زعماء العالم يطالبون نتنياهو باتباع طريق بيريس بإحداث انعطافة مع الفلسطينيين

جنازة الرئيس الإسرائيلي السابق تحولت إلى شبه حملة عسكرية.. وأكبر حراسة لـ«الشاباك» في تاريخه

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
TT

زعماء العالم يطالبون نتنياهو باتباع طريق بيريس بإحداث انعطافة مع الفلسطينيين

الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يتوسط الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (إ.ب.أ)

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن غالبية الزعماء الذين حضروا جنازة الرئيس السابق، شمعون بيريس، حثوا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على اتباع الطريق الذي كان بيريس قد سار عليه في أواخر سنواته، وإحداث انعطاف في العلاقات مع الفلسطينيين.
وقال مسؤول شارك في أحاديث مع هؤلاء القادة إنهم أجمعوا على الإعراب عن التقدير الخاص للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي ترفع عن الخلافات الحادة مع حكومة إسرائيل وجاء إلى جنازة بيريس على رأس وفد فلسطيني رفيع. واعتبروها «مشاركة غير عادية، تمت رغم المعارضة الفلسطينية الواسعة، وحملت رسالة سلام إيجابية مهمة للشعب في إسرائيل، خصوصا أن رئيس الحكومة نتنياهو وحلفاءه عبأوا الشارع الإسرائيلي بمواقف عدائية ضده، وأقنعوا شعبهم بأن عباس ليس شريكا في عملية سلام».
وكانت جنازة بيريس، أمس (الجمعة)، في القدس قد تحولت إلى شبه حملة عسكرية؛ إذ تم فرض أطواق عدة أمنية على مدينة القدس وعلى كل مسارات الجنازة. وتبين أن جهاز الأمن العام (الشاباك)، قام بأكبر عمليات الحراسة في تاريخه، وهي لتأمين زيارة زعماء العالم، والسياسيين الكبار في إسرائيل، خلال مشاركتهم في مراسم تشييع جثمان بيريس. والسبب هو وصول معلومات عن نية بعض القوى اليهودية الإسرائيلية والفلسطينية تنفيذ عملية اغتيال لأحد الشخصيات. فقد حضر الجنازة 90 وفدا عالميا قدموا من 70 دولة، منهم 20 رئيسا، و5 رؤساء وزراء، و15 وزير خارجية، إضافة إلى شخصيات مهمة من العالم، في الوقت نفسه.
ومن هذه الشخصيات: الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ونائبه، جو بايدن، وكذلك الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، والرئيس الفرنسي، فرنسوا أولاند، وملك إسبانيا فيليب السادس، والأمير تشارلز من بريطانيا، وملكة السويد والرئيس الألماني، يواكيم جاوك، والكثير من الرؤساء الآخرين (أوكرانيا والنمسا وبلجيكا وبولندا ورومانيا وسلوفانيا ولاتفيا وكرواتيا والمكسيك) ورؤساء حكومات ووزراء خارجية ورؤساء برلمانات وغيرهم.
وكان حضور الرئيس الفلسطيني، عباس، بارزا بشكل خاص، ولوحظ أن ابنة بيريس عانقت عباس بحرارة ظاهرة، في حين أن نتنياهو لم يشر إليه في خطابه. ولكن زوجة نتنياهو أجرت محادثة مطولة مع أبو مازن، انضم إليها لاحقا زوجها. وقالت سارة نتنياهو لعباس إنها وزوجها يرغبان في رؤيته ضيفا عزيزا في بيتهما في القدس الغربية. وسرت إشاعات بأن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، حاول عقد اجتماع طويل بين عباس ونتنياهو، لكن أيا منهما لم يبد حماسا لذلك. ومع ذلك، فإن مسؤولين إسرائيليين أكدوا أن زعماء الغرب الذين حضروا الجنازة وأتاحت لهم الظروف التقاء نتنياهو، حثوه على إحداث تغيير في العلاقات مع الفلسطينيين بروح النهج الذي سار عليه بيريس، وبفضله يحظى باحترام دولي. وحسب أحدهم، فإن نتنياهو وعد خيرا، لكنه لم يلتزم بشيء محدد.
من جهته، بادر الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين رفلين، إلى عقد لقاء ثنائي مع عباس أشاد خلاله بحضوره الجنازة، وأكد على أهمية بناء الثقة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني؛ بغية إنجاز التقدم في المسيرة السياسية. وقد رد عباس قائلا إنه يرغب في إجراء لقاء خاص معه في ظروف مناسبة أخرى. واجتمع الرئيس الفرنسي، فرنسوا أولاند، قبل الجنازة مع الرئيس عباس وبحث معه المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام في ديسمبر (كانون الثاني) المقبل. واستمر الاجتماع عشرين دقيقة، وشارك فيه وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو، والمسؤول الفلسطيني صائب عريقات. ثم عقد أولاند لقاء مشابها مع نتنياهو.
وقال أبو مازن بعد اللقاء إن السلطة الفلسطينية لا تزال تعتبر المبادرة الفرنسية الوحيدة التي من شأنها أن تنجح. جدير ذكره، أن الرئيس أوباما حضر إلى إسرائيل في زيارة لساعات عدة قليلة، وغادر حال انتهاء مراسم تشييع بيريس. وقال في كلمته إن «بيريس أبدى لنا أن العدل والأمل هما في جوهر الفكر الصهيوني الذي يتمثل بالحياة الحرة في الوطن الذي عدتم إليه». وأضاف أن بيريس كان يملك القدرة على النظر إلى العالم ليس كما هو، بل كما يجب أن يكون. وتابع يقول: إن الرئيس السابق يذكره بقادة عمالقة آخرين في العالم. وأشار الرئيس أوباما إلى أن حضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في الجنازة يذكرنا بأن السلام لم يتحقق بعد، وأن حلم بيريس لم ينجز بكامله، وأردف يقول: إن التزام بيريس بالسلام كان مطلقا، وأنه تجاهل كل الانتقادات التي وجهت إليه بهذا الصدد؛ إذ إنه كان يعتقد بأن الشعب اليهودي لم يخلق ليسيطر على شعوب أخرى. كما أنه أصر دوما على اعتبار الفلسطينيين سواسية وأصحاب الحق في تقرير المصير. وأشاد الرئيس الأميركي بصداقته الحميمة مع بيريس، مختتما أقواله بكلمات شكر باللغة العبرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».