15 عامًا على التدخل الأميركي في أفغانستان

أعمال العنف مستمرة وثُمن المساعدات تهدر في الفساد

مهندسات أفغانيات يعملن على ترميم قصر دار الأمان في العاصمة كابل (رويترز)
مهندسات أفغانيات يعملن على ترميم قصر دار الأمان في العاصمة كابل (رويترز)
TT

15 عامًا على التدخل الأميركي في أفغانستان

مهندسات أفغانيات يعملن على ترميم قصر دار الأمان في العاصمة كابل (رويترز)
مهندسات أفغانيات يعملن على ترميم قصر دار الأمان في العاصمة كابل (رويترز)

اعتبر التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان الأطول زمنيا منذ حرب فيتنام، والأكثر تكلفة أيضا بتجاوزه ألف مليار دولار. أما الوجود العسكري الأجنبي بشكل عام فقد بلغ ذروته في أفغانستان عام 2012 مع انتشار أكثر من مائة وخمسين ألف جندي، بينهم مائة ألف أميركي. وقد انسحبت معظم قوات حلف شمال الأطلسي أواخر عام 2014. لكن واشنطن قررت إبقاء 8400 جندي في عام 2017 نظرا إلى الأعداد المتزايدة للهجمات التي تشنها طالبان وبهدف عدم ترك القوات الأفغانية وحدها على الجبهات. وتضم القوات الأفغانية في صفوفها 350 ألف جندي وشرطي، بينهم 18 ألفا من القوات الخاصة التي تلقت تدريبا وتسليحا جيدين.
المجتمع الدولي وفي مقدمه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جدد دعمه لأفغانستان، وقطع وعودا بالمليارات لمساعدتها على مواصلة جهود التنمية رغم التهديد المستمر لحركة طالبان التي دعاها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى إلقاء السلاح، وذلك خلال مؤتمر المانحين في بروكسل.
وكانت قد خصصت الولايات المتحدة وحدها أكثر من 1100 مليار لأفغانستان منذ عام 2002 (بما يشمل المساعدات العسكرية)، بحسب مركز التحكم بالإنفاق في الكونغرس الأميركي. لكن يؤكد مراقبون أوروبيون أن 80 في المائة من هذا المبلغ يتم توزيعها «على الجيوب الأميركية» على شكل أرصدة للعسكريين وعقود ومهمات صيانة واستشارات مختلفة، الخ. أما الفساد المستشري فكانت له أيضا حصة. وقالت منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية إن «الدولة الأفغانية عاجزة عن توفير الخدمات الأساسية للمواطنين، والفساد (يشكل) إلى حد كبير السبب في ذلك». وصنفت المنظمة أفغانستان بين أسوأ الدول، إذ حلت في المرتبة 166 على لائحتها التي تضم 168 بلدا. تعهدت الجهات المانحة خلال اجتماع في بروكسل توفير ثلاثة مليارات دولار سنويا لأفغانستان حتى عام 2020. ورغم المساعدات المالية الدولية الضخمة، فإن عملية إعادة الأعمار تتقدم بصعوبة، فيما تجاوزت نسبة البطالة 40 في المائة بحسب البنك الدولي.
هناك حتى اليوم 1.2 مليون أفغاني نازحين داخل البلاد، وهو رقم تفاقم منذ 2013 بسبب انعدام الأمن وفق منظمة العفو الدولية، ولا يزال هناك نحو 2.4 مليون لاجئ في باكستان التي تدفعهم إلى المغادرة، فضلا عن نحو مليون آخرين في إيران بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين. وأظهرت تقديرات أوردها المجلس النرويجي للاجئين وأكدتها السلطات أن 70 في المائة من سكان كبرى المدن الأفغانية وبينها كابل يعيشون في مخيمات مؤقتة.
ويواصل النزاع زعزعة استقرار البلاد، حيث حقق متمردو طالبان تقدما كبيرا عام 2015 في مواجهة الجيش الأفغاني الذي بات في الخطوط الأولى للجبهة منذ انتهاء المهمة القتالية لحلف شمال الأطلسي عام 2014. واعتبر ضباط أميركيون في الآونة الأخيرة أن الوضع هناك بات «في مأزق». وفي مواجهة هذا التهديد، اضطر الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إبطاء وتيرة انسحاب القوات الأميركية.
