشروع القرار لم يأخذ في الاعتبار مقترحات روسية.
وقالت حكومات غربية إن الفيتو أظهر أن موسكو ليس لديها مصلحة في وقف العنف. لكن بوتين الذي ألغى هذا الأسبوع زيارة مقررة لباريس، بعدما انتقد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إجراءات روسيا في سوريا، شن هجوما لاذعا على تعامل فرنسا مع مشروع القرار. ولدى سؤاله عن فرنسا، في جلسة نقاش خلال منتدى أعمال في موسكو، قال بوتين: «ليس على شركائنا الشعور بالاستياء من الفيتو بل نحن الذين يجب أن نشعر بالاستياء».
وقال بوتين إن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت أثار فكرة القرار عندما زار موسكو الأسبوع الماضي، حيث تم إبلاغه بأن مشروع القرار يلقي كثيرا من اللوم على نظام الأسد، فيما يتعلق بالعنف في حلب، وأن موسكو لن تستخدم الفيتو إذا أجريت بعض التعديلات. وأضاف بوتين قائلا: «توقعنا عملا مشتركا وبناء مع فرنسا وغيرها من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. لكن ماذا حدث؟».
وتابع أن ما حدث هو أن «وزير الخارجية الفرنسي سافر من موسكو إلى واشنطن حيث التقى في اليوم التالي كيري، ليتهم روسيا بارتكاب كل الخطايا المميتة. ولم يتحدث أحد إلينا أو يناقش معنا أي شيء، ثم تقدموا بالقرار إلى مجلس الأمن ومن البديهي أنهم كانوا يتوقعون أننا سنستخدم الفيتو».
وقال بوتين: «لا أعلم ما إذا كان ذلك يتوافق مع مصالح الدول الأوروبية... لكنه يخدم فقط مصالح السياسة الخارجية أو ربما المصالح السياسية الداخلية لحلفائهم وهم في هذه الحالة الولايات المتحدة»، بحسب «رويترز». واتهمت حكومات غربية روسيا بالمسؤولية في هجوم على قافلة للمساعدات في محيط حلب في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي كلمته، أمس، قال بوتين إن «إرهابيين» ضربوا القافلة دون أن يذكر تفاصيل عن هويتهم.
وفي البرلمان الفرنسي، دافع رئيس الوزراء مانويل فالس عن موقف بلاده تجاه روسيا، وقال إن موسكو تدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وترتكب جرائم حرب في قصفها حلب.
وقال فالس للنواب: «اختارت روسيا نهجا معوقا ومن وجهة نظرنا هذا الموقف ليس له ما يبرره».
وأضاف قائلا: «روسيا عليها مسؤولية وإنني أدعوها إلى أن تضطلع بمسؤولياتها من أجل إنهاء هذه المذبحة. سنستمر في التحدث إليهم لكن يجب ألا يذهب ذلك سدى».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.