ليبيا: هجوم عنيف على مصلحة الأحوال المدنية في طرابلس ومصرع رئيسها

وسط اتهامات لـ«الجماعة الليبية المقاتلة» و«الإخوان» بمحاولة السيطرة على البيانات

ليبيا: هجوم عنيف على مصلحة الأحوال المدنية في طرابلس ومصرع رئيسها
TT

ليبيا: هجوم عنيف على مصلحة الأحوال المدنية في طرابلس ومصرع رئيسها

ليبيا: هجوم عنيف على مصلحة الأحوال المدنية في طرابلس ومصرع رئيسها

أعلنت أمس مصلحة الأحوال المدنية في ليبيا رسميا تعليق العمل بكل إداراتها وفروعها ومكاتبها، وإيقاف الخدمة في جميع أنحاء البلاد، وذلك بعد تعرض مقرها الرئيسي بمنطقة الدريبي في العاصمة طرابلس إلى اعتداء مسلح، أسفر عن مصرع الصديق النحايسي، المكلف بإدارة المصلحة وإصابة موظف آخر.
والتزم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، الصمت حيال هذه التطورات. لكن رئاسة المصلحة التي أعلنت الحداد لمدة ثلاثة أيام، قالت في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه تقرر «وقف العمل بكل الإدارات والفروع والمكاتب حتى يتم إيقاف مثل هذه المهازل، والعبث بأرواح الموظفين والممتلكات العامة للدولة، واحترام سيادة الدولة والمؤسسات».
ولقي رئيس مصلحة الأحوال المدنية مصرعه إثر إصابته بطلق نار داخل مقرها بطرابلس من قبل مجموعة مسلحة. وهذه هي المرة الثانية التي تتخذ فيها المصلحة قرارا مماثلا منذ أن جمدت عملها في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، احتجاجا على اختطاف بعض موظفيها أثناء تأدية عملهم، حيث تتعرض مصلحة الأحوال المدنية وموظفوها بشكل مستمر لحالات اعتداء من قبل مسلحين، دون معرفة دوافعهم بشكل دقيق أو الجهات التي تقف وراءهم.
وأطلق مسلحون النار على النحايسي ومساعده بعد مهاجمة مقر مصلحة الأحوال المدنية وسط طرابلس، وعبثوا بعدد من الإدارات واقتحموا مكتبه، ثم أطلقوا النار عليه فأصيب برصاصة في بطنه وأخرى في يده، كما أصيب مساعده برصاصة في رأسه.
وقال شهود عيان إن المهاجمين كانوا أربعة أشخاص ترجلوا من سيارة مدنية، واقتحموا مقر المصلحة وعبثوا بمحتوياته، قبل أن يطلقوا الرصاص داخله، ويغادروا بعد أقل من 20 دقيقة، دون معرفة دوافع الهجوم.
واتهم راشد السعيطي، نائب رئيس المصلحة، جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الليبية المقاتلة بمحاولة السيطرة على قاعدة بيانات الأسر الليبية. وقال راشد، في تصريحات تلفزيونية، إن السبب الرئيسي للهجوم هو العبث بالأمن الديموغرافي الليبي عبر إدخال مكونات أخرى بين أبناء الشعب الليبي والتلاعب بنتائج الانتخابات. كما اتهم أيضا عارف الخوجة وزير داخلية حكومة الوفاق بالمسؤولية عن الهجوم الأخير، وقال إن من وصفهم بالمسلحين المجرمين أصحاب السوابق الذين نفذوا العملية تابعون للحرس الرئاسي لحكومة الوفاق، وأضاف موضحا: «هؤلاء المجرمون تصبغ عليهم صفة الشرعية من قبل جهات تدعي الشرعية ليمارسوا الإجرام والتغول بحق المواطن الليبي».
إلى ذلك، نددت الحكومة المؤقتة، التي يترأسها عبد الثني في شرق البلاد، بالحادث وأعربت عن أسفها الشديد جراء ما وصفته بأعمال العنف المستمرة والممنهجة التي تشهدها العاصمة طرابلس خلال هذه الفترة.
وقالت في بيان لها إن عمليات القتل المستمرة التي طالت الرجال والنساء والأطفال تعكس حالة من الانفلات الأمني، التي لا سابق لها، وسط صمت بعثة الدعم التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية الدولية. ورأت أن ازدياد الاغتيالات للعسكريين والناشطين المدنيين والمواطنين، الذين وجدت جثثهم ملقاة على قارعة الطرقات خلال الشهر الماضي، يمثل في حال استمراره تحول العاصمة طرابلس إلى أكبر مدينة حاضنة للإرهاب. وقالت إن «ما حدث بالأمس من استهداف لمدير مصلحة السجل المدني دليل قاطع على تحكم ميليشيات مسلحة، وأخرى خارجة عن القانون، بمفاصل مؤسسات طرابلس». وطالبت الأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الإنسانية بضرورة التعاون معها بغية الحد من هذه الأعمال، وتخفيف الضغط على المدنيين وفك الحصار المفروض عليهم.
في المقابل، عقدت اللجنة المشتركة لتنسيق التعاون الدولي مع حكومة السراج اجتماعا أمس للمرة الأولى في طرابلس، بمشاركة القائم بأعمال منسق الشؤون الإنسانية والمنسق المقيم لدى الأمم المتحدة في ليبيا، وممثلي ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة واليونيسيف وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وقال بيان للبعثة الأممية إن المشاركين تعهدوا بأن يتم إعطاء الأولوية للعمل على إعادة وتقديم الخدمات الأساسية، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، مع الالتزام بوضع خطط عمل قطاعية أولية خلال الشهر المقبل. كما اتفقوا على إجراء مزيد من المناقشات حول المساعدة المتعلقة بالمواضيع الرئيسية، مثل الحوكمة والهجرة.
وقال طاهر الجهيمي، وزير التخطيط في حكومة السراج، إن الاجتماع يعد خطوة إيجابية تبين التزام المجتمع الدولي بالاستمرار في دعم الشعب الليبي والحكومة، كما تشير إلى أننا نتجه نحو إعادة تواجد المجتمع الدولي في عاصمتنا إلى حالته الطبيعية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.