وفي حين يبقى الأمن الهم الرئيسي في البلاد بعد خمسة عشر عاما على إطاحة حركة طالبان من السلطة، حض كيري المتمردين على إبرام سلام «مشرف» مع السلطات في كابل. ورفضت حركة طالبان التي أطاح بها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة من السلطة عام 2001 الدخول في محادثات مع الحكومة الأفغانية وتواصل هجومها ضدها.
واعتبر كيري أن اتفاق السلام الذي أبرم الشهر الماضي بين زعيم الحرب السابق قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الإسلامي وحكومة كابل يشكل «نموذجا لما يمكن القيام به». وحكمتيار الذي يوصف بأنه «جزار كابل» ولا يزال في المنفى قد ضمن لنفسه حصانة وإمكانية العودة إلى الحياة السياسية رغم الاحتجاجات. أما رسالة القادة الغربيين التي برروا من خلالها تقديم المساعدات خلال مؤتمر المانحين الذي عقد الأسبوع الماضي في بروكسل، فهي أنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية في أفغانستان من دون أمن أفضل للأفغان، داعين القوى الإقليمية، الصين والهند وباكستان، إلى دعم أوسع للسلام.
ولا يزال متعذرا إحصاء الخسائر البشرية للسنوات الخمس عشرة الماضية، ذلك أن أي جهة لم تقم بإحصاء أعداد القتلى الأفغان في سنوات النزاع الأولى.
أما بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان التي تقوم بمهمة الإحصاء، فأعلنت مقتل 23 ألف شخص وجرح 41 ألفا منذ 2009. وارتفعت الخسائر العسكرية في صفوف التحالف في أواخر 2014 إلى 3500 قتيل وأكثر من 33 ألف جريح، بينهم 2400 قتيل و20 ألف جريح في صفوف الأميركيين، 453 قتيلا و7500 جريح في صفوف البريطانيين، 89 قتيلا و725 في صفوف الفرنسيين بحسب ما أفادت الوزارات الفرنسية المعنية من دون إحصاء موظفي شركات الأمن الخاصة. أما العدد الرسمي للخسائر في صفوف القوات الأفغانية فوصل إلى أكثر من خمسة آلاف قتيل في 2015 بينهم 3700 شرطي.
وفي مؤتمر بروكسل أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أمام الصحافيين «نحن هنا اليوم لأن الاستثمار بمجال الأمن في أفغانستان وفي نجاح أفغانستان، هو استثمار في أمننا». وأشارت موغيريني إلى أن البلدان الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يجب أن تلتزم بشكل جماعي بتوفير سقف «1.2 مليار يورو» في العام، أي بنحو 40 في المائة من المعدل بين عامي 2017 و2020.
من جهته قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مؤتمر بروكسل: «من المهم أن يبعث المجتمع الدولي برسالة دعم قوية إلى الشعب والحكومة الأفغانية». ورغم أن المنظمات غير الحكومية لا تزال غير راضية خصوصا في مسألة مكافحة الفساد، فإن الجهد الإصلاحي الذي تقوم به حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية قد أقر به كل من بان كي مون الذي اعتبر أنه «مدهش» فيما قال كيري أن «لا جدال فيه على الإطلاق».
في الواقع فإن المساعدات المالية المقدمة مشروطة بإصلاحات، بما فيها ضبط أوضاع المالية العامة، وقد استغل الرئيس أشرف غني المنبر من أجل التأكيد أن الهدف المحدد لعام 2016 فيما يتعلق بجمع الضرائب قد تحقق «قبل ثلاثة أشهر» من التاريخ المحدد.
وفي تقرير نشر بمناسبة هذا المؤتمر دعت منظمة الشفافية الدولية الرئيس غني إلى «تسريع» وتيرة مكافحة الفساد من خلال تحديد عشرين هدفا رئيسيا.
وتفيد منظمة الشفافية الدولية أن ثُمن المساعدات الدولية تهدر في الفساد أو الإثراء الشخصي لمسؤولين كبار، بحسب منظمة الشفافية الدولية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».