جيمس زغبي: المشرعون استغلوا معاناة أهالي ضحايا الإرهاب لاعتبارات انتخابية

رئيس المعهد العربي ـ الأميركي قال لـ«الشرق الأوسط» إن دوافع إقرار «جاستا» انتهازية

السيناتور الديمقراطي تشاك شومر والجمهوري جون كورنيين يعلقان للصحافيين عن نتيجة تصويت مجلس الشيوخ على فيتو أوباما (إ.ب.أ)
السيناتور الديمقراطي تشاك شومر والجمهوري جون كورنيين يعلقان للصحافيين عن نتيجة تصويت مجلس الشيوخ على فيتو أوباما (إ.ب.أ)
TT

جيمس زغبي: المشرعون استغلوا معاناة أهالي ضحايا الإرهاب لاعتبارات انتخابية

السيناتور الديمقراطي تشاك شومر والجمهوري جون كورنيين يعلقان للصحافيين عن نتيجة تصويت مجلس الشيوخ على فيتو أوباما (إ.ب.أ)
السيناتور الديمقراطي تشاك شومر والجمهوري جون كورنيين يعلقان للصحافيين عن نتيجة تصويت مجلس الشيوخ على فيتو أوباما (إ.ب.أ)

حذّر جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي - الأميركي، من القلق والجدل الذي نتج عن تجاوز الكونغرس للفيتو الرئاسي ضد قانون جاستا الذي خرق الحصانة السيادية للدول الأجنبية ويسمح للمواطنين الأميركيين بمقاضاة الحكومات والجهات الأجنبية بدعوى التضرر من أعمال إرهابية ارتكبت على الأراضي الأميركية.
ويقول زغبي في تصريحات عبر البريد الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط» إن جاستا يثير الكثير من القلق ويحمل مخاطر كثيرة لعدة أسباب، أولها أنه يأخذ سلطة تحديد ما إذا كانت دولة ما قد أصبحت راعية للإرهاب من أيدي السلطة الاتحادية الأميركية، ويضعها في يد المحاكم الأميركية المحلية. ويقول زغبي: «أشار الرئيس أوباما إلى مخاطر هذا الأمر، وأبرز أن المحاكم قد تتخذ قرارات استنادا إلى معلومات غير كاملة حول احتمالات انخراط حكومات أجنبية في أنشطة إرهابية ضد الولايات المتحدة». وأضاف أن «هذه الطريقة لا تعد فعالة في التعامل مع حكومة دولة أجنبية، وتسحب الأمن من خبراء الاستخبارات القادرين على جمع الأدلة اللازمة لتسمية دولة معينة بأنها دولة راعية للإرهاب».
وشدد زغبي على أن المخاطر التي شرحها الرئيس أوباما تتعلق بالأساس بأمن الولايات المتحدة وبتأثير هذا القانون على السياسة الخارجية الأميركية. والآثار المترتبة على جاستا ستكون، كما يقول رئيس المعهد العربي - الأميركي، هي أخذ عملية جمع أدلة لتسمية دولة بأنها راعية للإرهاب من أيدي المهنيين والمتخصصين وتركها في أيدي المحامين وهيئات المحلفين والقضاة المحليين.
من جهة أخرى، يشير زغبي إلى أن «جاستا» يخرق مبدأ هاما من المبادئ الدولية المصانة على مدى عقود، وهو مبدأ الحصانة السيادية للدول الأجنبية. ويقول إن ذلك «من شأنه أن يفتح الباب أمام حكومات أخرى لتمرير تشريعات مماثلة تسمح للمحاكم المحلية بمقاضاة الولايات المتحدة وتحميلها مسؤولية الأعمال التي ترتكبها جماعات أو أفراد تساندهم الولايات المتحدة، مثل جماعات تلقت مساعدات من الولايات المتحدة، أو مقاضاة الولايات المتحدة عن انتهاكات ارتكبتها وحدات للشرطة قامت الولايات المتحدة بتدريبها».
إلى ذلك، حذّر زغبي من مغبة حدوث ذلك مشيرا إلى أنه يضع أصول الولايات المتحدة وممتلكات الشركات الأميركية في الخارج للخطر. ويؤكد زغبي أن التبعات الناجمة عن تطبيق جاستا ستكون مثيرة للقلق فيما يتعلق بعلاقات الولايات المتحدة بالحلفاء والشركاء، وتهدد قدرة واشنطن على التعاون مع الدول في قضايا تتعلق بالأمن القومي الأميركي بالأساس.
ولفت زغبي إلى أن أعضاء الكونغرس الأميركي تصرفوا بطريقة غير مسؤولة وخطيرة وتضر بالمصالح القومية للولايات المتحدة الأميركية، وقد ظهر ذلك بالفعل في خطاب أصدره 28 عضوا بمجلس الشيوخ أشاروا فيه إلى عيوب في قانون جاستا وطالبوا بإصلاح هذه العيوب خلال الفترة المتبقية حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويقول زغبي إن هذا الخطاب يثبت اعتراف المشرعين بأنهم كانوا على خطأ في تجاوز الفيتو الرئاسي.
في سياق متصل، يشير الخبير في شؤون الشرق الأوسط إلى أن عددا من المشرعين بالكونغرس روجوا كثيرا أن تمرير جاستا كان انطلاقا من الدفاع عن حقوق أسر ضحايا هجمات سبتمبر (أيلول): «لكن في الحقيقة أن تمرير القانون كان بدافع من الانتهازية الفجة واستغلال الألم المستمر لدى أسر ضحايا هجمات سبتمبر، وانتشار مشاعر عدائية ضد المملكة العربية السعودية، وأيضا لاعتبارات انتخابية».
