أهالي حلب يخشون أن يُمهد الحصار الخانق لفرض «سيناريو داريا» عليهم

معارك «طاحنة» وسط المدينة والحكومة السورية المؤقتة توثق مقتل 968 خلال 15 يوما

صور بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار في حلب ({واشنطن بوست})
صور بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار في حلب ({واشنطن بوست})
TT

أهالي حلب يخشون أن يُمهد الحصار الخانق لفرض «سيناريو داريا» عليهم

صور بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار في حلب ({واشنطن بوست})
صور بالأقمار الصناعية تظهر حجم الدمار في حلب ({واشنطن بوست})

يخشى أهالي الأحياء الشرقية في مدينة حلب، عاصمة الشمال السوري، التي تسيطر عليها فصائل المعارضة أن يكون مصيرهم مماثلا لمصير أهالي مدينة داريا بغوطة دمشق الغربية التي هُجّر نحو ثمانية آلاف ممن تبقى من أبنائها أواخر أغسطس (آب) الماضي بعد 4 سنوات من الحصار الخانق الذي كانت تفرضه قوات النظام عليها. ولقد فاقمت تصريحات المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الأخيرة ودعوته أفراد جبهة «فتح الشام» للانسحاب من شرق المدينة، وكذلك الحصار المستمر الذي يهدد بفقدان معظم المواد الأولية داخلها، مخاوف «الحلبيين» من دفعهم لـ«الهجرة القسرية».
شادي الجندي، مدير مكتب الإعلام والعلاقات الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة أفاد أنه قُتل 968 شخصا في حلب خلال الفترة الممتدة بين 22 سبتمبر (أيلول) الماضي و5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه أصيب في الفترة عينها نحو 5865 شخصا. وأوضح أن هذه الأعداد وصلت إلى المشافي والنقاط الطبية وأمكن توثيقها.
ويقول أحد سكان الأحياء الشرقية ويُدعى م.خ. لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حقيقة في تفكير بعض أبناء حلب بالخروج من المدينة في حال أتيحت ضمانات بتأمين خروج آمن وإقامة لائقة، لكنه أردف في الوقت عينه أن «نسبة هؤلاء تبقى قليلة جدا، من منطلق أن الناس هنا مدركون أنه في حال خروجهم من منازلهم وأحيائهم سينتهي الحال بهم مثل أهالي داريا، مشتتين في الأرض وسيأتي النظام بإيرانيين للسكن في منطقتهم».
ونبّه «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية» المعارض الجمعة من أن «عمليات التهجير القسري وأحداث التغيير الديموغرافي التي ينتهجها النظام في سوريا الهدف منها تقسيم البلاد على أساس عرقي وطائفي، وإيجاد مخرج لبقاء بشار الأسد في السلطة وتعويمه من جديد». وتحدث بيان للائتلاف عن مواصلة النظام «محاولات إكراه السكان على الخروج من مناطقهم من خلال فرض الحصار على مدنهم وبلداتهم، ومن ثم البدء بغارات جوية مكثفة واستهداف المراكز الحيوية والمباني السكنية».
وبالفعل، تدهورت أحوال المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة في حلب بشكل دراماتيكي خلال الأيام الماضية على وقع تصعيد النظام وموسكو حملتهما العسكرية وبالتحديد منذ 22 الشهر الماضي. وبحسب م.خ. فإن الكهرباء معدومة، مشيرًا إلى أنّه «يتم التشغيل في بعض المناطق لمدة ثلاث ساعات في اليوم فقط». ثم يضيف «أما الخضراوات فشبه غائبة وتقتصر على الأعشاب فقط مثل البقدونس والنعناع كما الباذنجان والكوسة فقط لا غير»، ويستطرد أن «بعض الليمون بدأ ينتشر في الأسواق، يبدو أنه مزروع في بعض المنازل، أما البنزين فمفقود ونادر الوجود، وكذلك الأمر بما خص الطحين. ويبقى الخبز الذي هو مدعوم من مجلس المدينة وبعض الجمعيات ومع ذلك يوجد نقص فيه». ويرجح م.خ. أن تكون القدرة على الصمود «متاحة، لأن الوضع بشكل عام استقر والناس اعتادت على نمط الحياة (في حال سميناها حياة)».
من جانب آخر، نبّهت الأمم المتحدة في وقت سابق من أن «الوضع الإنساني في حلب يوشك على الانهيار الكامل»، لافتة إلى أن «شبكات المياه متضررة في شرق حلب جراء قصف النظام السوري، فيما تشهد المدينة شحا في المعدات الطبية والغذاء والماء». ورأى نائب مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا رمزي عز الدين رمزي، مع تصاعد العمليات العسكرية نهاية الشهر الماضي أنه «يجب إجلاء مئات المصابين من شرق حلب المحاصر في سوريا»، مضيفًا أن «المستلزمات الطبية تنفد كما أن الطعام لا يكفي سوى ربع السكان». غير أن حمزة الخطيب، الطبيب مدير مشفى «القدس» الموجود في أحياء حلب الشرقية، يقول: إنه حتى الساعة ما زالوا يمتلكون المواد الأساسية المطلوبة لمعالجة الجرحى والمصابين، ويشير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «حين يكون القصف شديدًا يكون عدد الجرحى والشهداء كبيرًا جدًا والمستشفيات الـ6 التي لا تزال عاملة في المدينة مكتظة».. وعندما يخف القصف يكون العدد كبير جدا من المرضى العاديين الذين يعانون من أمراض القلب وأمراض الشيخوخة نظرا لمحدودية عدد المستشفيات».
على صعيد التطورات الميدانية، احتدمت يوم أمس المعارك وسط مدينة حلب، وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن إن «المعارك تدور حاليا على ثلاثة محاور أساسية هي حي بستان الباشا في وسط المدينة، الذي كانت قوات النظام تقدمت فيه، وحي الشيخ سعيد في جنوبها، ومنطقة العويجة في ضواحيها الشمالية». وإذ أفاد عبد الرحمن بـ«تقدم جديد لقوات النظام والمسلحين الموالين لها في المحور الشمالي بسيطرتهم السبت على ضاحية العويجة التي تتواجد فيها منازل مدنيين ومعامل»، أشار إلى أن ذلك «يتيح لها التقدم أكثر في شمال المدينة». وترافقت المعارك المذكورة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية مع قصف جوي على مناطق الاشتباك.
من جهته، تحدث «مكتب أخبار سوريا» عن سيطرة «القوات النظامية والميليشيات الأجنبية المساندة لها على حي العويجة ودوار الجندول شمالي مدينة حلب، بعد معارك عنيفة مع فصائل المعارضة استمرت ثلاثة أيام»، بينما أفادت «شبكة الدرر الشامية» بـ«عودة القصف الجوي العنيف على أحياء حلب المحاصرة، وباستخدام قنابل ارتجاجية خلال قصف حيي السكري والفردوس».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.