وأوضح زغبي: «عجزت التحقيقات في هجمات 11 سبتمبر عن تقديم دليل يؤكد مسؤولية الحكومة السعودية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، كما خلص تقرير لجنة 11 سبتمبر إلى أنها لم تعثر على أي دليل أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو أي مسؤول كبير في الحكومة السعودية قدم دعما للمتآمرين الذين نفذوا الهجمات».
وأكّد زغبي أن هذا الأمر كان معروفا لدى المشرعين، لكنهم فضلوا عدم التعامل بمصداقية مع أسر ضحايا 11 سبتمبر ومحاميهم، وتقاعسوا عن تحذيرهم من «خيبة أمل كبيرة سيصابون بها في نهاية المطاف بعد أخذ خطوات قضائية في هذا الطريق». ويقول زغبي: «ربما أحجم المشرعون عن ذلك لأنهم يفتقرون للشجاعة السياسية، أو أنه كان لازما عليهم للحفاظ على أصوات الناخبين في خضم الانتخابات الرئاسية وانتخابات التجديد النصفي التشريعية».
ويؤكد رئيس المعهد العربي الأميركي أن المحامين هم أكثر المستفيدين من «جاستا»، وسيحاولون تسويق أنفسهم لدى عائلات الضحايا ورفع الدعاوى القضائية أمام هيئة محلفين متعاطفة واللعب على عواطفهم ومخاوفهم لاستصدار أحكام لصالح أسر الضحايا. والخطوة التالية ستكون استئناف أي قرار، وسيستفيد المحامون من أخذ مقابل أتعابهم القانونية من الجانبين، بينما تضطر عائلات الضحايا إلى تكبّد مصاريف طائلة في دفع الرسوم القضائية، وفي النهاية لن يستفيد أحد باستثناء المحامين وستكون العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية قد تضررت بشكل كبير.
وحول السبل لعلاج تداعيات ومخاطر جاستا، قال مدير المعهد العربي الأميركي إن «الضرر قد وقع بالفعل، واهتزت الثقة لدى الدول العربية والإسلامية والدول الحليفة والشريكة للولايات المتحدة. وهناك بالفعل مخاوف تتعلق بالشراكات التجارية والعلاقات الأمنية». وأضاف: «لقد سمعت بنفسي تصريحات من رجال أعمال عرب أشاروا إلى أنهم يعيدون النظر في فكرة الاستثمار في الولايات المتحدة، وفكرة عقد شراكات مع الشركات الأميركية في أعقاب تمرير جاستا».
من جهته، قال دبلوماسي أميركي سابق لـ«الشرق الأوسط» إن سن قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب سيقوّض علاقة الولايات المتحدة الأميركية بالتأكيد مع أحد أهم حلفائها في الشرق الأوسط، وهي المملكة العربية السعودية، كما سيدمر علاقتنا بكل منطقة الشرق الأوسط.
وأفاد الدبلوماسي، الذي تحتفظ «الشرق الأوسط» باسمه، بأن العلاقة السعودية - الأميركية تطورت لتصبح إحدى أهم شراكة موثوقة في مكافحة الإرهاب على مستوى العالم وإقليميًا، بما تشمل من ملاحقات متواصلة للكيانات الخاصة التي تمول رعاة الإرهاب. وأضاف أن «المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي على حد سواء يُعدُون شركاء اقتصاديين أساسيين للولايات المتحدة، وهذه الشراكة تمتد إلى ما وراء الطاقة وتشمل مئات المليارات من الدولارات من الاستثمار في كل من الشرق الأوسط والولايات المتحدة».
واعتبر الدبلوماسي أن سن قانون «جاستا» يعدّ إشارة مزعجة لحلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وخارجها، ورسالة أميركية مفادها «أننا لم نعد نقدر العلاقة التي كانت بيننا عبر التاريخ». وعن مدى إمكانية تدارك العواقب التي قد تنجم عن تطبيق القانون، أوضح الدبلوماسي الأميركي أن تدخل الحكومة الأميركية لا بد منه خلال المرحلة القادمة بتعطيل الدعاوى التي قد تأتي بعد تطبيق القانون بما يحافظ على علاقة أميركا بالدول الأجنبية وعدم الإضرار بمصالحها، مشيرًا إلى أن التعديلات التي أضيفت للقانون تسمح بذلك، إذ أن المدعي العام من حقه الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الأميركية مع الدول الأجنبية من خلال الدعاوى القضائية في المحاكم.
وبيّن الدبلوماسي الأميركي أن سيناريو حجز الاستثمارات الأجنبية في أميركا إذا تم رفع دعوى قضائية ضد الدول من قبل الأفراد في المحاكم العامة بعيد المنال، وحتى يتم ذلك، لا بد من استيفاء كافة الحقائق والأدلة، والكثير من الإجراءات القضائية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.